مقالات اقتصادية

شركات الطيران أمام تحدي الخسارة أو زيادة أسعار التذاكر

كتب أسامة صالح 

بعدما نجت صناعة الطيران من جائحة “كوفيد-19″، توشك اليوم أن تسلم الركاب فاتورة بمليارات الدولارات، في مسعى لمحاربة تهديدها الوجودي التالي المتمثل في إزالة الكربون.

سيجري تحييد انبعاثات الكربون لنحو 25 ألف طائرة في الأسطول التجاري العالمي الذي ينقل عادة نحو أربعة مليارات شخص سنوياً ويحرق ما يقرب من 100 مليار غالون من الكيروسين النفاث المتسخ.

قد تكون هناك حاجة إلى نحو خمسة تريليونات دولار من الاستثمارات الرأسمالية لتحقيق هدف الطيران المتمثل في الوصول إلى حياد الكربون بحلول عام 2050، وكلها تقريباً تستثمر في إنتاج الوقود المستدام وتوليد الطاقة المتجددة، وفقاً لـ”بلومبيرغ” نقلاً عن شركة الأبحاث “ماكينزي”.

جبل من المال الضخم قد يقضي على إيرادات شركات الطيران العالمية، في حين أن قادة الصناعة كانوا عبروا عن حقيقة غير مريحة، هي أن تكاليف فطام السفر الجوي عن الوقود الأحفوري سيتم تحميلها على الركاب.

خلال سبعة عقود من التوسع غير المقيد تقريباً، كان على صناعة الطيران أن تولي القليل من الاهتمام للانبعاثات، في وقت يبحث الركاب عن التذاكر الرخيصة، واليوم تجد شركات الطيران نفسها في ضائقة بيئية، إذ تحدد الحكومات مواعيد نهائية لخفض الانبعاثات الكربونية ونشطاء يلصقون أنفسهم في مدارج الطائرات للفت الانتباه إلى ظاهرة الاحتباس الحراري.

واليوم تؤكد درجات الحرارة القياسية هذا الصيف في مختلف مناطق العالم وجهة نظر دعاة المناخ، في حين أن الانتقال الباهظ الكلفة للطيران إلى وقود أنظف يؤدي إلى ارتفاع الأسعار وتقليل عدد الخطوط وشركات الطيران.

السفر الجوي وتسخين كوكب الأرض

السفر الجوي الدولي هو واحد من الطرق التي يقوم بها البشر بتسخين كوكب الأرض، فمن المتوقع أن ترتفع حصة الطيران من إنتاج ثاني أكسيد الكربون بشكل كبير إلى ما يقدر بنحو 22 في المئة بحلول عام 2050 من نحو اثنين في المئة اليوم، إذا لم تخفض الانبعاثات الكربونية بشكل سريع.

أدركت حكومات العالم بشكل متزايد التكاليف الاقتصادية والبشرية الكبيرة للتغير المناخي، بخاصة بعد صيف من موجات الحر المميتة، وإجلاء السياح في اليونان والحرائق المميتة في هاواي، البرتغال، إسبانيا، ومناطق أخرى من العالم.

وبالنسبة إلى الركاب، تعني دفعة التنظيف احتمالاً ضئيلاً للراحة من ارتفاع الأسعار بعد الجائحة الذي ترك الأسعار المحلية في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، أعلى اليوم بنسبة ثمانية في المئة من مستويات عام 2019، كما سيكون دمج تكلفة إزالة الكربون في أسعار التذاكر أمراً أكثر ديمومة، مما يعكس الاستثمارات الضخمة طويلة الأجل من قبل الشركات المصنعة العملاقة مثل “بوينغ” و”إيرباص، إلى جانب مصافي الوقود والمطارات وشركات الطيران.

وقال رئيس قسم الاستدامة في شركة “فيرجن أستراليا إيرلاينز” ومقرها بريسبان، كريستيان بينيت، “نحن في حاجة إلى أن نكون صريحين للغاية مع الركاب في شأن ما سيعنيه كل هذا… تكلفة إزالة الكربون التي يتحملها المسافرون هي بمثابة فيل في الغرفة”.

البصمة الكربونية وأرباح شركات الطيران

ويتصارع المسؤولون التنفيذيون في شركات الطيران مع أسئلة صعبة أبرزها كيفية خفض بصمتهم الكربونية بشكل هادف بتكلفة لا تدمر الأرباح، وكيفية تجنب المطالب القاتلة لنمو وتوسع الصناعة لتقلل بدورها رحلات الطيران ببساطة.

ونظراً لأنها لا تصنع الطائرات أو توفر الوقود، تعتمد شركات النقل على لاعبين آخرين مثل صانعي الطائرات ومصنعي المحركات وشركات الطاقة لتحفيز التقدم التقني.

وحتى مع التنسيق غير المسبوق فإن الخيارات محدودة، فقد تظل الطائرات التجارية التي يتم تسليمها اليوم تحلق في عام 2050، كما ستستغرق التصميمات الجديدة التي تعمل بالبطاريات أو الهيدروجين سنوات، إن لم يكن عقوداً حتى تتحقق، وحتى الآن فإن الخيار الأفضل هو ملء الطائرات التقليدية بأنواع الوقود المقلدة الأقل تلويثاً والتي لا تتطلب مزيداً من التنقيب عن النفط، وحتى هذا سيتطلب جهداً هائلاً للوقوف على نظام إنتاج وقود بديل بالكاد موجود اليوم، كما ستجعل فاتورة خفض الكربون الطيران أكثر تكلفة بكثير.

وعلى رغم تباين التقديرات، لكن التكاليف كبيرة وفقاً لبيانات من التقرير البيئي لمنظمة الطيران المدني الدولي، إذ يتوقع أن تضيف تدابير الاستدامة ما يصل إلى 73 دولاراً إلى تكلفة مقعد في اتجاه واحد في رحلة طويلة من نيويورك إلى باريس على سبيل المثال.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى