اقتصاد دولي

صندوق النقد يتوقع نموا أكثر بطئا في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

قال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي جهاد أزعور، خلال مؤتمر صحافي لمناقشة تقرير «آفاق الاقتصاد الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا» خلال اجتماعات الربيع في واشنطن، إن تخفيض الإنتاج النفطي الأخير لـ»أوبك+» سيكون له تأثير سلبي على النمو الاقتصادي للمنطقة، ولكن في المقابل قال إن الدول المصدرة للنفط في المنطقة ستواصل تحقيق نسب نمو جيدة بنحو 4.5 في المئة، ومع ارتفاع أسعار النفط المتوقعة سيكون له تأثير إيجابي على ميزان المدفوعات لتلك الدول وفي بعض الحالات على المالية العامة. وأشار إلى أن النمو في البلدان المصدرة للنفط بالمنطقة سيتباطأ إلى 3.1 في المئة خلال 2023 من 5.7 في المئة عام 2022، مع توقعات بأن يكون القطاع غير النفطي المحرك الرئيس للنمو.
كما أشار إلى أن التضخم سيظل من دون تغيير عام 2023 عند 15 في المئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قبل أن يتراجع العام المقبل.
ولدى سؤاله عن تقييم الصندوق لأداء الاقتصاد السعودي وأين تكمن نقاط القوة فيه، قال أزعور، إن الصندوق رفع توقعاته لنموه للعام الحالي إلى 3.1 في المئة، وأرجع تحسن أداء اقتصاد البلاد إلى عنصرين أساسيين الأول، الإصلاحات التي نفذتها القيادة السعودية التي قال إنها أثبتت قدرتها على تنويع الاقتصاد وتعزيز قدرة القطاع غير النفطي على النمو إضافة إلى تنويع مصادر الدخل في البلاد، متوقعاً استمرار نمو الاقتصاد السعودي نظراً للإصلاحات العديدة التي حدثت بما فيها إصلاحات سوق العمل وتوسيع نطاق التوظيف وإطلاق عديد من المشاريع الكبرى. وعلى صعيد التضخم أشار أزعور إلى أن سقف التضخم في المملكة لا يزال منخفضاً نسبياً، وذلك بسبب السياسات الداخلية حيث اتخذت العديد من الإجراءات نظراً لارتباط عملتها بالدولار الأميركي، لتأمين استقرار الأسعار في البلاد.
وعن نقاط قوة الاقتصاد السعودي قال أزعور، إنها تكمن في قدرة البلاد على الاستثمار بالقطاعات الواعدة على المدى الطويل، وكذلك اعتماد الخدمات التكنولوجية وتنويع القاعدة الاقتصادية للبلاد.وحسن الصندوق في تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» لشهر أبريل (نيسان) توقعاته لنمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للسعودية في العام الحالي مقارنة بتقديراته السابقة الصادرة في يناير (كانون الثاني) التي بلغت 2.6 في المئة، لكن الصندوق خفض توقعاته لنمو الاقتصاد السعودي في العام المقبل 2024 إلى 3.1 في المئة مقارنة بأرقامه السابقة عند 3.4 في المئة.
تأثير محدود للأزمات المصرفية على المنطقة
وأشار أزعور إلى أن تأثير الأزمات المالية والمصرفية في العالم كانت محدودة على الشرق الأوسط، قائلاً إنه لم يكن هناك تداعيات على القطاع المصرفي في المنطقة جراء أزمة بنك «وادي السيليكون» وبنك «كردي سويس». لكنه حذر من أنه لا تزال بلدان في المنطقة تعاني من ديون أكثر من غيرها ولا تزال المخاطر فيها مرتفعة. وعبر أزعور عن مخاوف الصندوق مما سماه «عدوى» مخاطر عدم الاستقرار المالي العالمي على المنطقة، وكذلك إمكانية تأثر المنطقة بالتقلبات في الأسواق العالمية وكذلك قلقه من مشاكل الديون وبخاصة في الاقتصادات الناشئة. كما حذر من أن تصعيد الحرب في أوكرانيا قد يفاقم عدم اليقين في أسواق الطاقة ويؤدي إلى ضغوطات على المنطقة. ودعا دول الشرق الأوسط إلى ضرورة المحافظة على استقرار الأسعار ودعم الدول الأكثر هشاشة. كما دعا إلى ضرورة تسريع الإصلاحات الهيكلية عبر تعزيز صلابة شبكات الأمان الاجتماعية، منوهاً أن الصندوق سيستمر في دراسة الأولويات السياسية للمنطقة.
وتحدث مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد عن استمرار دعم الصندوق لدول المنطقة وتقديم الدعم المالي لعدد منها، حيث قدم دعماً لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بقيمة 21.7 مليار دولار في عام 2022، شمل مصر وأرمينيا والمغرب وموريتانيا.
المنطقة والصدمات العالمية
وأضاف أنه على الرغم من سلسلة الصدمات العالمية فقد جاءت نتائج أداء المنطقة العربية مفاجئة العام الماضي، وسجلت نمواً بنسبة بـ5.3 في المئة، حيث دعمت أسعار الطاقة هذا الارتفاع، ومع توقعاته بتباطؤ نمو إجمالي الناتج المحلي للمنطقة هذا العام إلى 3.1 في المئة، حذر أزعور من أن كثيراً من الدول تعاني من ارتفاع أسعار السلع إلى جانب الهشاشة الاقتصادية.
وقال إنه على الرغم من مرور عام على الحرب الروسية- الأوكرانية، فإن تداعياتها لا تزال تؤثر على المنطقة بسبب حالة عدم اليقين، كما تحدث عن التدفقات المالية من روسيا إلى الدول المصدرة للنفط بعد الحرب.
وخفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو اقتصادات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بواقع 0.1 في المئة لعامين 2023 و2024، مقارنة بتقديرات يناير، إلى 3.1 في المئة و3.4 في المئة على التوالي، وذلك انخفاضاً من 5.3 في المئة العام الماضي. وفي ما يتعلق بوتيرة التضخم في المنطقة، توقع الصندوق في تقريره أن تبلغ هذا العام 14.8 في المئة، أي من دون تغيير عن 2022، على أن تنخفض العام المقبل إلى 11.1 في المئة.
وتحدث أزعور، في حوار مع «بلومبيرغ الشرق» عن أولويات يجب العمل عليها من قبل دول الخليج، كالاستمرار بنهج الإصلاح لتنويع مصادر الدخل، واستخدام الاحتياطات والفوائض المالية لتحقيق هذا الهدف، وعدم اللجوء إلى زيادة الإنفاق الحكومي، والمحافظة على الاستقرار المالي.
وقال، إن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تواجه أربعة تحديات تتمثل في معالجة التضخم وما يستدعيه من رفع للفائدة بما قد يؤثر على النمو الاقتصادي، وحالة عدم اليقين التي تشهدها الأسواق العالمية والتوترات الجيوسياسية، إضافة إلى تحديين يطالان دول المنطقة المستوردة للنفط وبشكل أساسي؛ يتمثلان في صعوبة الحصول على التمويل نظراً لارتفاع تكلفته، وانعكاس ارتفاع أسعار النفط سلباً عليها.
ويرى الصندوق أن استجابة السياسة النقدية لبلدان الشرق الأوسط وآسيا الوسطى لزيادة التضخم في الفترة 2021-2022 قد تفاوتت على نطاق واسع، لكن فعاليتها قوضتها عدة عوامل، بما في ذلك قنوات التحويل الضعيفة وأطر السياسة النقدية المتطورة ونقص التنسيق مع سياسة مالية. وركز تقرير آفاق الاقتصاد الإقليمي (REO) لمنطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى لأبريل 2023 على التحديات في تنفيذ السياسة النقدية وسط الاضطرابات المالية، وتقييم ما يمكن أن تفعله البنوك المركزية بعد ذلك لاستعادة استقرار الأسعار مع الانتباه إلى مخاطر الاستقرار المالي.
أزعور ورئاسة لبنان:- من جانبه رفض أزعور التعليق عن التقارير الإخبارية التي تحدثت عن أنه سيتجه للترشح لرئاسة لبنان قائلاً «لن أعلق على سؤال شخصي لا يناسب هذا المؤتمر الصحافي». وعن الكارثة الاقتصادية والمالية والإنسانية التي يعيشها لبنان، وعن مدى التزام الصندوق دعم لبنان، قال أزعور لا يوجد شك بأن الصندوق ملتزم بلبنان، وكان دوماً على تواصل مع السلطات لمساعدة البلاد على الخروج من الأزمة التي تعيشها.

وأضاف أن الصندوق على بينة من صعوبة الأوضاع التي يعيشها المواطن اللبناني والتضاؤل الكبير في الثقة، مضيفاً «لهذا السبب أكد الصندوق في مناسبات عديدة أهمية دعم لبنان للخروج من أزمته وعلى هذا الأساس حصلت مشاورات وتم التوصل إلى اتفاق مبدئي في أبريل عام 2022 لمساعدة لبنان للخروج من إحدى أصعب الأزمات الاقتصادية التي يعيشها، والتي تحولت اليوم لأزمة إنسانية واجتماعية».

وأشار إلى فريق الصندوق الذي قام بزيارة إلى لبنان، أخيراً، ضمن مشاورات المادة الرابعة والتي تقول بضرورة القيام بعمل متكامل لمعالجة الأزمة المالية التي تعيشها البلاد وتأثيرها على الاقتصاد وضرورة عودة الثقة وبناء اقتصاد يعالج التشوهات والتداعيات على الشرائح الاجتماعية الأكثر ضعفاً، وكذلك إعادة هيكلة بعض المؤسسات العامة لإعادة إطلاق النمو وتعزيز الحركة الاقتصادية. وأضاف أن تحقيق تلك الأهداف يتطلب معالجة بعض المشاكل التي تراكمت على الصعيد المالي، مشدداً على ضرورة معالجة كاملة لهذه الأزمات لتمكين لبنان من الخروج من محنته.

وقال، إن صندوق النقد قدم دعماً تقنياً إلى لبنان إضافة إلى التوقيع على برنامج مبدئي، مشيراً إلى أنه يتم حالياً توجيه بعثات إلى لبنان بالتعاون مع السلطات للعمل على وضع أطر وإصلاحات للمرحلة المقبلة على صعيد المالية العامة وإدارة الدين النقدي والمالي وإعادة هيكلة الاقتصاد.

الأردن

ولدى سؤاله عن توقعات النمو للاقتصاد الأردني وكيف يمكن تخفيض الدين العام للبلاد قال أزعور، إن الأردن نجح في مواجهة عدد من الصدمات الكبرى التي كان لها تأثير على الاستقرار الاقتصادي للبلاد بما فيها أزمة جائحة كورونا ومخاطر ارتفاع التضخم وأيضاً تداعيات التقلبات التي نشهدها في الأسواق العالمية وتأثيرها على دول المنطقة. وأشار إلى أن الأردن تمكن من المحافظة على الاستقرار الاقتصادي على الرغم من الدين المرتفع نسبياً، واصفاً الإجراءات التي اتخذتها الحكومة بالجيدة في الحفاظ على اقتصاد البلاد من الصدمات.

وقال أزعور، إن مستويات النمو في الأردن منخفضة نظراً لمستويات البطالة المرتفعة التي شهدت مزيداً من التراجع خلال الجائحة، مشيراً إلى ضرورة معالجة هذا الأمر من خلال تعميق الإصلاحات التي من شأنها تحسين بيئة الأعمال ورفع قابلية الاستثمار وتمكن الأردن من الاستفادة من الاستثمارات الواعدة المجاورة للبلاد.

مصر وتحدي التضخم

وعن نجاح مصر في تلبية شروط الصندوق بالحصول على الشريحة الثانية من القرض الذي طلبته، تحدث أزعور عن البرنامج الذي صممه الصندوق لمساعدة مصر لتعزيز استقرارها الكلي ووضعها مجدداً على مسار النمو المرتفع الذي يؤدي إلى خلق الوظائف وفرص العمل. وأشار إلى الأولويات قائلاً، إن الأولية الأولى تتمثل في حماية الاقتصاد المصري من الصدمات الخارجية، ومن هنا تكون السياسات المالية مهمة وكذلك مرونة سعر الصرف وهو السبيل الأفضل لحماية اقتصاد البلاد من الصدمات الخارجية التي رأيناها في العامين الماضيين.

وأشار إلى أن «التضخم لا يزال يؤثر على اقتصاد البلاد وحياة المصريين وتخطى 30 في المئة، وبالتالي من المهم بمكان الحفاظ على كبح التضخم، وكذلك ضرروة أن تتجه السياسات النقدية والمالية في البلاد إلى وضع حد له، ومن هنا نشجع السلطات المصرية على استعمال أسعار الفائدة في إطار السياسات النقدية ومواجهة مخاطر التضخم الذي يؤثر سلباً على استقرار الاقتصاد الكلي وعلى المستوى الاجتماعي».

وقال أزعور إن «الاقتصاد المصري لديه كثير من القدرات والقطاع الخاص ديناميكي، ولذلك من الضروري فتح مجال أكبر للقطاع الخاص وإعادة تصميم دور الدولة لتركز على القطاعات الأساسية للسماح بالوصول إلى قواعد متساوية للجميع بما فيه القطاع الخاص ليتمكن من خلق النمو والوظائف».

وأشار إلى اعتماد مصر إصلاحات أساسية في السنوات الماضية، وقال إن «صندوق النقد الدولي دعم مصر إلى حد كبير وبخاصة في وقت الصدمات مثل جائحة كورونا في عام 2020، حيث قدم الصندوق برامج بقيمة ثمانية مليارات دولار ولا يزال يدعم مصر. أما بخصوص القرض الذي تحتاجه مصر من الصندوق فنحن في تواصل مع السلطات المصرية لنحضر لإعادة النظر الأولى في الطلب المصري وقد بدأت هذه التحضيرات وعندما نكون جاهزين نحن والسلطات المصرية سنحدد موعد إعاد النظر».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى