مختارات اقتصادية

السقوط الحر ومعيار الذهب .. هل تنجح زيمبابوي في إنهاء أزمة العملة المستمرة منذ 16 عامًا؟

سمحت زيمبابوي لعملتها المحلية بالهبوط الحاد منذ بداية 2024، في خطوة غير معتادة تشير إلى تغيرات محتملة في السياسة النقدية.

وينتظر مواطنو الدولة الأفريقية خططاً حكومية قد تسفر عن تقديم معيار الذهب لدعم الثقة في العملة المحلية، بعد سنوات من محاولات الحصول على عملة فعالة.

سقوط حر

– سمحت زيمبابوي بالتراجع الحاد لسعر الصرف، في إطار محاولات تعزيز فاعلية العملة المحلية التي استمرت في الهبوط منذ بداية العام.

– تشهد قيمة الدولار الزيمبابوي تراجعًا مستمرًا بشكل يومي منذ بداية عام 2024، ما يجعله واحدة من أسوأ عملات العالم أداءً.

– تراجعت عملة زيمبابوي إلى أكثر من 20 ألف دولار مقابل الدولار الأمريكي، مقابل مستويات 10 آلاف في نهاية يناير الماضي، ومقارنة بنحو 6 آلاف في نهاية 2023.

– وصلت العملة إلى 20.389 ألف دولار زيمبابوي لكل دولار أمريكي يوم الجمعة الماضي، ما يعكس خسائر تراكمية بنحو 70% منذ بداية العام.

– تسبب هبوط العملة المحلية في زيمبابوي في ارتفاع سعر رغيف الخبز من 6.015 ألف دولار زيمبابوي إلى 19.3 ألف دولار في غضون 11 أسبوعًا فقط.

– تاريخياً، كان الهبوط القوي في القوى الشرائية للمواطنين من شأنه أن يدفع البنك المركزي للتدخل في سوق الصرف لوقف تراجع العملة، لكن البنك المركزي لم يقم بخطوة مماثلة في الوقت الحالي.

– تجنب البنك المركزي إجراء أي عطاء لبيع الدولار الأمريكي منذ بداية عام 2024، رغم الهبوط الحاد للعملة المحلية.

– قال عضو لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي الزيمبابوي “بيرسينس جوانيانيا”، إن السلطات ترى أن أسعار الصرف الرسمية وغير الرسمية تسير حالياً على طريق “التقارب”.

– بينما ذكر “توني هوكينز” الخبير الاقتصادي والأستاذ السابق في جامعة زيمبابوي، أن بلاده قررت رفع يديها عن سعر الصرف بشكل كامل، في خطوة لم تكن متوقعة على الإطلاق بالنسبة له، معتبرًا أن هذا القرار يعني أن السلطات تفكر في إصدار عملة جديدة.

– تسبب ميل زيمبابوي إلى الاستمرار في طباعة النقود في افتقاد المواطنين إلى الثقة في أي عملة تطرحها الحكومة.

– يشكل الدولار الأمريكي حوالي 80% من جميع المعاملات الاقتصادية في زيمبابوي، بحسب وكالة الإحصاء الوطنية في البلاد.

– عندما يرغب المواطنون في الدولة الأفريقية في استخدام العملة المحلية، فإنهم لا يستطيعون شراء أي سلعة تقريبًا، حيث إن أعلى فئة – وهي الورقة النقدية بقيمة 100 دولار زيمبابوي – يجب حملها بأحجام كبيرة لتنفيذ معاملات صغيرة.

محاولة جديدة لدعم العملة

– في فبراير الماضي، قال الرئيس الزيمبابوي “إيمسرون منانجاجوا” إن حكومته ستقدم “عملة منظمة”، في حين أشار وزير ماليته “مثولي نكوبي” إلى أن هذه العملة قد تعمل بغطاء من الذهب.

– اتجهت الدولة الأفريقية لزيادة احتياطاتها من المعدن النفيس، لدعم خطط التحول إلى معيار الذهب.

– أضاف البنك المركزي في زيمبابوي نحو 800 كيلوجرام (25 ألف أوقية) إلى احتياطيات الذهب، منذ صدور قانون يلزم شركات التعدين بدفع جزء من الرسوم باستخدام المعدن الأصفر.

– بلغ إنتاج مناجم الذهب في الدولة الأفريقية نحو 30.1 طن في العام الماضي، مقارنة بالمستوى القياسي البالغ 35.3 طن في 2022.

– كما قام البنك المركزي بتأجيل بيان السياسة النقدية، من أجل وضع اللمسات الأخيرة على خطة الحكومة.

– قالت شركة “إيمارا أسيت مانجمنت” لإدارة الأصول في زيمبابوي، إن تأجيل صدور بيان السياسة النقدية لأجل غير مسمى أثار القلق بين المستثمرين، وسط تكهنات بشأن خلاف محتمل بين صناع السياسات حول كيفية تنفيذ مقترح التغيير الخاص بالعملة المحلية.

– يرى “شيلتون سيباندا” كبير مسؤولي الاستثمار في شركة للوساطة المالية يقع مقرها في هراري أن عدم توضيح الوزير أو البنك المركزي أسباباً معقولة حول التأخير يعتبر أمراً غير جيد للتخطيط ويدفع الشركات إلى الحذر.

– في حال قيام زيمبابوي بهذا التحول، فإنها ستكون الدولة الوحيدة في العالم التي تطبق معيار الذهب في الوقت الحالي.

– ذكر “بيترسي إيرل” الخبير الاقتصادي بالمعهد الأمريكي للبحوث الاقتصادية أنه لا توجد دول في الوقت المعاصر تعتمد على دعم عملاتها بالذهب أو المعادن النفيسة الأخرى.

– أوضح ” إيرل” أنه في الماضي، كانت هناك مبررات سياسية لإنشاء أنظمة لدعم العملات بالسلع الأساسية، لكن طباعة النقود كان لها اليد العليا دائمًا.

سنوات من الأزمة

– تعد خطوة السماح بهبوط العملة المحلية سادس محاولة من جانب زيمبابوي للحصول على عملة فعالة منذ عام 2008 حينما تجاوز التضخم مستويات 231 مليون في المئة.

– فشلت محاولات الدولة الأفريقية سابقاً بسبب الافتقار إلى الثقة الشعبية، وهو الأمر الأساسي لأي عملة ورقية.

– علقت زيمبابوي نشر أرقام التضخم بعد يوليو 2008 مع التضخم الجامح في البلاد.

– تنشر الحكومة في زيمبابوي الآن سلسلة تضخم جديدة، حيث ترتفع أسعار المستهلكين بنحو 47.6% حالياً، وهو أعلى مستوى في ستة أشهر.

– عانت زيمبابوي من سلسلة من التحولات السياسية في إطار البحث عن عملة خاصة بها قابلة للاستمرار.

– في عام 2009، قررت السلطات في زيمبابوي التخلي عن الدولار المحلي بعد أن فقد قيمته، لتعتمد على العملة الأمريكية.

– قامت زيمبابوي بتقديم الدولار الزيمبابوي في شكل إلكتروني في عام 2015، لتربط هذه العملة بالدولار الأمريكي.

– لكن في عام 2018، تم إلغاء هذا الربط، ما أدى إلى إفقار الآلاف من المواطنين في زيمبابوي الذين احتفظوا بمدخراتهم بالعملة المحلية الإلكترونية.

– أقرت الحكومة عدم قانونية استخدام الدولار الأمريكي في عام 2019، لكنها سرعان ما تراجعت عن هذا القرار مع التداعيات السلبية على النشاط الاقتصادي.

– لم تقتصر محاولات الحكومة في زيمبابوي على العملات الورقية، حيث إنها قدمت العملات الذهبية في 2022 والرموز الرقمية المدعومة بالذهب في العام الماضي، كوسيلة للمساعدة في تخفيف الطلب القوي على الدولار الأمريكي.

– تعتبر الخطة المقترحة حالياً بتقديم عملة ورقية مرتبطة بالذهب بمثابة تتويج للمحاولات المستمرة للحصول على عملة فعالة في زيمبابوي.

نصائح ومطالب

– قالت “فيكتوريا كواكوا” نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة شرق وجنوب أفريقيا، إن زيمبابوي بوسعها تحقيق تقدم من خلال الابتعاد عن العمليات شبه المالية للبنك المركزي، لكنها لم توضح ماهية تلك العمليات.

– كان صندوق النقد الدولي قد ذكر مؤخرًا أنه يتعين على البنك المركزي تقليص أنشطته غير الأساسية، والتي تشمل طباعة النقود والاقتراض بغرض إقراض الحكومة.

– ترى “كواكوا” أن زيمبابوي بحاجة إلى جعل سياستها المالية والنقدية أكثر قابلية للتنبؤ بها، لدعم الثقة في عملتها المحلية.

– أشارت مسؤولة البنك الدولي إلى أنه في كل مرة يحصل المواطنون على العملة المحلية، فإنهم يحاولون التخلص منها بشراء شيء ما، ما يجعل العملة تفقد قيمتها بشكل مستمر.

– أبدى البنك الدولي التزامه بالعملية الجارية منذ عام 2022 لتسوية زيمبابوي مليارات الدولارات من متأخرات الديون المستحقة للمؤسسة والمقرضين الدوليين الآخرين.

استمرار عدم اليقين

– تسيطر حالة عدم اليقين على الجميع في زيمبابوي، وسط تساؤلات حول ما إذا كان سيتم إطلاق عملة جديدة تمامًا، أو تطبيق معيار الذهب على العملة الحالية.

– كما يترقب المواطنون والمستثمرون ما إذا كانت الحكومة ستقوم بحظر جديد لاستخدام الدولار الأمريكي.

– في الوقت الذي ينتظر فيه مواطنو زيمبابوي أحدث خطة بشأن العملة، فإن الحكومة نفسها تبدي عدم ثقتها في العملة المحلية من خلال استخدام الدولار في بعض الأنشطة مثل رسوم جوازات السفر ورسوم الطرق.

– في الوقت نفسه، يستعد البنك المركزي لتعيين محافظ جديد في نهاية شهر أبريل المقبل، مع استعداد “جون موشايافانهو” لشغل المنصب بدلاً من المحافظ الحالي “جون مانجوديا”.

– قال “مايك كامونجيريمو” رئيس غرقة التجارة الوطنية في زيمبابوي، إن الشركات تعاني من حالة عدم يقين في الوقت الحالي مع انتظار قرارات حكومية بشأن العملة.

– أشار “كامونجيريمو” إلى أن الجميع يترقب معرفة الشكل الدقيق للعملة بعد الهيكلة المنتظرة، بالنظر إلى الخسائر الفادحة التي تكبدوها سابقأ بسبب إصلاحات العملة.

– ذكر “مايكل أشلي شومان” كبير مسؤولي الاستثمار في “رانينج بوينت كابيتال” أن المواطنين في زيمبابوي يشعرون بالقلق بسبب احتمالات الخفض الإضافي للعملة قبل تطبيق معيار الذهب، ما سيدفعهم إلى السعي لإنفاق حيازتهم من العملة المحلية سريعاً على سلع مادية.

– يرى “شولمان” أن وجود عملة مدعومة بالذهب لن يمنع بالضرورة حدوث تخفيضات في قيمة العملة في المستقبل، مشيرًا إلى أنه لا يزال بإمكان الحكومة طباعة النقود وتغيير نسب العملة المحلية مقارنة بالعملات الأخرى.

المصادر: أرقام – بلومبرج – البنك الدولي – رويترز – فرانس 24 – تريدينج إيكونومكس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى