مقالات اقتصادية

متى يظهر أول “تريليونير” في العالم؟

كتب أسامة صالح

يوما بعد آخر تتزايد ثروات أغنياء العالم، ومع كل مرحلة زمنية يترقب الجميع كسر حاجز معين من قبل الأثرياء، كان آخرها حاجز الـ200 مليار دولار.. فمتى يظهر “أول تريليونير في العالم”.

الآن ومع تضخم الثروات، وتنامي أموال أغنياء العالم بسرعة كبيرة، يترقب كل المهتمين بالاقتصاد في العالم لحظة ظهور أول شخص يحمل لقب “أول تريليونير في العالم”.

متى وكيف سيظهر أول تريليونير؟

متى يظهر أول "تريليونير" في العالم؟

الرقم يبدو كبيرا، فهو أكبر من ميزانيات عدة دول مجتمعة، لكن الوصول إليه من قبل شخص واحد لم يعد صعب المنال، وهذا ما كشف عنه تقرير منظمة “أوكسفام”، حول عدم المساواة وقوة الشركات العالمية.

التقرير يرى أنه في الوقت الذي تعمل فيه الشركات، والمليارديرات على زيادة ثرواتهم بمعدلات مذهلة يعاني الملايين من الفقراء حول العالم من تداعيات ذلك حول حياتهم ومستوى معيشتهم.

تقرير منظمة أوكسفام الجديد، الذي يحمل عنوان “Inequality Inc”، يكشف التفاوت بين الأثرياء وبقية المجتمع، فمنذ عام 2020، أصبح 5 مليارات شخص أكثر فقرا، في حين تضاعفت ثروات أغنى 5 رجال في العالم، بمعدل 14 مليون دولار في الساعة، لهذا أصبح توقع ظهور أول تريليونير في العالم منطقيا.

من ناحية أخرى، يواجه الناس في مختلف أنحاء العالم أزمة تكاليف المعيشة المطولة، والتغير المناخي، والصراعات، والنزاعات المسلحة، ولا يزال الكثيرون يعانون من الوباء ويعملون لساعات أطول، وغالبا ما يحصلون على أجور زهيدة في وظائف غير مستقرة وغير آمنة.

عدم المساواة في الدخل

وتعمل الشركات على تفاقم عدم المساواة من خلال بعض الممارسات، منها توليد عدم المساواة في الدخل، حيث تستخدم الشركات نفوذها لمعارضة قوانين العمل والسياسات التي تفيد العمال، فقط 0.4% من أكبر الشركات في العالم ملتزمة علنا بدفع أجر معيشي للعمال، ودعم الأجر المعيشي في سلاسل القيمة الخاصة بها.

وبينما ترتفع أرباح الشركات إلى عنان السماء، فشلت أجور ما يقرب من 800 مليون عامل في مختلف أنحاء العالم في مواكبة التضخم، الأمر الذي أدى إلى خسارة هؤلاء العمال نحو 1.5 تريليون دولار على مدى العامين الماضيين.

عدم المساواة العرقية

متى يظهر أول "تريليونير" في العالم؟

يكشف هذا التقرير كيف تستغل قوة الشركات وتضخم عدم المساواة العرقية، وتتمثل أحد هذه الطرق في الخصخصة، التي تؤدي إلى تعزيز عدم المساواة خاصة على أساس العرق والطبقة والطائفة والجنس.

وتعمل الخصخصة على صعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والتعليم، مما يؤدي إلى استبعاد وإفقار أولئك الذين لا يستطيعون الدفع.

وتؤدي قوة الشركات أيضا إلى انهيار المناخ، مما يؤدي إلى تفاقم عدم المساواة، مما يضع عبئا على السكان الأصليين، والنساء، والأشخاص ذوي الدخل المنخفض.

يمتلك العديد من مليارديرات العالم العمليات التي تولد التلوث الكربوني، في حين يعاني الناس في البلدان المنخفضة الدخل التي تنتج أقل قدرا من التلوث المناخي من العواقب الأعظم.

أرباح المليارديرات

متى يظهر أول "تريليونير" في العالم؟

يكافح مئات الملايين من الناس لمواكبة تكاليف المعيشة؛ وفي الوقت نفسه، أصبح المليارديرات أكثر ثراء بمقدار 3.3 تريليون دولار عما كانوا عليه في عام 2020، وهذا ليس من قبيل الصدفة.

عندما قام تقرير أوكسفام بتحليل أكبر الشركات في العالم، وجد أن مليارديرا يديرها أو المساهم الرئيسي في 7 من أصل 10 منها، حيث إن أغنى 1% يمتلكون 43% من جميع الأصول المالية العالمية، لهذا يتوقع التقرير ظهور أول تريليونير في العالم خلال عقد من الزمن.

وإذا تم هيكلة الشركات بشكل أكثر ديمقراطية، فقد يؤدي ذلك إلى الحد بشكل كبير من عدم المساواة.

الحرب على الضرائب

يبين تقرير منظمة أوكسفام كيف أدت “الحرب على الضرائب” التي تشنها الشركات إلى انخفاض معدل الضريبة الفعلي على الشركات بنحو الثلث في العقود الأخيرة، مع دفع العديد من الشركات الكبرى لا شيء تقريبا في عام 2018، وخلال نفس الفترة، حققت العديد من الشركات أرباحا قياسية.

هذا التهرب الضريبي يكلف المجتمع،  وللتعويض عن خسارة الإيرادات الضريبية من الشركات وأصحابها الأثرياء، خفضت الحكومات الخدمات العامة، واعتمدت بشكل متزايد على الضرائب التنازلية على السلع والخدمات، والتي تقع بشكل غير متناسب على الأسر ذات الدخل المنخفض.

احتكارات النخبة

وتلعب هذه الاحتكارات دورا هائلا في تشكيل حياة الناس العاديين في جميع أنحاء العالم، بدءا من التأثير على مقدار الأجور، إلى الأطعمة التي التي نستطيع تحمل تكاليفها، والأدوية التي يمكننا الحصول عليها.

من خلال السماح للاحتكارات بالازدهار، تعمل الحكومات على تمكين عدد صغير من الشركات من ممارسة نفوذ غير عادي على الاقتصادات والسياسة.

استعمار جديد

يشير التقرير إلى أن العديد من أثرياء العالم في البلدان التي كانت ذات يوم قوى استعمارية عظمى، وتستمر العلاقات الاستعمارية الجديدة، مما يؤدي إلى إدامة الاختلالات الاقتصادية.

ومن المقرر أن تدفع البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل ما يقرب من نصف مليار دولار أمريكي يوميا كفوائد ومدفوعات ديون من الآن، وحتى عام 2029، وسوف يتعين عليها إجراء تخفيضات حادة في الإنفاق حتى تتمكن من السداد لدائنيها.

أول تريليونير في العالم

متى يظهر أول "تريليونير" في العالم؟

تتوقع منظمة أوكسفام أن العالم يمكن أن يكون لديه أول تريليونير على الإطلاق خلال عقد من الزمن فقط، وفي الوقت نفسه، يتزايد الفقر. بالمعدل الحالي، سيستغرق القضاء على الفقر 230 عاما.

ويواجه زعماء العالم خيارا أساسيا، إما أن يسمحوا لعصر تفوق المليارديرات بالازدهار، أو يمكنهم أن يفعلوا ما هو أفضل للجميع، وأن يحولوا اقتصادات بلادهم لتصبح أكثر إنصافا وكرامة.

ومن الممكن أن تفعل الحكومات شيئاً حيال ذلك.. ففي الولايات المتحدة، تم إدخال إصلاحات لتفكيك الاحتكارات، وإبقاء قوة الشركات في صفها.. وإذا فعلنا ذلك من قبل، يمكننا أن نفعل ذلك مرة أخرى.

وتشير تقديرات منظمة أوكسفام إلى أن ضريبة الثروة على أصحاب الملايين، والمليارات في العالم يمكن أن تولد 1.8 تريليون دولار سنويا. ويمكن استخدام هذه الأموال للاستثمار في الخدمات العامة، والبنية التحتية، ودعم مبادرات العمل المناخي التي يمكن أن تعمل على تحسين حياة الجميع، وليس فقط حياة الأثرياء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى