مختارات اقتصادية

ما الزراعة التجديدية؟ وكيف تساهم في الحفاظ على البيئة؟

ترتبط النظم الغذائية بالعديد من التحديات العالمية؛ بدءًا من كونها ثاني أكبر مصدر لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم بعد قطاع الطاقة إلى إزالة الغابات وحتى المجاعات. ولكن ماذا لو عكسنا هذا الدور وأدركنا الإمكانات الحقيقية لتحويل النظم الغذائية إلى نظم صفرية الانبعاثات وصديقة للبيئة؛ إن هذا بالتأكيد سيعود بالنفع على الجميع. يمكن للتدابير الزراعية التجديدية تحسين غلات المحاصيل وتحويل الأراضي الزراعية والمراعي إلى مصارف للكربون، مما سيؤدي بالضرورة إلى تقليل النفايات وتحسين استخدام الأسمدة النيتروجينية وإعادة التفكير في سلاسل التوريد العالمية والمحلية لتكون أكثر استدامة.
من خلال حلول المناخ الطبيعي، يمكن للأنظمة الغذائية أن تسهم بنسبة تصل إلى 37% في التخفيف من آثار تغير المناخ اللازمة لتحقيق أهداف المناخ لعام 2030. ومع ذلك، لا تتجاوز نسبة تمويلات المناخ لحلول الأغذية الزراعية أكثر من 2%.
في السياق ذاته؛ كشف تقرير للمنتدى الاقتصادي العالمي حول استراتيجيات المناخ للمزارعين في دول الاتحاد الأوروبي أنه يمكن خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على الفور بنسبة 6% سنويًا إذا تم دعم خُمس المزارعين فقط للتحول إلى الانبعاثات الصفرية وتعزيز صحة التربة وتحقيق دخل يتراوح بين 2 – 9 مليار يورو.
فيما يلي، يتشارك ثلاثة من قادة الأعمال الرؤى حول كيف يمكن للاستراتيجيات الجريئة والشراكات الشاملة أن تحفز رأس المال والتكنولوجيا للمشاركة معًا لحل هذه المشكلات.
«لقد أصبح القضاء على الانبعاثات في المزارع أمرًا ضروريًا لتحقيق هدفنا صفري الانبعاثات» – «جيم أندرو»، نائب الرئيس التنفيذي، ومدير التنمية المستدامة، بشركة بيبسيكو (PepsiCo)
يؤكد «جيم» على ضرورة كسر القوالب الجامدة وإقامة شراكات مبتكرة طويلة الأمد مع الموردين، والتعاون مع الشركات الأخرى والمنظمات غير الربحية وإقامة تحالفات مع الحكومات لتغيير المسار الذي يمكننا به تنفيذ الزراعة الذكية مناخيًا. يشير «جيم» إلى أن هناك ثلاثة أمور يجب عملها للمزارعين لاعتماد ممارسات الزراعة التجديدية: 1- إنشاء البرامج المالية للمساعدة في التخلص من مخاطر التحوّل لممارسات الزراعة التجديدية. وتساعد شركة بيبسيكو في برامج تقاسم التكاليف وبرامج تقديم القروض للمزارعين من خلال شراكات استراتيجية.
2- المساعدة الفنية، تقدم شركة بيبسيكو المشورة الزراعية المصممة خصيصًا للمزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة. 3- أخيرًا، يحتاج المزارعون إلى أن يكونوا جزءًا من مجتمع أكبر يمكنهم من مشاركة ما تعلمونه. بطبيعة الحال، لا يمكن لمنظمة واحدة تلبية جميع هذه الاحتياجات بمفردها؛ لذا، سوف يتطلب الأمر شراكات وتعاونًا لتقديم الحزمة الشاملة من الدعم المطلوب، ولكن عندما يحدث ذلك، سيكون المزارعون أكثر مرونة، وستنتج المحاصيل أكثر، وسيحصد كوكبنا الفوائد.
يختتم «جيم» بقوله، أن «بيبسيكو» تصدر أكثر من 25 محصولًا لأكثر من 30 دولة وتدعم أكثر من 100 ألف وظيفة زراعية، وتأتي نحو ثلث انبعاثاتها السنوية من سلسلة التوريد الزراعية الخاصة بها. وهذا يعني أن القضاء على الانبعاثات في المزارع أمر ضروري لتحقيق هدفها صفري الانبعاثات. «لن نتمكن من بناء نظام الغذاء في المستقبل إلا من خلال تضافر جهودنا معًا» – «أنكه كواست»، نائب الرئيس التنفيذي لشركة «يارا انترناشونال» (Yara International).
توضح «أنكه» كيف أن الزراعة التجديدية هي نهج منظم لاعتماد أفضل الممارسات المستدامة التي تؤثر على الطبيعة والمناخ بشكل إيجابي. وأننا بحاجة إلى دعم المزارعين لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وحماية تربتهم مع توفير الغلات اللازمة وجودة المحاصيل لإطعام العالم. تشمل الابتكارات المتطورة لتسريع الزراعة التجديدية حلول الزراعة الرقمية، وتحليلات صحة التربة، والنترات الخضراء ومنخفضة الكربون، والأسمدة العضوية.
وتؤكد «أنكه» على أن الشركة ملتزمة بالشراكة مع المزارعين وشركات الأغذية لتحقيق رؤية مستقبل غذاء إيجابية. بعد أن تعلموا أن تنفيذ الزراعة التجديدية على أرض الواقع يتطلب تضافر كل الجهود لتوسيع نطاق الزراعة التجديدية لاستعادة الطبيعة وعكس تغير المناخ من خلال الأهداف والإجراءات القائمة على العلم.
«نحن بحاجة ماسة إلى تجديد الموارد اللازمة لزراعة طعامنا» – «دورثي شيفر»، الرئيس العالمي للاستدامة والتغذية بشركة «يونيليفر» (Unilever) . تشير «دورثي» إلى أن الغذاء من العوامل الرئيسية التي تساهم في تغير المناخ، وإزالة الغابات، وفقدان التنوع البيولوجي. وأن نظامنا الغذائي لا يتمتع بالمرونة الكافية لتغير المناخ أو تحمل الأزمات بسبب الممارسات الزراعية التقليدية الضارة المقترنة بالاعتماد المفرط على أنواع قليلة جدًا من المحاصيل.
وتستطرد بقولها إننا بحاجة ماسة إلى تجديد الموارد المطلوبة لزراعة طعامنا. لا سيما وأن حوالي 52 % من التربة الزراعية متدهورة، والغذاء هو المستخدم الأول للمياه، ويقول بعض الخبراء إن لدينا أقل من 30 عامًا من إمدادات المياه المتبقية. وفي المقابل، هناك انخفاض حاد في عدد المزارعين (من 44 % إلى 26 % في خلال 9 سنوات، بناءً على بيانات منظمة العمل الدولية). وهذا هو سبب التزام شركة Unilever بالاستثمار في التحوّل إلى الزراعة التجديدية؛ أي الزراعة بطريقة تعمل على تحسين صحة التربة والتنوع البيولوجي وكفاءة استخدام المياه ومرونة المناخ وتقلل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.
تختم «دورثي» بقولها إن الشراكة جارية مع المزارعين الذين يعملون في فول الصويا لزراعة محاصيل الغطاء للحد من تآكل التربة، ومزارعي الأرز لتقليل استخدام المياه وانبعاثات غاز الميثان، ومزارع الألبان للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. تبرهن هذه الأمثلة الثلاثة على عزم الشركة على المضي قدمًا في هذه الشراكة من أجل زراعة وإنتاج الغذاء لتحسين صحة الأرض ومساعدة المزارعين وتوفير الغذاء للناس.
المصدر: المنتدى الاقتصادي العالمي The World Economic Forum

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى