اقتصاد دولي

فاتورة واردات الصين الزراعية تنمو 8.3 في المئة خلال النصف الأول

بينما ودعت الصين سياساتها الصارمة في مكافحة فيروس كورونا في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، بعد ثلاثة أعوام من التشديد في مسعى لطي صفحة أسوأ فترات النمو الاقتصادي منذ السبعينيات، لم يندفع اقتصادها نحو تحقيق معدلات نمو تفاءلت في شأنها البنوك والمؤسسات العالمية، إذ ظل النمو الاقتصادي في ثاني أكبر اقتصاد عالمي، خجولاً على ما يبدو، لأسباب تتعلق بضعف المدخرات وضائقة الديون التي ابتليت بها الحكومات المحلية خلال الأزمة.

لكن النمو الاقتصادي المتواضع الآتي من الاستهلاك الضعيف، يستدعي إلقاء نظرة على معدلات استهلاك البلد الآسيوي للغذاء في النصف الأول من العام الحالي، لبيان ما إذا كانت الشهية الصينية قد تراجعت أم لا.

في ذلك، تظهر بيانات التجارة من الإدارة العامة للجمارك الصينية (GACC) خلال الأشهر الستة الأولى من العام، زيادة بنسبة 8.3 في المئة في إجمالي قيمة الواردات من السلع الزراعية مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، في حين تباينت أحجام الواردات مع زيادات كبيرة في الزيوت النباتية وفول الصويا، وزيادات متواضعة في اللحوم والحبوب، وانخفاض في استهلاك القطن والفواكه المجففة والمكسرات والأخشاب، وتأتي الزيادة في الواردات الزراعية وسط مخاوف من استمرار تباطؤ الاقتصاد الكلي، مع ظهور بيانات اقتصادية شهرية تؤشر إلى تباطؤ التعافي بعد “كوفيد”.

نما الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة 6.3 في المئة على أساس سنوي في الربع الثاني، بحسب ما أعلنت بكين الشهر الماضي، وعلى أساس ربع سنوي، نما الناتج الاقتصادي للبلاد بنسبة 0.8 في المئة، أي أبطأ من الزيادة الربع سنوية البالغة 2.2 في المئة المسجلة في الأشهر الثلاثة الأولى من العام، وتظهر المؤشرات أن التعافي بعد حقبة الفيروس تباطأ بسبب الاستهلاك المنخفض ومبيعات التجزئة، وقطاع الإسكان المضطرب وبطالة الشباب عند مستوى قياسي مرتفع بلغ 21.3 في المئة.

واردات حبوب أكثر

ارتفعت واردات الحبوب (مدفوعة بواردات القمح) بمقدار 3.6 مليون طن في النصف الأول من عام 2023 مقارنة بالفترة المثيلة من عام 2022، إذ واجه موسم الزراعة 2023 في الصين تحديات بسبب الحرارة الشديدة ومناطق الفيضانات بعد هطول أمطار غزيرة على نطاق واسع في مناطق زراعة القمح واستمرار الجفاف في أجزاء من الجنوب الغربي، وهو ما أثر في كل من الغلة وجودة المحاصيل، وكانت أكبر متلق للسلع الغذائية والأعلاف من مبادرة حبوب البحر الأسود، وسط توقعات أن تصل واردات القمح إلى مستوى قياسي في عام 2023.

وفق البيانات الصينية، انخفضت واردات الذرة بنسبة 11 في المئة خلال النصف الأول من عام 2023 بسبب ارتفاع الأسعار، وتصدرت أوكرانيا قائمة المصدرين، بحجم صادرات 3.8 مليون طن في إطار مبادرة حبوب البحر الأسود، تليها الولايات المتحدة بـ 3.5 مليون طن، ثم البرازيل التي قفزت من صفر صادرات إلى الصين لتصبح ثالث أكبر مورد للبلد الآسيوي بحجم 2.2 مليون طن.

البذور الزيتية والزيوت النباتية

في النصف الأول من عام 2023، وصلت واردات الصين من فول الصويا إلى مستوى قياسي بلغ 52.6 مليون طن، بزيادة 13.6 في المئة في الحجم و11.4 في المئة من حيث القيمة، عن العام السابق، وبلغت واردات فول الصويا من الولايات المتحدة 19.7 مليون طن بزيادة 12.4 في المئة على أساس سنوي، فيما ارتفعت واردات الزيوت النباتية إلى حوالى 4.5 مليون طن بزيادة 139 في المئة في الحجم و79 في المئة في القيمة عن العام السابق.أدى ضعف الطلب المحلي على القطن، إلى انخفاض وارداته خلال النصف الأول من العام إلى 580 ألف طن، بتراجع نسبته 50 في المئة عن الفترة المثيلة العام الماضي، وجاءت النسبة الأكبر من القطن من الولايات المتحدة (330 ألف طن) بتراجع قدره 52.3 في المئة، بينما صدرت البرازيل إلى بكين 130 ألف طن بنسبة هبوط 55.2 في المئة.

وذكرت جمعية القطن الصينية (CCA)، أنه في الأشهر الستة الأولى من عام 2023، انخفض إنتاج الغزل بنسبة 3.8 في المئة وانخفضت وارداته 6.8 في المئة، وأسهم ضعف الطلب في حدوث انخفاض، في حين بلغ إجمالي صادرات المنسوجات والملابس 142.7 مليار دولار، بانخفاض 8.4 في المئة على أساس سنوي، بعد انخفاض صادرات المنسوجات بنسبة 10.9 في المئة وصادرات الملابس بنسبة 5.9 في المئة.

لحوم ودجاج

وفق البيانات الرسمية الصينية، ارتفعت واردات البلاد من اللحوم بنسبة 10 في المئة على رغم أن الأسعار مرتفعة، ففي الأشهر الخمسة الأولى نمت واردات لحم الخنزير بنسبة 20 في المئة، وزادت واردات لحوم البقر بنسبة تزيد على تسعة في المئة، ونمت واردات الدجاج بنسبة 16 في المئة على رغم تفشي أنفلونزا الطيور عالية الضراوة في البلدان الرئيسة الموردة للدجاج.

وانخفض حجم وقيمة واردات الفاكهة في النصف الأول من عام 2023، بنسبة 3.6 في المئة، بإجمالي 4.2 مليون طن، من 4.3 مليون طن في النصف الأول من العام الماضي، في حين ارتفعت واردات المأكولات البحرية، فبلغت مستوى قياسياً بنحو 2.49 مليون طن، بزيادة 22.3 في المئة عن العام السابق، مما يعكس استمرار الطلب القوي، بخاصة على المنتجات عالية القيمة، وجاءت الواردات من الإكوادور والولايات المتحدة وروسيا بنسب 60 و27 و26.6 في المئة على الترتيب.

وتراجعت واردات البلاد من جذوع الأشجار والأخشاب المنشورة بنسبة 1.7 في المئة من حيث الحجم و14 في المئة من القيمة بسبب ضعف طلب السوق، بسبب اضطراب سوق الإسكان، إذ يرتبط استهلاك الخشب ارتباطاً وثيقاً بسوق الإسكان، وطلبها على مواد البناء والأرضيات والأثاث ومواد الديكور.

وبحسب بيانات المكتب الوطني للإحصاء(NBS) ، تراجعت المساكن الجديدة بنسبة 39 في المئة في عام 2022 مقارنة بعام 2021، وانخفضت كذلك بنسبة 22.6 في المئة في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023. بينما حسمت بكين معركتها مع الفيروس المستجد في بضعة أعوام، لا يبدو أن استعادة التعافي الاقتصادي للبلد الآسيوي ستكون بالوتيرة نفسها، حسبما تؤشر إلى ذلك بنوك عالمية في الآونة الأخيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى