مقالات اقتصادية

يستنزف أموالاً طائلة.. هل تنجح سلطنة عُمان في هيكلة طيرانها..

كتب أسامة صالح 

مع استمرار “الطيران العُماني” الناقل الوطني لسلطنة عُمان تسجيل خسائر فادحة، خلال السنوات الأخيرة، أصدر جلالة السلطان هيثم بن طارق مرسوماً سلطانياً يقضي بضرورة تعيين استشاري متخصص ينظر في حال الطيران العُماني.

ويستنزف “الطيران العُماني” أموالاً طائلة من الدولة الخليجية، حيث سجل خسائر مادية تقدر بمليار و300 مليون ريال عُماني (3,379 مليارات دولار)، خلال الفترة ما بين عامي 2015 و2019، وفقاً لما أكده رئيس مجلس الشورى خالد المعولي.
وحسب ما أكده المعلولي، في بيان، فقد حققت شركات الطيران المجاورة أرباحاً كبيرة للعام المنصرم، في حين يواصل الطيران العُماني تسجيل خسائر.

واستند رئيس مجلس الشورى إلى تقرير جهاز الرقابة المالية والإدارية في السلطنة لعام 2020 ضمن الخطة الخمسية التاسعة، الذي كشف عن واقعة إهمال جسيمة تسببت بخسائر الطيران العُماني لمبالغ ضخمة وصلت إلى 1.3 مليار ريال عماني (3,37 مليارات دولار) خلال الفترة الزمنية المذكورة آنفاً.

ويظهر التقرير المنشور في فبراير 2021، أن “الطيران العماني” قام بشراء 49 طائرة بنحو 838 مليون ريال (2,17 مليارات دولار)، خلال الفترة من 2007 إلى 2019، دون إعداد دراسة جدوى وتحديد وجهات التشغيل، حيث تم تشغيل الطائرات بوجهات غير مربحة، نجمت عنها خسائر مالية كبيرة.

وبين التقرير أن إجمالي المبالغ التي تم تحصيلها واستردادها خلال الخطة الخمسية التاسعة 580 مليون ريال عماني (1,5 مليار دولار).

وفي يناير 2020، تم شطب خسائر متراكمة على شركة الطيران العماني وعدد من الأصول التابعة لها؛ في خطوة وصفها وكيل وزارة المالية العمانية -آنذاك- محمد جواد حسن، بأنها تتماشى مع المعايير المحاسبية الدولية، وتهدف إلى وضع الشركة في موقف مالي يسمح لها بالحصول على تمويل.

وقامت الشركة خلال الفترة الماضية بتخفيض نفقاتها بشكل كبير؛ على غرار الاستغناء عن مجموعة كبيرة من الموظفين الأجانب، وسط توقعات بأن يكون هناك تخفيض لحجم أسطول الطيران العُماني، وفق وسائل إعلام محلية.

نفقات عالية

ويقول احد الخبراء الاقتصاديين على أنه من غير المقبول على الإطلاق أن تستغل شركة الطيران العماني تكبد الدولة الخسائر المالية سنوياً بسبب ما وصفه بـ “سوء الإدارة وارتكاب المخالفات والتجاوزات المالية التي بلا شك تُعمق الجراح وتضاعف من الخسائر”.

وتساءل عن أسباب السيطرة على بعض المناصب العليا في الشركة ومدى تأثيرها السلبي في اتخاذ القرارات، ومدى خضوع عقود المباني والمناقصات لنظام المناقصات وفق الطرق القانونية السليمة التي تبعد الشبهات والريبة عنها.

وحول الأموال التي تستنزف ميزانية السلطنة من خلال “الطيران العُماني”، بين الخبير أن مشروع صالة رجال الأعمال في المطار، الذي نفذته إحدى الشركات، بلغت الأوامر التغييرية فيه مليون ريال عماني (2,6 مليون دولار)، وهو مبلغ يتجاوز القيمة الأصلية للمشروع.

كما أصدرت الشركة- قرارات التعيين لموظفين على درجات وبرواتب بخلاف الشروط والأوضاع المحددة، وتمت ترقيتهم في غضون ثمانية أشهر من تعيينهم، واصفاً الحدث بأنه “ضرب بعرض الحائط مبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين في شغل الوظائف العامة”.

في الجهة المقابلة نفت شركة الطيران العُماني وقوع مخالفات جرى تداولها على مواقع التواصل بشأن ترقيات مخالفة للقانون، وقالت إن هذه المزاعم لا صحة لها.

ووفقاً لصحيفة “الرؤية” المحلية، أواخر مارس المنقضي، دعت الشركة العُمانية الجميع إلى “أخذ المعلومة من مصدرها الرسمي وتحري الدقة قبل تداولها”.
وأبدت الشركة كذلك “استعدادها التام للتعاون مع كافة الجهات الرقابية المختصة للتحقق حول ما تم نشره”.

وكانت مواقع التواصل قد تداولت خبراً يزعم أنه نقل عن أحد أعضاء مجلس الشورى، ويشير إلى ترقية أحد موظفي الشركة 3 مرات خلال عام واحد من خلال الاستثناء، ليرتفع راتبه الشهري من 1500 إلى 8500 ريال (3900 إلى 22 ألف دولار).

تدخل سريع
وأمام هذه التطورات المتلاحقة أعلن وزير النقل والاتصالات وتقنية المعلومات العُماني سعيد المعولي، في مارس الماضي، توليه رئاسة مجلس إدارة الطيران العُماني، كحالة خاصة بموجب توجيهات من جلالة السلطان هيثم بن طارق.

وإلى جانب المهمة التي أوكلت للوزير، أكد أن جلالة السلطان هيثم أمر بجلب وتعيين استشاري متخصص ينظر في حال الطيران العماني، وقد تم تعيينه، وفق قوله.
ولفت إلى أن الاستشاري سيعمل 3 أشهر مبدئياً للخروج بأول تقرير يرسم خريطة الطريق للعمل مع الإدارة التنفيذية وتطوير العمل وتحسين أداء الشركة.

وخلال جلسة لمجلس الشورى، شدد المعولي على أن الوزارة تعمل على دراسة لـ “استراتيجية الخروج بما يحسن أداء شركة الطيران العماني”.

وأقر المعولي بأن أداء شركة الطيران العُماني غير مرضٍ، ولكن هناك رغبة من مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية وكذلك جهاز الاستثمار في تحسين أدائها.
ولمواجهة زيادة النفقات بين أن سلطنة عمان فصلت إيرادات شركة الطيران عن شركات المطارات والعبور وغيرها.

إدارة جديدة
ويري احد الخبراء الاقتصاديين أن نجاح إعادة هيكلة قطاع الطيران العُماني يحتاج إلى ضخ دماء جديدة في قيادات الإدارة تمتلك خبرة واسعة بالعمل بعيداً عن الحكومة.

ويشدد على أن “نجاح قطاع الطيران في سلطنة عُمان يحتاج إلى تخصيصه لشركة خاصة بشكل كامل بنسبة 100%، حيث تتولى أعمالاً إضافية؛ كاستيراد قطع الغيار المباشر بإشراف الشركة وليس بالعطاءات الحكومية، وتتم عملية الصيانة وفق كفاءاتها الخاصة”.

ويشير إلى أن تحويل الطيران العُماني إلى شركة خاصة سيخلق موظفين جدداً مختلفين عن موظفي القطاع الحكومي، مبيناً أن موظف القطاع الخاص يكون أكثر إنتاجاً وجودة من الموظف الحكومي.

ويوضح أن قطاع الطيران العُماني الحالي يشهد بيروقراطية في الإدارة واتخاذ القرارات، لذلك يحتاج نجاحه إلى ضخ أموال كثيرة بهدف تنويع مصادره.

ويبين أن قطاع الطيران حالياً غير مستقل ومرتبط بشركات أخرى، ونجاحه يحتاج إلى الاستثمار بكافة جوانب الطيران، وإعطائه الحرية بذلك، بما فيها إشرافه على الصيانة الدورية للطائرات.

ومن المتوقع  أن تعمل السلطات العُمانية على بيع حصة الحكومة في الطيران العُماني، أو طرحه للاكتتاب العام من أجل تفادي الخسائر الاقتصادية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى