اقتصاد دولي

الدولار يعاود رحلة الصعود أمام الجنيه المصري والسوق السوداء تترقب

بعد موجة من الخسائر التي طاردت الدولار خلال الفترة التي أعقبت تعويم الجنيه المصري، عادت الورقة الأميركية الخضراء مجدداً إلى الصعود، وخلال التعاملات الأخيرة، صعد سعر صرف الدولار في البنوك إلى مستوى يتجاوز 47 جنيهاً، وفي المقابل شهدت السوق السوداء ضغوطاً عنيفة مع استمرار البنوك في توفير الدولار للمستوردين، إضافة إلى استمرار السلطات في تضييق الخناق على التجاري والمضاربين.

وخلال التعاملات الأخيرة، ارتفعت أسعار صرف العملات الأجنبية والعربية مقابل الجنيه المصري، إذ ارتفع سعر صرف الدولار ما بين 35 و40 قرشاً شراءً وبيعاً بالبنوك المصرية، ففي أكبر بنكين من حيث الأصول والتعاملات (البنك الأهلي المصري) سجل سعر صرف الدولار 47.73 جنيه للشراء، و47.83 جنيه للبيع، وفي (بنك مصر) سجل 47.75 جنيه للشراء، و47.85 جنيه للبيع.

وفي البنوك الخاصة، سجل سعر الدولار في البنك التجاري الدولي مستوى 47.73 جنيه للشراء، و47.83 جنيه للبيع، ووفي البنك المركزي المصري سجلت متوسطات أسعار الدولار مقابل الجنيه المصري نحو 47.71 جنيه للشراء، و47.85 جنيه للبيع.

في الوقت نفسه توقعت مؤسسة “كابيتال إيكونوميكس” البحثية، أن يحقق الجنيه تراجعاً، في مقابل الدولار ليصل إلى 49 جنيهاً بنهاية العام الحالي من متوسط عند 47 جنيهاً في الوقت الحالي، وأن يواصل التراجع إلى مستوى عند 50 و55 جنيهاً في العامين المقبل، الذي يليه على الترتيب، وتوقعت نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد 2.3 في المئة خلال العام المالي 2023/2024، على أن ينخفض إلى 1.5 في المئة خلال العام المالي المقبل 2024/2025، ويعاود الارتفاع إلى خمسة في المئة خلال العام المالي 2025/2026.

ضغوط شديدة تحاصر نمو الاقتصاد

وذكرت المؤسسة البحثية أن تحول السلطات في مصر إلى سياسة تقليدية على مستوى الاقتصاد الكلي سيضغط بشدة على النمو في السنة المالية الجارية والمقبلة، لكن اعتباراً من السنة المالية 2025/2026، ستبدأ فوائد الإصلاحات الأحدث في الظهور.

بينما على المدى الطويل، توقعت “كابيتال إيكونوميكس” أن يتراوح معدل نمو الاقتصاد المصري ما بين خمسة وسبعة في المئة، موضحة أن “ذلك التحول سيؤدي في الأمد القريب إلى أوجاع اقتصادية”، مستدركة “لكنه من المتوقع أن يرسي الأساس لنمو أقوى للناتج المحلي الإجمالي على نطاق واسع”.

وذكرت أن صفقة رأس الحكمة وخفض البنك المركزي المصري سعر صرف الجنيه وسط دلائل مبكرة على أنه سيسمح له بالتحرك بحرية أكبر، فضلاً عن زيادة الفائدة وإبرام اتفاق مع صندوق النقد الدولي بقيمة ثمانية مليارات دولار، وكذلك الحصول على مساعدات أخرى من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، كل ذلك يشير إلى أن الزخم في مصر يسير في الاتجاه الصحيح.

وقالت إن تلك الصفقات أدت إلى تحسن الوضع المالي الخارجي لمصر، وإن جميع تعهدات الدعم المالي ستولد تدفقاً كبيراً من العملة الأجنبية، مما سيغطي وأكثر إجمالي متطلبات التمويل الخارجي لمصر.

وذكرت أن تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية في أسواق السندات والأسهم المحلية تسارعت، وثمة آمال بأن التحركات التي قامت بها مصر على صعيد السياسة ستعزز الاستثمار المباشر.

وأشارت المؤسسة إلى أن السنوات القليلة المقبلة لن تكون خالية من المعاناة، إذ أكدت الحكومة نيتها في الإبقاء على السياسة المالية مشددة وتستهدف زيادة الفائض الأولي للموازنة من 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.5 في المئة، لافتة إلى خطط لتمديد أجل الدين العام مما سيخفف في الأقل المخاوف في شأن ديناميكيات الدين الهشة في مصر، متوقعة أن ينخفض معدل الدين الحكومي العام إلى الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 93 في المئة خلال العام المالي 2024/2025، و89 في المئة خلال العام المالي 2025/2026، من متوسط متوقع عند 96.2 في المئة في السنة المالية الجارية.

وأضافت أنه في الوقت نفسه من المرجح أن يرتفع التضخم في الأشهر المقبلة وسيظل أعلى بكثير من النطاق المستهدف للبنك المركزي حتى عام 2025.

وبحسب تقديرات المؤسسة سيسجل التضخم في المتوسط 32.5 في المئة خلال العام الحالي، على أن يتراجع إلى 10.5 في المئة في المتوسط في 2025 وأربعة في المئة في 2026.

ولا تتوقع المؤسسة البحثية، مزيداً من الزيادة في أسعار الفائدة لكنها تعتقد أنها ستظل عند مستوياتها الحالية حتى نهاية العام الحالي في الأقل، مضيفة “مع تراجع التضخم إلى أرقام في خانة الآحاد في العام المقبل، فإن التيسير النقدي سيدخل ضمن جدول الأعمال ونعتقد أن دورة التيسير في نهاية المطاف ستكون أكبر قليلاً مما يتوقعه المحللون”.

وتتوقع خفض أسعار الفائدة الرئيسة في مصر من 27.25 في المئة في العام الحالي إلى 13.25 في المئة في 2025 و9.25 في المئة في 2026.

حصيلة النقد الأجنبي تتراجع 24 في المئة

في غضون ذلك، كشفت بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، أن إجمالي متحصلات النقد الأجنبي تراجعت لتصل إلى 121.9 مليار دولار عام 2022/2023 مقابل 160.5 مليار دولار عام 2021/2022 بنسبة تراجع بلغت 24 في المئة نتيجة خفض المتحصلات الحكومية، إذ سجلت 2.4 مليار دولار 2022/2023.

فيما بلغ إجمالي مدفوعات النقد الأجنبي 136 مليار دولار عام 2022/2023 مقابل 185.3 مليار دولار عام 2021/2022 بنسبة خفض بلغت نحو 27.1 في المئة، ويرجع ذلك لتراجع المدفوعات على الحساب المالي (استثمارات الحافظة) لتصل إلى 7.6 مليار دولار عام 2022/2023 مقابل 32.3 مليار دولار في العام السابق له.

البيانات أشارت إلى أن مجموعة دول جامعة الدول العربية جاءت على رأس المجموعات الدولية إسهاماً في متحصلات النقد الأجنبي الوافدة خلال عام 2022/2023 بقيمة 45.6 مليار دولار وبنسبة 37.4 في المئة من إجمالي المتحصلات وتتصدر تلك الدول المملكة العربية السعودية، إذ بلغت إجمالي المتحصلات 18.3 مليار دولار بنسبة 15 في المئة من إجمالي متحصلات الدول العربية يليها دولة الإمارات العربية المتحدة حيث بلغت 12.8 مليار دولار.

وجاءت مجموعة دول القارة الأوروبية على رأس المجموعات الدولية المستقبلة لمدفوعات النقد الأجنبي المغادرة خلال عام 2023/2022 بقيمة 48.1 مليار دولار من إجمالي المدفوعات وبنسبة 35.6 في المئة من إجمالي المدفوعات وتتصدر تلك الدول المملكة المتحدة بقيمة مدفوعات 12.2 مليار دولار يليها ألمانيا بقيمة 6.6 مليار دولار.

وارتفعت قيمة التعاملات النقدية (متحصلات ومدفوعات) مع دول “الكوميسا” بنسبة ارتفاع قدرها 25.9 في المئة لتصل إلى 3.80 مليار دولار مقابل 3.01 مليار دولار في العام السابق له، وحقق ميزان المعاملات النقدية فائضاً يصل إلى 1.73 مليار دولار عام 2022/2023.

فيما انخفضت قيمة التعاملات النقدية (متحصلات ومدفوعات) مع دول الاتحاد الأوروبي لتصل إلى 47.5 مليار دولار مقابل نحو 53.8 مليار دولار في العام السابق بنسبة خفض قدرها 11.6 في المئة مع خفض عجز ميزان المعاملات النقدية إلى 5.1 مليار دولار عام 2022/2023 مقابل 14 مليار دولار في العام السابق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى