اقتصاد دولي

القطاع المصرفي العراقي يتجه نحو الدمج لمواكبة الاحتياجات

تتجه السياسة المالية والنقدية في العراق إلى إعادة رسم جديد لخريطة عمل المصارف لا سيما الحكومية منها، التي يزيد عددها على 70 مصرفاً وتمثل أكثر من 80 في المئة من الأصول والموجودات بالقطاع المصرفي، في مشروع رائج يشمل الإصلاح والدمج.

ولقرار إصلاح القطاع المصرفي ودمج المصارف عديد من الفوائد التي تسهم في تطوير القطاع المالي في العراق، حيث وجه البنك المركزي العراقي وجه في الثالث من أغسطس (آب) الماضي، المصارف المجازة بزيادة رؤوس أموالها إلى ما لا يقل عن 400 مليار دينار عراقي (307 ملايين دولار) خلال مدة أقصاها نهاية عام 2024، بواقع ثلاث دفعات، على ألا تقل كل دفعة عن 50 مليار دينار عراقي (38.4 مليون دولار) وللمصرف إجراء الزيادة بدفعة واحدة خلال مدة أقصاها 31 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وشدد البنك المركزي العراقي على زيادة رأس المال التشغيلي لفروع المصارف الأجنبية بما لا يقل عن 60 في المئة، محذراً في الوقت ذاته من أنه “في حال عدم التزام المصارف بما ورد أعلاه تبادر بالاندماج أو تخضع للاستحواذ أو التصفية”.

وبحث محافظ البنك المركزي العراقي علي العلاق، خلال لقائه وفد البنك الدولي، أوضاع المصارف المحلية وتناول خطط الارتقاء بعملها ومنها تعديل أنظمتها الداخلية لتطبيق الحوكمة المؤسساتية وإعادة الهيكلة.

تحمل الصدمات

وفي هذا السياق، أقر الخبير المالي والمصرفي محمود داغر، بأن عملية دمج المصارف عملية تجري في كل العالم وهي خطوة اقتصادية ومالية الهدف منها الاستفادة من الدمج في زيادة القدرة المالية وتوسيع حجم رأس المال لتحمل الصدمات التي تحدث في القطاع، متابعاً أنه بالنسبة إلى العراق أصبح حجم رؤوس أموال المصارف لا يوازي النشاط الاقتصادي مما أضعف قدرتها على مواجهة الأزمات.

وأضاف داغر أنه في حالة عدم قدرة المصارف على زيادة رأس مالها منفردة إلى 400 مليار دينار عراقي (307 ملايين دولار) بحسب تعميم البنك المركزي، عليها أن تجد من تندمج معه وصولاً إلى رأس المال المطلوب لتكون قادرة على تحمل الصدمات ومواجهة التوسع في حجم النشاط الاقتصادي والاستثماري.

تأثير ومزايا

إلى ذلك، اعتبر متخصص الاقتصاد الدولي نوار السعدي، أن العراق يعاني أزمة اقتصادية ومالية خانقة منذ عقود لأسباب سياسية خارجية وداخلية كان تأثيرها واضحاً على جميع القطاعات الاقتصادية، لافتاً إلى أن القطاع المصرفي يواجه مشكلات تنعكس سلباً على النشاط التمويلي والاستثماري، بالتالي ضعف أو توقف الدورة الاقتصادية في البلاد، محذراً من تحول الركود إلى كساد ومن ثم إلى الانهيار إذا لم يتم إيجاد حلول ناجعة وسريعة لجميع التداعيات والتحديات.

ورحب المتخصص الاقتصادي بفكرة دمج المصارف، مشيراً إلى أنه معمول بها في عدة دول منذ سنوات طويلة، إذ إنها جزء من استراتيجية لتحسين أداء وكفاءة القطاع المصرفي، وتعزيز قدرته على تقديم الخدمات المالية والتمويل للمجتمع والاقتصاد، لافتاً إلى أن تطبيقها بالشكل السليم والدقيق ستساعد على تحسين كفاءة وقوة واستقرار القطاع، وكذلك توحيد الموارد والقدرات وتقليل التكرار في الأنشطة المصرفية، لا سيما أن العراق يعاني تضخماً في عدد المصارف مقارنة بدول المنطقة، كما لا تتناسب خدماتها مع مستوى المصارف الخليجية والعالمية.

ونوه السعدي بمزايا دمج المصارف المتمثلة في تعزيز رأس المال والقدرة على مواجهة التحديات المالية والاقتصادية الصعبة، وتحسين الكفاءة من خلال تجنب التكرار في البنية التحتية والأنشطة، وكذلك كفاءة العمليات المصرفية وزيادة القدرة على التمويل، إلى جانب تقليل المخاطر عبر تنويع قاعدة العملاء والمنتجات، وزيادة جذب المستثمرين.

ودعا السعدي إلى الحذر في عملية الدمج، مشيراً إلى أنها يجب أن تتم وفق تخطيط دقيق وإجراء دراسات لتقييم التأثيرات والنتائج المحتملة، وضمان أن هذه الخطوة لا تؤدي إلى انعدام التنافسية في القطاع المصرفي العراقي.

مرتكزات مالية

ووصف الباحث الاقتصادي بسام رعد، قرار البنك المركزي بـ”الصائب”، الذي سيسهم في إصلاح المصارف وتمكينها من لعب دورها المطلوب كرافعة للاقتصاد العراقي وتوفير البيئة الملائمة لتشجيع المصارف الأهلية على عملية الإقراض المحفز للاقتصاد، وابتعاد التركيز عن نافذة بيع وشراء العملة الأجنبية لتوليد الإيرادات، لا سيما أن عدد المصارف الخاصة العاملة في العراق نهاية 2021 بلغ نحو 67 مصرفاً.

وأوضح رعد أن القرار يسهم في دعم أدوات السوق وتطوير العمليات الائتمانية للجهاز المصرفي لغرض توفير الائتمان إلى المشاريع الاستثمارية، إضافة إلى العمل على بناء منظومة مصرفية سليمة وفاعلة خصوصاً مع إقرار الموازنة الثلاثية للأعوام من 2023 حتى 2025 بمبالغ تريليونية ضخمة سوف تضخ بالأسواق وهو ما يجعل هذه الأموال بحاجة إلى نظام مصرفي كفؤ يستوعبها وينميها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى