اقتصاد خليجي

عمليات البيع على المكشوف أحدث إجراءات بورصة قطر لتطوير الأداء وتعزيز السيولة

في خطوة تهدف لمواكبة المستجدات والتطورات العالمية التي يشهدها سوق رأس المال، واحتياجاته على المستوى المحلي، سمحت بورصة قطر الثلاثاء الماضي، بمزاولة نشاط البيع على المكشوف المغطى، ونشاط إقراض واقتراض الأوراق المالية، بعد أن أقرتهما العام الماضي، هيئة قطر للأسواق المالية، الجهة التنظيمية والإشرافية والرقابية على قطاع سوق رأس المال في الدولة.
ووفقا للضوابط التي حددتها هيئة قطر للأسواق المالية فإن هذا الإجراء يسمح بالبيع على المكشوف المغطى فقط لصناع السوق ومزودي السيولة والمستثمرين المؤهلين، بما في ذلك الأعضاء، وأي حالات أخرى توافق عليها الهيئة، ويهدف لتوفير أدوات استثمارية جديدة للمهتمين، ومزيد من تطوير عمل السوق وتعزيز السيولة.

وحددت الهيئة المقصود بالبيع على المكشوف المغطى، بأنه “قيام أي من المصرح لهم (صانع السوق، مزود السيولة، المستثمر المؤهل) ببيع أوراق مالية مقترضة، أو دخل في ترتيبات اقتراضها، على أن تتم تغطية المراكز الناشئة عن البيع في هذه الحالة في تاريخ التسوية وفقا لهذه القواعد”.. بينما يقصد بإقراض واقتراض الأوراق المالية، “قيام المقرض بنقل ملكية الأوراق المالية بصفة مؤقتة أو بيعها إلى المقترض خارج السوق بثمن مؤجل الدفع مع التزام أو وعد المقترض بردها أو إعادة بيعها إلى المقرض بناء على طلبه في أي وقت خلال الفترة المتفق عليها، أو في نهايتها ما لم يتم الاتفاق على غير ذلك”.
عن دلالات تطبيق هذه الآلية وأثرها في تطوير أداء سوق المال القطري، قال المستشار المالي، السيد رمزي قاسمية في تصريح لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن اتخاذ هيئه قطر للأسواق المالية وبورصة قطر هذه الخطوة يستهدف توفير المزيد من أدوات التداول للمستثمرين بهدف جذب المستثمرين المؤسسيين، “وهذا يتضح من الاشتراطات التي وضعتها الجهتان من حيث الأشخاص المؤهلون لممارسة هذا النشاط كما ربطتا هذا النشاط باستراتيجية إقراض واقتراض للأوراق المالية، وهذا الربط غير معمول به بشكل وثيق بالأسواق المالية العالمية المتقدمة التي تستخدم آليات بيع على المكشوف غير مغطى”.
وعرف قاسمية البيع على المكشوف بأنه إحدى استراتيجيات التداول في أسواق المال العالمية التي يتم من خلالها قيام المستثمر ببيع ورقة مالية أو بيع أحد الأصول أو السلع التي لا يمتلكها على أن يلتزم بتوفيرها خلال فترة التسوية المتفق عليها والمحددة حسب تعليمات بورصة قطر بثلاثة أيام عمل.
وأوضح أن هذه الخطوة جاءت في إطار السعي للنهوض ببورصة قطر وتصنيفها ضمن الأسواق المتقدمة حيث عمدت إلى طرح أدوات واستراتيجيات تداول مختلفة لإتاحة المزيد من المرونة ومنح مزيد من استراتيجيات التداول للمستثمرين وخاصة المؤهلين منهم.
ووصف قاسمية الإطار التنظيمي الذي وضعته هيئه قطر للأسواق المالية بأنه محكم ومتحفظ بهدف الحفاظ على السوق وتماسكه من خلال وضع العديد من الضوابط المنظمة لعملية البيع على المكشوف المغطاة، مشيرا إلى أن الفرق بين عمليات البيع على المكشوف غير المغطاة وعمليات البيع على المكشوف المغطاة المعتمدة في بورصة قطر هو أنه في الأخيرة يتم اقتراض الأوراق المالية من قبل المستثمر قبل الدخول في تدابير تأمين تلك الأوراق المالية المراد بيعها وقبل إتمام عملية البيع الفعلية.
وعن مزايا وعيوب البيع على المكشوف، قال إن هذه العملية تستهدف بشكل أساسي توفير أدوات استثمار وربح للمستثمرين والمتداولين في سوق هابط على سبيل المثال حيث يستفيد المستثمر في حالة هبوط سعر الورقة المالية وليس فقط من ارتفاع سعرها، مبينا أن هذه العملية تستخدم لأغراض المضاربة إلا أن هناك العديد من مديري صناديق الاستثمار ومديري المحافظ يستخدمونها كأداة تحوط ضد مخاطر انخفاض أسعار الورقة المالية.
ورأى أن من مزايا البيع على المكشوف زيادة قيم وأحجام التداول، أي تحسين مستويات السيولة لأن التعليمات الصادرة عن الهيئة والبورصة تشترط البيع المغطى، لكنه استدرك بالقول إن تلك الاشتراطات قد تحد من السيولة كونها ستجبر البائع على المكشوف على الدخول في عمليات ترتيب اقتراض تلك الأوراق المالية وبالتالي فعملية البيع قد لا تقابلها عملية شراء، كما أن عملية البيع على المكشوف تساهم في تحسين آلية التسعير حيث إن المعلومات المتاحة عن الشركات سواء كانت إيجابية أو سلبية من المفترض أن تنعكس على أسعار تلك الأسهم بصورة فورية .
وذكر أن من مخاطر البيع على المكشوف الخسائر المحتمل أنه لا يوجد سقف لها، بمعنى أن أي ارتفاع بسعر السهم يمثل خسارة للبائع على المكشوف وبالتالي ليس هناك سقف لارتفاع السهم، كما قد تصبح عملية البيع على المكشوف مكلفة نتيجة الرسوم المترتبة على اقتراض الأوراق المالية والرسوم قد تكون مكلفة في حال طول المدة التي ينتظر فيها البائع انخفاض السهم مما قد يشكل عبئا عليه.
من جهته أوضح المحلل المالي، السيد أحمد عقل في تصريح مماثل لـ /قنا/، المعني بعمليات البيع على المكشوف، بقوله “هي أن يقوم شخص ببيع أسهم متوقعا نزول أسعارها بالفترات القادمة أو بالمستقبل القريب، ليقوم لاحقا بإعادة شرائها بأسعار أقل، وبالتالي الاستفادة من فرق السعر بين البيع والشراء”.
وقال إنه مع إقرار هيئة قطر للأسواق المالية نشاط البيع على المكشوف المغطى، ونشاط إقراض واقتراض الأوراق المالية، أصبح الشخص الذي لا يملك أسهما يمكنه أن يقوم باقتراضها وبيعها ومن ثم إعادة شرائها بأسعار أقل وإعادتها لمن اقترضت منه، وهو فرق أساسي بين البيع على المكشوف، وبين الشراء على المكشوف الذي يعني أن تقترض الأموال .
وفيما يتعلق بالمؤهلين للتعامل وفق هذه الآلية، أشار إلى أنه وفقا لبورصة قطر ليس كل شخص لديه الحق للقيام بها، بل المستثمرون المؤهلون كشركات الوساطة والمحافظ والمؤسسات وصناديق التحوط وغيرهم من الذين نص عليهم القانون، و”هو أمر مهم لأن عمليات البيع والشراء على المكشوف للأفراد غير المتخصصين، قد تأتي بنتائج عكسية وتسبب خسائر كبيرة للمتداولين، لذلك دائما ننصح بها للشركات وللمتخصصين والمحترفين”.
تجدر الإشارة إلى أن أهمية القواعد الجديدة التي أقرتها هيئة قطر للأسواق المالية، تكمن في أنها تضيف أنشطة خدمات مالية جديدة تهدف الى زيادة حجم أنشطة وأعمال شركات الخدمات المالية، ورفع قدرة هذه الشركات على توفير بدائل استثمارية متنوعة للمستثمرين بالسوق، وتشجيع تداول الأوراق المالية غير المتداولة وذلك بما يساهم في زيادة أحجام التداول ومعدلات السيولة بالسوق، وتعظيم عوائد المستثمرين من التداول بسوق رأس المال القطري، فضلا عن إمكانية اقتراض الأوراق المالية لأغراض متعددة منها تسوية عمليات البيع التي لا يتوافر لها أوراق مالية عند التسوية، وإنشاء وحدات صناديق المؤشرات، أو تنفيذ صفقات البيع على المكشوف أو بغرض إعادة أوراق مالية سبق اقتراضها.
وينضاف إطلاق نشاط البيع على المكشوف المغطى وإقراض واقتراض الأوراق المالية، لسلسلة من مبادرات قطاع سوق رأس المال في الدولة الهادفة لرفع بورصة قطر لمصاف أسواق المال المتقدمة، من بينها تشكيل لجنة النافذة الواحدة لسوق رأس المال وتطبيق إجراءات جديدة لتيسير عملية فتح حسابات المستثمرين، وإطلاق جهاز قطر للاستثمار مبادرة صناعة السوق لتعزيز السيولة ببورصة قطر.
وكان عدد من أسواق المال في المنطقة قد شرع في استخدام آلية البيع على المكشوف إلا أنها ظلت تستخدم على نطاق ضيق ولأغراض التحوط أكثر منه لأغراض المضاربة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى