مقالات اقتصادية

نهاية دورة التشديد تعزز الرهان على مكاسب الفضة

لم يستفد المعدن الأبيض من فجوة المعروض في 2022 بسبب قوة الدولار واستمرار "الاحتياطي الفيدرالي" في وتيرة رفع أسعار الفائدة..

كتب أسامة صالح

سجلت الفضة مكاسب قوية خلال الـ12 شهراً المنتهية بحلول يوليو (تموز) الجاري، بلغت 35.9 في المئة، في حين بلغت مكاسب الفضة خمسة في المئة خلال الأيام الخمسة الماضية وارتفع سعر الأونصة إلى 25.26 دولار.
يستفيد المعدن الأبيض من عديد من العوامل تدفع أسعاره إلى الارتفاع، ويستفيد من وضعه كمعدن ثمين وأصل استثماري بل وملاذ آمن في الأسواق المالية، وأيضاً يستفيد من الطلب الصناعي المرتفع من قطاع الطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية.
شهد عام 2022 فجوة كبيرة بين العرض والطلب، وأظهرت التقارير عجزاً بلغ 237.7 مليون أونصة، وهذه العوامل مجتمعة صنعت مكاسب الفضة التي تمت الإشارة إليها، وفي آخر تقرير للمؤسسة الدولية للفضة أشارت إلى ارتفاع كبير للطلب، إذ ارتفع الطلب من قطاع المجوهرات بـ29 في المئة، وارتفع الطلب من القطاع الصناعي بخمسة في المئة، وزاد إجمالي الطلب العالمي على الفضة بـ38 في المئة في عام 2022 بعد تعافي الاقتصادات من جائحة كورونا.
استهلك قطاع المجوهرات 234 مليون أونصة فضة وسجل الطلب على المشغولات الفضية رقماً قياسياً بلغ 73.5 مليون أونصة، وهذه الأرقام الإيجابية من جانب الطلب قابلها ضعف في المعروض الذي نقص بنحو 5.2 مليون أونصة في عام 2022 مقارنة مع إمدادات عام 2021 من المعدن، وعند مقارنة إجمالي الطلب مع إجمالي العرض من الفضة فنجد أن الفجوة تبلغ 2.37 مليون أونصة في عام 2023، وهو ما يفسر الارتفاع الكبير الأسعار إلى 26.12 دولار للأوقية في مايو (أيار) الماضي، في حين كانت الأسعار ارتفعت إلى 29.86 دولار للأوقية في أغسطس (آب) 2020، وهو المستوى الأعلى للفضة منذ أبريل (نيسان) 2013.
الفضة وألواح الطاقة الشمسية
وشهد عام 2022 ارتفاعاً كبيراً لاستخدام الفضة في ألواح الطاقة الشمسية واستهلاك القطاع 140.3 مليون أونصة تعادل ثلاثة أضعاف الكميات المستهلكة في 2010، بينما استهلك قطاع الطاقة نحو 100 مليون أونصة في عام 2019، وبلغ استهلاك المعدن في قطاع الطاقة الشمسية نحو 11 في المئة من إجمالي الطلب في ذلك العام، وتلعب الفضة دوراً رئيساً في إنتاج الخلايا الشمسية التي تنتج الكهرباء، وهي مادة مهمة ومعروف أنها من أجود المعادن في توصيل الكهرباء.

تشير التوقعات إلى ارتفاع الطلب من قطاع الطاقة الشمسية على الفضة إلى 160 مليون أونصة هذا العام، ويتدخل المعدن في جميع أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة والأجهزة المختلفة والسيارات ولا يمكن الاستغناء عنه، لذلك غالباً ما يستفيد من الطلب الصناعي المستمر.
الفضة والدولار والتضخم
ولم يستفد المعدن الأبيض من فجوة المعروض في 2022 بسبب علاقات الأسواق وتأثر الفضة باتجاهات الدولار والسياسات النقدية الأميركية نسبة إلى قوة الدولار واستمرار “الاحتياطي الفيدرالي” في وتيرة التشديد النقدي ورفع أسعار الفائدة والارتفاع المستمر في زيادة عوائد سندات الخزانة، وهذه الأسباب مجتمعة حجمت من نمو الطلب الاستثماري على المعدن ولم يستطع أن يرتفع بمستوى يوازي نقص المعروض في سوق التبادل العيني.
معلوم أن السياسة النقدية واتجاهات سعر الفائدة تؤثر مباشرة في أسعار الأصول في الأسواق المالية، وبعد الارتفاع الكبير للتضخم في أميركا إلى أعلى مستوى له منذ 40 عاماً في 2023 بدأ “الفيدرالي الأميركي” دورة من التشديد النقدي ورفع سعر الفائدة بأسرع وأقوى وتيرة منذ عام 1982، إذ قام برفعها بـ500 نقطة أساس خلال 15 شهراً منذ مارس (آذار) 2022، فيما تترقب الأسواق اليوم زيادة سعر الفائدة من “الفيدرالي”، وكثير من الإشارات تقول إنها الزيادة الأخيرة في هذه الدروة، وهو ما يرجح نهاية قوة الدولار ونهاية المستويات المرتفعة من عوائد السندات الحكومية، مما يفتح المجال لارتفاع المعادن الثمينة وما بينها الفضة، ولتحصل الأسواق على قوة صاعدة في المعادن الثمينة لا بد من تحقق شرطين، الأول متوفر وهو فجوة بين العرض والطلب وعند نهاية دورة التشديد النقدي وبذلك يتحقق الشرط الثاني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى