مقالات اقتصادية

الشركات الأمريكية مشوشة .. فريق يتوقع الركود وفريق يستبعده

كتب أسامة صالح 

نقسم كبار المسؤولين التنفيذيين في الشركات الأمريكية بحدة حول فرص إفلات البلاد من الركود، في وقت تؤدي فيه الإشارات المتضاربة بشأن أسعار الفائدة، وأسواق العمل، والإنفاق الاستهلاكي إلى تشويش توقعات مجتمع الأعمال لعام 2023.

في منتصف موسم أرباح الربع الرابع، المستثمرون الذين كانوا يأملون في الحصول على إشارة واضحة على آفاق الاقتصاد الأمريكي من أكبر شركاته، أصيبوا بحالة من بالإحباط.

شركات مثل: فورد وماكدونالدز ويو بي إس ويو إس بانكورب أبلغت المستثمرين أنها تستعد على الأقل لركود معتدل في الولايات المتحدة. وذهب إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، إلى أبعد من ذلك، حين أخبر المحللين الأسبوع الماضي أن شركة صناعة السيارات ستواجه ربما “ركودا صعبا للغاية”.

لكن حتى مع إقدام مجموعات التكنولوجيا الكبرى مثل ألفابت على خفض التكاليف في مواجهة تباطؤ الإعلانات، أكدت شركات أخرى، بما فيها أمريكان إكسبرس وجنرال موتورز، أنها تتوقع أن تتجنب الولايات المتحدة أي انكماش خطير.

وقالت “كاتربيلر”، مجموعة الآلات الصناعية التي تعد رائدة اقتصاديا، إن سوقها في الولايات المتحدة “لا تزال قوية نسبيا حتى الآن”.

وبحسب داني باتشمان، خبير التنبؤات الاقتصادية الأمريكية في شركة ديلويت: “حتى الآن، من الآمن أن نقول إن الركود هو في الأغلب في أذهان الناس”، مشيرا إلى أن “بيانات المعنويات كانت سلبية للغاية حتى مع أن النشاط الاقتصادي الفعلي – كما يتم قياسه من خلال مكاسب الوظائف والإنتاج الصناعي ومبيعات التجزئة – لا يزال يشير إلى النمو”. وهو يتوقع نموا بطيئا للغاية، مع عدم وجود ركود في النصف الأول من هذا العام.

حالة الانقسام في أكبر اقتصاد في العالم تأتي في وقت أبطأ فيه الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي وتيرة زيادات أخيرة في أسعار الفائدة، مع الإشارة إلى أنه لا يزال يتعين عليه رفع تكاليف الاقتراض بشكل أكبر لترويض التضخم.

وتتزايد الدلائل على تباطؤ النمو.

أظهر تقرير مؤسسة سلاسل التوريد “آي إس إم” هذا الأسبوع، أن نشاط التصنيع انكمش للشهر الثالث في كانون الثاني (يناير). ويتوقع صندوق النقد الدولي الآن أن ينخفض النمو في الولايات المتحدة من 2 في المائة العام الماضي إلى 1.4 في المائة في 2023.

وقد أعرب مسؤولون تنفيذيون في مجموعة من الصناعات عن مزيد من الحذر بشأن ظروف الاقتصاد الكلي لعدة أشهر.

وفقا لشركة تزويد البيانات ألفا سينس/سنتيو في تشرين الثاني (نوفمبر)، تجاوز عدد الإشارات إلى “الركود”، الواردة في مكالمات الأرباح على لسان الرؤساء التنفيذيين، المستويات المبكرة للجائحة.

فمنذ بداية العام، انتشر فقدان الوظائف من وادي السيليكون إلى وول ستريت. قدرت شركة تشالنجر جراي آند كريسماس للتدريب الخارجي والتنفيذي، أن أرباب العمل في الولايات المتحدة أعلنوا خفض أكثر من 100 ألف وظيفة في يناير، مقارنة بأقل من 44 ألف في ديسمبر و19 ألفا قبل عام.

ألقت شركة باي بال هذا الأسبوع باللوم على “بيئة اقتصاد كلي صعبة” في إعلانها تسريح ألفي موظف.

وقالت شركة فيد إكس، إنها ستخفض 10 في المائة من رتبها العليا لتتماشى بشكل أفضل مع طلبات العملاء. وأشارت شركة إنتل إلى “الرياح المعاكسة للاقتصاد الكلي” لشرح سبب تخفيض رواتب رئيسها التنفيذي والمديرين التنفيذيين وغير التنفيذيين.

رغم ذلك، تأتي هذه الإعلانات في أعقاب سلسلة من عمليات التوظيف فاقت التوقعات. وجد تقرير لوزارة العمل هذا الأسبوع أن البلاد كان لديها 11 مليون وظيفة شاغرة في نهاية 2022، ارتفاعا من 10.46 مليون في نوفمبر. وتحدى أرباب العمل الأمريكيون التوقعات بإضافة 517 ألف وظيفة في يناير، أي نحو ضعفي رقم ديسمبر.

“الارتياب الناتج عن الجائحة بدأ مع أرباب العمل الذين يتذكرون مدى صعوبة إعادة العاملين. لذا (…) على الرغم مما نراه في العناوين الرئيسة بشأن تسريح العاملين، إلا أنه لا يزال دون المعايير التاريخية”، بحسب بيكي فرانكوفيتش، رئيس شركة مان باور للتوظيف.

قال ساشين ميهرا، المدير المالي لشركة ماستركارد الأسبوع الماضي، إن سوق العمل القوية هذه ستستمر في دعم الإنفاق الاستهلاكي في 2023.

ورددت ماكدونالدز وموندليز إنترناشونال صدى وصف ميهرا للمستهلك الأمريكي بأنه “مرن”، حيث انضمت سلسلة البرجر إلى شركة بروكتر آند جامبل في القول إنها لا ترى سوى قليل من الأدلة على أن عملاءها يختارون بدائل أرخص. وبدلا من التحول إلى هذه الخيارات الأرخص، قالت ستاربكس: إن عملاءها أنفقوا متوسط مبلغ قياسي لكل زيارة في ديسمبر.

ورغم ذلك، عززت شركات أخرى رسالة واردة من استطلاعات آراء المستهلكين تظهر أن الأمريكيين أصبحوا أكثر حذرا بشأن الإنفاق التقديري، خاصة على البضائع وليس الخدمات مثل السفر وتناول الطعام في الخارج.

وبينما أشار اقتصاديون في بنك مورجان ستانلي إلى كيفية استنزاف المستهلكين “الذين يشدون الأحزمة” للمدخرات الزائدة التي راكموها في وقت مبكر من الجائحة، وصفت شركة هانز براند للملابس الطلب أنه “صامت”.

فاسانت برابهو، المدير المالي لشركة فيزا، قال للمحللين الأسبوع الماضي: “على صعيد إجمالي الإنفاق، هناك استقرار ملحوظ”. أضاف: “ما يحدث هو أنه مع تباطؤ الإنفاق على البضائع قليلا، تحسن وضع الإنفاق على الخدمات، لقد حول المستهلكون إنفاقهم فقط، لكنهم ينفقون المبالغ نفسها”.

ظهرت رسالة أكثر تشاؤما من الشركات المكشوفة لسوق الإسكان التي تتباطأ بسبب ارتفاع معدلات الرهن العقاري. شركة شيروين-ويليامز، إحدى أكبر شركات الدهانات الأمريكية، ذكرت الأسبوع الماضي أنها شهدت “بيئة طلب صعبة للغاية”.

قال جون موريكيس رئيسها التنفيذي، مع قصر مدى الرؤية بعد الأشهر الستة الأولى من العام “تظل حالتنا الأساسية في 2023 هي الاستعداد للأسوأ”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى