اقتصاد دولي

شركات بريطانية لا تزال تتعاون مع الروس رغم حرب أوكرانيا

واصل المصنعون البريطانيون تزويد روسيا بالمعدات الصناعية الرئيسة على رغم حربها في أوكرانيا، وفقاً لتحليل البيانات التجاري، فبعد بدء الهجوم الروسي في فبراير (شباط) من العام الماضي، سارع عديد من المصنعين البريطانيين نحو إنهاء علاقاتهم التجارية مع روسيا، وأدخلت الحكومة ما وصفته بـ”القيود الشاملة” على المواد التي يمكن تصديرها إلى روسيا مع التركيز على المناطق التي توفر كبرى المكاسب الضريبية لـ”الكرملين”.

وعلى رغم ادعاءات الحكومة البريطانية بأن هذه القيود هي “أشد العقوبات الاقتصادية التي فرضت على اقتصاد كبير على الإطلاق”، فإن البيانات التجارية التي حصلت عليها صحيفة “التايمز” ومجموعة “داتا ديسك” الاستقصائية، تظهر أنه لا يزال يسمح للشركات البريطانية بتصدير المعدات المهمة للوقود الأحفوري والتعدين في روسيا الصناعات.

لطالما طمأنت شركة “هيل أند سميث”، وهي شركة مدرجة على مؤشر “فوتسي 250” الذي يتكون من أكبر 350 شركة مدرجة في بورصة لندن، مستثمريها بأن لديها حداً أدنى من التعرض لروسيا، وذكرت المجموعة في حساباتها للعام الماضي 2022، أن “ليس لديها عملاء أو موردون روسيون مباشرون حاليون”.

ومع ذلك، تظهر بيانات التصدير بحسب الصحيفة، أن إحدى الشركات الهندية التابعة للشركة، “بيرغن بايب سوبورتس برايفت ليمتد”، تواصل توريد دعامات الأنابيب (المعدات المستخدمة في تعليق خطوط أنابيب الغاز) إلى الشركة الروسية “أركتيك أل أن جي 2” للغاز الطبيعي المسال، وشكل هذا جزءاً كبيراً من تجارة التصدير للشركة الفرعية منذ الحرب الروسية على أوكرانيا بحسب ما أظهرته بيانات الاستيراد والتصدير.

وتمتلك شركة “أركتيك أل أن جي 2” حقوق استخراج وتصدير برنامج روسي للغاز الطبيعي المسال بقيمة 21.3 مليار دولار يتم تطويره في القطب الشمالي، في حين أن المشروع بأكمله مملوك لشركة “نوفاتيك”، ثاني أكبر مزود للغاز الطبيعي في روسيا.

وضعت شركة “نوفاتيك” على قائمة العقوبات القطاعية من قبل وزارة الخزانة الأميركية في أعقاب ضم القرم عام 2014، ولا تخضع الشركة حالياً لعقوبات المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي.

دعم الصناعات الروسية

ويبدو أن الشركات الأخرى الموجودة في المملكة المتحدة تقدم أيضاً معدات لروسيا يمكن أن تدعم صناعاتها الاستخراجية الرئيسة.

وتعد “دنلوب أويل آند مارين”، ومقرها في غريمسبي، نفسها “رائدة عالمية في تصميم وتصنيع وتوريد خراطيم النفط والغاز والبتروكيماويات وصناعات الحفر”. وهي مملوكة لشركة “كونتيننتال”، وهي شركة ألمانية متعددة الجنسيات لتصنيع قطع غيار السيارات، ووفقاً لبيانات التصدير، قامت “دنلوب” بتوريد خراطيم زيت المطاط إلى اتحاد خطوط أنابيب بحر قزوين.

ومن بين المساهمين الرئيسين في التحالف شركتا الطاقة الروسيتان “لوك أويل” و”ترانزنفت”، جنباً إلى جنب مع شركتي النفط العملاقين الأميركيتين “شيفرون” و”إيكسون موبايل”، إذ ينقل خط الأنابيب مزيجاً من النفط الكازاخستاني والروسي إلى ميناء نوفوروسيسك الروسي على البحر الأسود للتصدير، مع الإشارة إلى أن مشروع خط أنابيب بحر قزوين لا يخضع لعقوبات التصدير لأنه ليس مملوكاً لروسيا بالغالبية.

مورد آخر أبرزته البيانات هو” أيون ساينس”، وهي شركة صغيرة مقرها فاولمير، كمبريدجشير، التي تصف نفسها بأنها الشركة الرائدة في مجال معدات الكشف عن الغاز وأجهزة استشعار الغاز، المستخدمة على نطاق واسع في صناعة التعدين، ووفقاً لبيانات التصدير، تقوم الشركة بشحن “أجهزة إلكترونية لاستخدامها في صناعة المعادن” إلى روسيا عبر مالطا.

وقال متحدث باسم شركة “كونتيننتال” للصحيفة، إنه اعتباراً من مايو (أيار) من هذا العام، قامت بتجريد غالبية أنشطتها في روسيا، ولكن في حالة واحدة، كان على الشركة المصنعة الوفاء بعقد العميل الحالي الذي امتثل في وقت تنفيذه لجميع العقوبات والأحكام القانونية المعمول بها.

وأضاف المتحدث أن الشركة لا تصدر حالياً أياً من منتجاتها للعملاء في روسيا ولا تستورد منتجات من روسيا.

وقال متحدث باسم “هيل آند سميث” إنها والشركات التابعة لها لم تتاجر أبداً بشكل مباشر مع “نوفاتيك” أو لديها عمليات من أي نوع في روسيا، وإن المجموعة ليس لديها تعرض مباشر للعملاء في روسيا مقابل تعرض غير مباشر ضئيل.

كما تواجه شركة “هيل آند سميث” وهي أحدث شركة كبرى مدرجة في المملكة المتحدة اليوم أسئلة حول صلاتها بروسيا.

شركات انسحبت وأخرى باقية

في حين زعمت الحكومة البريطانية بأن عقوباتها هي “الأشد صرامة على الإطلاق على اقتصاد كبير”، إلا أن البيانات التجارية تظهر أن الشركات البريطانية تمكنت من مواصلة تصدير المعدات الصناعية الرئيسة إلى روسيا، ولا تزال شركات أخرى تتداول هناك.

كما اتخذت الشركات المدرجة مواقف مختلفة بشكل كبير في شأن التعامل مع روسيا بعد بدء الحرب، إذ سارع كثير منهم إلى التخلص من عملياتهم في روسيا لأن استثماراتهم أصبحت “سامة أخلاقياً”.

وأعلنت شركة “بريتيش بيتروليوم”، إحدى الشركات المدرجة في المملكة المتحدة، التي لديها أكبر استثمارات في روسيا، بسرعة أنها ستتخلص من أصولها الروسية، على رغم أن هذه العملية لم تكتمل بعد بشكل كامل.

وكانت شركات أخرى أقل رغبة في الهرب، إذ وجدت دراسة نشرت، الأسبوع الماضي، من قبل كلية ييل للإدارة في الولايات المتحدة أن خمس شركات كبرى مقرها المملكة المتحدة تواصل القيام بأعمال تجارية في روسيا، ومن بين هؤلاء، كانت أربعة في قطاعات الصناعة والطاقة أو الاتصالات، كما رفضت كل من “بيتروفاك” و”جي كي إكس” و”إل أس ماكينزي” الانضمام إلى مقاطعة روسيا، ولا تزال شركة “أنتال إنترناشيونال”، شركة البحث عن الكفاءات العالمية، تقوم بالتجنيد لجميع أنواع الوظائف نيابة عن العملاء في روسيا.

فيما قرر عملاق الاتصالات البريطانية “بريتيش تيليكون غروب”، التي تضم 14 موظفاً في روسيا، الحفاظ على علاقتها مع شركة “روستيلكوم” المدعومة من الدولة بسبب مخاوف من أن الانسحاب قد يعني أن الناس في المملكة المتحدة لن يكونوا قادرين على إجراء مكالمات إلى روسيا.

وتعرضت “يونيليفر” العملاقة للسلع الاستهلاكية المدرجة في مؤشر “فوتسي”، التي تشمل علاماتها التجارية “دوف” و”بن آند جيري” و”مارميت”، لانتقادات على نطاق واسع بسبب بقائها في روسيا، واتهمتها وكالة التصنيف الأخلاقي “مورال ريتينغ إيجينسي” بالانغماس في “دوامة الانحراف”، وأكدت الشركة الأسبوع الماضي أنها ستمتثل لقوانين التجنيد في موسكو، مما يعني أنه يمكن إرسال موظفيها الروس للقتال في أوكرانيا إذا تم استدعاؤهم، وقال الرئيس التنفيذي لشركة “يونيليفر” إن الاستمرار في العمل في روسيا هو الخيار “الأقل سوءاً” بالنسبة إلى الشركة، وأضاف هين شوماتشير، إن التخلي عن الشركة “قد يؤدي إلى تأميمها بالنظر إلى جميع التطورات التي حدثت أخيراً”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى