اقتصاد خليجي

وزير الاقتصاد : أنجزنا التعافي ونواصل النهضة التشريعية

حوار: خضر مكي

بعد 3 سنوات على تولّيه حقيبة وزارة الاقتصاد في دولة الإمارات، أراد عبدالله بن طوق المري، أن يفتح دفاتره لصحيفة «الخليج» ويراجع أمام قطاع الأعمال ما الذي تحقق خلال فترة تعتبر من أكثر الأوقات المملوءة بالتحديات، والتي شهدت أزمة عالمية غير مسبوقة، ألا وهي أزمة تفشي جائحة كورونا، وما رافقها من تحديات اقتصادية طالت كل القطاعات وخصوصاً السياحة والطيران وسلاسل الإمداد.

يريد وزير الاقتصاد عبدالله بن طوق الشاب (41 عاماً)، أن يبدأ من النتائج بفكر قائم على النمو القياسي الذي تحقق خلال العام 2022، حيث سجل اقتصاد الدولة نمواً في الناتج المحلي الإجمالي 7.9%، وهذه نسبة قوية فاقت كل التوقعات، وتُذكّر بمراحل النمو القوية التي كانت تسجل في 2004 و2005، مع العلم أن الاقتصاد اليوم أكبر وأكثر استدامة من بدايات الألفية.

 

لا يخفى على بن طوق أن السياسات الاقتصادية لا يمكن تقييمها بعد شهرين أو ثلاثة أشهر، ولكنه يرى أن العام 2022 وما تحقق فيه من نمو قوي، يمكن أن يكون مؤشراً على نتائج السياسات الاقتصادية التي اتخذت بدءاً من العام 2020. وفيما ترك مسألة القياسات المتعددة للنتائج لمرحلة لاحقة، إلا إنه أشار إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي الذي وصل إلى 7.9% خلال العام 2022، يعني أننا على الطريق الصحيح، مشيراً إلى أن قانون الشركات التجارية الذي صدر في 2020، وسمح بتملك الأجانب 100%، أدى إلى تأسيس 275 ألف شركة جديدة بين 2020 و2022.

وهذا إنجاز كبير بحسب بن طوق الذي رأى أن الزيادة الكبيرة في عدد الشركات، أعطت «تدفقاً كبيراً في شرايين الاقتصاد لدولة الإمارات وزادت من وتيرة الأعمال».

  • النمو القوي

ولدى سؤاله عن النمو بمتوسط 7% للوصول إلى مضاعفة حجم الاقتصاد في 2031، وفي وقت تقل توقعات المؤسسات الدولية للنمو فيه عن 5% في 2023 و2024، أشار بن طوق إلى أن توقعات نفس المؤسسات في 2022 كانت بين 4% و5%، متمنياً أن يحقق هدف ال 7%، مشيراً إلى أن نظرة المؤسسات الدولية لاقتصاد الإمارات إيجابية جداً مقارنةً بالعالم.

الصورة

 

وفي الإطار، أكد وزير الاقتصاد أن الوزارة مستمرة في توفير البيانات الاقتصادية لنمو الناتج المحلي والتجارة على أساس نصف سنوي، كاشفاً عن العمل مع المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء لإصدار بيانات بشكل دوري متمنياً أن يجري إصدار البيانات بشكل فصلي قريباً.

  • الإقامات الذهبية

كذلك، أشار الوزير بن طوق إلى النجاح الكبير لمبادرة الإقامات الذهبية، وخصوصاً بالنسبة لقطاعات الأعمال، وقال: «الوقود الحقيقي لأي اقتصاد هو رأس المال البشري، واستقطاب الشركات اليوم يعني توفير المرونة للشركات في استقطاب المواهب». وأضاف: «كانت الإقامات الذهبية والخضراء من أهم المبادرات التي عملنا عليها مع الجهات المختصة بتوجيهات القيادة في عملية استقطاب المواهب.. والإقامات الذهبية ليست فقط لرجال الأعمال ولكن للأطباء والعلماء والمهندسين وللطلبة وغيرهم.. ومن شأن سياسات الإقامة الجديدة للعائلات والطلاب أن تدعم قطاعات الأعمال في استقطاب المواهب».

ورداً على سؤال عن تطورات الاقتصاد العالمي، ونظرته للتحديات المستمرة حول العالم، أشار بن طوق إلى أن التحديات الجيوسياسية مستمرة وكذلك فيما يتعلق بالنسبة لتحديات المعاملات المالية من الشرق والغرب، وكذلك الأمن الغذائي.

الصورة

 

ولكن وزير الاقتصاد متفائل بتجاوز التحديات العالمية، مستنداً إلى مؤشرات عدة حول تطلعات قادة الدول لتجاوز التحديات والبحث عن الحلول، ومن ذلك أعطى مثالين الأول مرتبط بالمعاملات المالية، فأشار إلى توقيع الإمارات والهند بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، اتفاقية للتعامل التجاري بالعملة المحلية (الدرهم والروبية). والمثال الثاني عن الأمن الغذائي الذي تولي فيه الإمارات اهتماماً كبيراً، مشيراً إلى مزرعة الإمارات للقمح «سبع سنابل» التي توفر تحت الرعاية المباشرة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بعض احتياجات السوق المحلي وتشكل مع مشاريع محلية أخرى نموذجاً للعمل على توفير الأمن الغذائي في الإمارات.

وأشار وزير الاقتصاد إلى أن الاقتصاد العالمي الذي مر في حالة تفكك منذ 10 سنوات، وشهد جائحة وصراعات جيوسياسية وحالة من عدم اليقين، يحتاج إلى الراحة، وتمنى «أن تؤدي الحلول الواقعية التي بدأت تبنى حول العالم، إلى الوصول بالاقتصاد العالمي إلى مرحلة من الاستقرار، حتى نستطيع مواصلة بناء الاقتصادات المحلية».

  • تحديات وإنجازات

واسترسل وزير الاقتصاد في استذكار تحديات «كوفيد-19» وكيف استطاعت الإمارات الخروج والتعافي السريع من تبعات الجائحة التي ضربت العالم، وشلّت الاقتصادات الصغيرة والكبيرة، وقال: «عام 2020 نستذكره أنه كان عام جائحة كوفيد، والتي كانت من أكبر تحديات الاقتصاد العالمي.. وفي هذه المرحلة توليت مهام وزير الاقتصاد، وكانت توجيهات القيادة واضحة من اليوم الأول بأن لدينا مؤشرين رئيسيين: أن نكون أسرع دولة لتعافي الاقتصاد بالتوازي مع حماية صحة السكان وثانياً، أن نضاعف اقتصادنا من 1.5 تريليون درهم إلى 3 تريليونات درهم خلال 10 سنوات». وأشار الوزير إلى أن العمل بدأ فوراً والاجتماعات مع الخبراء في الوزارة وخارج نطاق الوزارة لتحقيق الأهداف، في ضوء توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والتي لخصها الوزير بثلاث مراحل رئيسية.

الصورة

 

وقال: «كانت منذ بداية الجائحة، حزمة الثلاث والثلاثين مبادرة، ضمن المرحلة الأولى التدخل السريع، وحماية ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة. وكانت من ضمن ال 100 مليار دولار والبنوك لمساعدة الدعم للشركات الصغيرة والمتوسطة». وأضاف: «المرحلة الثانية كانت مرحلة إعادة البناء، والمرحلة الثالثة كانت مرحلة ما بعد كوفيد وكيف نصل إلى اقتصاد المستقبل». ويستذكر الوزير عبدالله بن طوق، حوار رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي كان واضحاً في أننا نريد أن نصل إلى الاقتصاد المستدام.

  • الاستراتيجيات

وفي ضوء ذلك، استذكر وزير الاقتصاد ما شهده العالم خلال الجائحة من تخبط في سلاسل التوريد العالمية، وارتفاع ونزول أسعار النفط حتى وصلت إلى تحت الصفر قبل أن تعاود الارتفاع القوي فوق 100 دولار، مشدداً على أنه «عندما نقف أمام توجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة عن اقتصاد المستقبل المستدام، يعني أنه يجب أن نجد البدائل لاقتصاد أكثر استدامة مقارنة بالاقتصاد التقليدي».

الصورة

 

كذلك، لفت وزير الاقتصاد إلى الاستراتيجيات التي أطلقتها وزارة الاقتصاد، والتي تصب في هدف التنويع الاقتصادي وتوسيع الأسواق وأهمها الاستراتيجية الوطنية للسياحة 2031، واستراتيجية استقطاب المواهب، واستراتيجية الاستثمار الخارجي، واستقطاب الاستثمار الداخلي، وغيرها من الاستراتيجيات ل 7 و10 سنوات، وجميعها مبنية على أسس جديدة لما بعد مرحلة «كوفيد» وما رأيناه من صعود لقطاعات اقتصادية جديدة بقيادة التحول الرقمي.

  • 2020

وأشار وزير الاقتصاد في حديثه إلى «الخليج» إلى أنه في العام 2020 كان التحدي الكبير هو التعامل مع الجائحة، ولكن الوزارة ركزت في إطار مواكبة المتغيرات الجذرية بقوانين جديدة وتحديثات تشريعية كبرى، ففي عام 2020 كان قانون التملك الأجنبي 100% للأعمال، والذي أتاح للشركات الملكية الكاملة، وكانت هذه النقلة المحورية الرئيسية في عملية انتقال الاقتصاد ضمن حزمة اقتصاد ما بعد الخمسين.. وقال: «فاليوم دولة الإمارات التي تحتضن أكثر من 40 منطقة حرة تتيح تملك غير المواطنين 100% تتيح ذلك في كل مكان.. وهذا كان تغييراً جذرياً في نموذج الأعمال وقد أتاح تدفق دماء جديدة في الاقتصاد».

وتابع بن طوق: «كذلك جاء قانون المعاملات التجارية والذي صدر في 2020 ليقدم دعماً قوياً لقطاع الأعمال من خلال مسألة إلغاء تجريم الشيكات المرتجعة من بداية 2021 ووضع آليات لصرف الشيكات من الحسابات، بحيث لا يتم رد الشيك إذا كان هناك نقص في الرصيد. وكانت توجيهات القيادة واضحة أن الشركات جزء رئيسي في التغيير ولذلك جاءت هذه القوانين لتدعم وتواكب المتغيرات».

وأضاف: «من عام 2020 بدأنا حقبة جديدة عنوانها التغيير وتبنّي كل ما يسهل ممارسة الأعمال».

الصورة

 

وبيّن وزير الاقتصاد أنه في ظل تحديات انتشار كوفيد، والذي ألقى بظلاله القوية على قطاعات السياحة والطيران حول العالم، «أرادت القيادة الرشيدة مواجهة هذا التحدي من خلال إطلاق حملة أجمل شتاء في العالم. وكانت فكرة المشروع من خلال حملة إعلامية تروج لدولة الإمارات كوجهة سياحة شتويّة.. وبالفعل كشفت الحملة للجميع أننا في الإمارات لدينا شتاء جميل ومناطق من أجمل المناطق لم تكن أخذت حقها في الترويج السياحي، وباتت على قائمة الوجهات العالمية. واستطعنا أن نسلط الضوء على مناطق جديدة في دولة الإمارات».

وتابع: «ترافقت مشاريع ومبادرات الإنعاش، مع تحصين المجتمع من الوباء من خلال حملة فحص كورونا شملت الجميع، وكذلك موضوع التحصين، حتى كانت الدولة سباقة ومن بين أكثر الدول تحصناً في هذا المجال».

  • 2021

وفي العام التالي، يسلط الوزير على منجزات عام الخمسين، وقال: «دخلنا في عام 2021 كان لدينا الاحتفال باليوبيل الذهبي والرؤى الجديدة والاستراتيجيات الجديدة، والتي نلخصها بالانفتاح الأوسع والأشمل على العالم، في وقت كان العالم يعيد التفكير في التحديات التي خرجت من رحم أزمة الجائحة، وما ترافق معها من تحديات في سلاسل الإمداد، وفي خضم متغيرات كبرى في الفكر الاقتصادي العالمي والتوجه نحو التصنيع المحلي أو التوجه الإقليمي، كانت لدى الإمارات رؤيتها الخاصّة بالتوجه فقد كانت توجيهات القيادة الرشيدة بالانفتاح. وتطرح برنامج اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة التي تم الإعلان عنها في سبتمبر/ أيلول 2021، ضمن مشاريع الخمسين، وبالفعل بدأنا فوراً بالعمل على 20 اتفاقية شراكة، وتم توقيع الاتفاقية الأولى مع الهند في فبراير 2022، وتبعها 6 اتفاقيات منها ما دخل حيز التنفيذ ومنها ما ينتظر الاعتماد من قبل الطرف الآخر، ووفقاً للخطة، نسعى لتوقيع 20 اتفاقية خلال 7 سنوات».

وأضاف: «التفكير الاستباقي للإمارات في مواجهة التحديات كان يركز على كيفية فتح أسواق جديدة، وهذا الحدث الأهم بالنسبة لوزارة الاقتصاد في 2021».

وفي السياق، وعلى صعيد استكمال إعادة تشكيل الأسس التي يقوم عليها اقتصاد دولة الإمارات، يرى بن طوق أنه كان لا بد من التركيز على عمودين رئيسيين، هما عمود سهولة ممارسة الأعمال وتكلفة الأعمال، والعمود الثاني هو الحماية والملكية الفكرية للشركات والعلامات التجارية من منظور جديد قائم على التكنولوجيا والتطور الذي يحدث على صعيد الاقتصاد وعملية الإنتاج.. وقال: «على هذا الأساس جاء قانون الملكية الفكرية الصناعية الجديد الذي أعطى مرونة في تسجيل الملكية الفكرية. ومن أهم ميزات القانون الجديد إمكانية تسريع التسجيل. وفي بعض الدول تصل مدة التسجيل إلى 3 سنوات. كذلك استحدثنا آليات لحماية الملكية الفكرية للشركات الصغيرة وللجامعات، كما خفضنا رسوم التسجيل لمساعدة أصحاب العلامات التجارية على حفظ حقوقهم والتسجيل لمدة عشر سنوات قابلة للتجديد».

ومن ضمن مشاريع الخمسين كان مشروع مؤتمر الإمارات الاستثماري «إنفستوبيا»، والذي تم بالفعل عقده في دورتين متتاليتين، والدورة الثالثة العام المقبل، وفكرة المؤتمر ترتكز على كيفية جذب أكثر من 500 مليار درهم استثمارات جديدة إلى قطاعات الاقتصاد الجديد والصناعات الناشئة في الإمارات.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى