غير مصنف

3 آلاف شركة تكنولوجيا بريطانية تنتظر خطة الإنقاذ

يضع جيريمي هانت وزير الخزانة البريطاني اللمسات الأخيرة على خطط الإنقاذ التي تقدر بمليارات الجنيهات الاسترلينية لصناعة التكنولوجيا في بلاده بعد اتجاه بنك وادي السيليكون وهو أحد أكبر المقرضين في القطاع إلى الإفلاس. حيث أمضى الوزير البريطاني عطلة نهاية الأسبوع في محادثات مع بنك إنجلترا والمنظمين الماليين حيث سعت وزارة الخزانة لاحتواء تداعيات انهيار بنك وادي السيليكون (SVB) يوم الجمعة. وهناك أكثر من 3 آلاف شركة تكنولوجيا بريطانية لديها ودائع بحوالى 7 مليارات جنيه إسترليني (8.4 مليار دولار)، لدى الشركة التابعة للبنك في المملكة المتحدة، وكانت هناك تحذيرات من أن العديد من الشركات لن تكون قادرة على دفع رواتب موظفيها ودائنيها ما لم يتم الاتفاق على حزمة إنقاذ بحلول صباح يوم الاثنين.
وأخبر كبار الشخصيات في الصناعة هانت أن انهيار بنك وادي السيليكون (SVB) يمثل «تهديداً وجودياً للتكنولوجيا في المملكة المتحدة»، ومن شأنه أن «يشل القطاع» ويجبر العديد من الشركات على التصفية غير الطوعية بين عشية وضحاها.
في حين قالت مصادر وزارة الخزانة اليوم إنها واثقة من الاتفاق على حزمة الإنقاذ في الوقت المناسب، من جانبه أجرى هانت محادثات أزمة مع ريشي سوناك حيث طار رئيس الوزراء إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس بايدن.
كما يبحث الوزراء في بريطانيا أيضاً في خيارات أخرى إذا لم يتم الاتفاق على الاستحواذ في الوقت المناسب.
وتشمل هذه القروض المدعومة من دافعي الضرائب للشركات التي يتم حجز أموالها في بنك السيليكون فالي، والتي من شأنها أن تسمح لها بدفع فواتيرها لحين يتم العثور على حل طويل الأجل. ويمكن أيضاً استخدام بنك الأعمال البريطاني المملوك للحكومة لدعم الشركات المتضررة.
لا خطر على النظام المصرفي في بريطانيا
من جانبه، أصر هانت على أن انهيار بنك وادي السيليكون لا يمثل خطراً على النظام المالي في المملكة المتحدة ككل، لكنه قال إن هناك «خطراً جسيماً على قطاعي التكنولوجيا وعلوم الحياة لدينا، وكثير منهم لديهم حسابات لدى البنك». وقال وزير الخزانة «نحن مصممون تماماً على بذل كل ما في وسعنا لحماية مستقبل هذه الشركات المهمة جداً جداً». وأضاف: «نريد أن نجد طريقة تقلل أو تتجنب، إذا أمكن، كل الخسائر التي تكبدتها تلك الشركات الواعدة بشكل لا يصدق». وتابع «ما سنفعله هو تقديم خطة بسرعة كبيرة للتأكد من أنها قادرة على تلبية متطلبات التدفق النقدي التشغيلي». لكن ما قبلوه بشكل خاص هو أنه يُمكن لانهيار البنك أن يمثل تهديداً منهجياً لقطاع التكنولوجيا الناشئة في المملكة المتحدة والذي تبلغ تكلفته مليارات الجنيهات، والذي كان يعتمد بشكل غير متناسب على البنك في الخدمات المالية.
ولهذا السبب وضع ريشي سوناك ووزير خزانته جيريمي هانت جانباً الاستعدادات للميزانية في نهاية هذا الأسبوع للعمل على حزمة إنقاذ لمنع الانهيار المالي في قطاع يعتبره كلاهما حاسماً لطموح المملكة المتحدة في أن تكون «قوة عظمى في العلوم والتكنولوجيا».
في حين أن المشكلة التي تواجه هانت هي أنه نتيجة لانهيار بنك سيليكون فالي، فإن حوالى 3300 من أكثر الشركات التكنولوجية الواعدة في المملكة المتحدة تواجه خسارة تصل إلى 7 مليارات جنيه استرليني (8.4 مليار دولار) كانت مودعة لدى البنك.
لجوء شركات التكنولوجيا البريطانية لـلتمويل
وكانت شركات التكنولوجيا البريطانية سريعة النمو قد لجأت إلى بنك سيليكون فالي الأميركي لدعم تمويل خدماتها لأنه كان يُنظر إليها على أنها تفهم متطلباتها أكثر بكثير من نظرائها في الشوارع، كما قدم البنك قروضاً للشركات الناشئة، بشرط أن تتعامل معها. وعلاوة على ذلك، شجعت الصناديق الاستثمارية الكبيرة في المملكة المتحدة الشركات في محافظها الاستثمارية على استخدامها في خدماتها المالية، وغالباً ما يتم قفل المبالغ المقطوعة مع فترة إشعار سحب مدتها 30 يوماً أو أكثر في حسابات التوفير ذات الفائدة المرتفعة في وحدة بنك سيليكون فالي في المملكة المتحدة.
وفي معظم الحالات، تستغرق الشركات التي تقوم بتسويق الملكية الفكرية عدة سنوات لتحقيق الربح، لذلك فهي تعتمد بشكل كامل تقريباً على الأموال التي تجمعها من المستثمرين – والكثير منها مغلق الآن في حسابات مصرفية في البنك الأميركي المنكوب.
حزمة إنقاذ:- ويعد «سيليكون فالي» أكبر بنك ينهار منذ انهيار أكبر بنك للادخار في الولايات المتحدة «واشنطن ميوتشوال» خلال الأزمة المالية لعام 2008، مما يعني عطلة نهاية أسبوع مزدحمة للمنظمين الذين يعملون على مدار الساعة لتأمين مشتر أو إنقاذ لدعم العملاء بأكثر من 175 مليار دولار من الودائع، كما أن لدى البنك 209 مليارات دولار في إجمال الأصول. وقالت مصادر مطلعة لصحيفة «تايمز» إن الهدف كان تقديم خطة اليوم الإثنين على أمل منع مزيد من عمليات الهرب من البنوك، بخاصة البنوك الإقليمية مثل «سيغنتشر بنك» و»فيرست ريبوبليك»، وكلاهما أوقف التداول بعد أن انخفضت أسهمهما بمقدار الثلث يوم الجمعة. بطاقات الائتمان تتوقف وشيكات الأجور لم تصل:- وفي «وادي السيليكون» وجد العمال أن بطاقات الائتمان الخاصة بشركاتهم قد توقفت عن العمل، كما أن الآلاف من شيكات الأجور لم تصل، في وقت دفعت شركات رأس المال الاستثماري إلى فتح خطوط ائتمان طارئة للشركات الناشئة التي لم تتمكن من الوصول إلى السيولة النقدية في حساباتها المصرفية، كما طالب الملاك بأن يقدم المستأجرون خطابات اعتماد جديدة أو يخاطرون بفقدان مكاتبهم.
وغرّدت مؤسسة موقع «ذا إنفورميشين» الإخباري التكنولوجي جيسيكا ليسين، «لقد منحنا مالكنا في ’سيليكون فالي‘ بضعة أيام للحصول على خطاب اعتماد جديد، ولكن لحسن الحظ يمكننا القيام بذلك على الفور، لكن هناك علامة أخرى أنه لا يوجد أحد يريد الانتظار، فالجميع مذعورون».
تداعيات السقوط
من جانبه قال رئيس «واي كومبينيتور» لتشغيل الشركات الناشئة غاري تان لشبكة «سي إن بي سي» إن الانهيار كان «حدثاً على مستوى الانقراض» أثر في أكثر من 1000 شركة من محفظتها الاستثمارية، كما حذّر من أن تكون العواقب وخيمة لأن الشركات الناشئة غالباً ما يكون لديها قليل من الإيرادات أو لا تدر كثيراً من المال، لذلك تعيش على الأموال التي يتم جمعها من المستثمرين.
وأضاف أنه في كثير من الأحيان وضعت هذه الشركات الأموال في حسابات مع بنك «سيليكون فالي» وجمدت الآن، وقال إن «الابتكار قد يتراجع 10 سنوات ما لم تتدخل الحكومة الفيدرالية في خطة إنقاذ».
وقال أحد مؤسسي شركة تكنولوجيا لصحيفة «صنداي تايمز» إن «الجميع يعلم أنه إذا كنت ترغب في إقامة حدث ما فأنت تريد أن يدفع شخص ما مقابل المشروبات، أو إذا كنت ترغب في إقامة عشاء فإن بنك ’سيليكون فالي‘ هو دائماً أول اتصال للجميع، فقد كانوا دائماً بارعين في المساعدة في تجميع الأشياء معاً ودعم أمور من هذا القبيل، وبالتالي كان حقاً بنك الأشخاص لمجتمع الشركات الناشئة في كاليفورنيا وحول العالم، وهذا هو السبب في أن ما حدث للبنك أمر مروع للغاية».
توسلات بيكر:- وكانت نقطة تحول البنك حدثت بعد ظهر الخميس الماضي، وكان بيكر الذي يعمل في البنك منذ 30 عاماً، وآخر 12 عاماً كرئيس تنفيذي، يأمل في تهدئة الأعصاب.
وفي اليوم السابق صدم السوق بخطة لجمع 2.25 مليار دولار معظمها من طريق إصدار أسهم جديدة لدعم الموازنة العمومية التي تعرضت لخسارة 1.8 مليار دولار بسبب بعض الرهانات السيئة على أسعار الفائدة، في حين أن الخطة دمرت مخزون البنك من السيولة ولذلك أجرى بيكر مكالمة مع بعض أهم عملائه وهم حفنة من شركات رأس المال الاستثماري التي لا تحتفظ بأموالها في البنك وحسب، بل ترسل المئات من شركات محافظها إلى بنك ’سيليكون فالي‘ كعملاء جدد، وناشدها بيكر التزام الهدوء وطمأنها أن لدى البنك سيولة كافية لدعم عملائها مع استثناء واحد، وهو إذا كان الجميع يخبرون بعضهم بعضاً بأن بنك ’سيليكون فالي‘ يواجه مشكلة فسيكون ذلك تحدياً».

وجاءت توسلات بيكر بعد يوم واحد فقط من تداعيات خروج بنك «سيلفيرغيت» الذي يركز على العملة المشفرة، إذ طلب عدد من شركات المشاريع الكبرى، بما في ذلك «بيتر ثيلز فاندر فند»، من شركاتها سحب أموالها من بنك «سيليكون فالي» بصورة سريعة، وكان هذا السبب وراء انخفاض سعر سهم البنك بسرعة كبيرة، فلم يكن لدى البنك العديد من العملاء، وكان مشغلاً مع عدد قليل من الحسابات الفردية وأقل من 38 ألف حساب شركة.

وعلاوة على ذلك كان عملاء بنك «سيليكون فالي» في الغالب شركات تقنية وشركات ناشئة، ولم تكن بحاجة أو مؤهلة للحصول على خدمات الإقراض النموذجية التي تعتبر مصدراً أساساً لمعظم البنوك.

طفرة الوباء وتضاعف أصول البنك

ومع ذلك فبين عام 2019 والربع الأول من عام 2022 تضاعفت أصول بنك «سيليكون فالي» ثلاث مرات لتصل إلى 198 مليار دولار، إذ اجتذب عملاؤه مليارات الدولارات في طفرة الاستثمار التي يقودها الوباء، في حين أنه ولتوليد عائد على سيولته المكتشفة حديثاً بدأ في المراهنة على السندات الحكومية طويلة الأجل، وقد نجح ذلك بشكل جيد في عالم من معدلات الفائدة الصفرية، ولكن مع قيام بنك الاحتياط الفيدرالي وبنك إنجلترا برفع أسعار الفائدة خلال العام الماضي فإن هذه الرهانات ساءت، وفي الوقت نفسه ضرب الركود التكنولوجي فقامت الشركات بتسريح أكثر من 290 ألف شخص منذ عام 2022، كما توقف أصحاب رؤوس الأموال عن دعم الشركات وبدأت الشركات الناشئة في استنزاف حسابات بنك «سيليكون فالي» لدفع الفواتير، جنباً إلى جنب مع رهانات السندات السيئة مما تسبب في تقلص قاعدة الإيداع في حدوث أزمة.

95 في المئة من حسابات العملاء غير مؤمنة

وكان عامل التسريع الآخر في سقوط البنك هو أن أكثر من 95 في المئة من حسابات العملاء غير مؤمنة، لأن أرصدتها تجاوزت بكثير الدعم الحكومي الذي تبلغ قيمته 250 ألف دولار والذي تقدمه المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع، لذلك عندما تم الإعلان الأسبوع الماضي عن مشكلة محتملة لدى البنك، تحركت الشركات والممولون لسحب أموالهم بسرعة كبيرة، كما أصبح التدقيق على بيكر وفريق الإدارة مكثفاً، بخاصة بعد أن ظهر أنه مع تجمع السحب في الـ 27 من فبراير (شباط) الماضي باع بيكر 3.6 مليون دولار من الأسهم، بينما حصل على 1.3 مليون دولار في الخيارات بموجب مخطط مجدول مسبقاً، وكان البنك من دون مسؤول أخطار بدوام كامل لمدة ثمانية أشهر قبل تعيين مسؤول جديد خلال يناير (كانون الثاني) الماضي.

وتظهر قصص حول التحويلات البرقية في اللحظة الأخيرة لحسابات كاملة من بنك «سيليكون فالي» أن الشركات استيقظت لتجد أن أجزاء كبيرة من موازنتها العمومية يتعذر الوصول إليها، وتشمل الأخيرة «فوكس ميديا» مالكة مجلة «نيويورك» وعملاق التلفزيون الذكي «روكو» التي شهدت أسهمها تراجعاً بنسبة 10 في المئة بعد أن كشفت أن ربع أموالها (500 مليون دولار) عالقة داخل البنك.

وأمل سنكلير ببساطة في أن يصل شيكه الأسبوع المقبل، قائلاً «سأتأخر عن بعض المدفوعات إذا لم أحصل على الأموال الإثنين أو الثلاثاء، بخاصة أن لدي رهناً عقارياً».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى