اقتصاد دولي

قرار حكومي يسعى لإنقاذ الدينار العراقي من سطوة الدولار

تبدو أزمة ارتفاع صرف الدولار أمام الدينارالعراقي المستمرة منذ أسابيع في طريقها للحل، إذ صادق مجلس الوزراء العراقي اليوم الثلاثاء على قرار مجلس إدارة البنك المركزي العراقي بتعديل سعر صرف الدولار في مقابل الدينار، بما يعادل 1300 دينار للدولار الواحد، بدلاً من سعره القديم 14700 دينار.
البيع بالسعر الجديد
وسيباشر البنك المركزي العراقي بيع الدولار بالسعر الرسمي الجديد ابتداء من الأربعاء، وهي الخطوة التي حظيت بترحيب سياسي وشعبي، كما سيواصل البنك إجراءاته وخطواته حتى استقرار سعر صرف الدولار بحسب سعر الصرف الرسمي.
وأعلن البنك المركزي العراقي، بحسب بيان له، استعداده لتلبية جميع الطلبات المشروعة للأفراد والشركات والمشاريع والمكاتب لتحقيق هدف البنك في استقرار المستوى العام للأسعار لحماية القوة الشرائية للمواطنين، ولا سيما أن سعر الصرف الجديد الممنوح للتجار وغيرهم يتيح أسعاراً أقل للمواطنين. وستكون أسعار الصرف على النحو الآتي: 1300 دينار لكل دولار، سعر شراء الدولار من وزارة المالية. 1310 دنانير لكل دولار، سعر بيع الدولار إلى المصارف من خلال المنصة الإلكترونية. 1320 ديناراً لكل دولار، سعر بيع الدولار من المصارف والمؤسسات المالية غير المصرفية للمستفيد النهائي.
وثمن محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق الاستجابة السريعة لقرار البنك المركزي العراقي بخفض سعر صرف الدولار لأجل التخفيف عن كاهل المواطنين. مؤكداً في بيان له المضي مع الحكومة في مواصلة الجهود والتنسيق المثمر لتحقيق الهدف المنشود. وتعهد العلاق ببذل مزيد من الجهود لتعزيز ثقة العراقيين بعملتهم الوطنية والحفاظ على استدامة النظام المالي والمصرفي وسلامته.
أقوى من الدولار:- رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني نصح اليوم الثلاثاء بعدم اقتناء الدولار، مجدداً التأكيد على أن «الدينار أقوى من الدولار». وذكر السوداني في المؤتمر الصحافي الأسبوعي لمجلس الوزراء أن «نافذة العملة كانت نقطة سوداء في النظام المصرفي»، مبيناً أن «هناك حزمة إجراءات ثانية سيطلقها البنك المركزي لمواجهة ارتفاع أسعار الصرف».
إلى ذلك أكد المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، أن موازنة 2023 ستعتمد سعر الصرف الذي صادق عليه مجلس الوزراء، مؤكداً أن القرار يتناسب والارتفاع في الحساب الجاري لميزان المدفوعات، وكذلك يؤازر ارتفاع الاحتياطات الأجنبية التي لامست 115 مليار دولار. وقال صالح لوكالة الأنباء العراقية (واع) إن «قرار تعديل سعر صرف الدينار العراقي إزاء الدولار اليوم يتناسب والارتفاع الحاصل حالياً في الحساب الجاري لميزان المدفوعات العراقي إلى الناتج المحلي الإجمالي للعراق، الذي تبلغ نسبته حالياً نحو 15 في المئة، مما دفع السياسة النقدية إلى ضرورة تعديل سعر الصرف ورفع القيمة الخارجية للدينار العراقي».
وأضاف أن «القرار يؤازر توافر احتياطات أجنبية رسمية ساندة للعراق لامست 115 مليار دولار، وهي توفر تغطية معيارية لتجارة العراق الخارجية الإجمالية لقرابة 20 شهراً استيرادياً في حين أن المعدل العالمي هو ثلاثة أشهر».
وتابع «كذلك سيؤدي قرار رفع قيمة الدينار العراقي إلى مكافحة الأنشطة والتوقعات التضخمية التي تفاقمت في الأشهر الثلاثة الأخيرة، إذ اتبع البنك المركزي العراقي هذه المرة نمطاً متشدداً من أنماط السياسة النقدية التي تكافح التضخم من خلال تعظيم القيمة الخارجية للنقد العراقي، بغية فرض الاستقرار في المستوى العام للأسعار وأهميته في استقرار الدخل النقدي للجمهور والحفاظ على مستويات المعيشة».
ولفت إلى أن «الموازنة العامة الاتحادية لعام 2023 ستعتمد سعر الصرف الجديد البالغ 1300 دينار إزاء الدولار الواحد لأغراض تقييم إيراداتها ومصروفاتها بالعملة الأجنبية».
قرار صائب:- بدوره وصف الباحث الاقتصادي صالح لفتة قرار البنك المركزي بتعديل صرف الدولار في مقابل الدينار وتخفيف قيمة الدولار بـ»الصائب»، مؤكداً أنه سيكبح جماح الصعود الفظيع بالأسعار لجميع السلع خصوصاً الغذائية، ويؤثر تأثيراً مباشراً في ملايين العراقيين، لكن هذا التعديل ترافقه بعض المخاطر التي يتوجب اتخاذ التدبيرات المناسبة إزاءها، منها ارتفاع المنتجات التي تصنع داخل العراق بسبب ارتفاع أسعار المواد الأولية والأيدي العاملة، بالتالي ضعف منافسة المنتج المحلي للمنتج الأجنبي المستورد الرخيص، الأمر الذي ينعكس سلباً على المصنعين المحليين وأصحاب المعامل الذين يطرحون منتجاتهم في الأسواق المحلية.
وطالب لفتة بحماية المنتج وتقديم تسهيلات كبيرة بالوقود وفرض ضرائب على المنتجات المستوردة التي تنافس المنتجات الوطنية، وأيضاً التصدي لتهريب العملة الأجنبية بطرق ملتوية تؤدي لسحب العملة الصعبة من الأسواق، بالتالي ستنتج سوقاً موازية لبيع العملة وسعرين للدولار، واحد في نافذة العملة وهو سعر الصرف الرسمي الذي يتعامل به أصحاب الصيرفات ويستفيد منه الأغنياء، وآخر أكثر من السعر الرسمي ويتعامل به المواطن، مما ينفي الفائدة التي ترتجى من خفض قيمة الدولار. مشيراً إلى أن الأمر يستوجب تفعيل الأمن الاقتصادي لمنع التهريب والمضاربات وحماية المواطنين وجني الفوائد من قرار تعديل قيمة صرف الدولار.
ترحيب سياسي:- لاقت خطوة تعديل سعر صرف الدولار ترحيباً سياسياً، إذ أشاد رئيس تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم، في بيان بـ»مصادقة مجلس الوزراء على قرار مجلس إدارة البنك المركزي العراقي القاضي باحتساب سعر صرف العملة الأجنبية بـ1300 دينار لكل 100 دولار في الموازنة المالية المرتقبة».
وأكد الحكيم أن «من شأن هذه الخطوة تخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين، ونحث الحكومة على تقديم مزيد من الخطوات والمبادرات الإيجابية ضمن منهاجها الخدمي الواعد لإنصاف الشعب وتحقيق تطلعاته».
بدوره أكد رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي في تغريدة على حسابه بموقع «تويتر»، «أؤيد بقوة قرار الحكومة الشجاع برفع سعر صرف الدينار لصالح المواطن، وكنا قد دعونا إلى ذلك». وأضاف العبادي «أدعو إلى معالجة العجز المالي في الموازنة بترشيد الإنفاق وتعزيز الاستثمار وخلق فرص عمل، وتعزيز المنتج الوطني، وتحسين الميزان التجاري والمدفوعات الخارجية، ومنع تهريب العملة، ومحاربة الفساد والهدر». وكشف مستشار رئيس الوزراء هشام الركابي، عن حزمة جديدة من عملية إصلاح الاقتصاد العراقي، مؤكداً في تغريدة على حسابه بمنصة «تويتر»، «قلنا إنها معركة الحكومة ضد المضاربين وحسمها قريب، واليوم جاء الحسم من مجلس الوزراء الذي صادق على تعديل سعر صرف الدولار في مقابل الدينار بما يعادل 1300 دينار للدولار الواحد». وأضاف «انتظروا الحزمة المقبلة من عملية إصلاح الاقتصاد العراقي».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى