اقتصاد دولي

توجه لتعديل القواعد المنفرة لطرح الشركات أسهمها في بورصة لندن

كشفت هيئة الرقابة المالية في المملكة المتحدة عن خطط لإصلاح شروطها بهدف تشجيع أكبر عدد من الشركات على القيام بطرح أسهمها في أسواق المال البريطانية عوض طرحها في الخارج.
ويأتي ذلك بعد الانتقادات التي وجهت عقب قيام شركة التكنولوجيا البريطانية «آرم» Arm، ومؤسسات أخرى بتجنب الأسواق البريطانية واختيارها القيام بطرح أسهمها في الولايات المتحدة.
هيئة السلوك المالي Financial Conduct Authority FCA كشفت عن مقترحات لتبسيط شروط طرح الشركات للاكتتاب العام في المملكة المتحدة والتي ربما كانت تسهم في ردع تلك الشركات من طرح عملياتها في الأسواق المالية للبلاد.
ومن بين التغييرات المطروحة استبدال شرائح الإدراج الحالية من النوع «القياسي» و «الممتاز» ودمجهما في شريحة واحدة وشروط واحدة أيضاً.
وبحسب الهيئة فمن شأن ذلك أن يعني إزالة متطلبات أهلية بعض الشركات للإدراج والتي كانت تنفر بعض الشركات الناشئة start-ups، وغيرها من الشركات الجديدة.
أميركا تحرج حكومة بريطانيا باستحواذها على «آرم هولدينغز» للتكنولوجيا
يذكر أن القوانين الحالية تفرض على الشركات الراغبة في طرح أسهمها في أي من مؤشرات بورصة لندن FTSE، والتي تضم بعض من أكبر الشركات العالمية، أن تتوافر لديها درجة «تصنيف ممتاز» premium listing، وكذلك الامتثال بأرفع معايير الشروط في المملكة المتحدة، وهو ما يكلف تلك الشركات مصاريف مالية كبيرة.
كما تنوي «هيئة السلوك المالي» إلغاء المتطلبات اللازمة للتصنيف «الممتاز» premium والتي تشمل الطلب من الشركات كشفاً بحساباتها ومداخيلها على مدى ثلاث سنوات، مما يشجع شركات جديدة على طرح أسهمها في بورصة لندن. وبحسب الهيئة فمن شأن تلك التغييرات أن تجعل إدراج الشركات لأسهمها في أسواق المملكة المتحدة أسهل وأكثر جذباً، وكذلك منح المستثمرين نطاقاً أوسع من الفرص.
الرئيس التنفيذي لـ «هيئة السلوك المالي» نيخيل راثي ذكر بأن «لندن هي سوق عالمية رئيسة وتتمتع بصيت استحقته عن جدارة عالمياً بين الشركات التي تسعى من أجل زيادة رساميلها، ومن شأن إصلاحاتنا المقترحة أن تعيد موازنة أعباء الشروط لمصلحة الشركات المدرجة والمستثمرين الذين تتوافر لديهم الرغبة في أن يكونوا قادرين على تحديد مستويات الأخطار وشروط التعاقد المفيدة لهم».
وأضاف راثي، «فيما تلعب القوانين الناظمة دوراً مهماً إلا أن قرار الشركة فيما إذا ما كانت تنوي طرح أسهمها في البورصة وأين يؤثر فيه عدد من العوامل، لذلك فإن أي تغيير حقيقي سيتطلب جهوداً حثيثة تبذلها الحكومة وقطاع الخدمات المصرفية على حد سواء»، مؤكداً «نحن في الهيئة نود تشجيع مزيد من الشركات على طرح أسهمها وأن تعمل على زيادة نموها في المملكة المتحدة، مقارنة بأسواق مالية عالمية أخرى منافسة». ويأتي ذلك بالتزامن مع خضوع بورصة لندن LSE الأسبوع الماضي للمساءلة خلال جلسة تحقيق من قبل لجنة الخزانة البرلمانية في شأن ما إذا كانت الشركات تقوم بتجنب أسواق المال في المملكة المتحدة لمصلحة نقل أعمالها إلى أسواق عالمية تتوافر فيها عوامل جذب أفضل. وخلصت اللجنة البرلمانية إلى أن غالبية رؤوس الأموال التي تم استثمارها في المملكة المتحدة مصدرها مستثمرون أجانب، وهو ما يؤشر إلى أن المستثمرين البريطانيين يعزفون عن الاستثمار.
كما أظهرت الإحصاءات أن عدد الشركات المدرجة في المملكة المتحدة سجل تراجعاً بنسبة 40 في المئة منذ عام 2008، بحسب هيئة «مراجعة إدراج البورصة» UK Listing Review.
يذكر أنه في الشهر الماضي كانت مؤسسة «آرم» لتصميم الرقائق الإلكترونية ومقرها كامبريدج قد وجهت ضربة لأسواق لندن من خلال إعلانها بأنها تخطط لطرح أسهمها في البورصة الأميركية خلال هذا العام. شركات أخرى كبيرة، مثل عملاق مواد البناء الأولية «سي آر إتش» CRH، كشفت أيضاً عن مخطط هذا العام لنقل أسهمها الأساس المطروحة في لندن إلى نيويورك، متذرعة بأن من شأن ذلك توفير الفرص للشركة على المستوى التجاري والاستحواذ والتشغيل في أسواق عدة.
من ناحيتها رحبت الرئيسة التنفيذية لبورصة لندن LSE جوليا هوغيت بالتغييرات، لكنها قالت إن ذلك أمر «واحد من قضايا كثيرة لا بد من إصلاحها». وقالت هوغيت بأن المقترحات تشكل «خطوة مهمة نحو الأمام للعمل على بقاء المملكة المتحدة كلاعب عالمي رئيس في أسواق المال، وتحقيق التوازن الصحيح المطلوب»، مضيفة أن «الشروط المقترحة للتغيير هي عنصر واحد من الإصلاحات الضرورية لتحسين قدرات أسواق المال في المملكة المتحدة على المنافسة، ونحن نتطلع إلى مزيد من التواصل بخصوص برنامج الإصلاحات هذا خلال الأشهر المقبلة».
وفي هذه الأثناء تضم مقترحات الإصلاح التي طرحتها «هيئة السلوك المالي» أيضاً إزالة ضرورة تصويت المساهمين على معاملات مالية من قبيل الاستحواذ، مما يعني أن قطاع الأعمال سيمكنه اختيار توسيع أعماله من دون الحاجة إلى موافقة المساهمين.
سكرتير الشؤون الاقتصادية في وزارة الخزانة (وهي وظيفة بمرتبة وزير دولة)، أندرو غريفيث قال إن المقترحات «خطوة مهمة إلى الأمام» من شأنها تحسين تنافسية المملكة المتحدة العالمية. وأضاف غريفيث أن «بريطانيا تعتبر أكبر مركز للخدمات المالية خارج الولايات المتحدة الأميركية، ولكننا نعلم أن الخيار يبقى للشركات والمستثمرين، لكن من المهم أن تكون قواعدنا الناظمة مواكبة للإجراءات المعمول بها في مناطق أخرى من العالم بالتوازي مع استمرار الاستفادة من السمعة الجيدة التي تتمتع به أسواقنا».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى