مقالات اقتصادية

مساعٍ كبيرة لاستغلاله.. النحاس ثروة ضخمة تدعم اقتصاد المملكة العربية السعودية

كتب أسامة صالح

تشير العديد من المؤشرات الاقتصادية على أن المملكة العربية السعودية تسير على طريق التقدم في الصناعات التعدينية المهمة، التي ستجعلها أحد أبرز اللاعبين في هذه الصناعة؛ يدفعها إلى ذلك التموضع امتلاكها مخزوناً هائلاً من المعادن، يعدّ النحاس من أبرزها.
وعلى الرغم من أنها من بين أغنى البلدان بالثروة المعدنية، فإن المملكة رابع أكبر مستورد للمعادن على مستوى العالم؛ وذلك من بين الأسباب التي تجعلها تحث الخُطا لاستغلال معادنها.

وشهد العامين الماضيين تحركات نشطة في استغلال الكميات الهائلة من النحاس التي اكتُشفت في عدة مواقع بالمملكة، أحدثها كان في (7 يونيو 2023) حين وقعت وزارة الاستثمار السعودية وشركة Vedanta الهندية، مذكرة تفاهم؛ لتطوير صناعات النحاس في المملكة وتوطينها.
وأوضحت وزارة الاستثمار، في بيان، أن المذكرة تأتي ضمن سعي الوزارة للمساهمة في استكشاف فرص الاستثمار بسلاسل القيمة الخاصة بالنحاس.
وتقول المملكة العربية السعودية إن لديها القدرة على إطلاق ما يكفي من النحاس لتخفيف النقص الذي يلوح في الأفق مع توجه العالم نحو الطاقة النظيفة، لكن المملكة تواجه تحديات قامت الدول الراسخة في مجال التعدين بحلها بالفعل.

مخزون كبير
تقول المملكة إنها تمتلك مخزونات من المعادن غير المستغلة تقدر بقيمة 1.3 تريليون دولار؛ وعليه وقعت شركة التعدين العربية السعودية (معادن)، في يناير الماضي، مجموعة من الاتفاقيات التي تهدف إلى زيادة قدراتها الاستكشافية والتعدينية داخل المملكة.
وقالت “معادن” في بيان، إن الاتفاقية تهدف إلى الاستحواذ على 9.9% من أسهم شركة “إيفانهو” الأمريكية، مقابل 474 مليون ريال (126.4 مليون دولار).
الغرض من الاتفاقية الاستكشاف وتطوير مشروعات التعدين في المملكة، باستخدام تقنية “التايفون” التي ستساعد في تسريع عمليات الاستكشاف، وتقليل مخاطرها وتكاليفها.

كل ذلك للبحث عن احتمالية وجود معادن كبريتية تحتوي على مجموعة من الفلزات، منها النحاس.
كما وقَّعت “معادن” اتفاقية مشروع مشترك مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي، لتأسيس شركة تهدف إلى الاستثمار في الأصول التعدينية على الصعيد الدولي لتأمين المعادن الاستراتيجية.
وستركز استراتيجية الشركة الجديدة مبدئياً على الاستثمار في قطاعات مجموعة من المعادن، منها خام النحاس.

تحديات كبيرة
حسبما تشير الجهات الرسمية السعودية، فإن المملكة تملك 5 مواقع غنية بالمعادن، أربعة منها غنية بالنحاس.
كانت وزارة الصناعة والثروة المعدنية أطلقت في فبراير الماضي، مرحلة التأهيل المسبق للمنافسة على هذه المواقع الخمسة.
وهذه المواقع هي: موقع “محدد” الذي يغطي 138.69 كيلومتراً مربعاً، ويقع داخل حزام بيشة في منطقة عسير، وموقع “أم حديد” الذي يغطي مساحة 246.35 كيلومتراً مربعاً ويقع ضمن حزام نبيطة في منطقة الرياض.
أما ثالث المواقع فهو موقع الردينية الذي يغطي 75.86 كيلومتراً مربعاً ويحتوي على الزنك، ويقع داخل حزام الأمار في منطقة الرياض.
والموقع الرابع هو بئر عمق، الذي يغطي 187.37 كيلومتراً مربعاً ويقع داخل حزام جبل صايد في منطقة المدينة المنورة، وخامس موقع “جبل الصهايبة” الذي يمتد على مساحة 283.81 كيلومتراً مربعاً ويقع داخل حزام الشيب في منطقة عسير.

الاحتياج العالمي
ويبدو ان المملكة تعمل بشكل جدي في مجال إنتاج النحاس؛ فهي تسعى لسد النقص الذي يعاني منه العالم من هذا المعدن المهم، وهي تقول إن لديها قدرة على إطلاق ما يكفي من النحاس لمواجهة أزمة عالمية مرتقبة فيه مع اقتراب نضوب المناجم القائمة حالياً.
حسب تقرير سابق لوكالة “بلومبيرغ” الاقتصادية الأمريكية، فإن المملكة العربية السعودية تسعى لإطلاق ثروة معدنية تقدر بنحو 1.3 تريليون دولار، لكنها تواجه تحديات، أبرزها توفير الخدمات اللوجستية والمياه بمواقع المناجم.
ونقلت الوكالة عن وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، قوله: إن “أحد الأشياء التي يحتاج إليها قطاع التعدين هو بنية تحتية على نطاق واسع”.
وأضاف “الخريف”: “يمكن أن يكون طريقاً، ويمكن أن يكون خطاً للسكك الحديدية وميناءً لجلب الموارد في شمال البلاد إلى الشرق لتتم معالجتها ثم شحنها”.
وأشارت الوكالة إلى أنه ربما تكون أكبر عقبة، خاصة بالنسبة لبلد تغطي الصحراء جزءاً كبيراً منه، هي المياه، وهي ضرورية في إنتاج المعادن من المناجم المفتوحة أو تحت الأرض.
ولفت الوزير السعودي إلى أن الماء هو المفتاح، إذ ستكون التقنيات التي توفر المياه شيئاً مثيراً للاهتمام.

معوقات وحلول
وقال احد الخبراء الاقتصاديين، يرى أنَّ تطور صناعة التعدين السريعة في المملكة يمكن أن يجعلها قادرة على تغطية الحاجة العالمية من معدن النحاس في المستقبل.
وقال: إن “الدراسات الجيولوجية تشير إلى وجود كميات كبيرة وموارد استثنائية من النحاس في السعودية، وحسب التحديات الحالية في إنتاج النحاس، قد تكون هناك بعض المعوقات التي تحتاج إلى تجاوزها شركات عالمية متخصصة”.
ويوضح أن أحد هذه المعوقات هو تكنولوجيا التعدين ومعالجة الخامات، حيث يتعين على السعودية الاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا المتقدمة المتاحة.
واعتبر أنَّ تعاون السعودية مع شركات عالمية في إطار صناعة التعدين، وضمن ذلك إنتاج النحاس، يسهم في توسيع المعرفة والكفاءة التقنية وتطوير العمليات لتحسين جودة الإنتاج وزيادة الطاقة التنافسية.
وبيّن أن التعاون يسهم في تحقيق التوازن بين الاستفادة من الموردين والتكنولوجيا الدولية، وتنمية الاستدامة المحلية في صناعة التعدين بالسعودية.
وأشار إلى أنه بتحقيق التوازن، ستكون السعودية قادرة على تخطي المعوقات الحالية وتلبية الاحتياجات العالمية في صناعة النحاس.
ولفت إلى أنه مع التزايد المستمر للطلب العالمي على المعادن، تتطلع السعودية إلى الاستثمار في تطوير صناعة التعدين وتوسيع قدرتها الإنتاجية لتلبية الطلب المتزايد على النحاس.
وأوضح أن ذلك يكون من خلال الجمع بين الموارد الطبيعية الغنية والتعاون الدولي، مؤكداً أن السعودية تمتلك الفرصة للمساهمة في تلبية الاحتياجات العالمية من معدن النحاس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى