اقتصاد كويتي

«المركزي»: استقرار نسبي للأسعار.. بفضل «الدعم الحكومي» والأمن الغذائي

أكد بنك الكويت المركزي أن الأسعار في الكويت تشهد استقرارا نسبيا، وأن كل البيانات تؤكد انه إذا ضعفت الاقتصادات في عام 2024، فسيكون ذلك نتيجة السياسات النقدية المتشددة للبنوك المركزية العالمية أكثر مما هو بسبب الحرب الروسية- الأوكرانية.

وتفصيليا، أظهر تقرير حديث صادر عن بنك الكويت المركزي تحت عنوان «لمحة حول التضخم والسياسة النقدية والتمويل المستدام»، أنه من خلال تطورات معدل التضخم في الكويت، يمكن القول بوجود استقرار نسبي للأسعار، ومن أسباب ذلك فعالية سياسات الدعم الحكومية للمواد الغذائية وضمان الأمن الغذائي بعناصره الأربعة التي تتمثل في التوفر، والوصول، والاستخدام والاستقرار.

وتحدث التقرير عن التشديد التدريجي للسياسة النقدية لبنك الكويت المركزي إزاء الموجة التضخمية في الأسعار التي يواجهها الاقتصاد العالمي في الوقت الراهن، والتي بدأت باستجابة السياسة النقدية في الاقتصادات الكبرى لهذه التطورات من خلال تشديد السياسة النقدية ورفع أسعار الفائدة بشكل تدريجي.

أما بالنسبة للاقتصاد الكويتي، فتستلزم الطبيعة المنفتحة للاقتصاد وخلوه من اي قيود على تحركات رؤوس الأموال مع العالم الخارجي من البنك المركزي ان يأخذ في اعتباره أثر التغيرات في أسعار الفائدة على العملات العالمية الرئيسية، والعمل على تخفيف أي انعكاسات سلبية على الاقتصاد المحلي.

وعادة ما يراعي بنك الكويت المركزي عند تحديد سعر الخصم التطورات العالمية، فضلا عن التطورات في الاقتصاد المحلي، وبالتالي فإن أي تعديل لسعر الخصم يأخذ بالاعتبار انعكاسه على الاداء الاقتصادي المحلي، حيث يهدف البنك المركزي من جملة أهدافه الى المحافظة على استقرار الأسعار وتحفيز النمو الاقتصادي.

وتحدث عن آلية عمل هيكل سعر الفائدة على صعيد محفظتي القروض والودائع لدى البنوك المحلية وتدخل بنك الكويت المركزي لتنظيم مستويات السيولة في القطاع المصرفي، مبينا أنها تتأثر في ضوء كون سعر الخصم المعلن عن البنك المركزي يؤثر في الحدود القصوى لأسعار الفائدة على القروض ويلزم البنوك بهذه الحدود القصوى دون ان يكون هناك في المقابل ما يلزم البنوك بحدود قصوى او حدود دنيا لأسعار الفائدة على ودائع العملاء.

ويترتب على ذلك في حال اجراء رفع في سعر الخصم فإنه بإمكان البنوك رفع اسعار الفائدة على القروض ضمن الحدود القصوى، في حين أن سعر الفائدة على الودائع قد لا يرتفع بالضرورة، الأمر الذي يقوم معه «المركزي» وفي اطار عمليات السياسة النقدية، بالتدخل بما يضمن اتساق عمل هيكل اسعار الفائدة لترسيخ جاذبية وتنافسية الودائع بالدينار.

ومن دون التدخل في السوق النقدي من قبل «المركزي»، قد تنشأ تغيرات في مقدار الهامش فيما بين أسعار الفائدة على الدينار وأسعار الفائدة على الدولار في حال اتجاه صعودي لسعر الفائدة على الدولار غير مصحوب بارتفاع مقابل في سعر الفائدة على الودائع بالدينار، وقد يتراجع هذا الهامش لغير صالح الدينار بما ينجم عنه تأثيرات معاكسة على جاذبية وتنافسية الدينار.

وبطبيعة الحال، فإن «المركزي» يرصد المتغيرات لتقدير آثارها على المؤشرات النقدية والمصرفية وحركة تدفق الدينار ومعدلات السيولة، بالإضافة الى انه يأخذ بالاعتبار اهمية استفادة المودعين من اي ارتفاع قد يطرأ على اسعار الفائدة عند قيام البنك المركزي برفع سعر الخصم، ولمعالجة هذا الوضع يقوم بنك الكويت المركزي من خلال عمليات التدخل لتنظيم السيولة في القطاع المصرفي بتحديد اسعار الفائدة على ادوات السياسة النقدية التي يصدرها للبنوك بما يسهم في بناء منحنيات عائد تحفز البنوك على اجراء رفع مقابل لديها في اسعار الفائدة على ودائع العملاء بالدينار، وبما يترتب عليه المحافظة على هامش فائدة لصالح الدينار وتعزيز جاذبيته وتوطينه كمصدر تمويل أساسي لقطاعات الاقتصاد الوطني.

وفي اطار متابعة «المركزي» المتواصلة للأوضاع الاقتصادية محليا وعالميا، وبالإضافة الى التداعيات الجيوسياسية وتوجهات السياسة النقدية في الاقتصادات العالمية، فقد قام منذ مارس 2022 برفع الفائدة 8 مرات.

وقد جاءت تلك القرارات في إطار النهج المتوازن والمتدرج الذي يتبعه البنك لسياسته النقدية الهادفة إلى تكريس الاستقرار النقدي والاستقرار المالي لوحدات القطاع المصرفي والمالي، والمحافظة على تنافسية العملة الوطنية وجاذبيتها كوعاء مجز وموثوق للمدخرات المحلية، وتعزيز الاجواء الداعمة للنمو الاقتصادي المستدام.

النمو في البلدان الناشئة.. يتسارع ببطء

حول المؤشرات لتوجهات السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة، قال «المركزي» يمكن الاستنتاج من خفض صندوق النقد الدولي لتوقعاته للنمو في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في يناير 2023 الى ان النمو هذا العام سيكون أسوأ قبل أن يتعافى مرة اخرى في الاقتصادات المتقدمة، إذ وصل النمو في البلدان الناشئة والفقيرة الى أدنى مستوياته في عام 2022 وهو يتسارع الآن ببطء. وفي المقابل، سيتحسن النمو في عام 2024 بشكل أقل مما كان متوقعا، ومن بين الدول الغنية، سيتعافى النمو في الولايات المتحدة الأميركية قبل منطقة اليورو التي من المتوقع تباطؤه بشكل حاد هذا العام مع تسجيل انكماش صريح في المملكة المتحدة، كما ان التضخم آخذ في الانخفاض، وإن كان ذلك ببطء الى حد ما.

زيادة المخزون.. وتقليص الواردات

تطرق التقرير إلى أن هناك العديد من الأمور تثير القلق وعدم اليقين بشأن الاقتصاد العالمي، فأرقام الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة الأميركية لا تحمل أخبارا سارة، خاصة عندما تلقي نظرة فاحصة بتفاصيل البيانات والمؤشرات الاقتصادية والنقدية، حيث جاء النمو في الربع الرابع من عام 2022 مدفوعا بزيادة الشركات لمخزوناتها بسرعة «أي عدم بيع كل إنتاجها»، وتقليص الواردات، وهذه الممارسات لا تعد من خصائص الازدهار في الاقتصاد الحقيقي، ومن المتوقع ان يتراجع النمو في الاقتصادات المتقدمة خلال عام 2024، وذلك بعد خفض صندوق النقد الدولي لتوقعاته للنمو في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في يناير 2023.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى