مقالات اقتصادية

خلال 5 أعوام .. ميزان القروض العقارية يميل لصالح البنوك على حساب شركات التمويل

كتب أسامة صالح

انخفضت حصة شركات التمويل من القروض العقارية الجديدة في المملكة العربية السعودية من 13 في المائة في 2016 إلى 2 في المائة في 2021 (خمسة أعوام)، وذلك في تطور لافت، بسبب المنافسة من القطاع البنكي.

وبحسب احدث التقارير الاقتصادية الصادرة مؤخراً ، يحظى القطاع البنكي بالأفضلية على شركات التمويل بسبب تعدد الفروع وتوفر القنوات الرقمية والسيولة الفائضة وتسلم الودائع المصرفية.
وتجعل الودائع المجانية تكلفة التمويل للبنوك المحلية تصل إلى 29 نقطة أساس في 2021 مقارنة بـبعض شركات التمويل التي تصل تكلفة التمويل بها إلى 195 نقطة أساس.
ومعلوم أن 80 في المائة من الحاصلين على قروض عقارية في السعودية، هم أفراد يعملون في القطاع الحكومي بنهاية 2021، وفق تقرير لمصرف جيه بي مورجان.
وحققت شركات التمويل في السعودية، بخلاف نشاط التمويل العقاري، صافي أرباح 1.53 مليار ريال خلال 2022 مقارنة بـ1.43 مليار ريال في 2021، مسجلة نموا نسبته 7.4 في المائة، وفق تقرير نشرته “الاقتصادية” في أيار (مايو) 2023.
وتعمل شركات التمويل في السعودية تحت إشراف البنك المركزي السعودي، وتقدم خدماتها بحسب المنتجات التمويلية مثل التمويل الاستهلاكي وتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى التمويل العقاري.
وحققت شركات التمويل البالغ عددها 31 شركة عائدا على أصولها بلغ 3.55 في المائة، فيما بلغت الأصول المالية لشركات التمويل غير العقاري بنهاية العام الماضي 43.2 مليار ريال، بعد ان كانت تقدر بنحو 39.19 مليار بنهاية 2021.
وسجلت شركة “إمكان” أعلى صافي دخل بين شركات التمويل غير العقاري، بعد تحقيقها صافي دخل عن العام الماضي بلغ 331 مليون ريال، مشكله 21.6 في المائة من إجمالي أرباح الشركات، لكن ربحيتها تراجعت بنحو 32 في المائة العام الماضي، بعد تحقيقها صافي ربح عند 487 مليون ريال خلال 2021، حيث يظهر تأثر الأرباح بارتفاع الفائدة التي أثرت في تكاليف التمويل.

دعم تمويلي
وفي كانون الأول (ديسمبر) 2022، أطلق صندوق التنمية العقارية، برنامج تمويل شركات التمويل العقاري، لتوفير تسهيلات مالية قصيرة ومتوسطة الأجل لشركات التمويل العقاري، تسهل رحلة تملك المستفيدين للمسكن الملائم.
وبحسب بيان للصندوق، يهدف البرنامج إلى تحفيز سوق التمويل العقاري لابتكار حلول تمويلية وسكنية تتناسب مع مستفيدي “سكني”، وذلك في إطار الجهود المتواصلة لتحسين القدرة على تحمل تكاليف السكن، تحقيقا لأهداف برنامج الإسكان – أحد برامج رؤية المملكة 2030 – لرفع نسبة التملك السكني إلى 70 في المائة بحلول 2030.
والصندوق يقوم بشكل دوري بمراجعة حلوله وخياراته، ودراسة إمكانية استحداث برامج مناسبة وذات قيمة مضافة، ما يؤكد حرصه على تنويع برامج الدعم السكني، وما تتضمنه من منتجات وحلول تمويلية وسكنية، تتطلب ابتكار برامج تتلاءم مع قدرات المستفيدين المالية واحتياجاتهم الفعلية للسكن.

البطاقات الائتمانية
وكشف تقرير بنكي صدر مؤخراً، أنه يجري تداول ما لا يقل عن 39.3 مليون بطاقة ائتمانية داخل السعودية عبر الأفراد والشركات الحكومية والقطاع الخاص، فيما تشكل قروض البطاقات الائتمانية 2 في المائة من إجمالي قروض الأفراد.
والشركات والجهات الحكومية تكون لهم بطاقات ائتمان خاصة بمشترياتهم الضخمة، مع العلم أن الأفراد قد يكون لهم ما بين بطاقة واحدة إلى أربع بطاقات (واحدة رئيسة وأخرى فرعية برصيد أقل).
وانعكس التوسع في استخدام وسائل “الدفع غير النقدية” على سلوك الأفراد تجاه “مكائن الصراف الآلي” في السعودية.
وبلغ إجمالي ما تم سحبه من مكائن الصرافة 582 مليار ريال في 2021 بانخفاض بمقدار 25 في المائة عن مستويات السحب التي تم مشاهدتها في 2015.

نمو الائتمان
وفي الآونة الأخيرة، ازدادت حدة المنافسة على تقديم “القروض الشخصية” للأفراد والمدموجة مع “القروض العقارية”.
وتجلى ذلك بالقفزة بأرقام نمو الائتمان “الشخصي” للأفراد، إذ نما من 9.5 في المائة في 2020 إلى 17 في المائة في 2021، بحسب بلومبيرج.
وبالارتكاز على بيانات موقع “مييد” MEED الخاص بتتبع مشاريع البنية التحتية، فإن قيمة مشاريع البنية التحتية الضخمة للسعودية خلال العامين المقبلين تصل إلى 93 مليار دولار وهذا المبلغ يقفز إلى 330 مليار دولار خلال الأعوام الأربعة المقبلة. وهذه الأرقام تستثني الإنفاق المباشر على مشاريع الطاقة القادمة من أرامكو.
وعن انعكاسات ذلك على القطاع البنكي السعودي، أشارت حسبة أجراها اقتصاديو بلومبيرج إلى أنه في حالة قيام البنوك السعودية بتمويل 70 في المائة من قيمة تلك المشاريع الضخمة، فإن ذلك سيؤدي إلى تحقيق نمو ائتماني بنسبة 11 في المائة بشكل سنوي خلال العامين المقبلين، متبوعا بنمو ائتماني تجاه 13 في المائة بشكل سنوي خلال 2024 إلى 2026.

الادخارية تقود نمو ودائع البنوك السعودية:
وكانت احدث التقارير الاقتصادية التي نشرت مؤخراً في تموز (يوليو) 2023 أشارت فيه إلى مواصلة الودائع في البنوك السعودية نموها بنهاية مايو الماضي على أساس سنوي، بقيادة الودائع الادخارية مع إقبال المودعين عليها نتيجة ارتفاع الفائدة، لكن قابله تراجع في الودائع تحت الطلب أو كما تعرف بالودائع المجانية.
وبلغت الودائع المصرفية بنهاية مايو نحو 2.391 تريليون ريال مقابل نحو 2.178 تريليون ريال بنهاية الفترة نفسها من العام الماضي، وبزيادة بلغت 212.7 مليار ريال أو 9.8 في المائة.
وجاءت تلك الزيادة بفضل نمو الودائع الزمنية والادخارية، التي ارتفعت بنحو 39.3 في المائة، وهو أكبر نمو سنوي على الإطلاق بحسب بيانات “ساما” التي تعود إلى عام 1993، ليصل حجم الودائع إلى مستوى قياسي عند 720.77 مليار ريال.
واستمرت الودائع تحت الطلب بالتراجع للشهر السابع، بعدما انخفضت في مايو 2.1 في المائة على أساس سنوي لتصل إلى 1.334 تريليون ريال، وذلك بعد تراجع ودائع تحت الطلب للشركات والأفراد، التي تشكل 85 في المائة من الودائع تحت الطلب.
وتعرف ودائع الحسابات تحت الطلب بالأموال المجانية، أي، الودائع التي لا تدفع عليها المصارف فوائد لمودعيها، بخلاف الودائع الادخارية والزمنية.

صانعو السياسة الاقتصادية
ورفعت بنوك مركزية في الخليج أسعار الفائدة الأساسية في 2022، مقتفية أثر مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي بدأ دورة تشديد للسياسة النقدية في مسعى جديد نشط لمكافحة التضخم المتزايد.
وجرت العادة على أن تسير الدول العربية الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي على خطى البنك المركزي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة لأن عملاتها مربوطة بالدولار، باستثناء الكويت التي تربط عملتها بسلة عملات من بينها الدولار.
وبحسب رويترز، كتب جيمس سوانستون، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في “كابيتال ايكونوميكس”، في مذكرة بحثية “إذا لم يسمح صانعو السياسة الاقتصادية في الخليج لأسعار الفائدة بأن تحذو حذو تلك التي في الولايات المتحدة، فإن رؤوس الأموال ستتدفق إلى خارج اقتصاداتها، وهذا سيضع ضغوطا نزولية على عملاتها”.
ومعلوم أنه ليس بالضرورة للبنوك الخليجية المركزية أن ترفع الفائدة بمقدار السرعة نفسها من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
ويأتي ذلك لكون توقعات التضخم في اقتصادات الخليج تعد متواضعة مقارنة بمستويات التضخم في الولايات المتحدة، فضلا عن استفادة المنطقة من أسعار النفط المرتفعة.

حقبة الفائدة المنخفضة
وفقا لتقرير منصة “ماكرو بوند” السويدية المتخصصة في استعراض بيانات الاقتصاد الكلي، فإن الحقبة الأولى من عصر الفائدة المتدنية قد بدأت في منتصف 2009 إلى 2016.
واستمرت الحقبة الأولى لسبعة أعوام، أما الثانية فقد بدأت من 2020 وانتهت بنهاية 2021 عند مستوياتها بفعل تبعات الجائحة الاقتصادية وطريقة تعامل البنوك المركزية حول العالم معها، عبر تخفيض أسعار الفائدة.
وعاش المقترضون من الأفراد والشركات خلال الحقبة الثانية ما بات الآن يعرف بأدنى مستويات الفائدة السعودية خلال 32 عاما.
وخلال 2020، أعلنت شركات مساهمة خلال إفصاحاتها المالية أن مدفوعاتها الدورية الخاصة بخدمة الدين على القروض القائمة قد سجلت انخفاضات ملموسة، الأمر الذي انعكس بشكل إيجابي على تحسين هوامشها الربحية مقارنة بالأعوام القليلة السابقة التي كانت مدفوعات الفائدة تقتطع حصة من متوسطة إلى ضخمة من مصاريف التمويل لكل شركة أخذت قرضا يرتكز على الفائدة المتغيرة التي تتبع حركة السايبور، وهو المؤشر المعني بقياس سعر الإقراض في القطاع المصرفي.
وبعض الشركات أعلنت خلال إفصاحاتها المالية أنها سجلت انخفاضات ما بين 20 إلى 41 في المائة في مصاريف التمويل التي تخصص في العادة لسداد القروض أو أدوات الدين القائمة.
ولمس أثر انخفاضات السايبور شريحة الأفراد وكذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة، الذين كانوا من أبرز المنتفعين خلال حقبة الفائدة المتدنية، حيث منحت أسعار السايبور المتدنية الحاصلين على قروض بالفائدة المتغيرة إمكانية توفير السيولة القابلة للإنفاق، بعدما كانت مخصصة لمدفوعات خدمة الدين، وتعزيز هوامش الربح للشركات، من خلال توفير نفقات التمويل، على الأرصدة القائمة للقروض التي عليهم.
وأيضا كان من أكثر المنتفعين تلك الجهات التي تأخذ نوعا محددا من القروض قصيرة الأجل الخاصة بدعم رأس المال العامل التي يعاد تسعيرها خلال فترة قصيرة.

سايبور حقبة الثمانينيات
وسجلت آجال السايبور الأربعة أعلى مستوياتها في أواخر الثمانينيات، عندما راوحت ما بين 10.18 في المائة إلى 11 في المائة، وفقا للبيانات التاريخية لمنصة ماكرو بوند السويدية.
والمعدل المتوسط لفائدة السايبور “في ذلك الوقت” يعد أقل بـ12 مرة من أعلى مستوياته التاريخية المسجلة في 1989، الأمر الذي يعني أن هذا الوقت يعد أفضل وقت للاستدانة بالفائدة الثابتة على مدى 32 عاما.
ومعلوم أن أعلى مستويات الفائدة السعودية خلال الأعوام العشرة الماضية قد جاءت ما بين الفترة من 2016 إلى 2019، حيث يوفر القطاع المالي للسعودية حلولا مريحة للعملاء الذين يرغبون في التحول من الفائدة المتغيرة إلى الثابتة أو العكس.
ومنذ بداية 2020 إلى نهاية 2021 والمستدينون السعوديون والشركات يحصلون على أخبار إيجابية بنهاية كل شهر وهم يرون مدفوعاتهم الدورية، التي تسعر بالفائدة المتغيرة، تنخفض بشكل متدرج مقارنة بالمستويات التي كانت عليها خلال 2019.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى