اقتصاد كويتي

5.2 مليارات دينار.. أول فائض بميزانية الكويت خلال 8 أعوام

توقع تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، أن تكشف الحسابات الختامية للسنة المالية 2023/2022، عن تسجيل أول فائض مالي للميزانية الكويتية خلال 8 أعوام، ليبلغ نحو 5.2 مليارات دينار، أو ما يعادل 9.6% من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن ذلك قد يكون قصير الأجل، بعد أن قررت السلطات في مسودة ميزانيتها للسنة المالية 2024/2023 زيادة النفقات بنسبة 12% وفي ظل انخفاض الإيرادات بنسبة 17% مقارنة بميزانية عام 2023/2022 (استنادا لسعر التعادل النفطي المفترض بقيمة 70 دولارا للبرميل)، مما سيؤدى إلى تسجيل عجز مالي قدره 6.8 مليارات دينار أو ما يعادل 13% من الناتج المحلي الإجمالي.
وجاء في التقرير ان الوضع المالي الأساسي أفضل في ظل ارتباط نحو نصف زيادة النفقات ببنود استثنائية غير متكررة (مبالغ متأخرة لسداد فواتير الكهرباء، ودعوم الوقود وبدل إجازات الموظفين) وارتفاع أسعار النفط مقارنة بتوقعات الميزانية، فيما توقع تسجيل الميزانية لعجز بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2024/2023 (قد تصل إلى صفر إذا تم التخلص من البنود الاستثنائية)، وتسجيل فائض بنسبة 1% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية ٢٠٢٤/٢٠٢٥.
وعلى الرغم من تحسن الوضع المالي بوتيرة جيدة بعد الجائحة، لكن نقاط الضعف الهيكلية لا تزال قائمة، بما في ذلك التنويع المحدود للإيرادات والميزانية التي تسيطر عليها بشكل كبير الأجور والإعانات (80% من إجمالي النفقات)، ويعني هذا أنه عندما ينطلق برنامج التنويع الاقتصادي الذي يعتمد بكثافة على الإنفاق الرأسمالي الحكومي الذي طال انتظاره، فإن الإنفاق العام سيشهد مزيدا من الارتفاع.
وزاد «إلا انه على المديين القصير إلى المتوسط على الأقل، مازالت الهوامش المالية الوقائية والخارجية وفيرة، كذلك تمت إعادة رسملة صندوق الاحتياطي العام (الذي تم استخدامه لتمويل العجز على المدى القريب) بفضل الموجة الأخيرة من ارتفاعات أسعار النفط، وتجاوزت الأصول الخارجية للكويت، التي تتكون من الاحتياطيات الأجنبية لبنك الكويت المركزي وأصول الهيئة العامة للاستثمار في الخارج، بقيمة 800 مليار دولار (456% من الناتج المحلي الإجمالي)»، ويعتبر الدين العام، الذي يصل إلى نحو 3% من الناتج المحلي الإجمالي، منخفضا للغاية وفقا للمعايير الدولية، مما يقلل من الضغوط الناجمة عن ارتفاع أسعار الفائدة.
وتطرق التقرير إلى تباطؤ وتيرة النشاط الاقتصادي بالكويت في 2023، وذلك مع عودة الإنفاق الاستهلاكي للمستويات الطبيعة بعد الجائحة وتباطؤ الطلب على العقارات والائتمان، إلى جانب انخفاض إنتاج النفط وفقا لسياسة خفض الإنتاج التي أقرتها أوپيك وحلفائها.
وأشار إلى انه من المتوقع أن يتراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي بالكويت من 7.6% في عام 2022 إلى 1.5% في المتوسط سنويا خلال فترة التوقعات. وعلى صعيد القطاع النفطي، قال التقرير أنه بعد ارتفاع إنتاج النفط لأعلى المستويات المسجلة في 5 أعوام وصولا إلى 2.82 مليون برميل يوميا في الربع الثالث من 2022، انخفض الإنتاج إلى 2.68 مليون برميل يوميا في فبراير 2023، سيشهد المزيد من التراجع ليصل إلى 2.55 مليون برميل يوميا (-128 ألف برميل يوميا) بعد أن وافقت الكويت على قرار أوپيك وحلفائها الصادر في أبريل الجاري بزيادة التخفيضات القائمة بالفعل للفترة المتبقية من عام 2023 بأكمله.
إلا أن «الوطني» يرى أن ازدياد الطلب على النفط وشح الإمدادات (وما ينتج عنه من ارتفاع للأسعار) قد يدفع أوپيك وحلفائها للتراجع عن بعض تلك التخفيضات الإضافية قبل نهاية العام وخلال عام 2024، كما يتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي النفطي بنسبة 3.7% في عام 2023 قبل أن يرتفع بنسبة 2.7% في عام 2024.
ويرجع زخم نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بعد الجائحة، الذي وصل في المتوسط إلى 3.2% سنويا في عامي 2021-2022، إلى حد كبير نتيجة لارتفاع أسعار النفط، والإنفاق المالي للحكومة، والطلب الاستهلاكي المكبوت، ومكاسب أنشطة التكرير، مما أدى إلى تعويض الأداء الضعيف لسوق المشاريع. إلا انه على الرغم من ذلك، فإن سرعة وتيرة النشاط الاستهلاكي بدأت بالتباطؤ، إذ كشفت بيانات البطاقات المصرفية عن وصول نمو الإنفاق لذروته عند 33% في عام 2021، في ظل ارتفاع معدلات التضخم وتشديد السياسات النقدية عالميا.
ومن جهة أخرى، تعتبر مسودة الموازنة الحكومية للسنة المالية 2023/2024 من الموازنات التوسعية، والتي من المقرر أن تسهم في دعم الاقتصاد على المدى القريب، إلا ان حالة الجمود السياسي واحتمال إجراء انتخابات جديدة في وقت لاحق من العام الحالي بعد قرار المحكمة الدستورية في مارس ببطلان انتخابات مجلس الأمة 2022 لأسباب إجرائية، من شأنه تأخير إقرار الموازنة كما يؤثر على توقعات انتعاش الاستثمار في عام 2023، وتشير توقعات السيناريو الأساسي إلى عدم تخطي نمو القطاع النفطي أكثر من 3% (تتضمن 3.8% بإضافة مكاسب أنشطة التكرير بعد عمل مصفاة الزور بكامل طاقتها الانتاجية في الوقت الحالي).
تباطؤ التضخم إلى 2.5% خلال 2024
توقع تقرير «الوطني» اعتدال وتيرة التضخم من 4% (المتوسط السنوي) في عام 2022 إلى 2.5% في عام 2024 مع تباطؤ النشاط الاستهلاكي وتشديد السياسة النقدية. ورفع بنك الكويت المركزي سعر الفائدة (الخصم) بمقدار 250 نقطة أساس إلى 4% ضمن دورة التشديد الحالية (حتى أبريل 2023) مقابل 475 نقطة أساس لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وعلى الرغم من أن أسعار الفائدة في الولايات المتحدة وبالتالي في الكويت قد تكون الآن قريبة من ذروتها، إلا أن تشديد السياسة النقدية بوتيرة أبطأ في الكويت حتى الآن قد يؤدي بدوره إلى تيسير السياسة النقدية بوتيرة أبطأ في عام 2024، خاصة إذا اضطر مجلس الاحتياطي الفيدرالي إلى خفضها بقوة.
النظرة المستقبلية تعتمد على أسعار النفط
ذكر التقرير أن هناك العديد من العوامل الإيجابية التي تعزز نمو الاقتصاد من ضمنها ارتفاع أسعار النفط، والسياسة المالية التوسعية، وزيادة زخم تنفيذ المشاريع، وتحسن وتيرة تعافي سوق العمل، والأهم من ذلك تعاون السلطتين التنفيذية والتشريعية لدفع وتيرة الإصلاحات المالية والاقتصادية العاجلة لترشيد الإنفاق العام وتحسين الكفاءة المؤسسية وتحفيز القطاع الخاص (وفقا لما تنص عليه خطة العمل الخمسية للحكومة).

كما أن مشاريع القوانين الرئيسية التي تغطي الرهن العقاري وقانون الدين العام الجديد لم يتم إقرارها بعد، وتعتبر عملية صنع السياسات الفعالة التي تركز على الإصلاحات هي السبيل الأمثل للحد من المخاطر المتزايدة للاعتماد على أسعار النفط، وتطور القطاع الخاص دون المستوى المطلوب، وتوظيف المواطنين الكويتيين، وانخفاض الاستثمار الأجنبي، وتعتبر تلك هي المحفزات التي من شأنها دفع الاقتصاد غير النفطي إلى مسار النمو المستدام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى