اقتصاد دولي

هل تستمر رحلة تعافي النفط وسط دعم الطلب؟

عادت أسعار النفط لتحقيق المكاسب عندما حققت نحو أربعة في المئة صعوداً، وسط توقعات بخفض الإمدادات. وتجاوز خام برنت نحو 86.09 دولار للبرميل، عند أعلى مستوى منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، ويعد هذا الصعود أكبر تقدم أسبوعي خلال شهر واحد، إذ فاقت بيانات الاقتصاد الكلي من الصين التوقعات، وزادت الهجمات الأوكرانية على المصافي الروسية من الأخطار الجيوسياسية.

يأتي هذا الصعود مع التحركات الأخيرة، عندما خرج النفط من نطاق التداول الضيق الذي سيطر على الأشهر الأولى من العام، بوصول الأسعار، أخيراً، إلى أعلى مستوى، وأسهم في دعم هذا الارتفاع، تخفيض “أوبك+” للإنتاج، والتوقعات بحدوث عجز عالمي هذا العام. وفي انعكاس للتحول في اللهجة، رفعت البنوك، بما في ذلك “مورغان ستانلي”، توقعاتها لأسعار النفط.

ونقل موقع “أرقام” عن مؤسسة شركة “فاندا إنسايت” في سنغافورة فاندانا هاري، قولها إن “الضربات على مصافي التكرير الروسية أضافت دولارين إلى ثلاثة دولارات لبرميل النفط كعلاوة أخطار، الأسبوع الماضي، ولا تزال الأخطار قائمة، إذ نبدأ هذا الأسبوع بمزيد من الهجمات، ومع صدور قرار السياسة النقدية الأميركية هذا الأسبوع، قد تعود المعنويات الاقتصادية إلى مركز الصدارة بالنسبة إلى المجمع النفطي”.

بحسب محللين، فإن الفروق السعرية للنفط تشير إلى أن الظروف أصبحت أكثر صرامة، إذ اتسعت الفجوة بين أقرب عقدين لخام برنت لشهر ديسمبر (كانون الأول) (العقد لهذا العام ونظيره في عام 2025) إلى 4.83 دولار للبرميل في حالة “باكورديشن” الصعودية، وهذا أعلى من 2.66 دولار في بداية العام.

وصاحبت الارتفاع الأخير في أسعار النفط الخام قفزة في عدد العقود القائمة، وارتفعت الحيازات إلى أعلى مستوياتها منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2021، مع مكاسب متوقعة قرب نهاية، الأسبوع الماضي.

المعروض من الخام

وشهدت أسعار النفط حالة من التعافي الملحوظ خلال الأيام الأخيرة، بدعم التوقعات الإيجابية في شأن الطلب والمعروض من الخام، وأبدى محللون توقعاتهم باستمرار صعود أسعار النفط خلال الفترة المقبلة، لكن وسط أخطار محتملة تهدد بإنهاء حالة التعافي الحالية.

تحركات صعودية

وعلى رغم أن النفط استمر في التداول طوال معظم الشهر الماضي بين نطاق 80 و84 دولاراً للبرميل، مع غياب العوامل الداعمة للسوق.

ومنذ بداية العام الحالي وحتى تسوية تعاملات الأسبوع الماضي، ارتفع سعر خام برنت بأكثر من 10 في المئة.

توازن السوق

بحسب محللين، فإن مكاسب أسواق النفط جاءت بعد التوقعات المتفائلة في شأن آفاق الطلب العالمي، وتحول السوق إلى العجز، في وقت رفعت وكالة الطاقة الدولية في الأسبوع الماضي توقعاتها للطلب العالمي على النفط للمرة الرابعة منذ نوفمبر 2023.

وتشير الوكالة إلى أن الطلب على النفط قد ينمو بنحو 1.3 مليون برميل يومياً في العام الحالي، مما يمثل زيادة بمقدار 110 آلاف برميل يومياً مقارنة بالتقديرات السابقة.

وعلى جانب المعروض، تشير التوقعات إلى تراجع الإمدادات العالمية من النفط مقارنة بالتقديرات السابقة، وإلى ذلك أعلن تحالف “أوبك+” تمديد الخفض الطوعي لإنتاج النفط البالغ 2.2 مليون برميل يومياً حتى نهاية الربع الثاني من العام الحالي.

مخزونات النفط

وعلى صعيد متصل، كشفت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن مخزونات النفط الخام تراجعت 1.5 مليون برميل، في الأسبوع الماضي، ما جاء بعكس التوقعات بفعل تسريع المصافي لعمليات التكرير. وقال المحلل لدى “برايس فيوتشرز غروب” فين فلين، إن الإمدادات تشهد حالة من النقص بالنسبة لوقود السيارات في الولايات المتحدة، مما يثير خطر ارتفاع الأسعار بشكل أكبر.

أخطار ومخاوف

وعلى رغم المخاوف حول الطلب فإنه بحسب وكالة الطاقة لا يزال أقل كثيراً من النمو المسجل في العام الماضي، والبالغ 2.3 مليون برميل يومياً.

وتؤكد الوكالة أن نمو الطلب على النفط يعود إلى الاتجاه التاريخي، مع تحسن الفعالية وتراجع الاستهلاك مع زيادة استخدام السيارات الكهربائية.

وحذرت وكالة الطاقة من أن التباطؤ الاقتصادي العالمي قد يشكل رياحاً معاكسة إضافية للطلب على النفط، لكن المؤشر الجديد في الأسواق هو صعود إنتاج النفط في الولايات المتحدة وغيانا والبرازيل وكندا، إذ سجلت مستويات قياسية هذا العام، لتضيف هذه الدول مجتمعة نحو 1.3 مليون برميل يومياً من الإنتاج الجديد. وكانت شركة “بيكر هيوز” كشفت عن أن عدد منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة ارتفع لأعلى مستوى في ستة أشهر، في إشارة إلى الإنتاج المستقبلي للخام.

وبحسب الأرقام صعد عدد المنصات الأميركية للتنقيب عن النفط إلى 510 منصات في الأسبوع المنتهي في 15 مارس (آذار) الحالي، وهو أعلى مستوى منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى