مختارات اقتصادية

لماذا استغرقت الأسهم اليابانية 34 عامًا لتجاوز أعلى مستوياتها على الإطلاق؟

,,
واصلت الأسهم اليابانية ارتفاعها حتى نجح مؤشر»نيكي 225» في تجاوز أعلى مستوياته على الإطلاق المسجل منذ 34 عامًا، بدعم من المستثمرين الأجانب الذين حفزتهم التغييرات في حوكمة الشركات، كما أن التشاؤم بشأن الصين دفعهم لإعادة توجيه أموالهم نحو اليابان.

أنهى «نيكي» – الذي يضم كبرى الشركات اليابانية – تعاملات الخميس عند 39098 نقطة متجاوزًا ذروته المسجلة في ديسمبر 1989 البالغة 38916 نقطة، بدعم أيضًا من قطاع التكنولوجيا الذي ارتفع بعد زيادة مبيعات صانعة الرقائق الأمريكية «إنفيديا» بأكثر من ثلاثة أضعاف في الربع المالي الرابع.
ورغم ذلك إلا أن المؤشر الأوسع نطاقًا «توبكس» لا يزال على بعد حوالي 8% من أعلى مستوياته على الإطلاق البالغ 2884 نقطة.
ولكن ارتفع المؤشران بأكثر من 10% منذ بداية العام الحالي حتى الآن بعدما قفزا بأكثر من 25% في عام 2023، مسجلين أفضل مكاسبهما السنوية في عقد زمني على الأقل.
وخلال العقود الثلاثة الماضية مرت السوق اليابانية بتغييرات كبيرة منها أن الشركات المحلية في عام 1989 كانت تمثل 32 شركة من أكبر 50 شركة من حيث القيمة السوقية على مستوى العالم، ولكن حاليًا هناك شركة يابانية واحدة فقط وهي «تويوتا موتور» ضمن القائمة.
كما أن في أواخر الثمانينيات، كانت البنوك اليابانية هي صاحبة الثقل الحقيقي في السوق بفضل أسعار الأصول المتضخمة، ولكن الآن أصبح السوق أكثر توازنًا وتنوعًا مع وجود شركات كبرى تشمل «سوني جروب»، و»فاست ريتيلينج» وهي الشركة الأم لـ «يونيكلو».
الدوافع وراء الصعود:- دفعت اليابان الشركات إلى تبني إصلاحات تتعلق بالحوكمة مما أدى في النهاية إلى عمليات إعادة شراء قياسية للأسهم، في ظل دراسة البنك المركزي التخارج من سياسة أسعار الفائدة السالبة.
قال «جوناثان جارنر» الخبير الاستراتيجي لآسيا لدى «مورجان ستانلي»: الأجور والأرباح تتحسن في اليابان، والشركات تستخدم أصولها بشكل أكثر كفاءة، كما أشار إلى أن انعكاس المعنويات بشأن اليابان والصين يتسبب في بعض عمليات إعادة التخصيص الكبرى في المحافظ الاستثمارية في الوقت الحالي. وأظهرت بيانات وزارة المالية، أن المستثمرون الأجانب كانوا مشترين صافين للأسهم اليابانية على مدار سبعة أسابيع متتالية حتى السابع عشر من فبراير.
وفي عام 2024 حتى الآن، ارتفع مؤشر «نيكي» بنسبة 16%، بينما يعتبر نظيره للأسهم الصينية «شنغهاي المركب» مستقرًا رغم محاولات الحكومة والجهات المنظمة دعم السوق.
لماذا تأخرت السوق في العودة لذروتها؟:- تعد المدة البالغة 34 عامًا التي استغرقها «نيكي» لتجاوز ذروته من أطول الفترات في تاريخ أسواق الأسهم العالمية، إذ استغرق «داو جونز» 25 عامًا فقط للوصول إلى قمته المسجلة في عام 1929. وبالنظر إلى أوائل التسعينيات بعد انفجار فقاعة الأسهم والعقارات في اليابان، مر الاقتصاد وسوق رأس المال بما يسمى بالعقود الضائعة، إذ كان النمو بطيئًا وبدأ عدد السكان في الانخفاض في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتجنب العدد من المستثمرين الأجانب السوق التي يٌنظر إليها بأنها معادية لمصالح المساهمين.
كما تراجع نيكي بأكثر من 80% من ذروته خلال الأزمة المالية العالمية 2008-2009، ولكن بدأ الوضع يتغير في أواخر 2012 عندما تولى «شينزو آبي» رئاسة الوزراء.
ساعدت سياسات «آبي» على دفع الأسعار في الاتجاه الإيجابي ودفعت الين للانخفاض مما ساعد الشركات التي تركز على التصدير.
كما تلقت سوق الأسهم اليابانية دفعة من عودة التضخم إلى مستواه الطبيعي في 2022، فضلاً عن استثمار «وارن بافت» المدير التنفيذي للمجموعة الاستثمارية الأمريكية «بيركشاير هاثاواي» في شركات تداول يابانية، كما ساعدتها أيضًا المخاوف المتعلقة بالصين. وعادة ما تقتفي الأسهم اليابانية خطى نظيرتها في وول ستريت، لذلك ارتفعت مع تباطؤ التضخم في الولايات المتحدة وغيرها من العوامل التي ساعدت المؤشرات الأمريكية في تسجيل مستويات قياسية هذا العام.
هل يستمر الصعود؟:- ذكر «شينجو آيدي» كبير استراتيجي الأسهم لدى «إن إل آي ريسيرش إنستيتيوت» أنه في حال بدأ المستثمرون في توقع حدوث تباطؤ حاد في الولايات المتحدة، فإن الأسهم الأمريكية ستتراجع بشكل حاد وربما يرتفع الين سريعًا، وفي هذه الحالة لن تسطتيع الأسهم في طوكيو تجنب الضرر.
ويرى «ريتشارد كادز» الخبير الاقتصادي أن الشركات كانت تستخدم الكاش الفائض لإعادة شراء أسهمها ورفع أسعارها، لكن ذلك لا يمكن أن يستمر للأبد، وعند نقطة ما كل الأموال الأجنبية الساخنة التي تدفقت للأسهم سوف تتدفق للخارج.
وحتى بعد الارتفاع الذي سجلته السوق هذا العام، إلا أن العديد من الأسهم اليابانية لا تزال عند مستويات منخفضة، إذ يتم تداول 37% من الأسهم المدرجة بمؤشر «نيكي» بأقل من قيمتها الدفترية، وهو ما يعني من الناحية النظرية أن المستثمرين بإمكانهم تحقيق المزيد من المكاسب عن طريق بيع كافة أصول الشركة.
وهو أيضًا بمثابة تصويت بعدم الثقة في الإدارة، لكنه يشير أيضًا إلى احتمالية ارتفاعها في حال تم إدارة الأعمال بشكل صحيح.
المصادر: أرقام – ماركت ووتش – وول ستريت جورنال – فاينانشال تايمز – بلومبرج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى