مقالات اقتصادية

بنوك أجنبية جديدة.. ما أهميتها وتأثيرها على الاقتصاد السعودي

كتب أسامة صالح 

تشكل زيادة قوة النشاط الاستثماري في مشاريع ضخمة بالمملكة العربية السعودية ، لا سيما تلك المرتبطة برؤية 2030، هدفاً للبنوك الأجنبية من أجل فتح فروع لها في المملكة؛ لما تمثله الأرضية الاستثمارية  من جاذبية لتلك البنوك التي تبحث عن مصادر ربح مضمونة.

وقد وجدت عدد من البنوك الأجنبية مكاناً لها للمنافسة في المملكة منذ سنوات، ومع النمو الذي تسجله السعودية في ناتجها القومي، ومع إطلاق مشاريع ضخمة، أخذت البنوك الأجنبية تبحث عن فرصة لها لتكون حاضرة في ميدان استثماري، يعتقد مراقبون أنه يتسع لمزيد من البنوك التي تقدم خدمات تنافسية.

أحدث البنوك التي تسعى لفتح فروع لها في السعودية ، قد حصلت على تراخيص من البنك المركزي السعودي (ساما) لمزاولة أعمالها المصرفية خلال الفترة القادمة.

وأوضحت المصادر أن بنكَين مصريين يستعدان للدخول إلى السوق السعودية، وذلك لأول مرة كفروع لبنوك مصرية، وهما “مصر” و”الأهلي المصري”.

كما حصل كل من بنوك صحار الدولي (العماني)، وبنك الصين المحدود، والمصرف العراقي للتجارة، وبنك الأردن، على تراخيص لمزاولة أنشطتها المصرفية في السعودية، مع الإشارة إلى أن بنك الأردن هو أول المصارف الأردنية التي تعمل في المملكة.

23 بنكاً أجنبياً
وقد شهدت المملكة العربية السعودية تحولاً كبيراً في عام 2000 بدخول عصر جديد من الانفتاح عندما منح ترخيص لبنك الخليج الدولي.
تبع ذلك إصدار تراخيص لبنوك أجنبية مختلفة، ليرتفع عدد البنوك الأجنبية العاملة في السعودية إلى نحو 17 بنكاً، تمتلك 29 فرعاً، في حين يرتفع العدد عند دخول المصارف الستة الجديدة الخدمة إلى 23 بنكاً.

ويعتقد الخبراء الاقتصاديين، أن البنوك الستة الجديدة التي ستعمل في السعودية تمثل قيمة مضافة للاقتصاد السعودي.
وأن هذه البنوك تسهم في نمو الودائع وتعزيز قطاع الخدمات وزيادة القدرة على التمويل، وزيادة عامل الثقة بالنظام المصرفي السعودي.

وأنها ستزيد من التداخل بين الاقتصاد السعودي والاقتصادين الإقليمي والدولي؛ “وهو ما يبعث على استقرار النظام المصرفي السعودي من جهة، ومن جهة أخرى تسهيل العملية التجارية الدولية وتعزيز للتجارة الخارجية”.

مستهدفات استراتيجية 2030
وقد وضعت الرياض خطة طموحة لجذب رؤوس الأموال إلى البلاد عبر برامج عديدة، من بين أبرزها استمالة الشركات الأجنبية لفتح فروع لها بالمملكة، الذي شرعت به في 2021.

وأعلنت وقف التعاقدات الحكومية مع أي شركة أو مؤسسة عالمية لا تتخذ المملكة مقراً إقليمياً بالمنطقة، اعتباراً من الأول من يناير 2024.

وتهدف العاصمة الرياض من ذلك إلى أن تصبح واحدة من أكبر 10 اقتصادات مدن في العالم، داعمة هذا الهدف بتعديل بعض قوانينها المشجعة للاستثمار في البلاد.

هذا التوجه يأتي تماشياً مع مستهدفات استراتيجية الرياض 2030، التي تهدف إلى تحويل عاصمة المملكة إلى واحدة من أكبر 10 اقتصادات مدن في العالم، ومضاعفة عدد سكانها إلى 15- 20 مليون نسمة، واستقبال أكثر من 40 مليون زائر بحلول عام 2030.

إن إدخال البنوك الجديدة إلى الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من خطة 2030، و أن هذه البنوك تسهم في “نمو الودائع والخدمات المالية والمصرفية، وزيادة إجمالي الحسابات المصرفية، وترويج العمل المصرفي أكثر، وزيادة إجمالي الودائع المصرفية”.

وبذلك يتلاءم دخول البنوك مع رؤية 2030، التي كان من ضمنها زيادة الأصول إلى نحو 3.5 تريليون ريال في 2025 (1 دولار أمريكي يعادل 3.75 ريالات سعودية)، وصولاً إلى 4.6 تريليونات ريال في 2030.

وسيزيد من القدرة التمويلية للقطاع المصرفي وتنمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، هذا بالإضافة إلى تطوير قطاعات أخرى مثل التأمين، إلى جانب الرقمنة التي تُسهل حياة المجتمعات والشركات لتنعكس مباشرة على الاقتصاد السعودي وتشكل رافعة أساسية مالية.

الاستراتيجية والاستثمار
وتتضمن الاستراتيجية ست ركائز رئيسة؛ وهي: النمو الاقتصادي في شتى القطاعات، وتطوير الكوادر الوطنية واستقطاب أفضل المواهب العالمية، وتحسين جودة الحياة، والتخطيط الحضري المكاني على مستوى عالمي، والحوكمة الحصيفة لممكنات وموارد المدينة، وتطوير هوية عالمية للمدينة تعزز الدور العالمي للعاصمة من الناحية الاقتصادية والسياسية والثقافية، إضافة إلى تعزيز قدرتها التنافسية.

وستنفذ هذه الاستراتيجية من خلال 26 برنامجاً قطاعياً تتضمن أكثر من 100 مبادرة نوعية وأكثر من 700 مشروع رائد في شتى القطاعات وفي جميع أنحاء المدينة، لتصبح العاصمة الرياض من أفضل المدن العالمية.
ومن المقرر أن يستثمر 220 مليار دولار لتحويل الرياض إلى مدينة عالمية بحلول 2030، يتوقع من خلالها استقطاب استثمار بالحجم نفسه من القطاع الخاص.

كل ذلك يعتبر عاملاً مهماً لجذب البنوك الأجنبية إلى العمل في المملكة، وهو ما دعا البنك المركزي السعودي (ساما) إلى توجيه كافة البنوك والمصارف العاملة في المملكة، في ديسمبر 2022، إلى ضرورة العمل على تيسير وتسريع إجراءات فتح الحسابات البنكية للشركات الأجنبية.

ميزات جاذبة للمصارف

كل ما سبق يعتبر ضمن الميزات الجاذبة للبنوك التي تتمتع بها السعودية، وتشمل أيضاً وجود سوق هائل، ورغبة هذا السوق بتنويع خدماته المالية، وحاجته إلى التمويل.

يضاف إلى ذلك قدرة المصارف على التحرك ضمن هامش من الحرية تحت البنك المركزي السعودي “ساما”، الذي يوفر كثيراً من الاستقرار المالي الشامل؛ وهو النقطة الأساسية.

إنّ الاستقرار السياسي والمالي في المملكة يشكل  أساساً لجذب الاستثمارات المصرفية، إضافة إلى رغبة السعودية بتطوير القطاعات ورغبة الأسواق بدخول السوق السعودي الواسع.

إن الاقتصاد السعودي والمالية السعودية تعملان وفق أعلى المعايير الدولية تحت رعاية اتفاقيات “بازل 2″ و”بازل 3″، إضافة إلى التزامها بمقررات الهيئات الدولية المختصة بالنقد والأوراق المالية، كما تملك المملكة العربية السعودية سمعة نظيفة في هذا القطاع.

وأن كل التقارير المختصة الصادرة عن مؤسسات التصنيف تتحدث عن السعودية بالتزامها بهذه المعايير، وتصنيفها في المصاف الأول A و A+، وهو ما يُشعر المصارف بأنها في بيئة آمنة، ومن المتوقع دخول مصارف بعدد وأوزان أكبر من هذه المصارف”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى