اقتصاد دولي

مخاوف التخارج من السوق تضع الأسهم المصرية في مأزق صعب

عمقت شركة مؤشرات الأسهم العالمية «أم أس سي آي» مخاوف الأجانب من بيئة الاستثمار في سوق المال المصرية، بعد إعلانها عن إقرار معاملة خاصة للسوق المصرية بعد الشكاوى التي تلقتها من المستثمرين، بسبب صعوبة تخارجهم من السوق. وكشفت الشركة عن معاملة خاصة لمصر في مؤشرات أسهمها بعد تلقيها معلومات من المشاركين في السوق المصرية حول مشكلات تتعلق بالاسترداد.
وأشارت في بيان حديث، إلى أنها لن تنفذ أي تعديلات في إطار أعمال مراجعة المؤشر القادمة بالنسبة لأي أوراق مالية في مصر مصنفة للإدراج على مؤشرات «أم أس سي آي مصر» والمؤشرات المركبة والمشتقة والخاصة ذات الصلة. وأكدت شركة مؤشرات الأسهم العالمية أنها ستؤجل إدراج الأحداث الخاصة بالشركات المصرية التي لا تحتاج إلى تطبيق عامل تعديل الأسعار، مثل عمليات الاكتتاب وبيع الحصص وإعادة الهيكلة والاكتتابات العامة وستجمد استثنائياً عمليات الترحيل المحتملة وفق اعتبارات الحجم وتلك الناتجة عن الأحداث الخاصة بالشركات حتى إشعار آخر يتعلق بالأوراق المالية المصرية في مؤشرات «أم أس سي آي» للأسهم.
وتفاقمت أزمة المستثمرين في التخارج من السوق المصرية بعد أن كشفت الحكومة المصرية تخارج نحو 20 مليار دولار من الأموال الساخنة خلال الربع الأول من العام الماضي، وتسببت الأزمة في موجة عنيفة من شح الدولار، دفعت البنوك المصرية إلى اعتماد «الأولويات» في توفير الدولار للعملاء.
أكبر هاجس أمام المستثمرين الأجانب
وكان الرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي أيمن سليمان، أكد في تصريحات سابقة، أن «الحكومة المصرية عملت على حل مشكلات نقص السيولة وتسهيل التخارج من السوق كلما تسبب ذلك في دخول مستثمرين جدد، وهذا ما يعمل عليه صندوق مصر السيادي». وأضاف «نعمل على أن يكون لدينا شركات جاهزة للطرح وحصص في شركات أخرى، وتوفير فرصة الدخول والخروج من وإلى السوق المصرية بشكل مرن من دون مشكلات، وحينما يحدث ذلك ستتوافر سيولة كبيرة تدعم نشاط البورصة وتعزز قيم الشركات المدرجة، بدليل الانتعاشة التي حدثت في السوق المصرية خلال الأشهر الماضية».
وأوضح أن «آليات الخروج من السوق المصرية ما زالت تشكل أكبر هاجس يقلق المستثمر العربي والأجنبي رغم عمل الحكومة بشكل مكثف على إنهاء هذا الملف، وعلى رغم أن المشكلة ما زالت قائمة ولكن بنسب مختلفة تماماً عما كان يحدث في الأوقات السابقة، لكن حل هذه المشكلة بشكل تام مرتبط باكتمال برنامج الطروحات، وإتمام برنامج صندوق النقد الدولي واستقرار سعر الصرف». وذكر سليمان أن «البنك المركزي المصري اتخذ قرارات عدة جريئة وجديدة أهمها توفير الدولار للمستوردين في الوقت الذي يحتاجون إليه وفق أسعار الصرف الرسمية، وهو مما تسبب في تقليص الضغط على مطلوبات العملة الصعبة». وأشار إلى أن «أزمة شح الدولار كانت السبب المباشر في تزاحم المستثمرين الذين ينتظرون الحصول على مستحقاتهم للخروج من السوق، لكن مع اكتمال برنامج الطروحات، ستنتهي الأزمة بشكل كامل». ولفت إلى أن «مشكلات العملة والتقييمات العادلة للجنيه المصري كانت محوراً أساسياً في النقاشات مع المستثمرين العرب والأجانب، خلال الجولات الترويجية والاستثمارية الأخيرة».
وفي ما يتعلق بحرية خروج الأرباح من الشركات التي تم تأسيسها في مصر، قال إنه «لا توجد أي قيود قانونية أو تنظيمية تحد من خروج العوائد لأي مستثمر داخل مصر، بل على العكس تماماً»، لافتاً إلى أن «جزءاً من أزمة السيولة الدولارية، الحاصلة بسبب الأزمة الروسية – الأوكرانية، قد حدث جراء خروج المستثمرين من السوق المصرية من دون أي قيود، لدرجة خروج أكثر من 20 مليار دولار في أقل من شهر، وذلك رغم استطاعة الدولة المصرية في هذه الفترة اتخاذ عدد من الإجراءات أو القرارات الاستثنائية من قبل الدولة للحفاظ على هذه الموارد الدولارية».
مصر تواجه ظروفاً استثنائية
وعلى رغم الأزمات التي شهدتها البلاد خلال الفترة الماضية، لكن الحكومة المصرية لم تتخذ أي إجراءات ضد خروج المستثمرين. وقال رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، في تصريحات سابقة، «إن الظرف الاستثنائي هو ظرف تدبير السيولة من النقد الأجنبي، الأمر الذي تعمل عليه الدولة والحكومة بصورة كبيرة جداً، وتأخر توفيرها يعود إلى ظروف الأزمة وليس القيود أو الإجراءات أو القوانين، وبحكم الأولويات الموجودة».
ولفت مدبولي إلى أن «كثيراً من المستثمرين القطريين الموجودين في مصر منذ فترات طويلة، على دراية بأن مثل هذه الأزمة لم تكن موجودة على الإطلاق قبل السنة الأخيرة»، مؤكداً «حرص الدولة المصرية على إتاحة الحرية الكاملة لدخول وخروج المستثمرين في أي وقت»، موضحاً أنه «تم إعداد قوانين تضمن هذه الحريات في هذا الشأن».
وأشار إلى موضوع تذبذب سعر الصرف، وما تم بالتنسيق مع البنك المركزي في هذا الشأن، موضحاً أن «الدولة المصرية بصدد إنهاء هذه الظاهرة، وهو ما يمكن رؤيته من خلال السوق الموازية، التي أصبح السعر فيها لا يختلف كثيراً عن الموجود في السوق الرسمية»، لافتاً إلى أن «ضخ وتشجيع مزيد من الاستثمارات وتوفير العملة الصعبة، سيعمل على حل هذه الظاهرة في أسرع وقت».
استقرار الجنيه أمام الدولار يعزز عودة المستثمرين:- أما في ما يتعلق بتقرير «أم أس سي آي»، فحذرت مصادر من أن استمرار الأوضاع الحالية يهدد وجود مصر على المؤشر في المستقبل، كما ستكون له انعكاساته على الاستثمار الأجنبي في مصر بشكل عام.
وتوجد ثلاث شركات مدرجة بالفعل على مؤشر الأسهم العالمية. ويرى باحثون أن تجميد مؤشر «مورغان ستانلي» للأسهم المصرية، سيؤدى إلى تحجيم الاستثمارات، ما يتسبب في مزيد من التخارجات من قبل المستثمرين الأجانب. وسجلت معاملات الأجانب في سوق المال المصرية صافي مبيعات منذ بداية العام بقيمة 6.3 مليار جنيه (0.203 مليار دولار). وبعد الإعلان الصادر عن «مورغان ستانلي»، بلغت مبيعات الأجانب، في جلسة الثلاثاء الماضي، 66.9 مليون جنيه (2.165 مليون دولار).

وفي مذكرة بحثية حديثة، وصف قسم البحوث بشركة «برايم» القابضة، أن إعلان الشركة هو مجرد تعبير عن مشكلات المستثمرين الأجانب بمصر من صعوبة الخروج وإجراء التحويلات. وذكر أنه «رغم كونه خبراً سلبياً سيؤدي إلى تقليل استثمارات الأجانب على المدى القصير، لكن في حال تحسن الوضع الاقتصادي ووضع إجراءات فعالة فسيتم ضخ استثمارات أجنبية تنعش السوق المصرية».

في تعليقه، قال رئيس البورصة المصرية رامي الدكاني، إن «القرار يمثل جزءاً من التأثير العام على الاقتصاد المصري… سوق الأسهم المصرية جزء لا يتجزأ من الاقتصاد المصري». وأضاف «نحن على تواصل مع شركة أم أس سي آي لمعرفة إلى أي مدى سيؤثر قرارهم على الأسهم المصرية».

وأوضح أن «استقرار الجنيه سيساعد في جذب المستثمرين الأجانب». وأضاف أن «المستثمر الأجنبي يحب السوق المصرية، ولكن التذبذبات الواضحة في سعر الصرف قد تكون سبب تأخر دخوله السوق… استقرار سعر الصرف سيكون المحفز الرئيس للاستثمار واستمراره في السوق المصرية»، معرباً عن ثقته في أن «صناع القرار بالدولة سيعملون على استقرار الجنيه».

وذكر أنه «يجري دراسة إعادة هيكلة عدد من المؤشرات القديمة الموجودة بالفعل في البورصة المصرية ويحتمل إلغاء أحد تلك المؤشرات». وأوضح أن «مثل تلك الخطوة ستساعد البورصة المصرية في خفض النفقات». وذكر الدكاني في وقت سابق أن «البورصة أجرت استطلاعات لمعرفة أي من مؤشراتها هي الأقل استخداماً».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى