أخبار عاجلةمنوعات اقتصادية

كيف تتحايل الشركات على التضخم وارتفاع تكلفة الإنتاج لتبقى في السوق؟

في عالم يواصل فيه التضخم التحليق حول مستويات قياسية في غالبية دول العالم، تعاني الشركات من ارتفاع تكاليف مدخلات الإنتاج ما يجعلها مجبرة بين خيار رفع الأسعار أو تحمل الخسارة لفترة معينة في سبيل الحفاظ على جمهور سلعتها.
وفيما لجأ الكثير من الشركات نحو خيار رفع الأسعار لجأ البعض الآخر إلى الاعتماد على خفض حجم المنتج مع الإبقاء على سعره في تطبيق واضح لظاهرة غالبا ما ارتبطت بمعدلات التضخم المرتفعة وهي «تقليص الحجم المرتبط بالتضخم» أو ما يصطلح على تسميتها Shrinkflation.
ويقول مسؤولون في شركات ومحللون لـ»أرقام» إن خفض الحجم يظل خيارا مناسبا للجمهور في الأوقات التي تتآكل بها قيمة العملة بالتزامن مع صعود التضخم لمستويات قياسية، ما يجعل الجمهور يتقبل فكرة نقص الحجم عن زيادة السعر في ظل موجة ارتفاع الأسعار المتزامنة للخدمات والسلع الأخرى.
تعريف Shrinkflation:- ويعرف انكماش الحجم المرتبط بالتضخم أو Shrinkflation بكونه ممارسة تركز على تقليل حجم المنتج مع الحفاظ على سعره الرسمي، في حيلة تستخدمها الشركات لرفع السعر عن طريق تقليل الكمية لزيادة هوامش أرباحها، خاصة في صناعات الأطعمة والمشروبات.
وانكماش الحجم المرتبط بالتضخم يعد بالأساس شكلاً من أشكال التضخم الخفي، فالشركات تعي أن العملاء سيلاحظون أي تغيير بسياسة الأسعار، وبالتالي يلجئون إلى تقليل حجم المنتج بدلاً من رفع سعره، ومن ثم تحقق الشركة ربحًا أكبر من خلال فرض نفس السعر مقابل منتج أقل حجمًا، بدلاً من رفع سعر المنتج أو على الأقل الاحتفاظ بهامش ربح السعر القديم.
فعلى سبيل المثال انخفاض في وزن كيس السكر بنحو 10% قد لا يلاحظه العميل في حين أن زيادة سعرية بنفس النسبة من شأنها أن تكون ملحوظة ومثار تعليق من المستهلك.
ولا يتحقق معظم العملاء من حجم المنتج عادةً، فالشخص الذي يحب رقائق البطاطس مثلاً قد لا ينتبه أن علامته التجارية المفضلة قللت حجم العبوة بـ 5%، ولكن سيلاحظ بالتأكيد إذا ارتفع سعرها بنفس المقدار.
ويقول محلل الاقتصاد الكلي في البنك الأوروبي لإعادة التعمير، جوزيف ساسون، لـ»أرقام»، إن المستهلك عادة ما يفضل انخفاض الحجم أو الجودة المتعلقة بمنتج ما على أن يدفع فيه المزيد من الأموال. المشكلة تكمن في أن الشركات لا تعمل على إعادة ضبط الحجم ليتناسب مع انخفاض التكاليف بعد هبوط معدلات التضخم». ويضيف: «الأمر غير مؤقت بل سيتواصل على الأرجح وستصبح أي زيادة مستقبلية في الحجم يصاحبها قفزة بالأسعار… الظاهرة ليست جديدة ولكنها انتشرت بقوة في تلك الموجة من ارتفاع معدلات التضخم غير المسبوقة».
خيارات محدودة:- وترى الشركات أنها كانت مجبرة بشكل أو بآخر على ذلك الأمر من أجل مواجهة ارتفاع التكاليف والحفاظ على هوامش الإنتاج. وخفضت شركات مستحضرات تجميل كبرى على غرار «بروكتل آند جامبل» من أحجام منتجات العناية الشخصية في محاولة منها للحفاظ على هامش الربح وخفض التكاليف.
ويقول متحدث باسم الشركة لـ»أرقام» إن انخفاض أحجام بعض المنتجات يرتبط بسياسة دورية للشركة تتعلق بتصميم العبوات وبما يراعي الحفاظ على حجم المنتج، إلا إذا ما اقتضت الضرورة للحفاظ على الهوامش المحققة دون رفع الأسعار». وخفضت سلاسل تجزئة كبرى على غرار «وول مارت» أيضا من أحجام منتجاتها من أجل الحفاظ على أرباحها دون المساس بالسعر.
وقال متحدث باسم الشركة لـ»أرقام» تعليقا على الأمر، إن مراجعة سياسة تغيير الحجم يرتبط بالأساس بالزيادة المطردة في التكاليف والتي يجب تمريرها إلى سعر المنتج النهائي. ويضيف: «غالبا ما نكون مضطرين لفعل ذلك، يأتي ذلك عكس رغبات المستهلكين ولكنها الحاجة إلى البقاء في نهاية المطاف».
تاريخ طويل:- ورغم أن مصطلح Shrinkflation بدأ ظهوره بقوة في ثمانينيات القرن الماضي، إبان الواقعة الشهيرة لشركة «أمريكان إيرلاينز» حينما نجحت الشركة في خفض التكاليف من خلال خفض كمية الزيتون المقدم مع الوجبات بواقع زيتونة واحدة، وقيل عنها في حينه «الزيتونة التي أنقذت أميركان إير لاينز من الانهيار».
ويوثق الكاتب الفرنسي «كن ألدر» في كتابه الشهير «مقياس كل الأشياء The Measure of All Thing»، كيف كان تصغير حجم رغيف الخبز قبل الثورة الفرنسية خيارًا لجأت إليه السلطات في حينه للتحايل على الغضب الشعبي العارم على تدهور الأوضاع المعيشية.
وحديثا، كان ارتفاع سعر الكاكاوعالمياً في2017 على وشك أن يؤثر سلبا على أرباح شركات الشوكولاته الكبرى حول العالم وهو ما دفع شركة «مارس» إلى خفض حجم منتجاتها بنحو 15%.
كما خفضت أيضا شركات شهيرة أخرى على غرار كوكاكولا من حجم زجاجتها من لترين إلى 1.75 لتر في المملكة المتحدة عام 2014، في محاولة منها للحفاظ على هوامشها.
المصادر: أرقام – إنفستوبيديا- بيزنيس إنسايدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى