اقتصاد دولي

أزمة الدولار والاحتكارات تعصف بأسعار الدواجن في مصر

بعد سلسلة طويلة من ارتفاعات أسعار الدواجن، عادت الأسعار إلى التراجع ولو بشكل نسبي خلال التعاملات الأخيرة، وتزامن هذا التراجع مع إعلان الحكومة المصرية السماح باستيراد كميات كبيرة من الدواجن المجمدة من البرازيل.
وأكد عدد من أصحاب المحال التجارية لـ»اندبندنت عربية» أن الأزمة تعود بشكل مباشر إلى شح في مدخلات صناعة الدواجن التي تعتمد على توافر الدولار، إضافة إلى استمرار ظاهرة الاحتكار سواء في الأعلاف التي تعد المكون الأساسي في صناعة الدواجن، أو أسعار الكتاكيت التي تعتمد عليها المزارع، وهي أيضاً مستوردة وتعتمد على توافر الدولار.
ويقول صلاح أبو زيد أحد كبار موزعي الدواجن في محافظات الصعيد، (جنوب مصر)، إن الانفراجة التي حدثت في الأسعار، خلال الأيام الماضية، تعود إلى تراجع الإقبال على الدواجن الحية، إذ لا يشكل الطلب الحالي أكثر من 15 في المئة من إجمالي الطلب الحقيقي قبل ظهور الأزمة الحالية وتسجيل ارتفاعات قياسية في الأسعار.
وأوضح أنه على رغم إعلان الحكومة المصرية إنهاء أزمة تكدس البضائع في الموانئ المصرية، منذ منتصف الشهر الماضي، ما يعني أنه تم الإفراج عن كميات ضخمة من الأعلاف ومدخلات الإنتاج في صناعة الدواجن، لكن حتى الآن، فإن أسعار الأعلاف مرتفعة مقارنة بأسعارها قبل بدء الأزمة، وهو ما يشير إلى أن هناك عدداً من التجار يسيطرون على سوق الأعلاف ويتحكمون في الأسعار بعيداً عن أزمة شح الدولار التي يدعيها البعض.
اعتمادات مستندية لمستوردي الدواجن المجمدة
وأخيراً، لجأت الحكومة المصرية إلى استيراد الدواجن المجمدة من البرازيل، وذلك في إطار سلسلة من التحركات المكثفة لمواجهة ظاهرة الاحتكار وتجاوز أزمة نقص المعروض من الدواجن. وعلى خلفية وصول وطرح أولى الشحنات، فقد تراجعت أسعار الدواجن الحية من مستوى يقترب من 100 جنيه (3.26 دولار) للكيلوغرام، إلى مستوى 80 جنيهاً (2.6 دولار) للكيلوغرام في الوقت الحالي.
وأعلنت وزارة التموين والتجارة الداخلية في الحكومة المصرية عزمها استيراد كميات جديدة من الدواجن المجمدة خلال الأيام القليلة المقبلة، كما تخطط لاستيراد مزيد من الأرز، وذلك استعداداً لتزايد الطلب بالتزامن مع قرب حلول شهر رمضان المبارك. وفي وقت أرجع وزير التموين المصري علي مصيلحي الارتفاعات المتتالية إلى زيادة أسعار الأعلاف وأزمات تغير المناخ، لكنه أشار إلى أنه لم يتم تحديد الكميات التي سيتم استيرادها بعد، ولكن يتم الاستيراد من الخارج بناء على احتياجات السوق أولاً بأول، لافتاً إلى أن الحكومة فتحت أخيراً اعتمادات مستندية لاستيراد 25 ألف طن من الدواجن.
وفي وقت سابق، أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي أنه وبالتنسيق مع البنك المركزي خلال الفترة من 10 وحتى 16 فبراير (شباط) الماضي، أفرج عن 115 ألف طن من الذرة وفول الصويا بنحو 59 مليون دولار.
أما تعليق مجلس الوزراء المصري على الأزمة، فقد جاء على لسان المتحدث باسم مجلس الوزراء المصري السفير نادر سعد الذي كشف أن الحكومة المصرية كان أمامها خياران لمواجهة أزمة الأعلاف وارتفاع أسعار الدواجن، وأوضح أن الخيار الأول كان توفير كميات من الأعلاف المتاحة ومدخلات إنتاج الأعلاف، والحل الآخر استيراد الدواجن نتيجة الظرف الحالي لا سيما قبيل شهر رمضان المبارك.
النفط يشعل أسعار الغاز في مصر والدواجن إلى ارتفاع:- وأشار سعد إلى نجاح الحكومة المصرية في زيادة الأعلاف المتاحة واستيراد مدخلات الإنتاج لسد العجز، مؤكداً أن استيراد الدواجن إحدى الأدوات التي لجأت إليها الدولة، ولفت إلى أن الحكومة قررت استيراد 50 ألف طن من الدواجن وتحديداً من البرازيل.
ووفق شعبة الثروة الداجنة بالغرفة التجارية بالقاهرة، يبلغ حجم إنتاج مصر من الدواجن ما يقرب من 1.5 مليار طائر سنوياً، وهذا يغطي الاستهلاك بالكامل، وتشير تقديرات وزارة الزراعة إلى أن استثمارات قطاع الدواجن في مصر تبلغ نحو 100 مليار جنيه (3.267 مليار دولار)، ويبلغ حجم الإنتاج من بيض المائدة حوالى 13 مليار بيضة، ويستوعب القطاع أكثر من ثلاثة ملايين عامل، ويبلغ إجمالي المنشآت العاملة به 38 ألف منشأة.
توقف عدد كبير من أصحاب المزارع عن العمل
وفي بيان حديث، كشف اتحاد منتجي الدواجن في مصر أن ارتفاعات الأسعار تعود بشكل مباشر إلى زيادة أسعار الأعلاف بنسب قياسية، وأكد أن أسعار الأعلاف ارتفعت بشكل كبير في الفترة الأخيرة، مشيراً إلى أن سعر طن الذرة وصل إلى 16 ألف جنيه (522.8 دولار)، وسعر طن كسب فول الصويا وصل إلى 31 ألف جنيه (1013 دولاراً)، وأرجع ارتفاع أسعار الأعلاف إلى انخفاض الإفراجات الجمركية، مشيراً إلى تخوف المنتجين من حدوث ندرة في الأعلاف خلال الفترة المقبلة وعدم قدرتهم على إدخال دورات تسمين جديدة. وأشار الاتحاد إلى أن سوق الدواجن في مصر تحتاج نحو 950 ألف طن من الأعلاف شهرياً، وأن ارتفاع أسعار الدواجن ومنتجاتها خلال الفترة الحالية يرجع إلى نقص المعروض لأن إنتاج هذه الفترة هو إدخال الفترة التي عزف فيها المربون عن دخول دورات جديدة عندما كانت الكتاكيت تباع دون أسعارها الطبيعية ويباع بيض التفريخ للأكل. ووفق بيان لوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، قال مستشار وزارة الزراعة أحمد إبراهيم، إن هيئة الخدمات البيطرية لا تستورد دواجن أو لحوماً من الخارج بشكل مباشر أو لحساب وزارة الزراعة، ولكنها هي التي تضع المواصفات والشروط الفنية التي تضمن سلامة التغذية ذات الأصل الحيواني، وأكد أن الشروط التي تضعها الوزارة للمنتجات التي تدخل البلاد تأتي حفاظاً على صحة المواطن وتضمن عدم الاستيراد من دول ليس بها أي أمراض أو أوبئة.
أزمة الدواجن
وأكد الاتحاد أن المنتجين بدأوا، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إدخال كل بيض التفريخ إلى معامل التفريخ، وأدخلت كل الكتاكيت إلى مزارع التربية، وعمل المنتجون بنشاط لإدخال دورات جديدة، وتوقع أن يتحسن العرض من دجاج التسمين والبيض، في أواخر فبراير، نتيجة اكتمال هذه الدورات الجديدة وبداية عرضها للمستهلكين، الأمر الذي قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار.
وأشار إلى أنه بسبب ارتفاعات أسعار جميع مدخلات الإنتاج خلال الفترة الماضية، فقد توقف عدد كبير من أصحاب المزارع عن العمل، وهو ما أحدث فجوة تحملها في البداية صغار المربين الذين تعرضوا لخسائر فادحة، لافتاً إلى أن هناك تداعيات عالمية أسهمت في تعميق أزمة الدواجن في مصر حيث عانت دول عدة من أزمة في البيض ما جعلها تحافظ على إنتاجها المحلي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى