مقالات اقتصادية

“رأس الخيمة”.. إمارة طموحة تسعى للمنافسة على ضفاف الخليج

كتب أسامة صالح

تشهد إمارة رأس الخيمة، سابع مدن دولة الإمارات العربية المتحدة من حيث المساحة، عملية تنمية شاملة بدأت منذ سنوات، ما يجعلها تمتلك مستقبلاً واعداً وجاذباً للراغبين في بيئة عمل واستثمار مثمرة.

وأطلقت الإمارة رؤية “رأس الخيمة 2030” عام 2018، التي تسعى لاعتماد مسار الاستدامة في تحقيق أهدافها التنموية تماشياً مع الأجندة الوطنية لدولة الإمارات.
كما أطلقت خلال السنوات الماضية، عديداً من المشاريع التنموية التي ترتكز على الاستدامة لدعم الاقتصاد المحلي للإمارة، لا سيما في قطاعات مثل الطاقة والصناعة والبيئة والمواصلات والسياحة.

تعرف عليها..
رأس الخيمة سابع إمارة تنضم إلى تشكيل دولة الإمارات العربية المتحدة التي أسست في 2 ديسمبر 1971، وقد انضمت إلى الاتحاد في 10 فبراير 1972.
تحكم الإمارة حكومة محلية يترأسها حاكم رأس الخيمة الشيخ سعود بن صقر القاسمي، منذ العام 2010.
يعود تاريخ رأس الخيمة إلى آلاف السنين، حيث كانت مأهولة بالسكان لفترة طويلة وكانت تسمى قديماً باسم “جلفار”.
ويوجد بها عديد من المواقع التاريخية والأثرية التي يعود تاريخها إلى فترات زمنية مختلفة، وضمن ذلك بقايا حضارة “أم النار” التي يعود عمرها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد.

وتعد قلعة “ضاية” التي بنيت في القرن الـ16 من أبرز آثارها، وجرى تشييدها خصوصاً لمقاومة الاحتلال البريطاني، وقد لعبت تلك القلعة دوراً مهماً في ذلك.
تاريخياً، كانت رأس الخيمة أو “جلفار” حينها من المدن الإسلامية المعروفة على شاطئ الخليج كمركز تجاري، وجاء ذكرها في السجلات الهولندية والبرتغالية والإنجليزية والعثمانية كميناء رئيس للسكر والقمح والبهارات الهندية والأسلحة.
كما تتميز بطقسها المعتدل بفضل طبيعتها الجبلية، ويعتبر جبل جيس الذي يطل عليها أعلى جبل في دولة الإمارات؛ إذ يبلغ ارتفاع قمته 1934 متراً.
ويمكن من خلال إمارة رأس الخيمة، الوصول إلى ثلث دول العالم في غضون 4 ساعات طيران، وإلى ثلثي دول العالم في غضون 8 ساعات فقط.
وتوجد في الإمارة أيضاً 5 موانئ منها “ميناء صقر”، أكبر ميناء مناولة في منطقة الشرق الأوسط.

خطط تنموية
من يزور رأس الخيمة اليوم يلحظ انتشار المشاريع التنموية في كل جوانبها، كأنها في سباق مع الزمن لتنافس شقيقاتها على ضفاف الخليج كالدوحة ودبي.
ويمكن ملاحظة أن عملية التنمية في الإمارة بدأت مع تولي الشيخ سعود القاسمي الحكم فيها عام 2010، حيث أطلق منذ ذلك التاريخ عديداً من خطط التنمية المستدامة، أبرزها رؤية “رأس الخيمة 2030″ و”استراتيجية رأس الخيمة لكفاءة الطاقة والطاقة المتجددة 2040”.
حيث تسعى الإمارة من خلال رؤيتها المستقبلية إلى اعتماد مسار الاستدامة في تحقيق أهدافها التنموية تماشياً مع الأجندة الوطنية للإمارات، التي من شأنها زيادة كفاءة الطاقة وتعزيز جودة الحياة وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام والحفاظ على الموارد البيئية الطبيعية في الإمارة.
كما حقّقت حكومة رأس الخيمة قفزة نوعية في مختلف القطاعات، خلال السنوات الـ10 الماضية، من خلال استحداث هيئات ومؤسسات حكومية جديدة، وإطلاق برامج إلكترونية وتطبيقات ذكية حكومية تغطي جميع خدمات الدوائر الحكومية.

وفي فبراير 2023، أطلق حاكم الإمارة مشروع “المدينة الآمنة الرقمية” الذي يعدُّ أحد أهم مشاريع صندوق رأس المال الاستثماري الشرطي في مجال الأمن التكنولوجي والتحول الرقمي.
يهدف المشروع إلى تعزيز مستوى جودة الحياة الأمنية في الإمارة، وترسيخ مكانتها في مجال تنافسية المدن الجاذبة للسياحة والاستثمار.
وتتميز “المدينة الآمنة” التي تعتبر الأولى من نوعها في الإمارات والمنطقة، بمنظومة متكاملة من البوابات الذكية، وتضم 10 آلاف كاميرا مراقبة ذكية، مرتبطة بغرفة عمليات تتبع القيادة العامة لشرطة رأس الخيمة، بهدف تطوير المنظومة الأمنية، وتفعيل منظومة الابتكار والذكاء الاصطناعي، وتحقيق بنية تحتية أمنية عالمية المواصفات.

وجهة سياحية
وتحت شعار “السياحة المتوازنة” أطلقت هيئة رأس الخيمة عام 2018، استراتيجية لتنمية السياحة كوجهة تتمتع بطبيعة خلابة، وتسعى باستمرار نحو تحقيق التقدم والنمو والتطور وترسيخ مكانة الإمارة، كوجهة رائدة على مستوى المنطقة في مجال السياحة المستدامة بحلول عام 2025 .
وقال راكي فيليبس، الرئيس التنفيذي لهيئة رأس الخيمة لتنمية السياحة: إن “إمارة رأس الخيمة تعد اليوم الوجهة السياحية الأسرع نمواً في المنطقة، وحرصاً على مواصلة النمو وتحقيق هدفنا باستقطاب 3 ملايين زائر سنوياً بحلول عام 2030”.
كما يرى في تصريح سابق لوكالة “وام” الرسمية، أن الهدف من الاستراتيجية السياحية للإمارة هو “تنويع وتعزيز تجارب زوار رأس الخيمة عبر تطوير المنتجات المبتكرة وتحسين عروض فنادقنا لتلبية الطلب من كل فئات المستهلكين والأسواق”.
وشدد على أن نمو قطاع السياحة سينعكس بتأثير مضاعف على الاقتصاد ويسهم في تعزيز إيرادات قطاع التجزئة، إلى جانب توفير فرص عمل جديدة ودعم الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات الصلة بسلسلة القيمة في مجال السفر والسياحة.

وكشف أيضاً عن خطط لاستثمار 136 مليون دولار (500 مليون درهم إماراتي) في 20 مشروعاً سياحياً مستداماً في مختلف أنحاء الإمارة، بالشراكة مع مجموعة “راك” للضيافة القابضة وغرفة تجارة وصناعة رأس الخيمة.
وفي العام 2022 أعلنت شركات “مرجان” و”راك للضيافة القابضة” و”وين ريزورتس”، عن تطوير منتجع متكامل متعدد الاستخدامات بتكلفة تقدر بمليارات الدولارات على جزيرة المرجان الاصطناعية في رأس الخيمة.
تتألف جزيرة المرجان في رأس الخيمة من أربع جزر، بشواطئ تمتد لأكثر من 7.8 كيلومترات وواجهة بحرية بمساحة تبلغ 23 كيلومتراً، وتصل مساحة جزيرة المرجان إلى 2.7 مليون متر مربع من الأراضي المستصلحة التي تمتد إلى داخل الخليج العربي.
وسيتم تشييد المنتجع الجديد على واحدة من جزر المرجان وبمساحة تبلغ نحو 250 ألف متر مربع، وفق صحيفة “الخليج” الإماراتية.
ويشمل تشييد المشروع، الذي يعتبر أول منتجع شاطئي تقوم شركة “وين ريزورتس” بتطويره على مستوى العالم، فندقاً يضم أكثر من 1000 غرفة، ومنطقة للتسوق، ومرافق لاستضافة الاجتماعات والمؤتمرات، ومجموعة واسعة من خيارات الترفيه.
وجهة استثمارية
كما يعتبر جذب الاستثمارات الخارجية أحد أبرز أجندة رؤية 2030، لذلك عملت حكومة رأس الخيمة على توفير البيئة الملائمة لذلك.
وحلت رأس الخيمة في المرتبة الـ3 عالمياً وفقاً لتقرير ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2023 الصادر عن البنك الدولي، والذي يقيس سهولة ممارسة أنشطة الأعمال حول العالم، حيث جاءت بعد دبلن وزيورخ.
ويمكن للمستثمرين الأجانب في إمارة رأس الخيمة تملك شركات محلية بنسبة 100%، وذلك في عديد من قطاعات الأعمال المزدهرة، وضمنها الصناعة والزراعة والخدمات المختلفة.
وتتميز الإمارة أيضاً بانخفاض تكاليف الإقامة واليد العاملة، ووجود بنية تحتية متطورة، ووفرة واتساع أراضيها، وإمكانية العيش بسهولة؛ ما يجعلها وجهة وبيئة مثالية للأعمال.
وفي مارس 2023 أصدر حاكم رأس الخيمة قانوناً لتأسيس “واحة رأس الخيمة للأصول الرقمية” لتكون أول منطقة حرة في العالم مخصصة لشركات الأصول الرقمية والافتراضية المعنية بالابتكار في قطاعات المستقبل الجديدة.
وفي نوفمبر 2022، أطلقت دائرة التنمية الاقتصادية في رأس الخيمة، خدمة “رخصة فرصة” لدعم رواد الأعمال المقيمين في الإمارة، والتي تتيح لهم الحصول على ترخيص اقتصادي لممارسة أنشطتهم التجارية من المهن والأنشطة من المنزل.

وتعد هيئة مناطق رأس الخيمة الاقتصادية (راكز) مركزاً تجارياً وصناعياً رئيساً، حيث تضم ما يزيد على 15 ألف شركة من 100 دولة حول العالم تمارس نشاطها في أكثر من 50 قطاعاً مختلفاً.
وتهدف هذه المناطق إلى ضمان سهولة البدء بممارسة الأعمال عبر تقديم حلول متخصصة للمستثمرين في مجالات متعددة، إذ تتولى الهيئة إدارة عدة مناطق صناعية ومجمعات تجارية متنوعة وحديثة.
ومن إحدى أهم الميزات الرئيسة لتأسيس الأعمال في رأس الخيمة، سهولة إتمام الإجراءات، إضافة إلى التكلفة المنخفضة للقيام بذلك. ومن خلال وجود هيئات مثل “راكز”، ودائرة التنمية الاقتصادية، وغرفة تجارة وصناعة الإمارة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى