اقتصاد دولي

النحاس ينضم إلى قائمة الأصول والملاذات الآمنة في مصر خلال 2023

كشف تقرير حديث أن قائمة السلع المعدنية الأكثر جذباً للاستثمار في 2023، تضم الذهب والنحاس والليثيوم كأهم السلع التي يتجه الأشخاص للاستثمار فيها هذا العام، ووفق «غولدن بروكرز»، فقد شهد شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، ارتفاع سعر الذهب إذ كان السلعة الأكثر جذباً، وأسهم هبوط قيمة الدولار بشكل كبير في ارتفاع سلعة الذهب بنسبة 6.1 في المئة خلال الشهر.
وأشار التقرير إلى أنه خلال شهر مارس (آذار) الجاري، ارتفعت أسعار الذهب بعد الانهيار الكبير لبنك «وادي السيليكون» وبنك «سيغنتشر»، مما أدى إلى اضطرابات في قطاعي البنوك والتمويل، ومع ذلك، ليس مؤكداً ما إذا كان الذهب سيحتفظ بسعره الحالي أم لا، إذ تستمر الآثار المتناقضة للتضخم المرتفع وارتفاع أسعار الفائدة لدى البنك المركزي في إحداث اختلالات بين قوى العرض والطلب على سلعة الذهب.
ويعد النحاس سلعة مطلوبة بشدة في عديد من القطاعات، مثل البناء، والإلكترونيات، والسيارات الكهربائية، وتقنيات الطاقة المتجددة. وارتفع سعر النحاس في يناير الماضي، بفضل هبوط قيمة الدولار والتوقعات برفع الصين للقيود المتخذة، ومع ذلك فقد انخفض بعض الشيء في فبراير (شباط) الماضي، بسبب تعزيز أداء الاقتصاد الأميركي وقيام مجلس الاحتياط الفيدرالي (المركزي الأميركي) برفع سعر الفائدة، مما أثر سلباً في الطلب على سلعة النحاس، وعلى رغم أن هذا المعدن يعاني من نقص، إلا أن قيود العرض قد تسيطر على الأسواق الدولية في عام 2023 بسبب الضغوط المتزايدة على الطلب، ومع ذلك قد يؤدي الانكماش الاقتصادي القصير الأجل إلى تقليل الطلب العالمي على النحاس.
كما يعد الليثيوم «مادة ذهبية» في العصر الحديث إذ تأتي فائدته الأساسية من استخدامه في بطاريات السيارات الكهربائية، ويتاح للمستثمرين تداول الأسهم والأدوات المرتبطة بالليثيوم، مثل شركات تعدين الليثيوم وإنتاج البطاريات، وهذا القطاع يمتلك إمكانات كبيرة للنمو، وتم اكتشاف 8.5 مليون طن من الليثيوم في إيران، ما يمثل 10 في المئة من احتياطيات العالم، كما من المتوقع زيادة إنتاج كربونات الليثيوم بشكل كبير في أستراليا خلال عام 2023، ومع استمرار الطلب المتزايد على المنتجات التي تحتوي على الليثيوم، قد يظل سعر الليثيوم مستقراً إلى حد ما خلال عام 2023.
خسائر الجنيه وشهادات استثمار بعائد مرتفع
وتشهد مصر حالة من عدم اليقين في ظل استمرار خسائر الجنيه المصري مقابل الدولار، ومنذ منتصف مارس من العام الماضي، تحرك البنك المركزي المصري في أكثر من اتجاه وأصدر قرارات تأتي في إطار وقف موجات التضخم ومن بينها إصدار شهادات استثمار بعائد سنوي مرتفع. وكانت أولى الشهادات في مارس من العام الماضي، حينما طرحت بنوك تابعة للحكومة المصرية، شهادات بعائد سنوي بلغ نحو 18 في المئة، وتمكنت هذه الشهادات من جمع نحو 750 مليار جنيه (24.232 مليار دولار) خلال شهرين فقط، وتشير التوقعات إلى إمكان إصدار شهادات جديدة خلال الفترة المقبلة في ظل استقرار معدل التضخم عند أعلى مستوى في أكثر من خمس سنوات. ومن المقرر أن يجتمع البنك المركزي المصري غداً الخميس، لمراجعة أسعار الفائدة، ويتوقع عدد كبير من المحللين، أن ترفع لجنة السياسة النقدية أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس بينما تحاول كبح التضخم وتعزيز السيولة من النقد الأجنبي وسط ضغوط مستمرة على الجنيه المصري.
كان متوسط التوقعات في الاستطلاع الذي أجرته وكالة «رويترز» وشمل 15 محللاً، أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس، بينما توقع سبعة محللين رفعاً بمقدار 300 نقطة أساس.
لكن ما زال النطاق المالي المحدود لمصر يعني ضرورة تطبيق برنامج للطروحات الحكومية «واسع النطاق»، إذا كان ذلك سيضع حداً لأزمة السيولة من النقد الأجنبي المستمرة وسد فجوة التمويل البالغة مليارات الدولارات، وفق ما ذكره محللو «مورغان ستانلي» في مذكرة بحثية حديثة.
جذب 7 مليارات دولار من مبيعات الأصول
وأوضح التقرير أنه يمكن لمصر جذب ما يصل إلى سبعة مليارات دولار من خلال مبيعات الأصول بحلول العام المقبل، منها مليارا دولار بنهاية العام المالي الحالي في يونيو (حزيران)، وخمسة مليارات أخرى في العام المالي 2024/2023، بحسب تقديرات بنك الاستثمار الأميركي، وقد يساعد ذلك على زيادة السيولة من النقد الأجنبي، ويعزز وضع المالية العامة فضلاً عن تضييق الفجوة التمويلية، التي يقدرها «مورغان ستانلي» بنحو 23 أو 24 مليار دولار حتى نهاية العام المالي المقبل.
وهذا من شأنه أن يهدئ التوقعات بمزيد من انخفاض لسعر صرف الجنيه مقابل العملات الأجنبية، ويضمن انتقالاً سلساً إلى نظام سعر الصرف المرن بشكل دائم، ما قد يؤدي إلى خفض العوائق أمام مستثمري المحافظ الأجنبية ويمنح السلطات مزيداً من الوقت لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية لتحقيق تكافؤ الفرص وتعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل أكبر.
النحاس يرتفع إلى أعلى مستوى له في عامين
لكن التوسع في برنامج الطروحات لن يكون سهلاً، إذ ستشكل المصالح السياسية المكتسبة وصعوبات تغيير الإطار التنظيمي، عقبات أمام تحقيق نوع الإصلاح اللازم لوضع اقتصاد البلاد على مسار أكثر استدامة، وقد يزداد التحدي المتمثل في بيع أصول الدولة مع تحرك الحكومة بشكل أعمق في البرنامج، مع التركيز على الشركات الأصغر حجماً والأقل حوكمة.
قد يكون التأخير مكلفاً، وقد يؤدي توقف الطروحات من الآن وحتى نهاية العام المالي الحالي في يونيو المقبل إلى «تدهور معنويات المستثمرين ومشكلات في السيولة من النقد الأجنبي لفترات طويلة»، حسبما ذكر البنك، ومن شأن ذلك أن يرفع التوقعات بمزيد من انخفاض قيمة الجنيه وارتفاع التضخم، مما يزيد من الضغط على سعر الفائدة الحالي.
ولن يكفي السماح للجنيه بالانخفاض أكثر مقابل الدولار، «في حين أن منع استمرار خلل سعر الصرف أمر بالغ الأهمية، فإن الاعتماد على تعديل سعر الصرف وحده، أي السماح لقيمة الجنيه بمزيد من الانخفاض حتى البدء في جذب التدفقات الأجنبية، ليس علاجاً شافياً نظراً إلى مستويات التضخم المرتفعة بالفعل والتكاليف الاجتماعية المرتبطة به»، وفق ما كتب باحثون.
أين تتجه تدفقات الاستثمار الأجنبي؟
لكن لا يمكن للحكومة المصرية إلا أن تكثف جهودها للحد من تأثير التضخم، فنسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد البالغة 92 في المئة، والإنفاق المرتفع على دعم الخبز والوقود، يعني أن الحكومة ليس لديها مجال كبير لتخفيف التضخم، ولا يختلف الأمر كثيراً بالنسبة للسياسة النقدية، فالبنك المركزي المصري يمكنه فقط رفع أسعار الفائدة عند هذا الحد، بسبب العبء الكبير بالفعل لخدمة الدين والظروف المالية العالمية الصعبة. قد يبلغ إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر واستثمارات المحافظ الأجنبية نحو 44 مليار دولار بحلول يونيو 2025. ويعني عدم اليقين في شأن الإصلاح والظروف المالية العالمية الصارمة أن الأساس الذي استند إليه «مورغان ستانلي» في تقديره للاحتياطيات والتدفقات من الاستثمار الأجنبي المباشر واستثمارات المحافظ أقل من توقعات صندوق النقد الدولي، ومن المرجح أن يرتفع احتياطي النقد الأجنبي بمقدار 5.4 مليار دولار بحلول نهاية العام المالي 2024 – 2025، وهو ما دون توقعات صندوق النقد الدولي البالغة 20.3 مليار دولار.
وتعد تقديرات البنك للاستثمار الأجنبي المباشر وتدفقات المحافظ، أقل من توقعات صندوق النقد الدولي بـ 7.1 مليار دولار و5.8 مليار دولار على الترتيب، وكذلك يعتقد «مورغان ستانلي» أن مصر ستجذب 28.3 مليار دولار من الاستثمار الأجنبي المباشر و15.6 مليار دولار من استثمارات المحافظ المالية الأجنبية بحلول يونيو 2025.
ومن المتوقع أن يبلغ التضخم ذروته عند مستوى 38 في المئة بحلول سبتمبر (أيلول) المقبل، ثم ينخفض إلى 13.6 في المئة بحلول نهاية عام 2024. وفي ما يتعلق بأسعار الفائدة، فمن المرجح أن يرفع البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بمقدار 400 نقطة أساس إلى 20.25 في المئة بحلول يوليو (تموز) المقبل، وأشار البنك إلى أن أرقام التضخم القياسية الشهر الماضي والضغط المتزايد على الجنيه يدعمان احتمالية رفع أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس على الأقل هذا الشهر.

ورجح التقرير أن يتباطأ معدل النمو الاقتصادي إلى مستوى 4.3 في المئة خلال العام المالي الحالي قبل أن يرتفع مجدداً إلى خمسة في المئة خلال العام المالي 2023 – 2024، ومن المتوقع أيضاً، أن يتسع عجز الموازنة إلى مستوى 7.6 في المئة خلال العام المالي الحالي، و8.1 في المئة خلال عام 2023 – 2024 حتى مع ارتفاع الفائض الأولي، كما سترتفع ديون مصر كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي من 92 إلى 96 في المئة خلال العام المالي 2022 – 2023، قبل أن تتراجع إلى 94 في المئة خلال العام المالي المقبل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى