عملات رقمية

العملة الرقمية في ميزان المركزي السعودي .. ما الفرق بينها وبين المشفرة؟

يتخذ التحول الرقمي في المملكة منحنى جديداً وسط فورة في رقمنة مشهد المدفوعات مع تبني البنك المركزي السعودي لعمليات التحول نحو المدفوعات الإلكترونية، ليبرز الحديث عن الفوارق بين العملات الرقمية والمشفرة والتي تثير حالة من الارتباك لدى العامة.
وأعلن البنك المركزي السعودي خلال الشهر الجاري مواصلة مشروعه لاختبار العملة الرقمية، حيث يعمل في الوقت الراهن بالتعاون مع البنوك وشركات التقنية المالية العاملة في المملكة على إحدى مراحل المشروع، المعنيّة بدراسة حالات استخدام العملة الرقمية المخصصة للمؤسسات المالية محليًا. والتحول الرقمي بوجه عام هو إحدى الركائز الرئيسية لرؤية 2030 والتي تهدف لتحويل الاقتصاد السعودي إلى اقتصاد متعدد الموارد بعيدا عن النفط والغاز.
وفي 2019، اعتمد البنك المركزي السعودي مشروع «عابر» الذي يهدف بالأساس نحو تعزيز التداولات الرقمية وخلق عملة رقمية للبنك المركزي يتم استخدامها على نطاق واسع في التعاملات النقدية. ويقول محللون لـ»أرقام» إن تريث المركزي السعودي في تطبيق العملة الرقمية يعود بالأساس إلى رغبة قوية في التأكد من بيئة صفرية للمخاطر المحتملة بها، في وقت أشاروا فيه أيضا إلى أن التحذيرات المتتالية التي يطلقها البنك بشأن العملات المشفرة ربما حدت من حجم الخسائر في أوساط المستثمرين العام الماضي. وتنقسم أشكال العملات الرقمية إلى عملات رقمية قائمة على الترميز وعملات رقمية قائمة على الحسابات، أما العملات الرقمية القائمة على الترميز فتصف المال كمجموعة من الرموز التي يحتفظ بها مالكها وتكون مشابهة في كثير من الحالات للنقد الفعلي.
ويمكن أن تكون العملات الرقمية في بعض الأحيان سندات لحاملها (وهي أيضا مشابهة للنقد)، في حين أنه يتم في العملات الرقمية القائمة على الحسابات الاحتفاظ بأرصدة في حسابات مشابهة للحسابات المصرفية، وهذا يعني أنها لا تملك صفات مشابهة للنقد، بل تشبه الحسابات المصرفية اكثر. تجدر الإشارة إلى أن العملات الرقمية للبنك المركزي المخصصة للأفراد والشركات التي تسعى لمحاكاة النقد أو استبداله تميل إلى الاعتماد على النهج القائم على الترميز أو خليط من الترميز والحسابات، في حين أنه تميل العملات الرقمية للبنك المركزي المخصصة للبنوك إلى الاعتماد على النهج القائم على الحسابات.
وأصدرت عديد من البنوك المركزية العديد من الدراسات؛ بهدف استكشاف مختلف الجوانب العملية والنظرية من العملات الرقمية للبنك المركزي المخصصة للأفراد والشركات والبنوك.
ويقول جيفن براون، أستاذ التكنولوجيا المالية في جامعة «ليفربول» لـ «أرقام» إن اللبس لدى البعض بين العملات المشفرة والرقمية يعود بالأساس إلى ضعف ثقافة التعليم المالي في أوساط المستثمرين، منوها إلى الاختلافات بين العملة الرقمية والعملات التقليدية التي تستخدم إلى يومنا الحالي. وبالرغم من الدور المهم الذي يمكن للعملات الرقمية للبنك المركزي ّالمخصصة للأفراد والشركات تأديته، كبديل عن النقد في المجتمعات التي يشهد فيها استخدام النقد تراجعا مثل السويد، إلا أن هناك العديد من المخاطر الكبيرة المرتبطة بهذا الأمر بحسب ما أفادت به العديد من البنوك المركزية.
ويتابع براون «العملات الرقمية قائمة منذ زمن بعيد كأصل لدى بعض البنوك المركزية ومنها الفدرالي على سبيل المثال لا الحصر».
الاختلاف مع العملات الورقية:- ولإلقاء المزيد من الضوء على الفرق بين العملة الرقمية والمشفرة، فلنفترض قيامك بفتح حساب مصرفي بقيمة 10 آلاف ريال، فإن القواعد المصرفية الحالية تقتضي ضرورة وجود خزانة تحتوي على الأوراق النقدية المعادلة لتلك القيمة وفي تلك الحالة فإن وديعتك ستكون بالعملة الورقية التقليدية.
فيما يمهد استخدام العملة الرقمية لجعل تلك الوديعة مجرد رقم مثبت في سجلات البنك بالريال الرقمي والذي يمكنك استخدامه بصورته الرقمية من خلال المشتريات الإلكترونية أو حتى بهيئته التقليدية من خلال سحب المبلغ عبر أحد الصرافات الآلية. ولتسليط الضوء أكثر على الأمر، يستخدم الفيدرالي الأمريكي ثلاثة أساليب لقياس معروض النقد في الاقتصاد الأول وهو M0 والذي يقيس معروض الأوراق المالية داخل الاقتصاد الأمريكي بالكامل فيما يقيس (M1 وM2) حجم مخزون النقد في الأصول والحسابات المصرفية لدى الأفراد وأشباه النقود.
وتشير آخر بيانات الفيدرالي إلى أن حجم معروض النقد M2، والذي يعطي رقما دقيقا لحجم الأموال المتداولة داخل الولايات المتحدة يقدر بنحو 21.8 تريليون دولار، فيما يبلغ معروض النقد M0 -الأوراق النقدية المطبوعة من الدولار الأميركي- نحو 6 تريليونات دولار فقط. ويعني الأمر نظريا أن كل 1 دولار ورقي داخل النظام المصرفي الأمريكي يقابله 3.5 دولار من العملة المحتفظ بها كأصل والتي يمكن القول هنا إنها كلها بالدولار الرقمي.
مقارنة مع العملات المشفرة:- تستخدم العملات المشفرة تقنية البلوكتشين blockchain ولا يعتمد على المؤسسات المالية للتحقق من المعاملات أما العملات الرقمية فهي الشكل الإلكتروني للعملات المعدنية والأوراق النقدية التي يمكن تخزينها في محفظة رقمية، حيث يمكن للمستخدم تحويل العملة الرقمية إلى نقود عن طريق سحب النقود من بنك أو جهاز صراف آلي. وهناك أيضا رموز غير قابلة للاستبدال (NFTs) وهي أصول رقمية فريدة من نوعها تمثل عناصر العالم الحقيقي. تختلف NFTs عن العملة الرقمية والعملة المشفرة.
والعملات المشفرة هي الشكل المشفر للعملة الرقمية التي لا تعتمد على المؤسسات المالية للتحقق من المعاملات، ويتم تخزين العملة المشفرة في محفظة رقمية وهذا النظام من طرف إلى طرف والذي يعمل باستخدام تقنية البلوكتشين يمكِّن أي شخص من إرسال واستقبال المدفوعات عندما يقوم فرد بتحويل العملة المشفرة يتم تسجيل المعاملات في دفتر الأستاذ العام.
ودفتر الأستاذ العام من ضمن الدفاتر المحاسبية الرئيسية والتي تختص بالدورة المحاسبية ويختص بالفترة المالية الواحدة فقط كما أنه يتم فتحه ببداية السنة المالية ويغلق بنهايتها.
وأصدرت العديد من المنظمات عملات مشفرة خاصة بها ويشار إليها غالبا باسم الرموز المميزة والتي تسمح للأشخاص بالتداول على وجه التحديد على المنتج أو الخدمة التي تقدمها الشركة ويجب على الفرد تبادل العملة الحقيقية للعملة المشفرة لشراء المنتج أو الخدمة.
وتحذر الجهات الرقابية في السعودية من استخدام العملات المشفرة على نطاق واسع مع التقلبات الحادة التي تتسم بها تلك الأصول، إذ تراجع أداء مؤشر «كريبتو إنديكس» الذي يقيس أداء أكبر 100 عملة مشفرة بنحو 70% على مدار العام الماضي ما يؤشر على موجة تراجع لكامل الأصول المشفرة وفي مقدمتها البيتكوين المحرك الرئيسي للسوق والذي تتعقب غالبية العملات المشفرة أداءه. ويقول أستاذ تقنية «البلوك تشين» لدى جامعة ماسيوتش الأميركية، ديفيد تران لـ «أرقام» إن التقلبات السعرية الحادة التي تشهدها الأصول المشفرة تؤكد على دقة وجهات النظر التي تطالب المستثمرين بالحذر إذا ما تعلق الأمر بضخ أموالهم في استثمارات بتلك الأصول.
ويتابع تران «تتبنى بعض الدول ومن بينها السعودية موقفاً يتسم بالحذر تجاه الأصول المشفرة، وهو الأمر الذي أثبت صحته في موجة التقلبات العاصفة التي محت مليارات الدولارات من الأصول المشفرة العام الماضي.
البيتكوين

-%65

321 مليار دولار

الإيثريوم

-%70

146 مليار دولار

الكاردانو

-%82

8.4 مليار دولار

«بي.إن.بي»

-%52

39 مليار دولار

الدوجكوين

-%60

9.3 مليار دولار

وانخفضت القيمة السوقية للعملات المشفرة من مستوى تخطى نحو 2.2 تريليون دولار في مطلع العام إلى نحو 810 مليارات دولار ومن قمة تاريخية بلغت نحو 3 تريليونات دولار في نوفمبر من العام الماضي، بحسب بيانات «كوين ديسك».

 

قفزة المدفوعات الرقمية بالسعودية

 

المدفوعات الرقمية المستهدفة في روية 2030

 

 

 

وفي المقابل، شهدت السعودية في الآونة الأخيرة قفزة غير مسبوقة بالمدفوعات الرقمية بحسب تقرير الرقمنة في السعودية الصادر من Hoot Suite، إذ يوجد 29.7 مليون مستهلك في المملكة يعتمدون على المدفوعات الرقمية وهو ما يمثل زيادة واسعة في عدد مستخدمي الخدمات المصرفية الإلكترونية، أسهمت في وجود عديد من الخيارات الرقمية لتقليص الفجوة بين الخدمات المصرفية الرقمية والتقليدية.

 

في حين يبلغ إجمالي القيمة السنوية لمعاملات الدفع الرقمية في المملكة نحو 34.89 مليار دولار. ورؤية المملكة 2030 منذ إطلاقها خططت للوصول إلى أبعد من ذلك، عبر تطوير الخدمات المصرفية الرقمية من خلال إطلاق مبادرات، مثل برنامج تطوير القطاع المالي، وبرنامج التحول الوطني لرقمنة قطاع الخدمات المالية في المملكة.

 

ويمثل التحول الرقمي للقطاع المالي والمصرفي السعودي داعما رئيسا لدخول المرحلة الجديدة للقطاع ومساعدة المستخدمين على إنجاز معاملاتهم المالية بسهولة، فمع التطور المتسارع لعجلة التحول الرقمي التي كانت واضحة خلال فترة جائحة كوفيد – 19، زادت الحاجة أكثر فأكثر إلى وجود خدمات وتقنيات مالية.

 

وتستهدف السعودية الوصول بالمدفوعات الرقمية إلى 70% من إجمالي المدفوعات بحلول 2030 مقارنة مع نسبة بلغت نحو 16% إبان إطلاق الرؤية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى