اقتصاد دولي

ما الذي يعنيه إنهاء اتفاق الحبوب الأوكرانية بالنسبة للعالم وأثره على التضخم؟

“ملايين الأشخاص حول العالم سيدفعون الثمن”، بهذه العبارة وصف الأمين العام للأمم المتحدة تداعيات إنهاء اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية.

 

ويثير قرار روسيا بالانسحاب من اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود المخاوف بشأن ارتفاع أسعار الغذاء عالمياً وعودة التضخم للتسارع مجددًا، وما قد يترتب على ذلك من تغيير خطط البنوك المركزية.

 

انسحاب وهجمات عنيفة

 

– انسحبت روسيا من اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، بعد أن رفضت تمديده عقب وصول الاتفاق إلى نهايته المحددة في السابع عشر من يوليو الجاري.

 

– الاتفاق تم التوصل إليه لأول مرة في يوليو 2022 للسماح بالتصدير الآمن للحبوب الأوكرانية من خلال البحر الأسود.

 

– كانت مدة الاتفاق الأول 120 يومًا، قبل أن يتم تمديده لنفس المدة في نوفمبر الماضي، بينما جاء التجديد مرة ثانية وثالثة للاتفاق لفترة 60 يومًا وانتهى ذلك في السابع عشر من يوليو الحالي.

 

– بررت موسكو قرارها بأن مطالبها لتحسين صادراتها من الغذاء والأسمدة لم يتم الاستجابة لها، كما أنه لم تصل كميات كافية من الحبوب الأوكرانية إلى الدول الأكثر فقرًا.

 

– رغم أن صادرات روسيا من الحبوب والأسمدة لم تتعرض للعقوبات الغربية، فإن موسكو أشارت إلى وجود قيود على المدفوعات والأمور اللوجيستية والتأمين ما شكل عوائق على الشحنات.

 

– كما يعد أحد المطالب الرئيسية لروسيا هو إعادة ربط البنك الزراعي الروسي “روسيلخزبانك” بنظام المدفوعات الدولي “سويفت”، بعد أن قام الاتحاد الأوروبي بفصل البنك عن هذا النظام في يونيو 2022.

 

 

– لم تكتف روسيا بالانسحاب من الاتفاق، لكنها قمت بهجمات جوية عنيفة ضد مخازن الحبوب الأوكرانية والبنية التحتية في مدينة أوديسا الساحلية.

 

– حذرت روسيا من أنها ستعتبر كل السفن التي تمر في البحر الأسود للموانئ الأوكرانية أهدافا عسكرية محتملة، وهو نفس التهديد الذي أعلنته أوكرانيا فيما يتعلق بالسفن الروسية.

 

– وتكمن أهمية أوكرانيا لسوق الحبوب العالمية من حقيقة أنها كانت قبل الحرب تمثل خامس أكبر مصدر للقمح في العالم، لتشكل نحو 10% من الصادرات العالمية.

 

استجابة الأسواق لانهيار الاتفاق

 

– ارتفعت أسعار القمح في بورصة شيكاغو بشكل قوي وصل إلى 9% في نفس اليوم الذي شهد خروج روسيا من الاتفاق، قبل أن تقلص صعودها لاحقًا.

 

 

– في الجلسات الثلاث التالية لقرار الانسحاب ارتفع سعر القمح بإجمالي يتجاوز 10%، لكنه تحول للهبوط في تعاملات يوم الجمعة بنحو 4%.

 

– أنهت العقود الآجلة للقمح تعاملات الأسبوع الماضي بصعود يتجاوز 5%.

 

– سجلت سلع زراعية أخرى مثل الذرة والصويا ارتفاعات ملحوظة بعد القرار الروسي بالانسحاب من الاتفاق.

 

– شهد سوق السلع الزراعية في الأسبوع الماضي حالة من التقلبات القوية، مع تقييم المستثمرين لتداعيات إنهاء الاتفاق ومدى إمكانية استئنافه لاحقًا في حال الاستجابة للمطالب الروسية.

 

ما الذي حققه الاتفاق؟

 

– خلال عام تقريبًا من سريان الاتفاق، تم تصدير إجمالي 32.8 مليون طن من الحبوب والمواد الغذائية من الموانئ الأوكرانية الثلاثة المحددة بموجب المبادرة.

 

– قامت السفن بـ1003 رحلات من الموانئ الأوكرانية منذ إقرار الاتفاق في يوليو 2022.

 

– تم تصدير الحبوب والمواد الغذائية إلى 45 دولة في 3 قارات، 46% منها اتجهت إلى آسيا، و40% إلى أوروبا الغربية، و12% إلى إفريقيا، و1% فحسب إلى شرق أوروبا.

 

– تصدرت الذرة قائمة السلع الأولية التي تم تصديرها بموجب الاتفاق بنحو 51%، يليها القمح 27%، ثم دقيق دوار الشمس 6%، وزيت دوار الشمس 5%، والشعير 4%.

 

– %90 من الذرة و60% من القمح الذي تم تصديره ضمن الاتفاق توجه إلى الدول مرتفعة الدخل وتلك التي في الفئة العليا من الدخل المتوسط.

 

– أظهرت بيانات منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو” هبوطاً شهرياً مستمرًا في أسعار الغذاء على مدى العام الماضي، لتتراجع بنحو 23% منذ الذروة المسجلة في مارس 2022.

 

 

– بلغ مؤشر “الفاو” لأسعار الغذاء العالمي مستوى 123.3 نقطة في يونيو 2023، وهو أدنى مستوى منذ أبريل 2021، مقابل 140.4 نقطة في يوليو 2022 حينما بدأت المبادرة للمرة الأولى.

 

– سمحت المبادرة لبرنامج الغذء العالمي بنقل أكثر من 725 ألف طن من القمح لمساعدة المحتاجين في أفغانستان وإثيوبيا وكينيا والصومال والسودان واليمن، كما قدمت أوكرانيا أكثر من نصف حبوب القمح لبرنامج الغذاء العالم في عام 2022.

 

– أسعار الحبوب تراجعت بنحو 35% خلال فترة الاتفاق، كما انخفضت أسعار القمح بنحو 54% من القمة القياسية المسجلة في مارس 2022 بعد الغزو الروسي لأوكرانيا.

 

– كما لا تزال أسعار الذرة أقل من ذروتها في عشرة أعوام والمسجلة في أبريل 2022 بنحو 37%.

 

انتقادات وتحذيرات

 

– يهدد نقص إمدادات الغذاء بآثار سلبية على ملايين الأشخاص حول العالم، خاصة الفئات الأكثر فقرًا.

 

– اتهم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي “جوزيف بوريل” روسيا بإثارة أزمة إمدادات غذائية عالمية.

 

– حذر الأمين العام للأمم المتحدة “أنطونيو غوتيرش” من أن مئات الملايين من الناس سيواجهون خطر الجوع نتيجة قرار روسيا.

 

– قال مسؤول المساعدات في الأمم المتحدة “مارتن جريفيث”: “البعض سيتضور جوعًا، وقد يموت الكثير نتيجة لهذه القرارات، هناك نحو 362 مليون شخص في 69 دولة يحتاجون إلى مساعدات إنسانية”.

 

– يضاف اشتعال التوترات في البحر الأسود إلى مخاطر أخرى في أسواق الحبوب العالمية.

 

 

– تهدد الموجة الحارة محاصيل الذرة في جنوب أوروبا، بالإضافة إلى الجفاف الذي يؤثر على محاصيل الذرة وفول الصويا في الولايات المتحدة.

 

– الولايات المتحدة تشهد طقساً حاراً وضعف الأمطار، ما تسبب في خفض التوقعات لموسم حصاد القمح، مع هبوط المخزونات لأدنى مستوى في 16 عاما.

 

– أضافت الهند أيضًا إلى صدمة الإمدادات الغذائية بقرار حظر بعض صادراتها من الأرز.

 

– على جانب آخر، تسبب ارتفاع أسعار العقود الآجلة للحبوب بعد قرار روسيا في مخاوف من استمرار صعود التكاليف، في الوقت الذي كان قد بدأ فيه تضخم الغذاء في التباطؤ في الاقتصادات الكبرى.

 

– ساهم تراجع أسعار الغذاء خلال الأشهر الماضية في تهدئة وتيرة التضخم في معظم الدول حول العالم، ما رفع الآمال بقرب نهاية معركة البنوك المركزية للسيطرة على الأسعار.

 

– لكن من شأن إنهاء الاتفاق وارتفاع أسعار الغذاء عالمياً أن يدفع التضخم إلى التسارع مجددًا، ما يهدد التوقعات الحالية بقرب نهاية دورة رفع معدلات الفائدة.

 

– حذر صندوق النقد الدولي من أن انسحاب روسيا من الاتفاق يفاقم آفاق عدم الأمن الغذائي ويخاطر بتضخم الغذاء العالمي وخاصة بالنسبة للبلدان منخفضة الدخل.

 

 

بدائل محتملة؟

 

– أثار هبوط العقود الآجلة للقمح بأكثر من 4% يوم الجمعة التكهنات بشأن هدوء المخاوف المرتبطة بالإمدادات من أوكرانيا.

 

– أعادت الأسواق النظر في المخاوف بشأن انقطاع إمدادات الحبوب من المنطقة، بالنظر إلى وجود مستويات جيدة من مخزونات القمح العالمية.

 

– كما يمكن لأوكرانيا التحول لتصدير الحبوب من بدائل أخرى مثل القطارات، بدلًا من الاعتماد على موانئ البحر الأسود مثل أوديسا وتشورنومورسك ويوجني.

 

– الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” أشار إلى أنه يأمل في لقاء نظيره الروسي “فيلاديمير بوتين” في الشهر المقبل، في مسعى لاستئناف اتفاق تصدير الحبوب، مطالبًا الدول الغربية بدراسة المطالب الروسية.

 

– قال “سيمون إيفينيت” أستاذ الاقتصاد في جامعة “سانت غالن” إن ما يهم الآن هو ما إذا كانت روسيا ستقوم باستخدام صادراتها من القمح كسلاح، بالنظر إلى أن موسكو خلال الموسمين الماضي والحالي للحصاد كانت أكبر مورد للقمح حول العالم بصادرات تقارب 4.5 مليون طن متري.

 

– يرى “كارلوس ميرا” رئيس أسواق السلع الزراعية في بنك “رابوبنك” الهولندي أن أوكرانيا ستضطر الآن إلى تصدير معظم الحبوب عبر حدودها البرية وموانئ الدانوب، ما سيرفع تكاليف النقل بشكل كبير.

 

المصادر:أرقام – الأمم المتحدة – المنتدى الاقتصادي العالمي – الفاو – إس آند بي جلوبال – الجارديان – بلومبرج – رويترز – سي إن بي سي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى