اقتصاد كويتي

انتعاش الحياة الاقتصادية.. يبقي ثقة المستهلكين مستقرة مع بداية 2023

من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس»، حيث يعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم لأوضاعهم المالية.

ويرتكز المؤشر على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات، حيث يتم إجراؤه بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتمت مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت.

وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الست بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي»، ويتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين.

أصدرت شركة آراء للبحوث والاستشارات التسويقية مؤشرها لثقة المستهلك في الكويت لشهر يناير 2023، بالتعاون مع «الأنباء» وبرعاية «لكزس»، حيث سجل المؤشر العام لثقة المستهلك 102 نقطة بخسارة نقطة واحدة مقارنة بشهر ديسمبر الماضي ومتراجعا 11 نقطة على أساس سنوي، هذا الاستقرار الصعب للمؤشر العام أتى نتيجة المعدلات السلبية لـ 5 مؤشرات من أصل 6 تشكل مجموع مكونات البحث.

واللافت تراجع معدل المؤشر بـ 59 نقطة في أوساط الموظفين ذوي الرواتب التي تتراوح بين 2250 و2849 دينارا، بينما ارتفعت معدلات الثقة في صفوف العمال ذوي مستوى الدراسة المتوسطة أو الأقل وفي أوساط زملائهم حاملي الشهادة الثانوية الذين أضافوا على التوالي 22 نقطة على معدلهم السابق.

وكذلك سجلت العاصمة أعلى مستوى من التراجع بين كل المحافظات، حيث سجلت معدلا بلغ 89 نقطة بخسارة 9 نقاط وتراجع معدل محافظة الأحمدي 8 نقاط ومحافظة الفروانية 5 نقاط، ويبدو أن جملة من العوامل تضافرت للضغط على ثقة المستهلك في الكويت الداخلية منها والإقليمية والدولية.

1- إن الوضع المالي والاقتصادي في الكويت لم يزل صامدا ولم تزل الحياة الاقتصادية منتعشة، وبعض القطاعات حققت ارتفاعا في مستوى النمو لاسيما منها القطاع العقاري الذي صمد في وجه التحديات وبادر إلى تسجيل مرحلة نمو جديدة.

2- احتلت البورصة الكويتية موقعها المميز بين البورصات العالمية حيث استطاعت أن تواجه بنجاح كل العوامل السلبية، كما تأقلمت مع النتائج المعقدة للقرارات المتتالية من قبل المصارف المركزية برفع متدرج لمعدلات الفائدة التي أدت إلى تقليص السيولة في الكثير من الأسواق.

3- عدم استقرار أسعار الوقود، النفط والغاز ومشتقاتهما التي تولد أجواء ملبدة وغير مستقرة في البلدان المنتجة والبلدان المستهلكة معا. هذه الضبابية حول أسواق النفط تشكل عاملا سلبيا يزيد من القلق في أوساط المستهلكين، بالرغم من الارتفاع النسبي لأسعار النفط في النصف الثاني من شهر يناير.

4- المعوقات في الأسواق العالمية التي طالت سلسلة الإمدادات وشوهت حركة التجارة العالمية، فضلا عن البؤر الجيو- سياسية التي تساهم مستجداتها بإضافة عناصر ذات مفعول سلبي على ثقة المستهلكين.

وقد توقف معدل مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي عند 95 نقطة متراجعا نقطة واحدة خلال شهر و5 نقاط على أساس سنوي، واللافت تراجع معدلات 5 مؤشرات من 6 مؤشرات، بالإضافة إلى تراجع المؤشر العام في أوساط المستطلعين في العاصمة، كما تراجع معدل المواطنين الى 84 نقطة بخسارة 6 نقاط، بينما ارتفع معدل المقيمين العرب إلى 97 نقطة بإضافة 3 نقاط.

وتباينت معدلات الفئات العمالية لمؤشر الوضع الاقتصادي الحالي، حيث سجلت الفئة الحاملة شهادة الثانوية 110 نقاط، معززة رصيدها السابق بـ 12 نقطة، واستقر معدل حاملي الدبلوم، وتراجع معدل الفئة الجامعية 6 نقاط وحاملي الشهادة المتوسطة وما دون 3 نقاط، كذلك انخفض معدل الشباب 18-35 سنة 6 نقاط.

إن تراجع معدلات الوضع الاقتصادي الحالي قد يكون نتيجة جملة من العوامل، أبرزها انخفاض أسعار النفط أحيانا وتراجع بطيء للقدرة الشرائية، فضلا عن الضغوط النفسية الناتجة عن عدم الاستقرار العالمي والإقليمي.

وإذا احتكمنا للمستجدات في الكويت المتعلقة بالحركة الاقتصادية، تبرز عدة نقاط إيجابية منها:

أ- عودة الأسعار المقبولة للنفط ومن المتوقع ارتفاع الطلب في الأسواق العالمية.

ب- ارتفاع مستوى السيولة في السوق الكويتي.

ج- ارتفاع حجم المشاريع الى 98.4 مليار دولار، منها مشاريع قيد التنفيذ بقيمة تفوق 29 مليار دولار.

د- مواجهة التضخم وحصره دون 4% وذلك لضمان القدرة الشرائية للدينار وتخفيض ما أمكن من ارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية.

ميزانية الكويت هي الأقوى

أعلنت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني العالمية ان ميزانية الكويت تبقى الأقوى بالرغم من التقلبات، كما صنفت الائتمان السيادي AA مع نظرة مستقبلية مستقرة.

بالرغم من هذه الأجواء المشجعة سجل مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا 104 نقاط بتراجع 4 نقاط خلال شهر.

انفردت محافظة حولي بتسجيل معدل إيجابي لمؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع 108 نقاط، معززة رصيدها السابق 11 نقطة، بينما تراجعت معدلات المحافظات الأخرى بالشكل التالي:

٭ مبارك الكبير 29 نقطة.

٭ الأحمدي 18 نقطة.

٭ الجهراء 9 نقاط.

٭ العاصمة 6 نقاط.

٭ الفروانية نقطتين.

ويبدو أن بعض فئات الموظفين متباينة قناعاتها حول التوقع الاقتصادي المقبل، حيث سجل ذوو الشهادات المتوسطة وما دون تراجعا بمعدلهم السابق بـ 10 نقاط، بينما حاملو الشهادة الثانوية حصنوا معدلهم السابق بـ 11 نقطة.

أما على صعيد الموظفين، فهناك إجماع على تراجع مستوى ثقتهم بالأوضاع الاقتصادية المستقبلية، بحيث تراجعت معدلاتهم من 30 نقطة إلى 23 نقطة وصولا الى 13 نقطة وما دون.

تراجع معدل الدخل الفردي بالرغم من تقدمه

سجل مؤشر الدخل الفردي الحالي معدلا بلغ 99 نقطة، معززا رصيده الشهري بـ 12 نقطة، ومع ذلك احتل ثاني أدنى مستوى له منذ ما يزيد على 12 شهرا، ومقارنة بنتائج شهر يناير 2022 تراجع 6 نقاط.

ان اكتسابه 12 نقطة على أساس شهري يحقق نتيجة التدني الحاد لهذا المعدل خلال شهر ديسمبر إلى أدنى مستوياته. هذا الواقع تعود أسبابه الى الغلاء الذي طال أسعار الوقود والمواد الغذائية والسلع والنقل وغيرها من الحاجات.

لا شك أن الارتفاع العالمي لكلفة وأسعار المواد الغذائية والوقود والسلع والنقل على أنواعه من جهة ومستوى التضخم النقدي الذي لامس 4% وتداعياته من جهة أخرى أضعفت ثقة المستهلك بالقدرة الشرائية لدخله. علما ان الحكومة اتخذت التدابير لتخفيف الأعباء ومنها:

– ضبط مستوى ارتفاع التضخم النقدي لحماية قدرة الدينار الشرائية.

– الدعوم والتقديمات التي تقدم لمواجهة الغلاء.

– المراقبة الصارمة للأسواق والأسعار ومراقبتها وضبطها واتخاذ التدابير القانونية بحق من يحاول رفع الأسعار بشكل عشوائي أدت وساهمت بحماية المستهلكين وحماية القوة الشرائية لديهم.

المعدل الوسطي للمعاش التقاعدي للمواطنين 1300 دينار

عندما يتناول البحث مسألة الدخل الفردي المتوقع مستقبلا، لابد من التطرق إلى مسائل مرتبطة بهذا الموضوع والمؤثرة عليه:

أ- الأجور والرواتب.

ب- واقع الحركة الاقتصادية ومشاكلها.

ج- القدرة الشرائية.

بالنسبة للرواتب والأجور في القطاع الخاص الذي يتحكم فيها عاملان أساسيان، الأول سوق العمل وتوازن العرض والطلب، والثاني مقومات شروط النجاح وفرص توافرها في بعض القطاعات الاقتصادية والشركات والمؤسسات.

على أساس هذه القاعدة، رفعت جملة من الشركات والمؤسسات مستوى الرواتب والأجور ولو بنسب متفاوتة.

كما ان دراسة رسمية أكدت أن المعدل الوسطي للمعاش التقاعدي للمواطنين يبلغ 1300 دينار شهريا. هذان المعطيان يؤكدان الارتفاع النسبي للمداخيل.

في هذه الأجواء سجل مؤشر الدخل الفردي المتوقع مستقبلا 102 نقطة متراجعا 4 نقاط خلال شهر و8 نقاط على أساس سنوي.

تراجع الطلب في سوق العمل

سجل مؤشر آراء لفرص العمل المتوافرة في السوق معدلا بلغ 118 نقطة متخلفا 7 نقاط خلال شهر، و43 نقطة على أساس سنوي. كما برزت تباينات شديدة بين معدلات مختلف مكونات البحث.

ان تراجع المعدل والتباين الحاد في التقييم بين مكونات البحث يؤكدان وجود:

أ- انحسار الطلب في سوق العمل.

ب- وجود تفاوت في أوضاع مختلف القطاعات الاقتصادية.

بالعودة إلى المعطيات، على الصعيد المناطقي، تراجع المعدل في محافظة الفروانية 26 نقطة وحولي 18 نقطة والعاصمة 15 نقطة والأحمدي 10 نقاط.

من جهة مقابلة ومعاكسة، ارتقى معدل محافظة الفروانية إلى 164 نقطة بإضافة 41 نقطة ومحافظة مبارك الكبير عززت رصيدها إلى 113 نقطة.

كذلك بينت الأرقام تفاوتا غير مسبوق بين معدلات الموظفين، حيث سجلت فئة الموظفين من ذوي الدراسات المتوسطة وما دون معدلا غير مسبوق بلغ 344 نقطة، بإضافة 161 نقطة خلال شهر، كما ارتفع معدل ذوي الدراسات الثانوية بين العمال 66 نقطة.

من جهة معاكسة، تراجع معدل فئة الموظفين ذوي الرواتب المرتفعة، كما تراجع معدل فئة الشباب 16 نقطة والذكور 10 نقاط.

هذه المعطيات تؤكد مدى تراجع حركة سوق العمل من جهة والتباين في مستوى ارتفاع أو انخفاض الطلب على العمالة بين مختلف القطاعات من جهة ثانية.

استقرار مستوى الاستهلاك بالرغم من التحديات

استقر مؤشر شراء المنتجات المعمرة لشهر يناير على معدل بلغ 103 نقاط بتراجع نقطة واحدة خلال شهر، بالرغم من مجموعة عوامل ضاغطة على المستهلكين، كالمناخ العام السلبي على الصعيدين الدولي والإقليمي، وتداعياتها التي تجسدت بالغلاء والتضخم النقدي، ورفع معدلات الفوائد المصرفية.

هذه الظروف المتوترة والبؤر الساخنة ضغطت على القدرة على الاستهلاك كما أقلقت المستهلكين. ومع ذلك حافظ معدل الشراء في الكويت خلال شهر يناير على مستواه الشهري السابق.

مع تفاوت نسب ارتفاع الأسعار بين مختلف السلع والمواد الغذائية والمشروبات لابد من تسجيل أهمية دور مراقبة الأسعار وضبطها من قبل الوزارات المعنية، مما ساهم في عدم رفع الأسعار بشكل عشوائي، مع الإشارة الى تسجيل 887 ضبطا بحق التجار المتلاعبين بالأسعار.

لا شك أن استقرار معدل الشراء الشهري يتضمن مدلولا إيجابيا، ولكن لابد من التنويه بأن مقارنة نتائج البحث بين شهر يناير 2022 ويناير 2023 تعكس تراجع 5 معدلات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى