اقتصاد دولي

ماذا تحقق من رؤية 2030؟

في أبريل (نيسان) من عام 2016 أعلنت السعودية عن «رؤية 2030» التي تهدف إلى نقل البلاد إلى حقبة ما بعد النفط، من خلال العمل على تعدد مصادر دخلها الوطني، وبناء على ذلك التوجه وضعت برامج عدة تندرج كلها تحت ثلاثة محاور رئيسة، وهي مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح.
وبعد الانتهاء من المرحلة الأولى التي تم تحديد مدتها الزمنية بخمس سنوات استهدفت من خلالها العمل على إصلاحات أساسية عدة، مما أسهم في تحقيق نتائج ملموسة في مرحلتها الثانية الحالية، والتي تستهدف هي الأخرى العمل على توسيع مشاركة القطاع الخاص في قيادة التحول والدفع به، مع تمكين قطاعات جديدة وخلق فرص جاذبة للاستثمار تمهيداً لمزيد من الإنجازات في المرحلة الثالثة المقبلة التي تهدف إلى تعزيز المكتسبات الوطنية واستكمالها وتعميق أثر ما تم إنجازه.
نصف المشوار
وفي الوقت الذي عملت البلاد على زيادة إشراك القطاع الخاص في رحلة التحول الوطني لخلق اقتصاد مزدهر وأكثر تنوعاً واستدامة، شهد العام الماضي 2022 إنجازات غير مسبوقة على الصعد كافة، مما ضاعف قوة البلاد الاستثمارية وأسس لقاعدة صلبة من الازدهار الاقتصادي والاجتماعي، إذ طورت البلاد قدراتها معتمدة على أبنائها الذين يمثلون أهم مواردها وأكثرها قيمة. كما شهد العام الماضي تحقيق الرياض معدلات قياسية في نمو الناتج المحلي الإجمالي، وقطعت شوطاً كبيراً في بناء نمط حياة صحي عزز جودة حياة المواطن، وعملت على تطوير البنية التحتية للمدن، وعززت مبادرات «الرؤية» في التوسع بمشروعات إنتاج الطاقة المتجددة بهدف خفض انبعاثات الكربون جهود البلاد في معالجة التحديات المناخية، وتمكين قطاع البحث والتطوير والابتكار والاستثمار فيه.
أبرز المؤشرات:- وكشف تقرير «رؤية 2030» لعام 2022، الذي حصلت «اندبندنت عربية» على نسخة منه، عن أن البلاد حققت في محور مجتمع مزدهر «تعزيز القيم والهوية الوطنية»، واستطاعت البلاد أن تضاعف عدد المعتمرين من الخارج من 6.2 مليون معتمر عن خط الأساس (بداية الانطلاق) إلى 8.4 مليون معتمر حالياً، كما استطاعت رفع عدد المواقع الأثرية المدرجة لدى «اليونيسكو» من أربعة مواقع إلى ستة حالياً. وفي الهدف الثاني، وهو تمكين حياة عامرة وصحية، استطاعت رفع نسب التجمعات السكانية بما فيها الطرفية المغطاة بالخدمة الصحية من 84 في المئة إلى 94 في المئة، كما استطاعت رفع معدل المستفيدين من الإعانات المالية القادرين على العمل والذين تمكنوا من الاستغناء عن الدعم من واحد في المئة إلى 32 في المئة.
تنمية وتنويع الاقتصاد:- وفي محور اقتصاد مزدهر أيضاً، استطاعت البلاد في هدفها الأول المدرج تحت هذا المحور، والذي يتلخص في تنمية وتنويع الاقتصاد، رفع حصة الصادرات غير النفطية من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي من 18.7 في المئة إلى 25 في المئة، كما استطاعت رفع نسبة المحتوى المحلي في قطاع النفط والغاز من 37 في المئة إلى 59.5 في المئة، ورفع معدل قروض المنشآت الصغيرة والمتوسطة من قروض البنوك من اثنين في المئة إلى ثمانية في المئة، وتم رفع نسبة توطين الصناعات العسكرية من 7.7 في المئة إلى 12.6 في المئة. وفي ما يخص سوق العمل في البلاد، انخفض معدل البطالة في السعودية من 12 في المئة إلى ثمانية في المئة، وارتفع معدل مشاركة المرأة في سوق العمل من 22.8 في المئة إلى 34.5 في المئة، وارتفعت كذلك نسب الملتحقين بوظائف من خريجي الجامعات خلال أول ستة أشهر من التخرج من 13.3 في المئة إلى 32 في المئة، وكذلك ارتفع عدد الملتحقين بسوق العمل من خريجي المعاهد التقنية والمهنية خلال الأشهر الستة الأولى من 13.9 في المئة إلى 42.43 في المئة، وشملت الإنجازات في سوق العمل رفع معدل العاملين من ذوي الإعاقة والقادرين على العمل من 7.7 في المئة إلى 12.3 في المئة.
تعزيز الحكومة الإلكترونية:- ولم تتوقف إنجازات «رؤية 2030» على المحورين الأولين بل شهد كذلك المحور الثالث «وطن طموح» إنجازات، لعل من أبرزها تقدم ترتيب السعودية في مؤشر الأمم المتحدة لتطوير الحكومة الإلكترونية، والذي وصل اليوم إلى المرتبة 31 في حين كان في السابق في المرتبة 44، كما ارتفع عدد المتطوعين في البلاد، والذي بلغ 658 ألف متطوع، في حين كان في السابق 22.9 ألف متطوع، وارتفعت كذلك نسبة الشركات الكبرى التي تقدم برامج المسؤولية الاجتماعية من 30 في المئة إلى 60 في المئة حالياً.
الاقتصاد الأعلى:- وفي السياق ذاته، كشف التقرير عن أن البلاد حققت خلال عام 2022 نتائج قياسية في ما يتعلق بالنمو الاقتصادي الذي تجاوز توقعات صندوق النقد الدولي ليكون الأعلى نمواً في العالم، ووفقاً لتقديرات هيئة الإحصاء العامة السعودية لعام 2022 فقد حقق الناتج المحلي الإجمالي نمواً بمعدل 8.7 في المئة مقارنة بالعام الذي سبقه 2021، في رقم يعتبر الأعلى نمواً بين «مجموعة العشرين» وهو الأعلى على المستوى الوطني منذ عام 2011، كما حقق الناتج المحلي نمواً بمعدل 27.6 في المئة مقارنة بالعام الذي سبقه، وارتفع نمو الأنشطة غير النفطية بنسبة 6.2 في المئة كما ارتفع معدل الصادرات غير النفطية بنسبة 37.7 في المئة.
تعليم دولي:- ولا يقتصر التقدم في تحقيق أهداف «رؤية 2030» على الجانب الاقتصادي والثقافي وسوق العمل في البلاد، بل شهد التعليم تطوراً لافتاً، وتحققت إنجازات من أبرزها اعتماد مدينة ينبع الصناعية كمدينة تعليم دولية في عام 2022، وهي ثاني مدينة في السعودية بعد الجبيل الصناعية التي تم اعتمادها عام 2020، ضمن الشبكة العالمية لمدن التعليم، نتيجة لما حققته من جودة التعليم والتزامها إتاحة التعليم مدى الحياة للجميع وإدخالها كذلك سياسات تعزز التنمية الشاملة والمستدامة. يذكر أن «رؤية 2030» وضعت عديداً من الأهداف حين انطلاقها عام 2016، من أهمها تحويل صندوق الاستثمارات العامة إلى صندوق سيادي بأصول تقدر قيمتها بتريليوني دولار إلى 2.5 تريليون دولار، ليصبح بذلك أضخم الصناديق السيادية عالمياً، وإطلاق عديد من المشاريع العملاقة التي تدرج تحت الصندوق من أبرزها مشروع مدينة «نيوم» شمال البلاد، ومشروع البحر الأحمر و»روشن» والقدية والمربع وغيرها من المشاريع التنموية والتطويرية، والهادفة إلى رفع مكانة البلاد عالمياً وخلق فرص وظيفية جديدة وتحسن جودة الحياة وتنوع مصادر دخلها بعيداً من النفط.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى