غير مصنف

الكويت: تحسن الإنفاق الاستهلاكي بالربع الأول من العام، و لكن النمو قد يكون معتدلاً في المستقبل

أبرز النقاط

  • استمرار زخم نمو الإنفاق الاستهلاكي في الربع الأول من 2023، إذ وصل لحولي 14% على أساس سنوي، محافظاً على نفس معدل النمو في الربع الرابع من 2022، لكنه أقل من ذروة 2022.
  • دعم الإنفاق القائم على القروض المقدمة لقطاع الأسر بدأ في التراجع في ظل تباطؤ وتيرة نمو الائتمان في الربع الأول من العام الحالي.
  • انتعاش سوق العمل جزئياً من الركود الناجم عن الجائحة مع استمرار نمو توظيف المواطنينالذي يعتبر الداعم الرئيسي لتزايد الإنفاق مستقبلاً.
  • نمو الإنفاق قد يتراجع خلال الأرباع القادمة، مع استمرار عودة الأوضاع لطبيعتها بعد انقضاء الجائحة، ونمو الاقتصاد بوتيرة معتدلة، وتشديد السياسات النقدية.

ما تزال المحركات الأساسية للنشاط الاستهلاكي قوية، بما في ذلك النمو المتواصل لمعدلات التوظيف، والتدابير الحكومية، والتركيبة السكانية الايجابية، هذا لجانب ارتفاع معدلات الإنفاق بوتيرة ثابتة من جديد في الربع الأول من عام 2023. إلا أن معدل النمو قد يتراجع مقارنة بالفترات السابقة، إذ تلاشت آثار التحفيز الحكومي الذي شهدناه في وقت سابق، إضافة لهدوء وتيرة انتعاش الطلب بعد الجائحة. وقد يستمر الإنفاق الاستهلاكي في الاستفادة من خطة الحكومة التي تهدف للحفاظ على سياسة مالية توسعية بدعم من ارتفاع الإيرادات النفطية. إلا أن نمو الانفاق قد يتجه نحو الاعتدال في المدى القصير مع تذبذب وضعف بيئة الاقتصاد الكلي العالمي، واستمرار السياسة النقدية الأكثر تشدداً، مما قد يؤثر على ثقة المستهلك.

مرونة الانفاق العام تحافظ على أدائه القوي رغم تباطؤ وتيرة النمو

نما الإنفاق الاستهلاكي، الذي يقاس بإجمالي معاملات البطاقات المصرفية، (بما في ذلك عمليات السحب النقدي من أجهزة السحب الآلي)، بنسبة 14% على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2023، أي بنفس المعدل المسجل في الربع السابق، وبنسبة 3.8% على أساس ربع سنوي (الرسم البياني 1). في حين تباطأت وتيرة النمو مقارنة بمستويات الذروة التي تخطت أكثر من 30% بداية العام الماضي، إلا أن النمو ما يزال قوياً مقارنة بمستويات ما قبل عام 2019، إذ بلغ في المتوسط 7% على أساس سنوي خلال الفترة الممتدة ما بين 2014-2019.

الرس مالبياني 1:معاملات نقاط البيع والمدفوعات عبر الإنترنت وعمليات السحب النقدي باستخدام أجهزة السحب الآلي
المصدر: بنك الكويت المركزي

ويشير الاتجاه الأولي للإنفاق الخارجي الذي تزايد بصفة خاصة في أعقاب رفع القيود المتعلقة بالجائحة إلى استقراره الآن عند مستويات “طبيعية” (الرسم البياني 2). وقفزت معاملات البطاقات المصرفية خارج الكويت بنسبة 20% على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2023 (مقابل نمو بنسبة 7% في الربع الرابع من عام 2022)، وهو الربع الذي اتسم بالتزايد الشديد لمعدلات السفر إلى الخارج بمناسبة الاحتفال بالعيد الوطني، وعلى الرغم من ذلك، ما تزال مساهمة الإنفاق الخارجي أقل من 6% من إجمالي الإنفاق الاستهلاكي. وعلى صعيد الإنفاق المحلي، فقد تراجع النمو إلى 13% على أساس سنوي.

الرس مالبياني 2: النمو في الإنفاق عن طريق البطاقات
المصدر: بنك الكويت المركزي
 

تراجع ائتمان قطاع الأسر في ظل ارتفاع أسعار الفائدة

يقدم الإقراض لقطاع الأسر (باستثناء الائتمان الممنوح لشراء الأوراق المالية) دعماً قوياً للإنفاق الاستهلاكي. وقد شهد معدل نمو ائتمان قطاع الأسر ضعفاً خلال الأرباع الأخيرة، لكنه نما بنسبة 7% على أساس سنوي بنهاية الربع الأول من عام 2023 (مقابل 14% على أساس سنوي في الربع الأول من عام 2022)، في ظل الأوضاع النقدية الأكثر تشدداً. من جهة أخرى، تباطأت وتيرة نمو الإقراض الموجه إلى “القروض الاستهلاكية”، باستبعاد القروض السكنية وربما يكون وثيق الصلة بشراء السلع الاستهلاكية المعمرة، إلى 5.7% بنهاية الربع الأول من العام مقارنة بمستويات الذروة التي بلغت 15.1% في بداية العام الماضي.

الرسم البياني 3: القروض المقدمة للأسر
المصدر: بنك الكويت المركزي
 

تزايد التعداد السكاني وتحسن معدلات التوظيف

شهد النمو السكاني وسوق العمل نمواً كبيراً في عام 2022 تزامناً مع عودة بعض الوافدين للبلاد بعد مغادرتهم على خلفية الأوضاع المرتبطة بالجائحة. وقد لا يكون الدعم الذي يتلقاه الاستهلاك الخاص نتيجة لنمو القوى العاملة والتعداد السكاني، على الرغم من اعتباره بلا شك من العوامل الإيجابية، واضحاً للغاية، نظراً لأن معظم الزيادات الأخيرة التي شهدتها أعداد العمالة الوافدة والوظائف تتركز في القطاعات كثيفة العمالة وربما الوظائف ذات الدخل المنخفض. إلا أن استمرار نمو معدلات التوظيف بوتيرة مرتفعة بين صفوف المواطنين الكويتيين يعتبر من أبرز المحركات الجوهرية لنمو الاستهلاك.

الجدول 1: العمالة باستثناء العمالة المنزلية (نهاية الفترة)
% على أساس سنوي   العمالة (ألف نسمة)  
الإجمالي غير كويتي كويتي   الإجمالي غير كويتي كويتي  
             
4.2 4.3 3.7   2,793 2,393 399 2018
5.0 5.4 2.4   2,931 2,522 409 2019
(4.2) (5.2) 2.1   2,809 2,391 418 2020
(1.7) (2.2) 1.3   2,761 2,338 423 يونيو – 21*
(5.2) (7.3) 6.1   2,616 2,167 449 يونيو – 22
8.1 9.5 1.4   2,829 2,374 455 ديسمبر – 22*
               
المصدر:الهيئة العامة للمعلومات المدنية. * التغير النسبي لسته أشهر نظراً لعدم توفر البيانات.
 

ووفقاً للبيانات الصادرة عن الهيئة العامة للمعلومات المدنية، بلغ التعداد السكاني في الكويت 4.74 مليون نسمة في عام 2022، بنمو نسبته 8% على أساس سنوي. إذ ارتفع عدد الوافدين بنسبة 11.1% على أساس سنوي، متجاوزاً نمو المواطنين (+1.9%). ونما إجمالي التوظيف بنسبة 8.1% خلال الستة أشهر الأخيرة من عام 2022 على خلفية عودة بعض وظائف الوافدين بعد استئناف النشاط الاقتصادي في أعقاب الجائحة (جدول رقم 1). إلا أن مستويات العمالة الوافدة ما تزال أقل بكثير من الذروة المسجلة في عام 2019في العديد من القطاعات، مما يشير إلى أننا لم نصل لمستوى التعافي الكامل بعد. وفي ذات الوقت، ارتفع عدد الوظائف المتاحة للكويتيين بنسبة 1.4% خلال الستة أشهر المنتهية في ديسمبر 2022 ليصل إلى 455 ألف وظيفة بدعم من تزايد وظائف القطاع العام بصفة رئيسية.

كما ارتفع متوسط أجور العاملين في القطاع العام بنسبة 1.8% على أساس سنوي في الربع الرابع من عام 2022، فيما يعد أسرع معدل نمو يتم تسجيله منذ أكثر من عامين، وفقاً للبيانات الصادرة عن الإدارة المركزية للإحصاء ووحدة نظام معلومات سوق العمل. وبصفة عامة، من المقرر أن يساهم نمو العمالة وتزايد الأجور (استناداً إلى بيانات القطاع العام) في تعزيز الإنفاق الاستهلاكي.

تراجع معنويات المستهلكين على خلفية ضبابية التوقعات العالمية

وفقاً لمؤشر ثقة المستهلك التابع لشركة آراء للبحوث والاستشارات، تراجعت ثقة المستهلك. إذ ساهمت المخاوف المتزايدة تجاه آفاق نمو الاقتصاد العالمي واعتدال أسعار النفط في تراجع قراءة المؤشر مؤخراً (الرسم البياني 4). ورغم التقلب بمؤشر السلع المعمرة (السلع الاستهلاكية)، إلا أنه تراجع أيضاً على نطاق واسع. ويعكس تراجع ثقة المستهلك بصفة عامة تباطؤ وتيرة نمو النشاط الاستهلاكي.

الرسم البياني 4: مؤشر ثقة المستهلك
المصدر: شركة آراء للبحوث والاستشارات التسويقية
 

ارتفاع معدل التضخم بدعم من أسعار المواد الغذائية كمحرك الرئيسي 

بلغ معدل التضخم في أبريل 3.7% على أساس سنوي دون تغير يذكر عن مارس، إلا انه ارتفع من 3.2% بنهاية عام 2022. وارتفعت أسعار المستهلكين على خلفية تجدد بعض الضغوط هذا العام عبر العديد من الفئات الرئيسية بما في ذلك المواد الغذائية والمشروبات والملابس وخدمات السكن (الرسم البياني 5). وقد تفسر العوامل الموسمية المتعلقة بشهر رمضان جزءاً من تلك الزيادة. إلا أن الاتجاه العام للتضخم الذي نتوقعه للفترة المتبقية من العام الحالي تشير إلى اعتدال وتيرته على خلفية تراجع النشاط الاستهلاكي.

الرسم البياني 5: معدل تضخم أسعار المستهلك للفئات الرئيسية
المصدر: Haver
 

التحفيز المالي قد يعزز الدخل والنفقات

نتوقع أيضاً أن تساهم السياسة المالية في مواصلة دعم القطاع الاستهلاكي خلال الفترة القادمة. وقد يعقب الانتهاء من انتخابات البرلمان الجديد في 6 يونيو إقرار مسودة الموازنة التقديرية للسنة المالية 2023/2024 المقترحة في وقت سابق من هذا العام. وحددت مسودة الموازنة زيادة النفقات العامة بنسبة 12% على أساس سنوي على خلفية زيادة الرواتب بنسبة 13%، والدعوم بنسبة 34%. فيما يتضمن جزءاً من هذا النفقات مدفوعات مستحقة للوزارات عن السنوات السابقة، وبالتالي فإن الأثر الإيجابي على الطلب هذا العام قد يكون أقل إلى حد ما. كما تهدف الحكومة إلى توظيف نحو 20 ألف مواطن في القطاع العام خلال السنة المالية الجارية، الأمر الذي من شأنه أن يعزز الطلب الاستهلاكي.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى