أخبار عاجلةاقتصاد دولي

تراجع شديد للطلب على شراء البيوت في بريطانيا وتوقعات بانخفاض الأسعار

انخفض الطلب على العقارات في بريطانيا بنحو النصف تقريباً منذ نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، مع تحول المشترين المحتملين إلى التأجير ما زاد الضغط على سوق الإيجارات وأدى إلى ارتفاعها. وبحسب بيانات أحد أكبر المواقع العقارية في بريطانيا، “زوبلا”، انخفض الطلب على شراء البيوت في بريطانيا بنسبة 44 في المئة منذ أعلنت حكومة رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس ميزانيتها الكارثية في 23 سبتمبر 2022. ورغم أن أغلب بنود تلك الميزانية أُلغيت على يد وزير الخزانة الجديد جيريمي هانت، فإن ارتفاع اسعار الفائدة على القروض العقارية لم يتراجع كثيراً. ويُضاف إلى ذلك أيضاً أن ارتفاع معدلات التضخم أدى إلى انهيار القيمة الحقيقية للدخول ما أثر سلباً على القدرة الشرائية للأسر البريطانية.
وانخفض الطلب على الشراء في جنوب شرقي إنجلترا وغرب الوسط بأكثر من 50 في المئة، بينما كان معدل الانخفاض أقل في المناطق التي لا تزال أسعار العقارات فيها معتدلة مثل اسكتلندا وإيرلندا الشمالية. ويتراجع الطلب على شراء العقارات موسمياً مع نهاية العام وفترة عطلات أعياد الميلاد (كريسماس)، لكن مدير شركة “زوبلا” ريتشارد دونيل قال، إنه “يبدو كأن السوق العقارية أصبحت في حالة كريسماس مبكراً عن موعدها بثمانية أسابيع”.

نهاية الفورة العقارية

وشهدت أسعار العقارات في بريطالنيا فورة ارتفاع في فترة وباء كورونا، على عكس بقية القطاعات التي دخلت في ركود مع أزمة الإغلاق للحد من انتشار فيروس الوباء. وساعد في ذلك التسهيلات التي وفرتها الحكومة للقطاع العقاري لمنع انهياره، مثل الإعفاءات الضريبية المؤقتة إضافة طبعاً إلى أسعار الفائدة الأساسية المنخفضة إلى قرب الصفر ما جعل أسعار الفائدة على القروض العقارية في حدود اثنين في المئة.
ومع بدء “بنك إنجلترا” (المركزي البريطاني) برفع أسعار الفائدة الأساسية لكبح جماح ارتفاع معدلات التضخم ارتفعت أسعار الفائدة على القروض العقارية لكنها ظلت في حدود أربعة في المئة. وحين أعلن كوازي كوارتنغ، وزير الخزانة في حكومة ليز تراس المستقيلة، ميزانيته متضمنة خفضاً للضرائب وزيادة في الاقتراض الحكومي شهدت سوق السندات انهياراً مع هبوط سعر صرف الجنيه الاسترليني. وكون أن القروض العقارية مسنودة بسندات دين، رفع المقرضون أسعار الفائدة إلى ما فوق نسبة ستة في المئة وما يقارب سبعة في المئة.

وشكل ذلك ضغطاً على السوق العقارية في بريطانيا أدى إلى نهاية فورة ارتفاع أسعار البيوت التي وصلت إلى ذروتها قبل عامين خلال فترة أزمة وباء كورونا. ورغم أن أسعار الفائدة على القروض العقارية تراجعت قليلاً إلى ما دون ستة في المئة، لكن احتمال عودتها إلى مستوى اثنين في المئة أو حتى أربعة في المئة قريباً، ليس وارداً الآن على الأقل.
وبحسب مؤشر شركة “زوبلا” لأسعار العقارات، فما زالت ترتفع وإن بمعدلات أقل بكثير عما كانت عليه قبل سنتين. وفي آخر قراءة للمؤشر، ارتفعت أسعار البيوت بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بنسبة 7.8 في المئة بمعدل سنوي. وبحسب تقديرات مكتب مسؤولية الميزانية البريطاني، يُتوقع أن تنخفض أسعار العقارات بنسبة تسعة في المئة العام المقبل.

التحول للإيجار

ولا يقتصر التراجع على الطلب في السوق العقارية، بل إن ذلك أدى إلى انخفاض معدل المبيعات العقارية أيضاً. وبحسب بيانات موقع “تزوبلا” انخفضت مبيعات العقارات بنسبة 28 في المئة مقارنة مع ذات الوقت من العام الماضي.
واضطر انخفاض الطلب على الشراء في السوق العقارية البائعين إلى تخفيض أسعار المعروض من العقارات كي يتمكنوا من البيع. وبلغ الخفض في سعر المعروض ما بين ثلاثة وخمسة في المئة، وبحسب بيانات “زوبلا” فإن ربع العقارات المعروضة للبيع في السوق شهدت تخفيضاً في سعر البيع.
وتقدر شركات العقارات، كما نشرت “فايننشال تايمز” و”ديلي تلغراف”، أن ما فاقم تراجع الطلب على شراء العقارات هو تحول المشترين المحتملين إلى الإيجار. فمع ارتفاع كلفة الاقتراض العقاري وزيادة تكاليف المعيشة انصرف المشترون، بخاصة من يشترون بيتاً لأول مرة، عن التملك إلى الإيجار.
وتشير أرقام شركة العقارات “رايت موف” إلى ارتفاع كبير في الطلب على الإيجار. ووصلت الزيادة في الاستفسارات عن الإيجار إلى 100 ألف بمعدل سنوي. وتشهد بعض العقارات المعروضة للإيجار نحو 36 استفساراً للوحدة الواحدة، بحسب أرقام الوكالات العقارية.

وأدى ذلك بالتالي إلى ارتفاع الإيجارات السكنية في بريطانيا بشكل عام، في مقابل تباطؤ ارتفاع أسعار البيع للعقارات. مع ذلك، يتوقع الباحثون في السوق العقارية أن يتغير هذا التوجه مع منتصف العام المقبل، إذ إن ارتفاع الإيجارات سيشكل ضغطاً أكبر ما يجعل المشترين يعودون إلى السوق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى