منوعات اقتصادية

ما الأسباب الحقيقية وراء نهوض «بيتكوين»؟

استهلت عملة بيتكوين عامها الجديد بشكل مثالي للغاية، وتجاوزت العملة الأشهر حاجز ال24 ألف دولار، قبل أن تتراجع قليلاً وتستقر فوق مستوى 23 ألف دولار. ورغم أن السعر لا يزال بعيداً كل البعد عن الرقم القياسي المسجل في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2021، والبالغ 68990 دولاراً لكل وحدة، إلا أنه أعطى اللاعبين في السوق متنفساً مع بعض التفاؤل.
يأتي الارتفاع في سعر أكبر رمز رقمي في العالم حتى تاريخه بعد عام 2022 المضطرب، والذي شهد حالات إفلاس وفضائح كبيرة في صناعة العملات المشفرة، بما في ذلك انهيار «FTX»، وتراجعات حادة في السوق الأوسع على خلفية إجراءات البنك المركزي الأمريكي.
من هنا، يرى المحللون أن عدداً من العوامل كانت وراء ارتفاع عملة بيتكوين للعام الجديد، بما في ذلك زيادة احتمال خفض أسعار الفائدة، وعمليات الشراء من قبل كبار المشترين المعروفين باسم «الحيتان». عام جديد، سياسة نقدية جديدة:- تسير معدلات التضخم في خط تنازلي، وتشير المؤشرات الاقتصادية إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي الأمريكي. وهذا يجعل المتداولين متفائلين بأن الاحتياطي الفيدرالي يمكنه عكس، أو على الأقل تخفيف، استراتيجية رفع أسعار الفائدة.
وأظهرت بيانات التضخم الأمريكية الجديدة تراجعاً متواضعاً الأسبوع الماضي، مع انخفاض مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 0.1% في ديسمبر على أساس شهري، بما يتماشى مع تقديرات «داو جونز». وقال جيمس باترفيل، رئيس الأبحاث في شركة إدارة الأصول الرقمية «كوينشيرز»: «إن أهم البيانات الكلية التي يركز عليها المستثمرون هي ضعف مؤشر مديري المشتريات للخدمات وتراجع بيانات التوظيف والأجور. وقد أدى هذا، إلى جانب الاتجاه الهبوطي للتضخم، إلى تحسين الثقة، في حين أنه يأتي في وقت تقترب فيه تقييمات بيتكوين من أدنى مستوياتها على الإطلاق». معتبراً أن احتمال سياسة نقدية أكثر مرونة على خلفية البيانات الكلية الأضعف والتقييمات المنخفضة هو السبب في ارتفاع العملة. وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي قد رفع معدلات الاقتراض سبع مرات في عام 2022، ما أدى إلى تدهور الأصول الخطرة مثل أسهم التكنولوجيا على وجه الخصوص. فوقعت إثر ذلك بيتكوين في مأزق السوق بخصوص معدلات الإقراض، حيث ينظر إليها المستثمرون بشكل متزايد على أنها أصل محفوف بالمخاطر، بعد أن فشلت في إثبات إمكانيتها بوصفها «تحوطاً» للشراء في أوقات التضخم المرتفع. وبدلاً من ذلك تراجعت بأكثر من 60% حيث كانت الولايات المتحدة والاقتصادات الكبرى الأخرى تصارع مع ارتفاع معدلات وتكاليف المعيشة. ومع أنه من المرجح أن يبقي الفيدرالي أسعار الفائدة مرتفعة في الوقت الحالي، يأمل بعض اللاعبين في السوق أن تبدأ البنوك المركزية في تخفيف وتيرة ارتفاع أسعار الفائدة، وخفض المعدلات في أقرب وقت هذا العام.
هبوط الدولار:- لاقى انخفاض الدولار الأمريكي بنسبة 9% مقابل سلة من العملات التي يستخدمها الشركاء التجاريون للولايات المتحدة في الأشهر القليلة الماضية، صدى إيجابياً داخل أروقة بيتكوين. وذلك على اعتبار أن تداول غالبية عملات البيتكوين يتم مقابل الدولار، ما يجعل هبوطه أفضل بالنسبة لتقييم العملة المشفرة.
بخصوص ذلك علق فيجاي آيار، نائب رئيس تطوير الشركات والشركة الدولية في منصة التشفير «لونو» قائلاً: «إننا نشهد عودة ارتفاع الدولار، وتباطؤ التضخم، وتوقعاً بتراجع أسعار الفائدة، كل ذلك يشير إلى زيادة المخاطر في الأسواق خلال الأشهر القليلة المقبلة».
دور «الحيتان».. فمن هم؟:- قد يكون المشترون الأكبر للعملات الرقمية، والمعروفون باسم «الحيتان»، هم الذين يقودون أحدث موجة صعود في العملة، وفقاً لمزود بيانات الأصول الرقمية «كايكو»، التي قالت إن أحجام التداول على منصة «باينانس» قفزت من متوسط 700 دولار في 8 يناير إلى 1100 دولار اليوم، ما يشير إلى تجدد الثقة في السوق من قبل الحيتان. فمن هؤلاء؟
إنه مصطلح يشير إلى المستثمرين الذين يحتفظون بكميات كبيرة من البيتكوين، بعضهم أفراد، مثل مايكل سايلور، الرئيس التنفيذي لشركة «MicroStrategy»، والمستثمر في وادي السيليكون تيم درابر. والبعض الآخر كيانات مثل صناع السوق، الذين يعملون كوسطاء في الصفقات بين المشترين والبائعين.
لكن المشككين في العملات الرقمية يرون أن هذا يجعل السوق عرضة للتلاعب من قبل قلة مختارة من المستثمرين الذين لديهم أكوام كبيرة من الرموز. حيث يمثل 97 كياناً من المحافظ الأكثر ثراءً في بيتكوين 14.15% من إجمالي المعروض، بحسب شركة التكنولوجيا المالية «ريفر فاينانشال».
صعوبة التعدين:- هناك عوامل أخرى لعبت دوراً أيضاً في ارتفاع سعر بيتكوين الأخير. منها التخلص من العديد من عمال مناجم البيتكوين الرقميين بسبب انخفاض الأسعار. إذ يتعرض هؤلاء، الذين يستخدمون آلات كثيفة الطاقة للتحقق من المعاملات وصك الرموز الجديدة، للضغط بسبب الركود في الأسعار وارتفاع تكاليف الطاقة. وهذه بحد ذاتها علامة جيدة تاريخياً للعملة الأعلى قيمة في العالم، برأي آيار من «لونو».
وللتوضيح أكثر، يحوز عمال المناجم الرقميون كميات هائلة من العملات الرقمية، ما يجعلهم من أكبر البائعين في السوق. ومع تخارجهم المكثف مؤخراً وبيع ما يملكونه لسداد الديون، أزيل الكثير من ضغوط البيع المتبقية على «بيتكوين».
ووصلت صعوبة التعدين إلى رقم قياسي بلغ «37.6 تريليون تجزئة تشفير عشوائية» الأحد الماضي، بحسب بيانات «BTC.com»، ما يعني أنه في المتوسط، سيستغرق الأمر 37.6 تريليون تجزئة أو محاولات للعثور على كتلة بيتكوين صالحة وإضافتها إلى سلسلة الكتل.
وقال ماركوس سوتيريو، محلل السوق في شركة الأصول الرقمية «غلوبال بلوك»: «إن صعوبة تعدين البيتكوين تعد مقياساً لمدى صعوبة إنشاء المجموعة التالية من المعاملات».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى