اقتصاد خليجي

كيف تراجع التضخم في دبي إلى أدنى مستوى منذ 20 شهراً؟

استطاعت الجهود الكبيرة التي بذلتها وتبذلها إمارة دبي، على المستويات كافة، من تحجيم معدلات التضخم، لتبقى ضمن حدود منطقية ومعقولة، وما زال معدل التضخم السنوي في دبي، يشهد تراجعاً ملحوظاً، فقد سجل أدنى مستوى له على الإطلاق منذ ما يقارب 20 شهراً الماضية، ليبلغ في يوليو/ تموز الماضي عند 1.02%، بحسب ما كشفت عنه بيانات ل«مركز دبي للإحصاء».

استمر التضخم في تسجيل تباطُئِه على نحو متتالٍ، نزولاً من ذروته قبل 12 شهراً، والتي كان قد سجلها في يوليو/ تموز لعام 2022، حيث بلغ آنذاك 7.10%. ليبدأ سلسلة من التراجع في الأشهر المتتالية مسجلاً 6.04% في أغسطس/آب 2022، و5.41% في سبتمبر/أيلول من العام نفسه، ونحو 4.55% للشهر التالي، و4.68% في نوفمبر/ تشرين الثاني 2022، وارتفع قليلاً إلى 5.18% في ديسمبر/ كانون الأول 2022.

وعلى وقع تحسن المؤشرات في الإمارة على المستويات جميعاً، خصوصاً بعد سرعة التعافي من تداعيات الجائحة، شهد التضخم فيها، سلسلة تراجع له منذ مطلع العام الجاري 2023، ليفتتح مع مطلع 2023 عند4.58% في يناير/ كانون الثاني، وإلى نحو 4.90% في فبراير/شباط، ونزل قليلاً إلى 4.32% في مارس/آذار، واستمر هبوطاً إلى 3.27% في إبريل/ نيسان، وإلى 3.05% في مايو/ أيار، و2.05% في يونيو/حزيران، ليستقر عند 1.02% في يوليو/ تموز الفائت.

  • أسعار المستهلك

وينعكسسن المؤشرات الاقتصادية المختلفة إيجابياً على الاستقرار النسبي للأسعار، حيث سجّل الرقم القياسي لأسعار المستهلك في دبي، ارتفاعاً طفيفاً لها على نطاق شهري في يوليو/ تموز الفائت، ليصل الرقم القياسي إلى 107.98 نقطة، مقارنة بالشهر الذي سبقه والتي بلغ فيها 107.51 نقطة.

وعلى نطاق سنوي، فقد شهدت أسعار 10 مجموعات إنفاق رئيسية وخدمات، ارتفاعاً لها، كان أبرزها: مجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود، والتي تمثل نحو 41% من إجمالي أوزان إنفاق المستهلكين في دبي، – ارتفعت بنسبة 6.09% وهو الارتفاع المتتالي منذ 14 شهراً، كذلك ارتفعت أسعار مجموعة الأثاث والتأثيث والأدوات المنزلية بنحو 7.7% (وهي التي تمثل 3.51% من أوزان الإنفاق)، التأمين والخدمات المالية والتي تستأثر ب1.26% من وزن الإنفاق، فقد ارتفعت أيضاً 5.26%، الملابس وملبوسات القدم (4.96%) ارتفعت 6.09%، المطاعم والفنادق ( 6.10% من الوزن) فقد ارتفعت 3.52%، الطعام والمشروبات (11.66% من وزن الإنفاق) ارتفعت 3.21%، مجموعة العناية الشخصية والحماية الاجتماعية والسلع المتنوعة (5.10% من المؤشر) ارتفعت 2.19%، خدمات التعليم ( 8.15% من وزن المؤشر) ارتفعت 1.55%، الخدمات الصحية (0.88% من وزن المؤشر) ارتفعت 0.68%، المعلومات والاتصالات (5.69% من وزن المؤشر)، ارتفعت 0.41%.

في الجهة المقابلة، انخفضت أسعار 3 مجموعات إنفاق رئيسية هي: خدمات النقل التي تراجعت بنسبة متوسطة 19.73% (9.32% من وزن المؤشر)، التبغ فقد انخفضت 7.36% (0.32% من وزن المؤشر)، وأخيراً مجموعة الترفيه والرياضة والثقافة التي تراجعت 6.74% وهي التي تمثل 2.37% من إجمالي وزن المؤشر.

  • نطاق شهري

وبالرغم من الارتفاعات الكبيرة في معدلات التضخم، حول العالم، لأسباب كثيرة ومختلفة، إلا أن معدلات التضخم في الإمارة بقيت ضمن حدود طبيعية ومعقولة، إذ سجل التضخم الشهري في الإمارة، ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.43% لشهر يوليو/ تموز الفائت، مقارنة مع الشهر الذي سبقه والذي سجل أيضاً ارتفاعاً ضئيلاً بنسبة 0.24%. وبذلك؛ سجل التضخم الشهري في الإمارة، خامس ارتفاع متباين له منذ مطلع العام الجاري 2023، حيث سجل انكماشاً طفيفاً -0.58% في يناير/ كانون الثاني، وارتد مرتفعاً بنسبة 0.77% في فبراير/ شباط، وهبط قليلاً بنسبة 0.21% في مارس/ آذار، وارتفع 0.21% في إبريل/ نيسان، قبل أن يعاود انكماشه في مايو/ أيار بنسبة -0.15%.

وارتفعت أسعار 9 مجموعات إنفاق وخدمات على أساس شهري في دبي، أبرزها: الترفيه والرياضة والثقافة بنسبة 4.55%، خدمات النقل بنسبة 0.58%، السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود 0.49%، المطاعم والفنادق 0.38%، الأثاث والتأثيث والأدوات المنزلية وإصلاحها 0.19%، العناية الشخصية والحماية الاجتماعية والسلع المتنوعة 0.14%، المعلومات والاتصالات 0.13%، الطعام والمشروبات 0.09%، الصحة 0.05%. ولم تشهد أسعار 4 مجموعات وخدمات أخرى أي تغيير شهري لها وهي: التبغ، الملابس وملبوسات القدم، التعليم، التأمين والخدمات المالية.

  • تسريع التجارة الإلكترونية

أصدرت شركة «باترن» لتسريع التجارة الإلكترونية، مؤشر أسعار المستهلك، عبر التجارة الإلكترونية في دولة الإمارات، للربع الأول من العام الجاري 2023، حيث أشارت إلى أنّ أسعار السلة النموذجية من السلع الاستهلاكية، ارتفعت بوتيرة أبطأ بكثير، مقارنةً بالأسواق الأخرى، وتضمّن التقرير مؤشرات الأسعار المتعلّقة بعدد من المنتجات بدءاً من الدقيق والشاي والأرز، وصولاً إلى مستحضرات العناية الشخصية ومنتجات الصابون والمنظفات المنزلية.

واستندت «باترن» إلى هذه المعلومات لإصدار مؤشر أسعار المستهلك في التجارة الإلكترونية، داخل الإمارات، من خلال تحليل بيانات الأسعار اليومية للمشتريات الأكثر تداولاً لدى الأُسر، على نحو منتظم منذ بداية العام الفائت.

ومنذ بداية جائحة «كوفيد-19»، يُعد التضخّم العالمي أحد التحديات الأكثر إلحاحاً بالنسبة إلى الشركات والمستهلكين على حد سواء، حيث أصبح ارتفاع التكاليف أمراً شائعاً في أوروبا وأمريكا الشمالية، والأمر سيّان بالنسبة إلى الشرق الأوسط، ولكن على الرغم من ارتفاع أسعار بعض المنتجات، فقد لوحظ انخفاض في سعر عدد كبير من المنتجات، بينما حافظت مجموعة من السلع في تقارب أسعارها مع المعدلات المسجّلة في الربع الأول من العام 2022.

  • أسعار الوقود

وسجلت أسعار الوقود في دولة الإمارات، ارتفاعاً طفيفاً لها خلال النصف الأول من العام الجاري 2023، فيما تراجعت أسعار الديزل بشكل ملموس في الفترة ذاتها، بحسب لجنة متابعة أسعار الوقود في الدولة. وسجلت أسعار الجازولين/ البنزين (سوبر 98 وخصوصي 95 و إي بلس 91) ارتفاعات طفيفة بنسبة 6 في المئة إلى 6.5 في المئة، خلال الأشهر ال6 الأولى من 2023، تمثل ارتفاعاً بقيمة 17 فلساً، بينما هبطت أسعار الديزل بنسبة متوسطة 19% وبواقع 61 فلساً.

وبلغت أسعار البنزين الممتاز (سوبر98 ) في يناير/ كانون الثاني الفائت، 2.78 درهم لكل لتر، وارتفعت في فبراير/ شباط إلى 3.05 درهم، واستمرت صعوداً في الشهر التالي إلى 3.09 درهم، وعادت وانخفضت إلى 3.01 درهم في إبريل/ نيسان، فيما ارتفعت بشكل ملموس في مايو/ أيار إلى 3.16 درهم، قبل أن تهبط إلى ما دون ثلاثة دراهم، وتحديداً 2.95 درهم/ لتر في يونيو/ حزيران. وبذلك، سجل ارتفاعاً بنسبة 6% بقيمة 17 فلساً خلال 6 أشهر. بينما ارتفع إلى 3 دراهم في يوليو/ تموز ونحو 3.14 درهم في أغسطس/ آب الجاري. وفيما يتعلق بتسلسل أسعار البنزين (خصوصي 95)، فقد سجل 2.67 درهم/ لتر مطلع العام الجاري 2023، وصعد إلى 2.93 درهم في فبراير، واستمر صعوداً في الشهر التالي إلى 2.97 درهم، قبل أن ينزل إلى مستويات 2.90 درهم في إبريل/ نيسان، ليرتد صعوداً في مايو/ أيار وبقيمة 3.05 درهم، ثم انخفض أيضاً إلى ما دون 3 دراهم في يونيو/ حزيران وتحديداً 2.84 درهم/ لتر. حيث سجل ارتفاعاً طفيفاً بمقدار 17 فلساً تمثل ما نسبته 6%. وارتفع في يوليو/ تموز إلى 2.89 درهم، والى 3.02 درهم في أغسطس/ آب الجاري.

وبالنسبة للبنزين إي بلس 91، فقد ارتفع بشكل طفيف أيضاً بنسبة 6.5% وبقيمة 17 فلساً، خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري 2023، فقد سجل اللتر الواحد 2.59 درهم في يناير، ليرتفع إلى 2.86 درهم في فبراير/ شباط، واستمر صعوداً إلى 2.90 درهم في الشهر التالي، ليهبط في إبريل/ نيسان إلى 2.82 درهم، في حين، ارتفع في مايو/ أيار إلى 2.97 درهم، لينزل إلى 2.76 درهم في يونيو/ حزيران، وارتفع إلى 2.81 درهم في يوليو/ تموز، وإلى 2.95 درهم في أغسطس/ آب الحالي.

وخالفت أسعار الديزل، سلسلة الارتفاعات التي شهدها البنزين في النصف الأول، حيث انخفضت أسعاره 61 فلساً بنسبة 19%، وبلغ سعر اللتر الواحد في يناير/ كانون الثاني 3.29 درهم، ليرتفع في فبراير إلى 3.38 درهم، وهبط في الشهر التالي إلى 3.14 درهم، واستمر في هبوطه خلال إبريل/ نيسان إلى 3.03 درهم، وكذلك إلى 2.91 درهم في مايو/ أيار الفائت، ووصل إلى 2.68 درهم في يونيو/ حزيران. بينما ارتفعت في يوليو/ تموز إلى 2.76 درهم، وإلى 2.95 درهم في أغسطس/ آب الجاري. ويصنف الوقود، ضمن مجموعة السكن والمياه والكهرباء والغاز والوقود على مؤشر إنفاق المستهلكين، حيث تستحوذ المجموعة كاملة على نحو 41% من إجمالي إنفاق الأسر.

  • سلسلة التوريد

قال ديفيد كوايف، المدير العام ل «باترن» في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: «يبيّن مؤشر أسعار المستهلك في التجارة الإلكترونية في الإمارات، إلى أيّ مدى كانت الأشهر ال12 الأخيرة فترةً عصيبةً بالنسبة إلى العلامات التجارية والمستهلكين على حد سواء، فبسبب تعطّل سلسلة التوريد، إلى جانب زيادة تكاليف المواد، واليد العاملة، والشحن وغيرها، واجهت العلامات التجارية صعوبةً متزايدة في تطبيق استراتيجية تسعير، من دون مراعاة المشهد التنافسي في الوقت الحقيقي.

وفي الوقت ذاته، لا يزال المستهلكون يواجهون صعوبةً عند الشراء، فيما يطّلعون على ارتفاع أسعار عدد كبير من السلع. ومن هذا المنطلق، نأمل أن يسلّط هذا المؤشّر الربع سنوي الضوء على هذه التحوّلات، حتى تصبح العلامات والمستهلكون مطّلعين بشكل أفضل على المنحى الذي يتخذه متوسط أسعار بعض المنتجات الأكثر شراءً في السوق».

وفيما أدّى التضخّم إلى ارتفاع كلفة معظم المنتجات في الأسواق الاستهلاكية العالمية، إلا أنّ معدّل التضخّم في الإمارات يسجّل تباطؤاً في عدد كبير من هذه السلع الأكثر تداولاً عبر الإنترنت، حيث من المتوقع أن يستمرّ هذا الاتجاه في النصف الثاني من العام 2023، ما قد يخفف العبء بعض الشيء عن كاهل المستهلكين عبر الإنترنت في الإمارات العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى