مختارات اقتصادية

لمحة عن تطور البورصة عبر التاريخ

بالنسبة للمستثمرين، تعتبر “البورصة” مرادفة للاستثمار وتداول الأسهم، وتتبادر للذهن عند ذكرها، سواء كانت “بورصة نيويورك” NYSE، أو “بورصة لندن” LSE، أو “ناسداك” NASDAQ.

والبورصة لم تكن كذلك عند نشأتها، إذ تطورت على مدى قرون، وعند العرض لهذا التطور وتلك التغيرات فقد يكون مفاجئا العلم بأن أول بورصة للأوراق المالية ازدهرت لعقود من الزمن دون تداول سهم واحد.

في هذا الصدد، يلقي التقرير نظرة على هذا التطور،  من ولايات البندقية إلى بورصة نيويورك.

تطور أسواق المال عبر التاريخ

تجار البندقية الحقيقيون

– في القرن الـ 14 ميلاديا في أوروبا، كان المقرضون يبيعون إصدارات الديون الحكومية للمستثمرين، وأتى ذلك بعد تطور لطريقة تعاملهم مع الديون.

– ففي البداية تاجروا بها فيما بينهم، إذ قد يرغب مقرض في التخلص من قرض عالي الفائدة فيقوم باستبداله بقرض آخر، بعد ذلك كانوا يقومون بشراء إصدارات الديون الحكومية في مرحلة لاحقة، إلى أن وصلوا لبيع إصداراتها.

– وكان مقرضو مدينة “البندقية” في إيطاليا هم الرواد في هذا المجال، حتى إنهم كانوا يحملون قوائم تحتوي على معلومات حول الإصدارات المختلفة المعروضة للبيع ويجتمعون مع العملاء، مثلما يفعل الوسيط اليوم.

“بورصة أنتويرب”

– أنتويرب Antwerp هي إحدى مدن بلجيكا، ويعود تاريخ هذه البورصة لعام 1531 في القرن الـ 16، وهي أول بورصة بلا أسهم، تتعامل فقط في السندات الإذنية، وبرغم أن ذلك يبدو غريبا الآن، إلى أنه كان منطقيا بمعطيات العصر وقتئذٍ.

– لم تكن هناك أسهم حقيقية بالمعنى الحالي، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى وُجدت أشكال بديلة عديدة للشراكات بين رجال الأعمال والممولين تنتج دخولا كما تفعل الأسهم.

بوصة “شركات الهند الشرقية”

– في القرن الـ 17 أعطت الحكومات الهولندية والبريطانية والفرنسية مواثيق لشركات تحمل اسم الهند الشرقية بأسمائها.

– وقد نشأت نتيجة وضع الرحلات التجارية البحرية وقتها من الشرق، والتي كانت محفوفة بمخاطر القراصنة البربر، والطقس وسوء الملاحة، ولتقليل هذه المخاطر، كان صاحب السفينة يبحث عن مستثمر يجهز السفينة وطاقمها مقابل نسبة من العائدات حال نجاح الرحلة.

– كانت هذه الشركات تستمر لرحلة واحدة فقط وتنحل بعدها، ثم تنشأ شركة جديدة للرحلة التالية، وفي نفس الوقت يقوم المستثمرون بتوزيع مخاطرهم في مشاريع مختلفة في نفس الوقت، للحد من احتمالات انتهاء كل منها بكارثة.

– “شركات الهند الشرقية” غيّرت طريقة العمل تلك، حيث أصدرت أسهمًا تدفع أرباحًا على جميع عائدات جميع الرحلات التي قامت بها الشركات، وهي بذلك أولى شركات المساهمة الحديثة.

– سمح ذلك للشركات بالمطالبة بالمزيد مقابل أسهمها وبناء أساطيل أكبر، فقد كان حجم الشركات بالإضافة إلى مواثيق الملكية التي تحظر المنافسة يعني أرباحًا ضخمة.

– ولأن الأسهم في شركات الهند الشرقية صادرة على الورق، فكان بإمكان المستثمرين بيعها لآخرين، ولأنه لم تكن هناك بورصة للأوراق المالية، فكان يتعين على المستثمر تعقب وسيط للقيام بالتداول.

– ففي إنجلترا، يقوم معظم الوسطاء والمستثمرين بأعمالهم في المقاهي في جميع أنحاء لندن، وكانت تتم كتابة إصدارات الديون والأسهم المعروضة للبيع ونشرها على أبواب المحلات التجارية أو إرسالها بالبريد كرسالة إخبارية، وتمتعت “شركات الهند الشرقية” بميزة تنافسية كبيرة، وهي الاحتكار المدعوم من الحكومة.

بورصة نيويورك   NYSE

– نشأت بعد 19 عاما تقريبا من إنشاء “بورصة لندن” LSE التي كانت مقيدة بالقانون الذي يقيد الأسهم، بينما تعاملت بورصة نيويورك NYSE منذ بدايتها في تداول الأسهم بحرية كبيرة، واتخذت من وول ستريت مقرًا لها، وكان هذا الموقع –في قلب جميع الأعمال والتجارة من وإلى الولايات المتحدة الامريكية-  أكبر سبب في الهيمنة التي حققتها بسرعة كبيرة.

– وكان لبورصة نيويورك نصيبها من الصعود والهبوط، من الكساد الكبير إلى تفجير وول ستريت عام 1920 الذي نفذه فوضويون –كما يُعتقد-، فضلا عن وجود منافسين على المستوى المحلى لها في شيكاغو ولوس أنجلوس وفيلادلفيا وغيرها من المراكز المالية الرئيسية، إلا أن بورصة نيويورك كانت أقوى بورصة محليًا.

– هذا داخليا، أما على الساحة الدولية، فقد ظهر منافسون لـبورصة نيويورك NYSE، حيث برزت لندن باعتبارها البورصة الرئيسية لأوروبا، وكذلك قامت العديد من البلدان كـ ألمانيا وفرنسا وهولندا وسويسرا وجنوب أفريقيا وهونغ كونغ واليابان وأستراليا وكندا، بتطوير أسواق الأوراق المالية الخاصة بها، ولكن كان يُنظر إليها إلى حد كبير على أنها منصة التداول للشركات المحلية.

– تتعين الإشارة هنا إلى بورصة ناسداك NASDAQ، فهي نوع مختلف من البورصة منذ بدايتها، فلا توجد مساحة مادية ملموسة، حيث تنفذ الصفقات إلكترونيا، مما أدى إلى جعل التداولات أكثر كفاءة وقلل الفارق بين العرض والطلب.

– أجبرت هذه المنافسة بورصة نيويورك على التطور، سواء من خلال إدراج نفسها أو من خلال الاندماج مع “يورونكست” Euronext NV لتشكيل أول تبادل عبر الأطلسي، وهو الاندماج الذي انتهى عام 2014 عندما تم فصل يورونكست لتصبح كيانًا مستقلاً.

– أصبحت بورصة نيويورك عالمية،  ومع ذلك، فإن ناسداك تلحق ببورصة نيويورك من حيث القيمة السوقية، التي كانت ذات يوم ذات قيمة سوقية تتجاوز بورصة ناسداك وطوكيو ولندن مجتمعة.

المصدر: انفستوبيديا 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى