أخبار عاجلةمنوعات اقتصادية

كيف نجح صندوق الاستثمارات العامة السعودي فيما فشل فيه الآخرون خلال 2022؟

بينما كانت الصناديق السيادية الكبرى حول العالم تعاين الأضرار بعد أن انفض غبار عام صعب للاقتصاد العالمي على كافة الأصعدة في 2022، كان صندوق الاستثمارات العامة يجني الثمار من خطته الطموحة التي دشنها منذ سنوات. تكبد عدد كبير من الصناديق السيادية خسائر حادة مع تراجع قيمة استثماراتهم نتيجة لخسائر القيمة السوقية لحيازتهم من الأسهم والسندات في عام مضطرب، إذ يشير تقرير صادر عن معهد الصناديق السيادية إلى أنه خلال العام المنصرم شهدت تلك الصناديق تآكلا في ثرواتها للمرة الأولى في تاريخها بنحو تريليون دولار.
فيما تشير نتائج مسح لبيانات الصناديق السيادية لأكبر 20 صندوقا بالعالم إلى أن كافة الأصول الخاضعة للإدارة من قبل الصناديق السيادية قد تراجعت في قيمتها، في وقت نجح فيه صندوق الاستثمارات العامة في قنص فرص استثمارية جديدة داخل أسواق الكبرى من خلال بناء حصص في كبريات الشركات العالمية.
ويقول محللون إن السياسة الاستثمارية الناجعة لصندوق الاستثمارات العامة قد نجحت في تجنيبه خسائر حادة بالنظر إلى التراجع الجماعي الذي شهدته كافة الأصول في عام ضغط فيه التضخم والاضطرابات الجيوسياسية على كافة الأصول العالمية.
الصناديق وفرص الأصول العالمية:- وفي وقت يشير فيه التقرير الصادر عن معهد صناديق الثروة السيادية إلى تراجع قيمة صناديق الثروة السيادية الكبرى حول العالم بنحو تريليون دولار العام الماضي إلى 10.6 تريليون دولار بعد استثناء صناديق التقاعد، فإن كافة الأصول التابعة لتلك الصناديق قد منيت بالخسائر العام الماضي. وأجرت مسحا لعدد من المؤشرات العالمية التي يمكن اتخاذها كبوصلة لأداء الأصول العام الماضي، وهو ما كشف عن هبوط جماعي عبر كافة الأصول من الأسهم إلى العقارات إلى أدوات الدخل الثابت، وصناديق التحوط والبنية التحتية والعقارات. وعلى مدار تعاملات العام تراجعت فئة الأسهم على سبيل المثال لا الحصر نحو 19٪ على أساس متوسطات القيمة السوقية لأكبر 1200 شركة بالعالم وهي المنهجية التي يتبعها مؤشر S&PGL1200. ويقول محلل الاقتصاد الكلي لدى مورغان ستالي، يانغون تشن إن التراجعات الجماعية لكافة فئات الأصول العام الماضي ضغطت علي أداء الصناديق السيادية، ولكنها لم تقف عائقا أمام البعض عن اغتنام الفرص بالنظر إلى الأسعار المتدنية التي وصلت إليها تلك الأصول
أداء الأصول التي تنشط بها صناديق الثروة السيادية في 2022:- ويضيف اتشن،»لقد كانت استراتيجية الاستثمار التي اتبعتها بعض الصناديق السيادية أمرا مثيرا للإعجاب، لقد كانت في مجملها قنصا للفرص فالجميع يعرف أن التراجع الحاد الذي منيت به الأصول يعود بالأساس إلى عوامل مؤقتة تتمثل في ارتفاع معدلات التضخم وهو ما تسبب حالة من تراجع الأسعار المقترن بانخفاض الطلب المؤقت».
الزحف نحو القمة:- وفي وقت تعمل فيه الصناديق السيادية على تنويع محفظة استثماراتها فإن صندوق الاستثمارات العامة يبرز كلاعب هام بالنظر إلى حجم محفظة استثمارات الصندوق العملاقة والخطة الطموح لتعظيم محفظة الصندوق وزيادة مساهمته في الاقتصاد المحلي.
ويشير تقرير صادر عن معهد الصناديق السيادية إلى أن حجم الاستثمارات الجديدة التي ادخلتها الصناديق السيادية الكبرى حول العالم بلغ نحو 152.5 مليار دولار في 2022 بارتفاع نحو 38٪، في حين ضخ صندوق الاستثمارات العامة أموالا جديدة بنحو 20.7 مليار دولار.
وحل صندوق الاستثمارات العامة من بين الثلاثة الكبار في ضخ الاستثمارات الجديدة بعد هدوء على مدار العامين السابقين فيما بدا أنها فورة استثمارية للصندوق منذ بدء الجائحة لقنص الفرص الاستثمارية رخيصة الثمن.
تدفقات الأموال الجديدة للصناديق السيادية بالمليار دولار:- ويقول محلل الاقتصاد الكلي لدى «بوسطن غروب» ماكسيم كيرن لـ «أرقام» إن صندوق الاستمارات العامة نجح في قنص المزيد من الفرص الاستثمارية بفضل السياسة الاستثمارية التوسعية التي انتهجها الصندوق مع تراجع أسعار الأصول.
ويضيف كيرن «لقد كانت تلك الاستراتيجية بمثابة درعا واقية مع الخروج من بعض الاستثمارات في وقت مناسب بالنظر إلى طبيعة الدورة الاقتصادية للأسهم التي ينشط بها الصندوق».
استراتيجية «اصطياد الفيلة»:- وفي تلك الأثناء ينظر إلى صندوق الاستثمارات العامة السعودي كأحد الصناديق القليلة حول العالم التي تتبع استراتيجيات متميزة حينما يتعلق الأمر بالبحث عن الفرص الاستثمارية الكبرى.
ويوضح محلل الاقتصاد الكلي لدى «بوسطن غروب» « الخيار المتتبع للاستثمارات التي يعمل عليها الصندوق السيادي السعودي منذ بدء الجائحة ترتكز على قنص الفرص الاستثمارية الكبرى فالصندوق من بين عدد قليل من الصناديق التي تنهج سياسة (مطاردة الفيلة)».
وسياسة «مطاردة الفيلة» أو ما يصطلح على تسميتها “Elephants Chase” هي سياسة استثمارية تقوم على ترقب الفرص الناشئة التي ينتظر أن تتحول لشركات عملاقة وهو نهج استثماري أيضا عرف بتطبيقه قطب الأعمال الأميركي وارن بافيت». ويستطرد كيرن» صندوق الاستثمارات العامة من بين أكبر الصناديق في العالم حينما يتعلق الأمر برأس المال المغامر».
وتشير نتائج مسح بناء على بيانات ريفنتيف ومعهد صناديق الثروة السيادية إلى أن صندوق الاستثمارات العامة جاء في المركز الأول حينما يتعلق الأمر بضخ الاستثمارات الجديدة.
الأسهم الأمريكية وأثر «لوسيد»:- ومع الخسائر الحادة التي منيت بها أسواق الأسهم وفي مقدمتها السوق الأمريكية، منيت الصناديق السيادية بتراجع في قيم أصولها، وبدأت في التخارج من السوق مع موجات بيع جماعية لوقف نزيف الخسائر المتواصل.
ولكن صندوق الاستثمارات العامة كان يغرد خارج السرب، إذ تشير نتائج مسح لـ»أرقام» بناء على معلومات هيئة الأوراق والسلع الأمريكية إلى أن الصندوق واصل استراتيجية قنص الفرص من خلال بناء مراكز جديدة في عدد من الشركات وهو ما نجم عنه ضخ أكثر من 7.5 مليارات دولار . ويقول محلل أسواق الأسهم لدى «ماكواير ريسيرش»، ميكي إيدلمان لـ «أرقام» إن بعض كبار الصناديق العملاقة ومن بينها صندوق الاستثمارات العامة انتهج سياسة إعادة التمركز داخل الأسهم الدفاعية المرتبطة بتك الفترة من الدورات الاقتصادية التي يرتفع فيها معدلات التضخم. ويتابع «إيدلمان، لقد منيت الصناديق عموما بخسائر كبيرة عدا صندوق الاستثمارات العامة والذي إذا ما تم تحييد أثر سهم لوسيد سيكون حجم محفظته من الأسهم قد سجل نموا في 2022». وتشير بيانات معهد صناديق الثروة السيادية إلى نمو مطرد في حجم محفظة أصول الصندوق في الأسهم الأميركية وذلك بعد تحييد إثر تراجع سهم لوسيد للسيارات الكهربائية والذي تراجع على مدار العام بنحو 34٪
ومنذ الطرح الأولي لشركة «لوسيد» للسيارات ارتفعت حيازات صندوق الاستثمارات العامة على نحو مطرد، بحسب بيانات هيئة الأوراق والسلع الأميركية والتي عمدت «أرقام» على تحليلها، والتي أظهرت نموا في قيم الحيازة بعد استبعاد القيمة السوقية لسهم شركة «لوسيد» لتبلغ نحو 22 مليار دولار في 2022 مقارنة مع 17.3 مليار دولار في 2021. آفاق النمو:- ويتوقع معهد صناديق الثروة السيادية أن يتصدر «الاستثمارات العامة السعودي» الصناديق السيادية حول العالم من حيث حجم الأصول المدارة والتي ينتظر أن تبلغ نحو تريليوني دولار بحلول 2030.
بحسب بيانات المعهد.

 

وأجرت «أرقام» أيضا مسحا لبيانات المعهد للوقوف على التقدم الذي يحرزه الصندوق مقارنة مع نظرائه حول العالم.

 

وأظهرت البيانات تقدم الصندوق في حجم الاستثمارات على اختلاف أنواعها، في وقت توقع فيه معهد الصناديق أن يشهد العام 2023 فورة لأداء الصناديق الخليجية ومن بينها صندوق الاستمارات العامة الذي يواصل القيام بدوره في تنويع الاقتصاد السعودي من خلال الإسهام في تعظيم العوائد وخلق فرص عمل تقدر بالملايين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى