مقالات اقتصادية

خسائره كبيرة.. هكذا نجحت المملكة العربية السعودية في تحجيم “اقتصاد الظل”

كتب أسامة صالح 

ما هو اقتصاد الظل؟
هي أنشطة اقتصادية يمارسها الأفراد أو المنشآت، ولا يتم إحصاؤها رسمياً.

ما أخطار اقتصاد الظل؟
يتسبب بخسائر كبيرة.

كيف واجهت المملكة العربية السعودية اقتصاد الظل؟
فرضت عقوبات مغلظة تصل إلى السجن 5 سنوات، وغرامة خمسة ملايين ريال.

ما أهمية معالجة اقتصاد الظل؟
يدعم الإيرادات ويزيد التنافسية وجذب الاستثمارات.

يشير ما أعلن عنه أخيراً وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، فيصل بن فاضل الإبراهيم، حول انخفاض حجم اقتصادات الظل في المملكة بنسبة 15%، إلى أن “رؤية 2030” أخذت تحقق أهدافها فيما يخص الإصلاح الاقتصادي بما يساهم في زيادة الاستثمارات بالبلاد.

بحسب ما ذكر الإبراهيم، في مؤتمر الزكاة والضريبة والجمارك، الذي عقد بالرياض في 8 فبراير 2023، فإن اقتصاد الظل في المملكة في تناقص مستمر، وأصبح قريباً من اقتصادات الدول المتقدمة ويقدر بـ 15%.

ولفت إلى أن التعاملات غير النقدية زادت في الفترة الماضية، حيث ارتفعت عمليات نقاط البيع من 400 ألف عملية إلى 1.4 مليون نقطة بيع، وزادت قيمتها إلى الضعف.

وأردف: “معالجة اقتصاد الظل يدعم الإيرادات بالإضافة إلى زيادة التنافسية وجذب الاستثمارات. نعمل على محاربة وتقليص اقتصاد الظل على المدى البعيد”.

اقتصاد الظل.. ما هو؟
ويعرف اقتصاد الظل أو الاقتصاد الخفي أو الاقتصاد المستتر أو الاقتصاد الموازي، بأنه الأنشطة الاقتصادية التي يمارسها الأفراد أو المنشآت، ولكن لا يتم إحصاؤها رسمياً، ولا تعرف الحكومات قيمتها الفعلية، ولا تدخل في حسابات الدخل القومي، ولا تخضع للنظام الضريبي ولا للرسوم ولا للنظام الإداري والتنظيمي.

ويشمل اقتصاد الظل أنشطة اقتصادية مشروعة ولا تتعارض مع الأعراف والمبادئ والقيم والعادات الموروثة.
ومن أمثلتها كل الأعمال المنزلية التي يقوم بها أفراد الأسرة الواحدة أو بمساعدة جيرانهم وأقربائهم في المناسبات المختلفة والتي لا يتم تسويقها بل يتم استهلاكها داخل المنزل.

وتشمل أيضاً كل الأعمال التي يمارسها أصحاب المنشآت الصغيرة لصالح منشآتهم دون أن يتقاضوا عليها عوائد مباشرة، ودون أن تقيد في السجلات المحاسبية.

وهناك أنشطة اقتصادية غير مشروعة تدخل تحت مسمى اقتصاد الظل، ومن أبرزها تجارة المخدرات وتجارة السلع المسروقة والسلع المهربة ولعب القمار وتهريب البشر بين الدول، وأيضاً الرشا والاختلاسات وكافة صور الفساد المالي.

أهداف رؤية 2030
ان أهداف “رؤية 2030” المتعلقة بالإصلاح الاقتصادي، تضمنت في جوانبها محاربة اقتصاد الظل، وتطرق إليه تقرير سابق لمجلة “فورين أفيرز” الأمريكية أبرز فيه ملامح السياسة الاقتصادية السعودية الجديدة.

يشير التقرير إلى أن المملكة العربية السعودية تسعى إلى تأسيس اقتصاد يُحرِّكه قطاع الخدمات، لافتاً إلى أن الرياض استطاعت الالتزام بهذه السياسة المالية المنضبطة إلى حدٍّ بعيد، وهي سياسة تُعِدُّ المملكة لمواجهة التحديات الاقتصادية في المستقبل.

ويتطرق التقرير إلى تولي النساء أدواراً جديدة في سوق العمل، في ظل تحسين سهولة الوصول إلى الحراك الاقتصادي في أنحاء البلاد.

مكافحة المتسترين
وفي اطار سعي الحكومة السعودية، لمكافحة اقتصاد الظل، أقرت في أغسطس 2020، نظام مكافحة التستر، الذي يشتمل على عقوبات مغلظة تصل إلى السجن 5 سنوات، وغرامة مالية تصل إلى خمسة ملايين ريال (1.33 مليون دولار).

النظام الذي أقره مجلس الوزراء، وفقاً لبيان سابق لوزارة التجارة السعودية “سيسهم في التضييق على منابع التستر والقضاء على اقتصاد الظل”.

ويقر النظام آليات لحماية هوية وبيانات المبلِّغين عن قضايا التستر، بعدم تضمينها في ملف القضية، ويكافئ المبلغين عن حالات التستر بنسبة تصل إلى 30% من الغرامة المحصلة بعد صدور الحكم واكتسابه الصفة النهائية.

ونص النظام على إجراءات استباقية لمنع وقوع جرائم التستر لتضييق منابع هذه الظاهرة بالتصدي للمراحل التي تسبق الجريمة، وعقوبات من أهمها حجز ومصادرة الأموال غير المشروعة لمرتكبي الجريمة بعد صدور أحكام قضائية نهائية في حقهم.

ويمكِّن النظام الجهات الحكومية ذات العلاقة من ضبط جرائم ومخالفات التستر إلى جانب وزارة التجارة في المملكة، ويلزم كل جهة تصدر تراخيص لممارسة أي نشاط اقتصادي بمتابعة المنشآت التي رخصت لها، وإبلاغ الوزارة بما يظهر لها من اشتباه في وقوع جريمة تستر.

ويعطي النظام الصلاحية للجهات ذات العلاقة بالاستعانة بالتقنية لإثبات جرائم ومخالفات التستر التجاري عبر “الأدلة الإلكترونية”، إضافة إلى طرق الإثبات الأخرى.

كما استحدث النظام مبدأ جواز تخفيف العقوبة أو الإعفاء منها لمن يبادر من مخالفي أحكام النظام بالتبليغ عنها وفقاً لضوابط محددة.

اقتصاد الظل واقتصاد العلن
واشار احد الخبراء الاقتصاديين إلى جهود المملكة العربية السعودية منذ عدة سنوات “لتجفيف منابع اقتصاد الظل بمختلف أشكاله”.

وأن اقتصاد الظل يتسبب بـ”خسائر ضخمة قدرها الخبراء بنحو 500 مليار ريال سنوياً، إضافة إلى ما يساهم فيه من مظاهر اقتصادية واجتماعية خطيرة كالبطالة والغش التجاري وغسل الأموال والتستر والتهرب الضريبي”.

و إن “الجهود التي تبذل لا تسعى لمحاربة اقتصاد الظل بأنواعه المختلفة بل هي في المقابل تدعم الاستثمار والاقتصاد في العلن”.

وأشار إلى أن نظام محاربة التستر التجاري وما اشتمل عليه من عقوبات مغلظة “قابله السماح لجميع الأجانب بممارسة الأعمال الاقتصادية في المملكة دون تمييز من خلال تطوير نظام الاستثمار الأجنبي والذي يمكن الأجانب من ممارسة الأعمال التجارية بكل شفافية ووضوح”.

وان “الجهود المتوالية للقضاء على اقتصاد الظل تتم عبر منظومة متكاملة من الأجهزة والجهات الحكومية المختلفة مثل النيابة العامة وجهات الضبط والاستدلال في وزارة التجارة والهيئة العامة للزكاة والضريبة والجمارك والبنك السعودي المركزي”.

وأن “الجرائم المرتبطة بجرائم الاقتصاد الخفي متنوعة ومختلفة وتسعى لاستغلال كافة الثغرات الموجودة ومنها ما تم رصده مؤخراً في نشاط بيع الذهب أو تمكين مواطنين لآخرين وافدين من التحكم في حسابات بنكية لكيانات تجارية بهدف تحويل أموال بطريقة غير نظامية للخارج مقابل أجر شهري”.

كل إجراء وخطوة يتم اتخاذها للحد من الاقتصاد الخفي تحتاج إلى خطوات مقابلة لدعم وتشجيع وتيسير اقتصاد العلن لكافة أفراد المجتمع دعمًا للاقتصاد الوطني”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى