اقتصاد خليجي

السعودية تدخل المنافسة كسوق إقليمي واعد للاستثمار في الرياضة الإلكترونية

تسارعت وتيرة نمو قطاع الرياضة الإلكترونية في المملكة العربية السعودية خلال السنوات الخمس الأخيرة بشكل ملحوظ، حيث بدأت المملكة استقطاب رؤوس الأموال المهتمة بالاستثمار بذلك المجال الناشئ،، فضلاً عن الإعلان عن الاستراتيجية الوطنية للرياضات الإلكترونية، وما تتضمنه من فرص استثمارية وتجارية مميزة والتي قد تكون نواة لبداية تحول البلاد لسوق واعد يجذب رواد الأعمال والمستثمرين من كافة أرجاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال السنوات المقبلة، وما يؤكد ذلك هو ما تم الإعلان عنه مؤخراً عن قيام السعودية باستثمار 38 مليار دولار لتحويل المملكة إلى مركز للرياضات الإلكترونية بحلول عام 2030، فضلا عن قيام مجموعةSavvy Games Group ، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، باستثمار 50 مليار ريال لشراء وتطوير للألعاب و 70 مليار ريال للاستحواذ على حصص أقلية في شركات الألعاب، كما ستنفق 20 مليار ريال على الاستثمار في الشركات الناضجة في صناعة الألعاب، وملياري ريال أخرى على الاستثمار في شركات الرياضات الإلكترونية في المراحل المبكرة.
استراتيجية وطنية:- خلال شهر سبتمبر الحالي أطلق الأمير السعودي «محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود»، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، لتصف وكالة الأنباء السعودية الرسمية ذلك بأنه «خطوة جديدة نحو الريادة وجعل المملكة العربية السعودية مركزًا عالميًا في هذا القطاع بحلول عام «2030، والذي بدوره سوف يعمل على تنويع الاقتصاد الوطني وزيادة الاستثمارات في ذلك القطاع الناشئ، بالمملكة. ونقلت الوكالة عن «ولي العهد» قوله: «إن طاقة وإبداع الشباب السعودي وهواة الألعاب الإلكترونية هما المحرك للاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية، التي تلبي طموحات مجتمع الألعاب محلياً وعالمياً من خلال توفير فرص وظيفية وترفيهية جديدة ومميزة لهم بهدف جعل المملكة مركزًا عالميًا لقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية بحلول 2030.» تتضمن الاستراتيجية السعودية المُعلن عنها مؤخراً العمل على تحقيق أثر اقتصادي بالمساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 50 مليار ريال بشكل مباشر وغير مباشر واستحداث فرص عمل جديدة تصل إلى أكثر من 39 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة بحلول عام 2030،، مع السعي نحو إنتاج أكثر من 30 لعبة منافسة عالميًا في أستوديوهات المملكة، والوصول إلى أفضل ثلاث دول في عدد اللاعبين المحترفين للرياضات الإلكترونية، وذلك من خلال 86 مبادرة تقوم بإطلاقها وإدارتها حوالي 20 جهة حكومية وخاصة، بالتوازي مع إنشاء حاضنات ومسرعات أعمال والاهتمام بتنظيم فعاليات كبرى تخص قطاع الرياضة الإلكترونية في الدولة، وإطلاق لوائح وقواعد جديدة تساهم في توسع سوق ذلك القطاع على المستوى المحلي.
نمو سريع:- أوضح معهد دول الخليج العربية في واشنطن، في تقرير له حمل عنوان «واقع افتراضي جديد: تنامي الرياضات والألعاب الإلكترونية في السعودية» نُشر خلال مارس 2022، أنه قد بدأت تشهد صناعة والرياضات الإلكترونية، نموًا سريعاً في المملكة، حيث وصل حجم سوق الألعاب السعودي مليار دولار أمريكي في عام 2021، ومن المتوقع أن يصل إلى 6.8 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030. ووفقاً لتقرير المعهد فأنه يعتبر حوالي 50٪ من السعوديين أنفسهم لاعبين عاديين يلعبون أكثر من مرة في الشهر، وكشف أن المملكة تضم حاليًا 23.5 مليون من عشاق الألعاب – ما يقرب من 67% من السكان، في حين أن غالبية السكان يلعبون ألعاب الفيديو والرياضات الإلكترونية كهواية، إلا أن هناك عددًا صغيرأً ولكنه متزايد من محترفي الرياضات الإلكترونية. يتفق «أنس دهلوي»، المدير التنفيذي لـ Vertex Gaming، مع ذلك النمو المتزايد للفرص الاستثمارية بالقطاع حيث يؤكد أن «أبرز الفرص الاستثمارية المتوفرة في القطاع بالسوق السعودي تتركز في المنصات الإلكترونية، صناعة المحتوى، والأنشطة المصاحبة للبطولات الرسمية، وتستطيع المملكة جذب المزيد من الاستثمارات بذلك القطاع عن طريق الاستثمار في البنية التحتية للقطاع، وتغيير الصورة الذهنية عن مجال الرياضة الالكترونية، وتكثيف الحملات التوعية والتجارية فيما يخص الاستثمار في الرياضة الالكترونية، مع تخصيص جزء من الاستثمارات في الشركات المحلية والعالمية بطريقة متوازنة لتطوير القطاع وزيادة ثقة المستثمرين». وفي ذلك الإطار أعلنت مجموعة Savvy Games، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، على موقعها الإلكتروني، أنه تتمثل استراتيجيتها الرئيسية في دفع النمو من خلال الاستثمار في صناعة والرياضات الإلكترونية بالمملكة عبر أفق استثماري ورأس مال طويل الأجل، مما يخلق المزيد من الفرص للمشاركة وتعزيز الشراكات في صناعة الألعاب ، فضلاً عن تحسين تجربة المستخدم.، حيث ستستثمر المجموعة في العديد من البرامج والبنية التحتية المحلية والدولية من أجل توفير فرص التدريب والتعليم لرواد الأعمال، فضلاً عن جذب الشركات العالمية إلى المملكة العربية السعودية من خلال الاستثمارات والشراكات التي ستساهم في توفير المهارات ونقل المعرفة وبناء القدرات في النظام البيئي بأكمله، كما ستنشئ 250 شركة ألعاب في المملكة، مما سيخلق 39000 فرصة عمل، ورفع مساهمة الناتج المحلي الإجمالي للقطاع إلى 50 مليار ريال سعودي بحلول عام 2030. من جانبه يوضح «رغيد حلاق»، خبير الرياضات الإلكترونية في Arab Game Awardsو Active DMC، أن هناك الكثير من الفرص في السوق السعودي للرياضات الإلكترونية ، حيث تزداد الحاجة إلى الإنتاج والمواهب والمدربين والمستشارين والمزيد كل عام، سواء كنت تتطلع إلى الانضمام إلى فريق محترف، أو العمل في الجانب التنظيمي، حيث يمكنك الاستثمار في كلا جانبي مشهد الرياضات الإلكترونية الذي ينمو بسرعة كبيرة في السعودية. بالإضافة إلى ذلك ، تعمل الحكومة على تمويل أكثر من 20 استوديو لتطوير الألعاب لإنشاء ألعاب تنافسية في المملكة بهدف الوصول إلى العالمية ، مما سيعزز أيضًا مشهد الرياضات الإلكترونية.
كما أوضحت Savvy، أيضاً أنه كجزء من استراتيجيتها الاستثمارية من المقرر أن تستثمر المجموعة 142 مليار ريال سعودي عبر أربعة برامج لكل منها أهداف محددة ؛ تم تخصيص 50 مليار ريال سعودي لاقتناء وتطوير ناشر ألعاب رائد ليصبح شريكًا استراتيجيًا في التنمية، كما تم تخصيص 70 مليار ريال سعودي للقيام باستثمارات في حصص الأقلية في الشركات الرئيسية التي تدعم أجندة تطوير ألعاب، بالإضافة إلى استثمار 20 مليار ريال سعودي في شركائها الذين يضيفون قيمة وخبرة إلى المحفظة الاستثمارية للمجموعة.
يعود «أنس» ليوضح أنه ينتظر سوق الرياضة الإلكترونية بالمملكة مستقبل مشرق ومزدهر وإيجابي، خصوصاً بعد إعلان استراتيجية القطاع، والتوجه بأن تكون السعودية هي مركز اللعبة على مستوى العالم، حيث مستقبل مجال الرياضة الإلكترونية في السعودية مُقبل على توسع صناعي واستثماري غير مسبوق، خصوصاً أنه يوجد أكثر من 21 مليون لاعب (محترفين وهواة ومهتمين) في المملكة، يتفق معه «رغيد» الذي أشار إلى أنه تمتلك المملكة محيطًا من الفرص لشركات الألعاب، حيث تتمتع بقوة شرائية عالية، ومواهب، وسوق منظم، علاوة على ذلك، اجتذب الدعم الحكومي المستثمرين في مجال الألعاب من مختلف أحاء العالم إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لإدراج السعودية في خططهم، ومع أنشطة مثل Gamers8، تجذب الحكومة السعودية أيضًا لاعبين من جميع أنحاء العالم لزيارة المملكة والمشاركة في مشهد الرياضات الإلكترونية المحلية.

تحديات

يزدحم مشهد الرياضات الإلكترونية في المملكة حالياً، حيث هناك الكثير من الفرق المحترفة، ومنظمي البطولات، والمواهب، وما إلى ذلك، فإذا أرادت شركة جديدة دخول المشهد السعودي، فعليها بذل الكثير من الجهد للوصول إلى القمة وجذب المجتمع المحلي، يضرب» رغيد» مثلا على ذلك موضحأ أنه قد يجد فريق محترف جديد صعوبة في العثور على رعاة وشركاء، حتى مع كل التدبير والاستثمارات التي تحدث في البلد ، نظرًا للعدد الكبير من الفرق الموجودة هناك ، والتي تبحث بنشاط عن شركاء.

بالتوازي مع النمو المتسارع في قطاع الرياضة الإلكترونية بالمملكة إلا أن معهد دول الخليج العربية في واشنطن أوضح، أن ذلك القطاع يواجه بعض التحديات التي تتمثل في محدودية عدد محترفي الرياضة الإلكترونية بالمملكة، والذين وصل عددهم إلى 100 لاعب محترف فقط، وهو يعتبر رقم ضئيل نسبياً بالمقارنة مع دول أخرى، فضلاً عن ضرورة تسهيل الوصول إلى الموارد، ونقص التمويل الرسمي، مع قلة المسابقات المحلية، بالإضافة إلى نظرة البعض المجحفة لذلك القطاع، حيث هناك من يعتبر أن ممارسة الرياضة الإلكترونية غير مقبولة مهنياً ولا تعتبر من الاستثمارات المُدرة للربح. يتفق مع ذلك «سعيد شرف»، الرئيس التنفيذي لمنظمة «ايسبورتس ميدل إيست» المتخصصة في بطولات الرياضة الإلكترونية، والذي يوضح أن من التحديات التي تواجه الاستثمار في الرياضة الإلكترونية بالمملكة نظام تسجيل الشركات حيث يجب زيادة مساحة حرية التملك للمستثمر الأجنبي، مع تبسيط تكاليف التسجيل استخراج الترخيص، فكون المملكة بلد ناشئ بمجال الترفيه فهنالك صعوبة بإيجاد عمالة ذات خبرة وشركات خدمية لهذا القطاع.

يستكمل «أنس» الكلام السابق، موضحأً أن أبرز التحديات تتركز في جذب المهارات والمواهب البشرية، وذلك لندرة القوى العاملة في ذلك السوق الواعد، كما يعتبر جذب جذب رؤوس الأموال من الصناديق الاستثمارية والمستثمرين تحدياً لعدم وجود قصص نجاح سابقة في المنطقة العربية والسوق السعودي بشكل خاص.

تمتلك السعودية المقومات المادية والبشرية والتنظيمية التي يمكن أن تؤهلها لتنطلق كسوق إقليمي رائد يجذب أكبر شركات الرياضة الإلكترونية حول العالم، التي بدورها ستساهم في مضاعفة حجم الاستثمارات المحلية بذلك القطاع، وهو ما سيوفر المزيد من فرص العمل ويزيد من دخل المملكة القومي، ويحولها إلى لاعب رئيسي بذلك القطاع سريع النمو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى