اقتصاد دولي

ما حقيقة ارتفاع الذهب إلى 2500 دولار؟

على رغم التوقعات الإيجابية الخاصة بالمعدن النفيس، لكن التراجعات الأخيرة، عززت مخاوف شريحة كبيرة من المستثمرين الذين كانوا يراهنون على الذهب مع اتجاه البنوك المركزية عالمياً بقيادة “المركزي الأميركي” نحو وقف دورة التشديد النقدي وإنهاء مسلسل رفع أسعار الفائدة.

وفيما سجل المعدن الأصفر أكبر مكاسب شهرية في أربعة أشهر خلال تعاملات يوليو (تموز) الماضي، كشفت شركة “غولد بيليون”، في مذكرة بحثية حديثة، أن نطاق الأسعار بين 1940 و1980 دولاراً للأونصة هو ما يحدد حركة الذهب خلال هذه الفترة، وقالت إن تداولات الذهب داخل هذا النطاق تعكس عدم وضوح اتجاه محدد في السوق.

في اجتماع الأخير، قرر البنك المركزي الأميركي رفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لتصل إلى أعلى معدل لها منذ 22 عاماً عند 5.50 في المئة، وترك البنك الباب مفتوحاً أمام رفع جديد للفائدة في اجتماعاته المقبلة ولكن الأمر يتوقف على البيانات الاقتصادية، وتسبب هذا في ضعف كبير في أسعار الذهب، بخاصة بعد البيانات التي أظهرت استقرار النمو في الاقتصاد الأميركي وتزايد احتمالية الهبوط السلس وتجنب الركود، وهو ما يعد أخباراً سلبية للذهب الذي ينتعش في أوقات التباطؤ والركود الاقتصاديين كونه الملاذ الآمن الأول في الأسواق المالية.

توقعات بوصول المعدن إلى مستوى 2500 دولار

في الوقت نفسه يتوقع خبراء ومحللون، أن تواصل أسعار الذهب التحليق خلال الفترة المقبلة على رغم المستويات الحالية المرتفعة التي يستقر عندها المعدن النفيس منذ أشهر، ويشيرون إلى أنه قد يكسر حاجز 2500 دولار أميركي للأونصة خلال العام المقبل.

وتشير التوقعات، إلى أن “أسعار الذهب في طريقها للارتفاع إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق في عام 2024، وذلك بسبب التطورات المتعلقة بأسعار الفائدة، ويتوقع أن تعاود الانخفاض خلال العام المقبل، فضلاً عن مخاوف الركود التي تلوح في الأفق والتي ترفع من دور الذهب كملاذ آمن”.

وكانت أسعار الذهب سجلت أعلى مستوى قياسي لها يوم السابع من أغسطس (آب) 2020 عند 2072.5 دولار للأونصة، فيما يقول المحللون والخبراء إنه “من الممكن أن تتجاوز الأسعار هذا المستوى وتسجل رقماً قياسياً أعلى خلال الفترة المقبلة”. وفق شبكة “سي أن بي سي”، قال العضو المنتدب والرئيس العالمي لاستراتيجية السلع الأساسية في “تي دي سيكيورتيز”، بارت ميليك، إن “الذهب سيتحرك فوق 2100 دولار في أواخر عام 2023، وبداية عام 2024 كمستوى تداول”، وعزا تفاؤله إلى توقف محتمل في دورة تشديد مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي.

وأضاف “أنا متفائل في شأن الذهب لأنني أعتقد أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيعدل السياسة بعيداً عن وضع التقييد الحالي. أعتقد أن هذا سيحدث قبل الوصول إلى هدف التضخم اثنين في المئة”.

وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي سياسة رفع أسعار الفائدة في مارس (آذار) 2022، إذ ارتفع التضخم إلى أعلى مستوياته طوال 40 عاماً في الولايات المتحدة، وخلال أقل من عامين ارتفعت تكاليف الاقتراض إلى ما بين 5.25 و5.5 في المئة. ويقول المحللون، إن الذهب تفوق في الأداء على معظم فئات الأصول الرئيسة الأخرى في الأشهر الـ12 الماضية، وذلك بسبب قدرة المعدن الأصفر على مقاومة ارتفاع أسعار الفائدة وقيمته كرهان آمن ضد التضخم.

وذكر بعض المحللين أنهم متفائلون بشكل خاص في شأن الذهب، إذ يتوقعون أن يتجاوز مستوى 2500 دولار للأونصة بحلول نهاية العام المقبل، أي إنه سيكون أعلى بنسبة 26 في المئة من المستويات الحالية، ومن هؤلاء مؤسس شركة “ليفرمور بارتنرز” ديفيد نيوهاوزر، إذ يقول “أعتقد أنه سيصل 2500 دولار بحلول نهاية عام 2024، ويرجع الكثير من هذا إلى حقيقة أن قوى الركود قد تترسخ في وقت لاحق من هذا العام وتكتسب قوة في عام 2024”. وأضاف “2024 هو الوقت الذي أرى فيه الذهب يتفجر ويصل إلى مستويات عالية جديدة وما بعدها”.

أدنى مستوى للذهب في شهر

في التعاملات الأخيرة، استقرت أسعار الذهب قرب أدنى مستوى في شهر متجاهلة بيانات التضخم الأميركية للشهر الماضي التي جاءت أفضل من المتوقع، إذ يواصل المعدن النفيس طريقه نحو أسوأ أداء أسبوعي في سبعة أسابيع مع استمرار قوة الدولار وعائدات السندات الأميركية.

وارتفعت أسعار الذهب في المعاملات الفورية بنسبة 0.03 في المئة إلى 1913.07 دولار للأوقية (الأونصة)، لكن جرى تداوله بالقرب من أدنى مستوى منذ السابع من يوليو (تموز) الماضي الذي لامسه في الساعات الماضية، واستقرت العقود الآجلة الأميركية للذهب عند 1948.80 دولار.

وسجل الذهب مكاسب وصلت إلى 0.8 في المئة في تعاملات الخميس الماضي، وذلك بعد أن أظهرت البيانات أن مؤشر أسعار المستهلكين الأميركي ارتفع بأقل من المتوقع في يوليو الماضي، مما عزز الرهانات على أن البنك المركزي الأميركي لن يرفع على الأرجح أسعار الفائدة مرة أخرى في عام 2023. وعادة ما ترفع الزيادات في أسعار الفائدة عائدات السندات بالتالي تزيد تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدر عائداً.

وتراجعت أسعار الذهب بنحو 1.3 في المئة خلال تداولات الأسبوع الماضي، فيما يتجه مؤشر الدولار وعائدات سندات الخزانة القياسية لأجل 10 سنوات إلى تحقيق مكاسب للأسبوع الرابع على التوالي. وبالنسبة إلى المعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية بنسبة 0.2 في المئة إلى مستوى 22.72 دولار للأوقية، كما صعد البلاتين بنسبة 0.6 في المئة إلى نحو 912.04 دولار، ومع ذلك يتجهان إلى تسجيل خسائر للأسبوع الرابع على التوالي، وارتفع البلاديوم بنسبة 0.3 في المئة إلى 1290.43 دولار متطلعاً إلى تسجيل أفضل أداء أسبوعي منذ منتصف يونيو (حزيران) الماضي.

البنوك المركزية تواصل الشراء

كانت بيانات حديثة لمجلس الذهب العالمي أشارت إلى أن 24 في المئة من البنوك المركزية على مستوى العالم، تخطط لتعزيز احتياطاتها بشراء مزيد من الذهب في الأشهر الـ12 المقبلة.

وأشار المسح الذي شمل 59 بنكاً مركزياً عالمياً أنه بعد المستوى التاريخي لشراء البنوك المركزية للذهب هذا العام خلال الربع الأول، لا يزال ينظر للذهب بشكل إيجابي من قبل البنوك المركزية كاحتياطي.

وأشار، إلى أن الأسباب الرئيسة وراء تمسك البنوك المركزية بزيادة احتياطيها من الذهب تعود إلى ارتفاع التضخم العالمي والاضطرابات الجيوسياسية بخاصة المتعلقة بأزمة الحرب الروسية – الأوكرانية المستمرة حتى الآن، وفق تحليل لشركة “غولد بيلون”.

تدفع عمليات رفع الفائدة المستمرة حتى الآن من قبل البنوك المركزية العالمية إلى الاحتفاظ بالذهب كاحتياط ومخزن مهم للقيمة خلال الفترة الحالية غير المستقرة في الاقتصاد العالمي. وخلال العام الماضي، اشترت البنوك المركزية كميات قياسية من الذهب وصلت إلى 1078 طناً، مما عزز الاحتياطات لدى الدول بالذهب، وخلال الربع الأول من هذا العام أضافت البنوك المركزية 228 طناً إلى احتياطاتها العالمية من الذهب، مسجلة وتيرة قياسية للأشهر الثلاثة الأولى من العام منذ بدء جمع البيانات في عام 2000 وفقاً لمجلس الذهب العالمي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى