أخبار عاجلةمنوعات اقتصادية

“سام بانكمان فرايد” .. ذئب وول ستريت الجديد الذي تلاعب بالكبار والصغار في سوق العملات المشفرة

تظهر لقطات الفيديو التي عرضتها شبكة”سي ان بي سي”  الأمريكية في ذلك التوقيت ثقة لامتناهية ارتسمت على وجه الشاب “سام بانكمان-فرايد”، الملياردير الأمريكي البالغ من العمر 29 عاما، والذي كان يتحدث للحضور عن نيته للتبرع بكامل ثروته للأعمال الخيرية.

كان الحضور يستمعون باهتمام بالغ لكلمات “الشاب النباتي” الذي ينام 4 ساعات فقط يوميا بينما كان يقص عليهم أيضا تفاصيل تتعلق بخطته للنهوض بعالم العملات المشفرة بصفته المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لمنصة “إف تي إكس” لتبادل العملات الرقمية التي ستعلن إفلاسها في وقت لاحق.

وقبل أيام قليلة من الآن، جلس الشاب مرتديا كنزة رياضية حمراء في مقابلة مع صحيفة “وول ستريت جورنال” للحديث عن انهيار شركته مسوغا المبررات لتبخر مليارات الدولارات من حسابات عملاء الشركة في مشهد يذكرنا بسقوط أباطرة الاحتيال في “وول ستريت” حيث المال الذي لا ينام.

النشأة.. إلى أبواب وول ستريت

ولد بانكمان لأبوين أمريكيين أستاذين في كلية الحقوق في جامعة ستانفورد، واتسمت طفولته بالسلاسة واليسر في وقت لم يكن فيه سمة أي مؤشرات على أن الطفل الصغير سيصبح أحد حيتان وول ستريت قبل أن يبلغ الثلاثين من العمر بثروة تقدر بمليارات الدولارات.

تدرج الطفل الصغير في مراحله الدراسية قبل أن يتخرج في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بشهادة الفيزياء التي لن يعمل بها على الإطلاق فقد آثر في مقتبل حياته أن يشق مسيرته المهنية في عالم المال والأعمال ويعمل سمسارا في وول ستريت لبيع الأسهم وجني العمولات.

كان 2017 نقطة تحول فارقة في حياة الشاب إذ قرر حينها على نحو غير متوقع الدخول في عالم العملات المشفرة والتي سيصبح في وقت ما أحد أبرز أعمدتها.

لاحظ الشاب الصغير الاختلافات الكبيرة في الأسعار بين منصات تداول العملات المشفرة، وبدأ الاستفادة منها عبر شراء أصول رقمية وإعادة بيعها بتواتر عال جدا لتبلغ مكاسبه اليومية في وقت لاحق نحو مليون دولار يوميا كما أشار هو بنفسه في أحد المقابلات التليفزيونية على شبكة “سي بي إس” الأمريكية.

ويقول بانكمان أن الفارق في الأسعار عام 2018 كان يراوح بين 5% إلى 25٪ بين الأسعار في التداولات بالأسواق الآسيوية وباليابان على وجه التحديد والأسواق الأمريكية، ما يعني أنه بمجرد نقل الأصول من منصة إلى أخرى، يمكنه جني الأموال.

أنشأ الملياردير الأمريكي صندوق “ألاميدا ريسيرتش” للاستثمار في أسواق العملات الرقمية، وانتقل إلى هونغ كونغ ثم أطلق “إف تي إكس” مع غاري وانغ الذي يشغل الآن منصب كبير مسؤولي التكنولوجيا في المنصة التي تقع في قلب أزمة مالية طاحنة بعد الإعلان عن انهيارها.

SBF” المنقذ في لباس رسمي

وقبل شهور قليلة من الآن، تخلى بانكمان عن ملابسه الرياضية المعهودة مرتديا رابطة عنق وسترة أنيقة للوقوف أمام أعضاء مجلس الشيوخ للحديث عن عالم العملات المشفرة وكيفية تنظيمها.

تحدث الشاب بعد انتهاء الجلسة لوكالة “فرانس برنس” وقال إن الجلسة التي حضرها كانت “توافقية” إلى حد كبير وأن أعضاء المجلس كانت لديهم الرغبة بمعرفة المزيد عن هذه السوق ومعرفة كيف يمكن أن يكون هناك المزيد من الإشراف الفيدرالي عليها.

كان اسم الشاب بدأ في البزوغ كمنقذ وبطل خارق في عالم العملات المشفرة وأطلق على نفسه “SBF” اختصارا لاسمه الكامل سام بانكمان فرايد.

وذاع سيط بانكمان كمنقذ مع اشتداد عمليات بيع العملات المشفرة في أعقاب انهيار عملة “تيرا” ووسط الانهيارات أقرض بانكمان وسيط التشفير “فويجر ديجتال” المحاصر 485 مليون دولار، وأنقذه، كما منح شركة BlockFi  تسهيلًا ائتمانيًا بقيمة 400 مليون دولار، مع خيار شراء الشركة بشكل مباشر.

ذئب نباتي وناشط بيئي

بينما كان بانكمان يتحدث للحضور في إحدى الندوات المالية في “وول ستريت” تحدث الشاب عن ميوله الغذائية ومعتقداته الاجتماعية، أوضح أنه يحافظ على أسلوب حياة متقشف، مع معتقدات “الإيثار الفعال”، وهي حركة اجتماعية تستخدم المنطق لتحديد أكثر الطرق نجاعة لإفادة الآخرين.

وقدر بانكمان أنه تبرع بما يتراوح بين 50 و100 مليون دولار لأهداف مثل الكفاح من أجل رفاهية الحيوان ومكافحة الأمراض المدارية والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وذلك بعد مواجهة العملات الرقمية انتقادات لاذعة بشأن المزاعم المرتبطة بعملية التعدين.

وقال بانكمان- فرايد إنه يعتقد أن عملية تعدين العملة الرقمية وكذلك تداولها ستتمان بشكل متزايد باستخدام الطاقة المتجددة، ولم يجد أي غضاضة في الإعلان عن ثروته في ذلك التوقيت والتي قدرتها مجلة فوربس الأمريكية في حينه بنحو 25 مليار دولار.

وبانكمان من بين أكبر المتبرعين للحملة الانتخابية للرئيس الأمريكي جو بايدن في 2020.

السقوط إلى القاع

في عشية أحد أيام شهر نوفمبر الماضي، تصدرت عناوين الأخبار تقدم منصة “إف تي إكس” بطلب لوضعها تحت قانون الإفلاس بينما كانت تواجه نقصا كبيرا في السيولة وسيلا من عمليات السحب من العملاء المذعورين خوفا على تبخر أموالهم.

وقدرت صحيفة “وول ستريت” في ذلك الوقت، أن شركة “إف تي إكس” حصلت على نحو 10 مليارات دولار من أموال العملاء دون إذن، وتركز الاهتمام الأكبر على العلاقة بين “إف تي إكس” و”ألاميدا ريسيرش” الشركة التجارية التابعة لها والتي يمتلك بانكمان أسهمها بالكامل.

واعترف بانكمان صراحة بأن عدم إيلائه اهتماما كافيا لتضارب المصالح بين الشركتين لكنه أصر أيضاِ على أنه لم يكن على اطلاع على التفاصيل المتعلقة بألاميدا ولم يتول إدارة هذه الشركة.

وبحسب موقع “كوينديسك” الإخباري للعملات الرقمية فإن الميزانية العمومية لشركة ألاميدا كانت تعتمد بشكل كبير على عملة مشفرة ابتكرتها “إف تي إكس” وليست مرتبطة بأي أصول ذات قيمة مستقلة، وهي الـ”إف تي تي”.

وجاء السطر الأخير في قصة بانكمان حينما أعلن المدعي العام في نيويورك أمس أن سلطات جزر الباهاما أوقفت – بطلب من القضاء الأمريكي- الرئيس التنفيذي السابق لمنصة العملات المشفرة الشهيرة بعد السقوط المفاجئ لشركته لتضع الفصل الأخير في انهيار امبراطورية “سام بانكمان فرايد”.​

المصادر: أرقام-فرانس برس-وول ستريت جورنال-سي ان بي سي-سي بي اس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى