اقتصاد دولي

هل يفقد الروبل قدرته على الصمود بوجه العقوبات الدولية؟

استعادت العملة الروسية، الروبل، بعضاً مما فقدته في تعاملات أول أيام الأسبوع، الإثنين، أمام الدولار الأميركي، وعند إقفال بورصة موسكو، بعد ظهر أمس الثلاثاء، ارتفع سعر صرف الروبل أمام الدولار بشكل طفيف إلى 81.74 روبل للدولار، بينما ارتفع الروبل أكثر مقابل العملة الأوروبية الموحدة، اليورو، ليصل إلى 89.17 روبل لليورو.
وكان الروبل الروسي فقد قدراً معقولاً من قيمته، أخيراً، أمام الدولار واليورو، بحسب ما ذكرت وكالة «رويترز» في تقرير لها، بينما انخفض أمام اليوان الصيني ليصل إلى 11.89 روبل لليوان. وفي مذكرة للمستثمرين، قالت شركة «بي سي أس وورلد أوف إنفستمنتس» لعملائها، «نتوقع أن تظل العملة الروسية تحت الضغط هذا الأسبوع وتظل قيمتها تتذبذب ما بين 80 و83 (روبل للدولار)، لكننا ما زلنا نتوقع أن يكون الانخفاض في قيمة الروبل مؤقتاً».
وأظهرت بيانات للبنك المركزي الروسي صدرت، الثلاثاء، أيضاً، أن حصة الروبل في مدفوعات الصادرات الروسية تجاوزت في نهاية العام الماضي 30 في المئة وعادلت حصة الدولار في تلك المدفوعات. وأشارت بيانات البنك إلى أن حصة العملة الروسية في الفترة المذكورة تجاوزت بشكل ملحوظ حصة اليورو. وأضاف المركزي الروسي، أنه «بعد اعتماد الروبل في مايو (أيار) 2022 في مدفوعات إمدادات الغاز الطبيعي إلى الدول غير الصديقة، زادت حصة العملة الوطنية في الصادرات بشكل كبير وتجاوزت مستوى 30 في المئة في نهاية العام ما يعادل حصة الدولار الأميركي، كما أن العملة الوطنية تجاوزت حصة اليورو». وأشار إلى أن حصة الدولار واليورو في الصادرات والواردات شكلت في نهاية عام 2022 أقل من مستوى 50 في المئة، لافتاً إلى وجود مخاطر من تجميد أصول لشركات روسية من الدول غير الصديقة.
أسباب الضعف
وكان البنك المركزي الروسي أرجع الضعف في قوة الروبل إلى أن المصدرين الروس خفضوا من مبيعاتهم من العملات الأجنبية منذ مطلع أبريل (نيسان) الحالي، وهو ما أسهم في تراجع سعر صرف العملة الروسية. وأشار البنك إلى زيادة الاهتمام بالعملة الصينية على حساب الدولار واليورو. واشترى الروس ما يعادل 41.9 مليار روبل (510 ملايين دولار) من اليوان في مارس (آذار) الماضي. وذلك مقابل مشتريات من العملة الصينية بمقدار 11.6 مليار روبل (140 مليون دولار) في فبراير (شباط).
كانت موسكو وبكين اتفقتا على استخدام العملات الوطنية، الروبل واليوان، في المبادلات التجارية بينهما، وزادت تلك الوتيرة مع تشديد الغرب العقوبات الاقتصادية الخانقة على موسكو بسبب الحرب في أوكرانيا. وتواجه الشركات الروسية أزمة في العثور على الدولارات لتمويل مشترياتها الخارجية من غير الدول التي تم الاتفاق معها على التعامل معها بالعملات المحلية.
كما يعمل البنك المركزي الروسي على إحلال عملات أخرى محل الدولار الأميركي في احتياطياته النقدية، بخاصة من اليوان والين الياباني. كذلك فعل صندوق الثروة السيادي الروسي الذي كاد يجعل نصيب الدولار في احتياطياته صفراً مقابل زيادة نصيب الذهب اليورو واليوان والاسترليني والين.
تراجع العائدات الدولارية
إلا أن تلك التعديلات في هيكل الاحتياطيات النقدية يشكل ضغطاً أكبر على الاستيراد، بخاصة من الدول التي تعتمد الدولار كعملة حسم للمبادلات التجارية. وفي الوقت نفسه ربما لا يساعد في تعزيز قوة العملة الوطنية، الروبل. لكن أغلب المحللين لا يتوقعون هبوطاً حاداً في سعر صرف الروبل كالذي حدث مع بدء فرض العقوبات القاسية على موسكو العام الماضي، حين هوى الروبل بشدة، ما اضطر البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة بمقدار الضعف تقريباً وفرض الحكومة الروسية ضوابط مالية مشددة. ومن تلك الضوابط قيود على شراء العملات الأجنبية وإلزام المصدرين بتحويل عائداتهم إلى الروبل بنسبة 80 في المئة.
ومع أن السلطات الروسية خففت تلك الضوابط والقيود لاحقاً، بما في ذلك خفض البنك المركزي لأسعار الفائدة، فإن الضغط على الروبل يظل موجوداً بسبب تراجع عائدات صادرات الطاقة الروسية نتيجة الحظر الأوروبي وفرض الغرب سقف سعر للنفط الروسي.
لذا تسعى موسكو للتوسع في ترتيبات التعامل بالروبل والعملات الوطنية لشركائها التجاريين مثل الصين والهند ودول آسيوية أخرى وبعض دول الشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا الجنوبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى