أخبار عاجلةاقتصاد دولي

استثمار الشركات المصرية الناشئة في الاقتصاد الأخضر بين الفرص الواسعة وتحديات السوق

تعتبر ظاهرة تغير المناخ من أبرز التحديات التي تواجه العالم أجمع، ولكن ستتحمل بعض الدول خاصة النامية تبعات تلك الأزمة، وهو ما يستدعيها لحشد مختلف قواها لمواجهة تلك التحديات على نطاق واسع، ولعل مصر واحدة من أبرز تلك الدول التي تستعد لمواجهة تلك الظاهرة، وظهر ذلك خلال إعلان استضافة قمة مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ COP27 والتي ستنعقد بمدينة شرم الشيخ المصرية خلال ايام قليلة، ومع إمتلاك مصر نسبة توازي 25% أي ربع عدد سكانها من الشباب الذين يمتلكون أفكار وقدرات اقتصادية وعلمية عالية، يتزر أن يكون لهم دور فعال خلال المرحلة المقبلة، خاصة بمجال ريادة الأعمال الذي انتشر مؤخراً بالمجتمع المصري، وأصبح اقامة المشاريع الصغيرة والشركات الناشئة على رأس أولويات العديد شبابها، لذلك من الضروري أن تكون الشركات الناشئة في مقدمة الصفوف التي من المتوقع أن يكون لها دور فعال خلال الفترة المقبلة في توفير حلول بيئية صناعية صديقة للبيئة.
الاقتصاد الأخضر
أكدت مؤخرا وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية الدكتورة «هالة السعيد» أن مصر تخطط لزيادة حجم المشاريع الخضراء التي سيتم تنفيذها ضمن خطة الاستثمار الوطنية إلى حوالي 50 إلى 60% من جميع الاستثمارات بحلول السنة المالية 2024/2025، وسوف تركز تلك المشاريع المرتقبة على مجالات تغير المناخ ووسائل النقل الصديقة للبيئة وتطوير أنظمة المياه والصرف الصحي واستخدام الطاقة المتجددة والنظيفة، فضلاً عن استعمال الهيدروجين الأخضر والأزرق كبدائل لمصادر الطاقة الملوثة للبيئة.
كما دخلت مسرعات الأعمال لسوق الاقتصاد الأخضر في مصر بقوة خلال الفترة الأخيرة، فهناك Changelabs التي لها برامج تركز على الاقتصاد الأخضر للشركات الناشئة، واستطاعت استثمار ما قيمته 15 مليون يورو خلال السنوات الثلاث الأخيرة، وتسعى لاستثمار رؤوس الأموال بما يعادل 500 مليون يورو في شركات الاقتصاد الأخضر في إفريقيا والشرق الأوسط على مدى 5-7 سنوات القادمة.
عن دور الشركات الناشئة ومسرعات الأعمال في معالجة الأزمات البيئية مثل تغير المناخ، يقول «كريم سمرة»، المؤسس والمدير التنفيذيّ لـ Changelabs :»هناك فرصة ضخمة على مستوى العالم تتشكل الآن في الاستثمار الأخضر، وفقًا لـ»مورجان ستانلي»، تجاوز هذا السوق عالمياً 500 مليار دولار في عام 2020، وما زال ينمو بسرعة بدافع طلب المستهلكين على المنتجات ذات المصادر الأخلاقية والصديقة للبيئة، بالإضافة لتغير المناخ وتأثيره الضار على الناتج المحلي الإجمالي. مصر، باعتبارها واحدة من أكبر الأسواق في الشرق الأوسط وأفريقيا، يجب أن تأخذ دورًا قياديًا في هذا المجال، ولأن القطاع جديد، هناك فرصة فريدة من نوعها.»
وعلى جانب أخر لم يقتصر الاستمثار الأخضر في مصر على الجانب الداخلى فقط بل تعداه للتعاون التجاري الدولي، حيث قال المبعوث التجاري البريطاني إلى مصر، السير «جيفري دونالدسون» خلال ندوة نظمتها وزارة التجارة الدولية في السفارة البريطانية بالقاهرة عبر الإنترنت حول الاقتصاد الأخضر للشركات البريطانية في مصر: «يعد تغير المناخ أحد القضايا المحددة في عصرنا، ويسعدني أن أرى المملكة المتحدة ومصر يعملان جنبًا إلى جنب لدفع الجهود لتحقيق الاقتصاد الأخضر، وإذا أردنا حماية البيئة ، يجب أن نكون طموحين ، وأن نواجه التحديات التي تفرضها هذه الأزمة بعزم، لذلك نحتاج إلى اتخاذ إجراءات مؤثرة وذات مغزى للحفاظ على بيئتنا المشتركة للأجيال القادمة، والأعمال التجارية لها دور رئيسي تلعبه في هذا المسعى.»
من جانبه يؤكد «مهند هشام»، مؤسس شركة Water Will، التي تعمل في مجال تقديم الحلول المائية للمجتمعات الريفية، من خلال صناعة فلاتر المياه من المواد الطبيعية والصناعية الصديقة للبيئة، أن مستقبل الاستثمار في الشركات الناشئة لحلول البيئة سوف يزيد، وهناك برامج انتشرت بعدة جامعات بخصوص ذلك المجال، وبدأ يظهر اهتمام بتلك المشاريع الخضراء، لكن الأهم ان ذلك الزخم أن لا يسير خلف التريند فقط لأنه بدون تقديم فائدة حقيقة أو منتج يستطيع النجاح في السوق، لن نحقق الهدف المطلوب. تنظيم مصر لمؤتمر المناخ سوف يُشكل فرق كبير للشركات الناشئة التي تعمل بذلك المجال، ويجعل الدولة تعطي زخم أكثر لذلك الامر، وهو ما يشجع المشاريع الناشئة للاستثمار في ذلك المجال.
عقبات أمام الشركات الناشئة
في دراسة أجراها البنك الدولي خلال شهر مايو في عام 2018، تحت «دعم رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا النظيفة في مصر»، حول الشركات الناشئة التي تعمل في مصر بمجالات صديقة للبيئة، وجد أن 30% من مؤسسي تلك الشركات الناشئة من السيدات، 90% من مؤسسيها من خريجي الجامعات، و75% من هؤلاء رواد الأعمال مشروعاتهم نابعة من مطالب اجتماعية، كما يتواجد 60% منهم خارج القاهرة، و57% من مشروعاتهم تعمل بمجال الطاقة المتجددة ونظم إدارة المياه، و60% من شركاتهم متصلة بالمجال الزراعي، وفي نفس الوقت أفردت الدراسة عد من المعوقات التي تحد من نمو وتوسع تلك المشاريع الخضراء الداعمة للبيئة مثل أنه بالرغم من وجود فرصة سوقية كبيرة للمشاريع التي تعتمد على الطاقة النظيفة بمصر إلا أن العديد من الفنادق والمنتجعات على طول سواحل البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط تعتمد بشكل كبير على الديزل في العديد العمليات بما في ذلك تحلية المياه، وهو ما يرفع من تلوث البيئة، حيث تستهلك المضخات التي تعمل بالديزل في مصر ما يقدر بـ 3.7 مليون طن من الديزل سنويًا، وتطلق أكثر من 10 ملايين طن من انبعاثات الكربون، فضلاً على أنه لم تتمكن بعض اشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا النظيفة من بناء قدراتها التقنية بشكل موسع، ومازالت الشركات الناشئة التي تعمل بمجال الطاقة الشمسية تجد صعوبة في العثور على الخبراء المناسبين أو المختبرات المؤهلة لتطوير تقنيتها، كما أن العديد من مكونات الطاقة الشمسية مستوردة ومكلفة وتتطلب رأس مال كبير، واستثمارات ضخمة وهو ما لا يتوافر معظم الوقت أمام المشاريع الناشئة، بالإضفة إلى أنه ما تزال العديد من شركات التكنولوجيا النظيفة تفتقد للمعرفة، والقدرة للوصول للأسواق، والتمويل. وعن التحديات التي تواجه ذلك القطاع بمصر فقد أضاف «كريم» إلى أن التمويل يمثل تحديًا لشركات الاقتصاد الأخضر لضعف تسويق بعض الشركات أمام المستثمرين، وإغفال عدد منها لتحديد إحتياجات السوق، وتزويد المستثمرين بالوثائق المناسبة المطلوبة بما في ذلك بياناتهم المالية. كما أوضح أنه قد يكون الاستثمار في التكنولوجيا الخضراء أحيانا لعبة طويلة الأمد، أكثر مما قد يرغب أصحاب رأس المال الاستثماري التقليدي. كما أنه يتطلب المزيد من الخبرات المتخصصة ولكن معظم المستثمرين اليوم، خاصة في الشرق الأوسط، هم جزء من المدرسة الفكرية التقليدية «لتعظيم قيمة المساهمين فقط»، بالرغم من أن العالم يتغير، و لنجاح الاستثمار الأخضر يحتاج المستثمرين لإدراك الإمكانات والسعي وراءها، وأن تضع الحكومات بالمنطقة حوافز مناسبة للشركات، ويجب أن يبدأ رواد الأعمال بالتفكير في حل مشاكل بلادهم بدلاً من مجرد جني الأموال فقط.»

ومن جهتها تشير»ربى الزعبي» عضو المجلس الاستشاري في منتدى أمواج للمياه والتنمية المستدامة، أنه لا يزال الفهم المتعمق للجوانب المناخية والعواقب عبر القطاعات متواضعًا، ويتطلب مزيداً من الاهتمام من قبل اللاعبين في النظام الإيكولوجي لريادة الأعمال، وخاصة رواد الأعمال والمستثمرين. تغير المناخ هو أزمة اقتصادية وأخلاقية، ولا يمكن معالجتها إلا إذا فهمنا الآثار الاقتصادية والاجتماعية وبناء الحلول والنماذج التي من شأنها أن تساهم ليس فقط في التخفيف والتكيف ولكن الأهم من ذلك تحويل نماذج الأعمال ككل. – على حد قولها –

وأكد أن المستثمرين يحتاجون للتوعية وتثقيف بشأن التقنيات الخضراء، ومقاييس التأثير لمستقبل منخفض الكربون، وهي الأشياء التي أصبح المستهلكون والعملاء قلقون بشأنها بشكل متزايد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى