اقتصاد كويتي

الشال: ارتفاع أسعار الفائدة في الظروف الحالية تحمل مخاطر

افاد مركز الشال في تقريره الاقتصادي الاسبوعي ان بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي قرر يوم الأربعاء 22 مارس 2023 رفع سعر الفائدة الأساس على الدولار الأمريكي بـ 0.25%، وهذه الزيادة هي التاسعة خلال سنة واحدة، الأولى كانت في 16 مارس 2022.

وكانت التوقعات قبل أزمة تعثر المصارف التي بدأت في 10 مارس الجاري تشير إلى ترجيح زيادة سعر الفائدة بـ 0.50% بسبب استمرار مستويات التضخم بأعلى من المتوقع لها واستمرار سخونة سوق العمل ورواج الاستهلاك الخاص، ومع تلك الزيادة، بلغت الفجوة بين سعر الخصم على الدينار الكويتي والفائدة الأساس على الدولار الأمريكي ما بين 0.75% – 1.00%.

ولارتفاع أسعار الفائدة في الظروف الحالية مخاطر في اتجاهين، الأول هو احتمال كبح النمو الاقتصادي بأكبر وأسرع من المستهدف ما يعني ولوج حقبة ركود أعمق وأطول من المحتمل، والثاني احتمال تعميق أزمة القطاع المالي.

ولتعميق أزمة القطاع المالي من وجهة نظرنا زاويتين، الزاوية الأولى هي احتمال اتساع حالات تعثر المصارف المتوسطة والصغيرة ويقدر عددها في الولايات المتحدة الأمريكية بـ 190 مصرف، طال التعثر حتى الآن أربعة منها فقط بمجموع أصول بحدود 550 مليار دولار أمريكي ومجموع ودائع بحدود 317 مليار دولار أمريكي.

معظم تلك المصارف تعاني من اختلال التوازن ما بين أصولها والتزاماتها، ومعظم استثماراتها طويلة الأجل وممولة بديون قصيرة الأجل مثل الودائع ومحافظ العملاء، وتكلفة الأموال لديها تتسع مقابل العائد على استثماراتها، والتأمين على الودائع لا يغطي سوى نحو 10% من قيمتها.

وفي بلد تبلغ فيه الودائع لكل قطاعها المالي نحو 17.6 تريليون دولار أمريكي، وأصول المصارف نحو 23 تريليون دولار أمريكي، تنحصر معركة السلطات النقدية والمالية على ضمان ثقة المودع والمستثمر، وبأي ثمن، لأن فقدانها قد يتسبب في تداعيات غير محتملة ويمتد حريقها إلى كل العالم.

الزاوية الثانية هي تكلفة التمويل على المقترضين، فإجمالي ديون العالم، السيادية والخاصة في مستوى قياسي، أقل قليلاً من 300 تريليون دولار أمريكي أو نحو 3.38 ضعف حجم الاقتصاد العالمي، وارتفاع تكاليف خدمة تلك الديون قد يؤدي إلى سلسلة من الإفلاسات على مستوى دول ومؤسسات كبرى، خصوصاً إن زامنه تصحيح كبير في بورصات العالم، وهو أمر لابد من التحوط له ومراقبته بشكل متصل.

تلك المخاطر قد تعني بحدود اجتهادنا بأن الزيادة الحالية قد تكون الأخيرة، وتصريحات رئيس الفيدرالي الأمريكي حول الاستمرار في رفعها إن احتاج الأمر، وتصريح وزيرة الخزانة حول استبعاد ضمان كل الودائع غير المؤمنة، يندرجان تحت تأكيد ثقتهما بسلامة أوضاع القطاع المصرفي من أجل تعزيز ثقة عملائه.

لذلك، لا نعتقد أن زيادة أسعار الفائدة الأسبوع الفائت هدفها كبح التضخم فقط كما في الحالات الثمان السابقة، وإنما تندرج تحت هدف دعم الثقة كما في تصريح البنك المركزي الأوروبي عندما رفع سعر فائدة اليورو بـ 0.50% ولاحقاً البنك المركزي السويدي، فقد يفهم المتعاملون بأن تراجع الفيدرالي الأمريكي عن رفع سعر الفائدة راجع إلى عمق أزمة القطاع المصرفي.

فالمستهدف من الزيادات السابقة كما ذكرنا هو كبح التضخم وتبريد سخونة سوق العمل والحد من نمو الاستهلاك الخاص، وكلها سوف تحققها تداعيات أزمة المصارف الأخيرة، وأحد أهم مصادر التضخم، وهو أسعار النفط، – خام برنت – فقدت أسعاره نحو 4.9 دولار أمريكي للبرميل ما بين 9 مارس و22 مارس الجاري، أي هبطت بنحو 6%، وقد نشهد قريباً بدايات تسريح عمالة إن تباطأ نمو الاقتصاد.

لم تكن أزمة المصارف في 10 مارس متوقعة، ولكنها حدثت، وترتب على حدوثها عقد اجتماعات طوارئ استثنائية في الولايات المتحدة الأمريكية شملت الرئيس الأمريكي وفريقه والكونغرس والفيدرالي الأمريكي ومؤسسة ضمان الودائع الفيدرالية وكل الشركات المالية الكبرى غيرت كثيراً من قناعات سابقة، واستهلكت كل عطلة نهاية الأسبوع ما بين 10 إلى 12 مارس الجاري واتخذت قراراتها قبل فتح الأسواق المالية مع بداية الأسبوع، تبعها جهد مماثل في سويسرا في عطلة نهاية الأسبوع الذي تلاه، وشاركهم التواصل والقلق كل سلطات العالم النقدية والمالية، إلا الكويت غير، وحدها، وهي الأكثر تأثراً بتداعيات الأزمة، كانت واستمرت بلا إدارة عامة بالكامل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى