اقتصاد دولي

منتدى دافوس يواجه معالجة «أزمة متعددة» للاقتصاد العالمي

يواجه بعض أكبر الشركات في العالم عمليات شطب بمليارات الدولارات في عمليات الاستحواذ الأخيرة، إذ تفسح موجة إبرام الصفقات المجال لعصر جديد من عدم اليقين الاقتصادي وارتفاع أسعار الفائدة. ومع توقع دخول ثلث الاقتصاد العالمي في حالة ركود هذا العام، يجتمع قادة العالم هذا الأسبوع في دافوس بسويسرا لمناقشة ما أطلق عليه المنتدى الاقتصادي العالمي «أزمة متعددة»، إذ ينخرط قادة الأعمال في حساب مؤلم في شأن بناء إمبراطورياتهم.
وكانت وسائل الإعلام وشركات الرعاية الصحية الأميركية من بين الشركات التي خفضت قيمة وحدات الأعمال في الأشهر القليلة الماضية، في وقت يحذر فيه المحاسبون من أن مزيداً من التخفيضات قد تكون وشيكة مع بدء موسم التقارير السنوية. وتقول «فايننشال تايمز» إنه بات يتعين على الشركات تقييم القيمة الدفترية للأصول غير الملموسة مرة واحدة على الأقل في العام باستخدام افتراضات حول التدفقات النقدية المستقبلية ومقارنات بتقييمات سوق الأوراق المالية، والتي انخفضت بشكل حاد في عام 2022. ومع ارتفاع الكلف بسبب التضخم وضعف توقعات الطلب، قد يكافح عديد من الشركات المكتسبة أخيراً لتبرير تقييماتها، حتى قبل أخذ أسعار الفائدة المرتفعة في الاعتبار، مما يقلل من القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية. وقال جاسميت سينغ مروة العضو المنتدب في «ستوت»، وهي شركة خدمات التقييم، «إن هذا الأمر مزيج قاتل للغاية لعدد من الشركات. لقد قامت بعملية الاستحواذ، ولم يكن الأداء على قدم المساواة مع ما توقعته، أو لم يوضع في الميزانية».
5.7 تريليون دولار قيمة الصفقات العالمية :- وسجل إبرام الصفقات العالمية رقماً قياسياً بلغ 5.7 تريليون دولار في عام 2021، لكنها تباطأت بشكل حاد في عام 2022، وفقاً لبيانات «رفينيتيف»، وتم الاتفاق على 1.4 تريليون دولار من المعاملات في النصف الثاني من العام الماضي مقارنة بـ2.2 تريليون دولار في الأول، وهو ما يمثل أكبر تأرجح من فترة ستة أشهر إلى الفترة التالية منذ بدء السجلات في عام 1980. ويواجه قادة الأعمال والسياسة في دافوس في أول اجتماع شتوي للمنتدى الاقتصادي العالمي منذ ما قبل جائحة فيروس كورونا، مشهداً مختلفاً تماماً عما كان عليه قبل ثلاث سنوات. وقبيل انطلاق «دافوس» حذر تقرير المخاطر السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي من «أزمة متعددة»، حيث تترافق كلف المعيشة المرتفعة والانكماش الاقتصادي مع الإخفاقات المستمرة في معالجة عدم المساواة وتغير المناخ. من جانبها، توقعت كريستالينا جورجيفا المديرة العامة لصندوق النقد الدولي التي تشارك في «دافوس» لتقديم أحدث التوقعات الاقتصادية للصندوق، أن يكون ثلث الاقتصاد العالمي في حالة ركود هذا العام، بما في ذلك نصف الاتحاد الأوروبي، وفي وقت لم يرتفع فيه حجم عمليات الشطب في أوروبا حتى الآن، حيث بلغ إجمالي أكبر 10 شركات في مؤشر «ستوكس» 6.4 مليار يورو (6.9 مليار دولار) العام الماضي، وفقاً لشركة «كرول»، بانخفاض من 17 مليار يورو (18.3 مليار دولار) في عام 2021. من جانبها، قالت كارلا نونيس العضو المنتدب في «كرول» إن الشركات الأوروبية لديها نهاية سنوات مالية لاحقة وتقارير أقل تواتراً، مما يشير إلى أن مزيداً من ضعف النيات الحسنة قد يأتي في الربيع. وقال دان لانجلوا الشريك في عملاق المحاسبة «كي بي أم جي» إن عمليات الاستحواذ الأخيرة قد تكون عرضة لعمليات شطب القيمة، حتى لو كانت تعمل على التخطيط. وأضاف، «عندما تضع في الاعتبار تضخم الكلة الذي ربما لم يكن متوقعاً، وأسعار الفائدة المرتفعة التي ترفع السعر الذي قد تستخدمه في تحليل التدفق النقدي المخصوم، ثم تأخذ في الاعتبار بعض أوجه عدم اليقين المرتبطة بالركود المحتمل، ستؤثر هذه الأشياء بمجملها في القيمة العادلة». وفي أكتوبر (تشرين الأول) أفادت «كومكاست» بشطب قيمته أكثر من ثمانية مليارات دولار من «محطة سكاي» التي استحوذت عليها في عام 2018، مستشهدة بالظروف الاقتصادية الصعبة في المملكة المتحدة والأسواق الأوروبية الأخرى، وأوقعت المجموعة الإعلامية في خسارة فصلية قدرها 4.6 مليار دولار.
وفي وقت سابق من العام الماضي سجلت «تيلادوك» التي استحوذت على مزود الرعاية الافتراضية «ليفينغو» مقابل 13.9 مليار دولار في عام 2020، ربعين متتاليين من عمليات التخفيض التي بلغت قيمتها الإجمالية ما يقرب من 10 مليارات دولار. وفي حين أن الشركات مطالبة بطرح عمليات تخفيض قيمة السمعة الحسنة من أرباحها، فإن عديداً منها يستبعدها من الأرقام «المعدلة» التي تبرزها في تقارير الأرباح. وقال ديفيد تسيون مؤسس «زيون ريسيرتش» إن هذا لا يعني أنه يجب على المستثمرين تجاهلهم. وأضاف أنه عندما تقوم شركة بتخفيض قيمة أصولها، فإن نسبة ديونها إلى حقوق الملكية ترتفع، مما يزيد بدوره من مخاطر مخالفة التعهدات الخاصة بديونها. كما يمكن أن يرضي العوائد المستقبلية. وتابع، «لا تنس أنه عندما يكون العائد على الأصول جيداً للغاية بعد عامين، فذلك لأنهم تعرضوا لأضرار جسيمة». وأضافت نونيس من «كرول» أن ضعف النيات الحسنة (انخفاض قيمة الشهرة، وهو عبارة عن رسوم محاسبية تسجلها الشركات عندما تتجاوز القيمة الدفترية للشهرة في البيانات المالية قيمتها العادلة) يوفر قراءة حول جودة عقد الشركة للصفقات. وقالت، «يمكنك معرفة ما إذا كنت تحصل على عائد على استثمارك، أو إذا كان المشتري قد دفع مبالغ زائدة مقابل هذه الشركات».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى