عملات رقمية

العملات الرقمية تلقى قبولا عالميا أوسع

تتسع مساحة قبول العملات الرقمية يوماً تلو آخر، فتحظى بالثقة وتكتسب متعاملين جدداً، في وقت تتراجع ثقة الأفراد والمستثمرين في النقود الورقية التي تعاني بسبب السياسات النقدية من قبيل رفع أسعار الفائدة والتضخم، حسبما يكشف مسح حديث مستهدفاً قياس مدى قبول الأفراد لإصدار البنوك المركزية عملات رقمية، كما يرصد أيضاً تخوفات لدى البعض من هذه العملات، مستكشفاً بعض الآثار المترتبة على إصدار البنوك المركزية عملات رقمية، وتقديم بعض توصيات لهذه البنوك.

ويعرف بنك التسويات الدولية (BIS) العملة الرقمية للبنك المركزي (CBDC) على أنها “نقود رقمية صادرة عن البنك المركزي مقومة بوحدة الحساب الوطنية، وتمثل التزاماً على البنك المركزي”.

المسح الذي أجراه معهد المحللين الماليين المعتمدين العالمي (CFA)، في الفترة من 13 إلى 17 فبراير (شباط) الماضي، باستطلاع تم إرساله إلى عينة عشوائية مكونة من 90443 عضواً، تناول الآثار المحتملة لأسواق رأس المال وممارسي الاستثمار إذا طورت البنوك المركزية وأطلقت إصدارات رقمية من العملات الورقية، وجد أن 42 في المئة من المستجيبين يعتقدون أن البنوك المركزية يجب أن تطلق عملات رقمية، في حين أن 34 في المئة لا يوافقون على ذلك، بينما لم يعرب واحد من كل أربعة تقريباً (24 في المئة) عن أي رأي.

وكشف المسح أن 13 في المئة فقط لديهم فهم قوي للعملات الرقمية، وأفاد 51 في المئة من أولئك الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة بمستوى منخفض من الفهم، مقارنة بـ 39 في المئة فقط بين أولئك الذين تزيد أعمارهم على 55 سنة.

كبار السن لا يفضلون “الرقمية”

وعلى رغم أن غالبية الفئات العمرية تضع ثقة أكبر في الأموال النقدية، إلا أن الشكوك حول العملات الرقمية زادت مع تقدم العمر، إذ وجد المسح تقبلاً أكبر بكثير للعملات الرقمية الصادرة عن البنوك المركزية بين المستجيبين الأصغر سناً. وفي جميع الأسواق، كان الدافع الرئيس وراء دعم إطلاق العملات الرقمية هو تسريع المدفوعات والتحويلات، في حين ركزت التخوفات الرئيسة على ثلاث قضايا هي الأمن السيبراني، والاحتيال، وخصوصية البيانات.

وكان المستطلعون في الأسواق الناشئة أكثر تفضيلاً بكثير من أولئك الموجودين في الأسواق المتقدمة لإطلاق البنوك المركزية عملات رقمية بنسبة تأييد 61 في المئة، وكان المستجيبون في الأسواق الناشئة أكثر تفاؤلاً في أن هذه العملات ستعزز الشمول المالي كما يعتقد 28 في المئة من المبحوثين.

وأظهر أولئك الموجودون في الأسواق المتقدمة بشكل عام حماساً أقل بكثير للعملات الرقمية للبنوك المركزية (37 في المئة من المستجيبين مؤيدون) مقارنةً بأولئك الذين يقطنون في الأسواق الناشئة (61 في المئة يؤيدون)، وجاءت أميركا الشمالية على رأس المناطق التي لديها وجهة نظر أقل تفضيلاً لإطلاق العملات الرقمية (33 في المئة)، بينما آسيا والمحيط الهادئ هي المنطقة الأكثر تفضيلاً لإطلاق تلك العملات (59 في المئة).

ويتوافق الاهتمام المتزايد بالعملات الرقمية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ مع وتيرة التطورات الرقمية هناك، إذ كانت المنطقة رائدة في مجال الابتكار الرقمي بشكل عام واستكشاف العملات الرقمية على وجه الخصوص، وكانت الصين في طليعة العالم في تجربة تلك العملات، إذ أطلق بنك الشعب الصيني عملة رقمية تجريبية في عام 2019، وفي عام 2022، وسعت نطاقها لتشمل 23 مدينة ومنطقة.

وبرزت مخاوف التعامل بالعملات الرقمية لدى غالبية المستخدمين (50 في المئة)، لأسباب تتعلق بخصوصية البيانات، وعلى المستوى الإقليمي، كان هذا القلق أعلى في الولايات المتحدة وسويسرا وأدنى في الهند وأميركا اللاتينية، فتظهر الأسواق المتقدمة مستوى أعلى من الشكوك في ما يتعلق بأهداف العملات الرقمية عند مقارنتها بالأسواق الناشئة (42 في المئة مقابل 32 في المئة).

تناسب الأسر منخفضة الدخل

ويعتقد بعض المعلقين الذين استطلع المسح آراءهم، أن العملة الرقمية يمكن أن تقلل الحواجز الشائعة أمام الشمول المالي وخفض تكاليف المعاملات، التي يمكن أن تكون مفيدة بشكل خاص للأسر ذات الدخل المنخفض، وتشمل أمثلة الشمول المالي، المعاملات الإلكترونية ودفع الضرائب بسرعة وفعالية من حيث التكلفة وتسليم الأجور بشكل سريع وفعال من حيث التكلفة، واسترداد الضرائب، والمدفوعات الحكومية الأخرى، وتأمين وسيلة لادخار الأفراد، والوصول إلى الائتمان.

في المقابل، يرى عدد كبير (46 في المئة من المستجيبين) أن عملات البنوك المركزية الرقمية لن يكون لها تأثير أو تأثير ضئيل على الشمول المالي، بينما قال 34 في المئة فقط أن عملات البنوك المركزية من المرجح أن تحسن الشمول المالي، ومع ذلك، فإن المتوسط العالمي يخفي تبايناً إقليمياً واسعاً في الردود، إذ قالت الغالبية (54 في المئة) في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، إن العملة الرقمية من المرجح أن تحسن الشمول المالي، بينما عبرت أقلية فقط عن هذا الرأي في الاتحاد الأوروبي (33 في المئة) وأميركا الشمالية (25 في المئة).

ويظهر المسح، أن غالبية المستجيبين في الصين والهند، أظهروا بشكل عام أكبر قدر من الحماس للعملات الرقمية، ويرون أن هذه الأدوات الجديدة ستعزز الاستقرار المالي (60 في المئة)، وفي حين تتمتع منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمستوى عال من تأييد العملات الرقمية (56 في المئة) من منظور دعمها الاستقرار المالي، وجد الاستطلاع أدنى مستوى من تأييد إصدار العملات الرقمية في ما يتعلق بدعم الاستقرار المالي في الولايات المتحدة، إذ يعتقد 34 في المئة من المجيبين الأميركيين أن هذه الأدوات ستضعف في الواقع الاستقرار المالي، مقابل 22 في المئة فقط اعتقدوا أنها ستعززه.

ويبدو أن العمر مرة أخرى يلعب دوراً في موقف المستجيبين تجاه إطلاق العملات الرقمية، ففي حين وافق 37 في المئة من المستطلعين تحت سن الثلاثين على كون هذه العملات أدوات لدعم الاستقرار المالي، يعتقد 28 فقط في ذلك ممن تزيد أعمارهم على 55 سنة.

ويخلص استطلاع معهد المحللين الماليين المعتمدين العالمي (CFA)، إلى حاجة البنوك المركزية والحكومات إلى الانخراط في جهود تعليمية كبيرة لشرح سبب إطلاقها لهذه العملات الرقمية ولأي غرض وتحت أي ظروف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى