غير مصنف

الخلاف حول إقرار أو عدم إقرار قانون الدين العام ليس خلاف على المبدأ ولكنه حول الاستخدامات

تابع الشال في تقريره انه وفي نفس اللقاء مع جريدة الرأي، يذكر نائب رئيس الوزراء المعني بالشأن الاقتصادي والمالي ما معناه بأن الدين العام أداة تمويل ضرورية واللجوء إليه ضمن مستهدفات برنامج الحكومة لمواجهة احتياجاتها المالية. وذلك صحيح من الناحية النظرية، ولكنه محكوم بشرطين، الشرط الأول، مالي، وهو أن تقل تكلفة الحصول على التمويل عن ما تحققه الجهة المقترضة من عائد على استثماراتها، والشرط الثاني اقتصادي، وهو أن العائد من استخدامات تلك الأموال، إما أنه يحقق عائد مالي أعلى من تكلفته، أو أنه يحقق عائد اقتصادي بائن، مثل خلق فرص عمل مواطنة مستدامة أو إنتاج سلعي أو خدمي متفوق نوعاً وسعراً، ذلك ليس حال الكويت تاريخاً وحاضراً.

وذكرنا في فقرة “رؤية الكويت 2035 – كويت جديدة” بأنها جاءت بعد لجوء الكويت للإقتراض من السوق العالمي، والواقع أن الفريق المالي الكويتي وبناء على طلب من المقرضين استعرض نوايا الإصلاح المالي والاقتصادي لهم، ونكث بكل وعوده. وفي 8 سنوات فقط، حققت الموازنة العامة عجزاً متراكماً بلغ نحو 41.8 مليار دينار كويتي، صاحبها استهلاك كامل سيولة صندوق الاحتياطي العام، وبحلول صيف 2020، صرح وزير المالية الكويتي آنذاك بأنه قد يعجز خلال شهرين عن سداد الرواتب والأجور، رغم وقف تحويل الـ 10% من جملة الإيرادات العامة لصالح احتياطي الأجيال القادمة، ورغم بيع أصول محلية من الاحتياطي العام لاحتياطي الأجيال القادمة.

وفي الحاضر، ارتفعت النفقات العامة للسنة المالية الحالية 2023/2024 بنحو 11.7% في سنة واحدة، والزيادة ذهبت إلى نفقات جارية رفعت من نسبتها إلى إجمالي النفقات العامة إلى سقف غير مسبوق، وبحدود 90%. ورغم أن أهم أهداف برنامج الحكومة الحالية هو استدامة المالية العامة، إلاّ أن سيل من مقترحات شعبوية من بعض النواب تعمل على توجيه ضربة قاضية لها. وذلك للأسف يجد منافسة وقدوة سلبية من فريق حكومي، فهناك وزراء يتكسبون شعبوياً من وعود وإقرار المكافآت والعطايا، والشق المالي خارج اختصاصهم، بينما تفترض الحوكمة أن لا يقدم أي وعداً أو اقتراح مالم يقره وزير المالية ووزير الاقتصاد.

وفي خلاصة، الخلاف حول إقرار أو عدم إقرار قانون الدين العام، ليس خلاف على المبدأ، ولكنه خلاف حول الاستخدامات، فالتاريخ والحاضر يوحي بأن استخدامات أي أموال تحصل عليها الحكومة، سوف تؤدي إلى تقويض احتمالات استدامة الاقتصاد واستدامة المالية العامة، وكلنا يعرف حجم المخاطر على استقرار البلد المترتبة على عدم استدامتهما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى