أخبار عاجلةاقتصاد كويتي

«موديز»: نصف ودائع البنوك الكويتية قصيرة الأجل حكومية

قدّرت وكالة «موديز» لخدمات المستثمرين حصة الودائع قصيرة الأجل للمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية في الكويت بنحو نصف ودائع البنوك المحلية، ما يؤدي إلى تركزات تمويلية كبيرة.

 

ولفتت الوكالة إلى ارتفاع مخاطر الائتمان على البنوك الكويتية بسبب التركزات العالية للقروض على مقترضين أفراد، والانكشاف الكبير على العقارات وأسواق الأسهم المتقلبة. وأوضحت أن الملف الائتماني القوي للكويت (تصنيفها A1 مع نظرة مستقبلية مستقرة) تدعمه الاحتياطيات المالية الضخمة بشكل استثنائي التي تتمتع بها البلاد، والاحتياطيات النفطية الهائلة بتكاليف إنتاج منخفضة، فضلاً عن مستويات دخل عالية للغاية. لكن في مقابل هذه القوة، تعتمد الكويت بشكل كبير جداً على النفط وتنكشف على مخاطر انتقال الكربون على المدى الطويل، ناهيك عن البيئة السياسية الصعبة التي تعيق وضع السياسات وقدرة الدولة على التكيف مع الصدمات، والتوترات الجيوسياسية الإقليمية.

 

قوة اقتصادية

 

وبالنسبة لنقاط القوة الاقتصادية، أشارت «موديز» إلى أن الثروة النفطية الكبيرة جداً للكويت وانخفاض تكلفة الإنتاج تتيح للموارد المعدنية بأن تكون المحرّك طويل الأجل للدخل والثروة.

 

وتمتلك الكويت إلى حد بعيد أكبر نسبة من احتياطيات النفط المؤكدة إلى الإنتاج داخل دول مجلس التعاون، وهي كافية لتدوم نحو 90 عاماً بالمعدل الحالي للإنتاج، في حين تعد تكاليف إنتاج النفط الكويتي بين أدنى المعدلات على مستوى العالم.

 

ويعد اقتصاد الكويت أصغر من اقتصادات دول الخليج الأخرى المصدّرة للنفط، إلى جانب اعتماد البلاد الأكبر على قطاع النفط، الأمر الذي يؤدي إلى نمو اقتصادي وناتج محلي إجمالي اسمي يميل إلى أن يكون أكثر تقلباً من نظراء الكويت. وبالنظر إلى اعتماد الكويت على النفط، فإن الزخم المتسارع عالمياً في التحول بعيداً عن الكربون سيقيّد اقتصاد البلاد ومواردها المالية الحكومية.

 

مؤسسات وحوكمة

 

ويوازن تقييم «موديز» لإطار عمل القوة المؤسسية والحوكمة في الكويت بين نقاط الضعف في بعض جوانب إطارها المؤسسي وفعاليتها كما يتجلى في مؤشرات الحوكمة الدولية، وبين قدرة المؤسسات على بناء احتياطيات مالية كبيرة خلال فترات ارتفاع أسعار النفط والاستفادة من هذه الاحتياطيات للحد من تدهور الوضع الائتماني للحكومة خلال فترات انخفاض أسعار النفط.

 

ومقارنة بالعديد من النظراء المنتجين للنفط والغاز، بما في ذلك دول الخليج، لم تتمكن الكويت من إحراز تقدم في الإصلاحات المالية والاقتصادية.

 

وأوضحت «موديز» أن استمرار تأجيل تنفيذ الإصلاحات (مثل توسيع الإيرادات غير النفطية) ومشاريع التنويع، المدفوعة بشكل كبير بالبيئة السياسية الصعبة، قد يزيد من انكشاف الكويت على التحول العالمي عن الطاقة على المدى البعيد.

 

ونوهت الوكالة إلى أن العلاقة المتقطعة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية امتدت أيضاً إلى قضايا التمويل في السنوات الأخيرة، حيث إن غياب التشريع لتوسيع خيارات التمويل أمام الحكومة من شأنه أن يعيد ظهور مخاطر السيولة عند عودة العجز المالي.

 

في غضون ذلك، اعتبرت «موديز» أن إدارة السياسة النقدية في الكويت تتسم بالمصداقية والفعالية، كما يتضح من مستويات التضخم المنخفضة والمستقرة نسبياً منذ فك ربط الدينار بالدولار وربطه بسلة عملات غير معلنة، ولو أن المرجح أن الدولار يهيمن على السلة.

 

كما اعتبرت الوكالة اللوائح التنظيمية لبنك الكويت المركزي قوية وحصيفة بشكل عام، منوهة إلى أن ذلك ينعكس في الاستقرار المالي للنظام المصرفي خلال فترات تقلبات الاقتصاد الكلي.

 

مخاطر الأحداث

 

وعلى غرار معظم دول الخليج، فإن الموقع الجغرافي للكويت يجعلها عرضة للأحداث الجيوسياسية الإقليمية المعاكسة، الأمر الذي يدعم تقييم «موديز» لقابلية تعرضها لمخاطر الأحداث عند درجة «ba».

 

وعلى وجه الخصوص، تعتبر مخاطر احتمالية حدوث توترات بين دول الخليج وإيران وخطر إغلاق مضيق هرمز منخفضة لكنها عالية التأثير – إن حدثت – على الكويت بالنظر إلى أن كل نفطها يتم تصديره عبر المضيق.

 

ومع ذلك، تتمتع الكويت بعلاقات وثيقة مع الولايات المتحدة التي أظهرت التزاماً قوياً بحماية سيادة الكويت، ودول مجموعة السبع الأخرى ودول الخليج، فيما تحاول الحكومة أيضاً الحفاظ على علاقات مستقرة مع الجارتين إيران والعراق.

 

ووفقاً لـ«موديز»، تشكل السياسات المحلية أيضاً تحدياً ائتمانياً رئيسياً، لافتة إلى أن «الاحتكاكات» البرلمانية أعاقت الإصلاحات وأخّرت إصدار تشريعات مهمة، ما أثّر في قدرة المؤسسات على التكيف الفعال مع الصدمات ومعالجة المخاطر البيئية طويلة الأجل.

 

نمو الائتمان

 

وبينت الوكالة أن نمو الائتمان كان معتدلاً، إذ نمت دفاتر القروض المحلية للبنوك بمعدل سنوي مركب 5 في المئة بين عامي 2015 و2021.

 

ويتضمن هذا المستوى من النمو أيضاً تسويات قروض كبيرة من قبل الشركات في 2016 و2017، إلا أنه مع ذلك، فإن تركزات القروض الكبيرة تؤدي إلى نشوء مخاطر، وبحسب «موديز»، تحدث هذه التركزات بسبب سيطرة عدد صغير من التكتلات على اقتصاد القطاع الخاص غير النفطي، وبسبب الترابط بين البنوك والتكتلات والشركات الاستثمارية.

 

وبالنظر إلى هيمنة صادرات النفط على الاقتصاد، تظل ثقة قطاع الأعمال وأسعار الأصول في البلاد، وبالتالي جودة القروض المحلية، حساسة تجاه تقلب أسعار النفط، وفي حال تعرضت أسعار النفط لانخفاض كبير ومستمر عن مستوياتها الحالية أو طرأت تطورات سياسية معاكسة، فقد يتسبب ذلك في تأخر الحكومة عن تنفيذ المشاريع المرصودة في خطتها التنموية الوطنية، ما يعيق آفاق نمو البنوك.

 

وتتوقع «موديز» مستويات مخاطر أعلى من المتوسط بالنسبة لتمويل البنوك لشركات العقار والاستثمار الكويتية والقروض الشخصية بغرض شراء الأوراق المالية. وشكلت هذه الشرائح الثلاث مجتمعة 29 في المئة من قروض النظام المحلي كما في نهاية أغسطس 2022، رغم انخفاضها عن 49 في المئة نهاية 2009.

 

وأشارت إلى أن القروض الاستهلاكية المنظّمة كانت المحرك الرئيسي لنمو الائتمان في السنوات الأخيرة، إذ ارتفعت نسبتها في المحافظ المحلية الإجمالية للبنوك إلى 39 في المئة نهاية أغسطس 2022 من 24 في المئة قبل 10 سنوات. وتعتبر هذه القروض منخفضة المخاطر نسبياً لأنها تقدم عموماً للموظفين الكويتيين في القطاع الحكومي، بأقساط شهرية تُستقطع مباشرة من حسابات رواتب المقترضين المصرفية.

 

سلوك الودائع في الكويت تاريخياً يؤكد استقرارها

 

أشارت «موديز» إلى أن الودائع المحلية مصدر التمويل الرئيسي للبنوك الكويتية، حيث تمثل 57 في المئة من إجمالي المطلوبات كما في نهاية أغسطس 2022، موضحة أنه بناءً على ذلك، فإنه لدى البنوك انكشاف منخفض نسبياً على التمويل من الأسواق الأجنبية المتقلبة.

 

وبيّنت أن المطلوبات الأجنبية بلغت 15 في المئة من إجمالي المطلوبات نهاية أغسطس 2022 وأقل من مستوى الأصول الأجنبية للنظام المصرفي.

 

وتتوقع «موديز» أن يظل هذا الهيكل التمويلي الملائم مستقراً على نطاق واسع خلال الأشهر الـ12 و18 المقبلة.

 

ونوهت إلى أن القطاع الحكومي الذي يضم الشركات المملوكة للحكومة والمؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية لا يزال يمثل جزءاً كبيراً من ودائع البنوك الكويتية، موضحة أنه بناءً على المعلومات الواردة من البنوك التي تصنفها الوكالة، فإنها تقدّر أن الودائع قصيرة الأجل للمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية بشكل رئيسي تمثل ما يصل إلى نصف ودائع البنوك المحلية، ما يؤدي إلى تركزات تمويلية كبيرة.

 

ومع ذلك، تعتبر «موديز» هذه الودائع مستقرة، بناءً على سلوكها التاريخي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى